هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

الوعي الغذائي الأخلاقي وتأثيره على الجسد والصحة النفسية

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
597
مستوى التفاعل
1,056
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com
الوعي الغذائي أكثر من أن تعرف ما الذي يجب ان تأكله .. إنه أن تعرف لماذا تأكله ...

حتى لحظتك الراهنة ، كثير من الناس غير قادرين على التفريق بين قطبي التفاعل الحيوي ، الشعور ( اليقظة ) واللاشعور ( الغفلة ) ، أكثر الناس يعتقدون أن الشعور هو التوجه العقلي الواعي ( الإرادي ) نحو الفعل ، بحيث يتم اختيار الفعل اختياراً حراً في أثناء التركيز عليه، وهنا بالضبط يتدخل علم النفس المعرفي ليفهّمك الحقيقة الواضحة جداً : السلوك الاختياري ليس هو السلوك الشعوري ( النابع من وعي حق ) بالضرورة ، لأن الاختيار حتى وإن تم من قبل الوعي ، لكن الأسباب العميقة التي أدت إليه ربما لم يتم الوعي بها ، وهذا يدفعك للسؤال : إلى أي حد يكون الإنسان غير روبوتي التصرف ؟

لاحظ معي أن وعيك بالموضوع الذي تحسه مادياً ، ولنقل إنه البطاطا المقلية مع الكاري والمايونيز ، وعي بمعطى الموضوع الحسي ، ورغبتك أو شهوتك بهذه البطاطة هي أيضاً مُعطى حسي ولكنه فيزيولوجي داخلي ( ليس ضمن العالم الموضوعي ولا يعرفه المراقبون الخارجيون ) ، وضغط الانطباع الخاص بالشهوة عليك ، والذي لا ترى بالضبط أين يضغط ، يجعلك غير قادر على التركيز ... يجعلك غير قادر على الاستيقاظ ... يجعلك لا تدرك أصلاً لماذا أنت مقيّد بشهوة البطاطا هذه أو كيف يمكنك التحرر منها ، وبطريقة ما أصبحت البطاطا في تلك اللحظة ملئ عينيك ولم تعد تحس بالعالم الخارجي حولها ، وهنا بالضبط يجب أن تتفهم أن هذا السلوك ليس سلوكاً واعياً ، لأن الوعي مشغول بتحقيق السلوك ، ولا يمكنه فهم الدافع الحقيقي نحو هذا السلوك أو اتخاذ قرار به أو بعدمه.

إن هذه المحفزات البيئية المتمثلة بالجنس والطعام والنوم وتجنب الخطر والألم ، هي بالضبط ما يعيقك من إدراك الحقيقة ضمن أي مستوى من المستويات ، ولا يمكنك ادعاء أنك حر في اختيارك لمجرد أنك تحققه موضوعياً ، بينما الدافع الحقيقي له هو برنامج تشغيل حاسوبي ميكانيكي يوجهك نحو الأمر ، وأنت فقط تدرس كيف تستجيب ، وهذا النوع من التفاعل مع المحفزات البيئية يعتمد على القانون الخاص بالكلاب والأجراس والطعام ( مثير واستجابة ) دون المرور بمراحل الوعي العليا ، مثل فهم الدافع والتصرف بحكمة ، وفي الطب الرسمي هذا النوع من التحفيز الإجهادي هو ما يسمى ب"اضطراب الدوبامين" الذي ينقص بسبب زيادة استهلاكه مما يؤدي إلى محاولة تحفيزه من جديد عن طريق رفع معدل الاستثارة البيئية.

هذا يحدث في الطعام كما يحدث في الجنس ، لأن الجنس المعتمد على التجارب الجديدة ( خلق مجال لاختبار شيء جديد لتنشيط الدوبامين ) يؤدي حتمياً إلى الضعف الجنسي المديد ، وربما لا تعرف أن زيادة سرعة الجماع هي نتيجة لعدم القدرة على التركيز الكافي من أجل السرعة البطيئة والهادئة والتي ما إن تدخل في نمطها حتى تجد أنك مصاب بعجز جنسي ( إذا كنت ذكراً ) أو ببرود جنسي ( إذا كنتِ أنثى ) لأن النفس تعودت على العجلة، والهدوء يحتاج إلى تركيز ... وسرعة الاستجابة تؤدي إلى فقدان التركيز، ومن الواضح أن النظام العالمي الجديد يعزز عامل السرعة سواء في الجنس أو الطعام أو الدين ، لأن ذلك يزيد القوة الإنتاجية ، لأن الناس لا تمتلك الوقت حينها للتأمل ، وهذا يجعلهم أقصر عمراً وأضعف صحة مما يسمح بوضعهم في موقف صعب وتقييدهم بالتأمين الصحي والمعاشي وعدم إعطاء أي فرصة لهم للتطلع نحو آفاق الوجود المهيبة.

إن فلسفة اللذة والألم قائمة بالكامل على إغفال الدافعية وتفويضها للطبيعة والانشغال بالفاعلية انشغالاً مطلقاً ، وهذا ما يسمح بمنع البشر من إدراك العلوم الروحية التي تتطلب الصبر والتأني والتأمل ، وكذلك منعهم من إقامة صلاة روحية حقيقية مع الله ، أو رؤية تجلياته الجميلة والعظيمة في الوجود ، بل ، قل بل وصل الدين نفسه إلى حالة الحركية النارية هذه ، فأصبح الناس حين يقترفون الذنب يسارعون إلى دفق وابل من سهام الاستغفار من حلوقهم عساها تطفئ قلقهم النفسي من الذنب ، وبعضهم يناطحه شبح اليأس حينما يقع فريسة لذنب ما ، رغم أن فاعل الذنب الحقيقي هو (اللاشعور) وليس وعي الإنسان.

هذا فقط لتعرف كم هو مهم مراقبة وجباتك وكيفية طعامك وأسباب اندفاعك، وماذا تعني كل وجبة لك ، ما الدلالة التي يحملها كل طعم وكل نكهة بالنسبة لوعيك حتى يفضله أو يتركه ، هذا التأمل في الطعام سيعزز فيك خصالاً كثيرة جداً ، لا تتوقف عند موضوع القدرة على التحكم بالشهوة ، بل تعزز تجاوبك الحيوي مع العالم ، في كل المجالات.

إنه ليس مهماً فقط أن تقول "أنا حر" أو تدافع عن الحرية وتحتج على تقييد قدرك لك ، بينما في الحقيقة أنت تمتلك كافة مفاتح الحرية ولكنك تصر على عدم استغلالها بحكمة ، وتلوم القدر على تقييد نفسك بالوثاق الوهمي ... كما يقول دوستوفيسكي"نحن نسكر من الخمر الذي اعتصرناه من ألمنا" أي أننا نتعامل مع الألم واللذة كمواد تخديرية ، لا كعناصر إدراكية.

ولذلك نعم ... الطعام والشراب بحد ذاتهما كمادة موضوعية لا يضران ولا ينفعان ، ويمكنك حتى أن تحيا بدونهما فضلاً عن تطلّب صحتك لنمط معين من الغذاء ، ولكن هذا الأمر متوقف على مستوى تحرر وعيك من قيود اللاشعور ، لأن اللاشعور المقتنع تماماً أن هذا الطعام ضروري ، لن يسمح لك أن تكون بصحة جيدة إذا لم توفر ذلك النوع من الطعام ، والطريقة الوحيدة لتغيير ذلك هي أن تغيّر فهم اللاشعور لطعامك ، أو لعالمك ، وحينها وبدون أي جهد أو تدريب ، سيتحرر الوعي واللاشعور تلقائياً من هيمنة المعتقدات المسبقة.

إمساك النفس عن الاستجابة للشهوة ليس طريقة صحيحة لتغيير المشكلة ، المسألة ليست بطولات مونديال أو استعراض قدرات ، غالباً هذا النوع من الممارسات سيضيع الكثير من الوقت من أجل فائدة قليلة ، ولكي تستطيع ترويض نفسك ، يجب أن "تُقنعها" بوجهة نظرك ، لا أن تحاربها لتقتنع بها... ينطبق ذلك على الرغبات والمخاوف المختلفة ، بغض النظر عمّا تكون.

فهذا هو معنى "العلم النافع" أي الذي تآلفت نفسك معه فاتحدت بنوعية إدراكه واستخدمته للارتقاء.

ومرة أخرى سيكون التطور الروحي والتهذيب النفسي هو نتيجة الفهم ، لا نتيجة العنف ... بل إن النتائج التي تتحصلها سبب المناوشات العنيفة تغذي فيك تعظيم إنجازاتك وهذا يحجبك عن الحقيقة ويخلق الأنا المزيفة ويجعلك تنظر إلى الكائنات الأخرى نظرة استحقار ، لأنك تقارن إنجازاتها بإنجازاتك ، وهذا هو السبب في تبرير بعض المقتدرين على التحكم بالقوى النفسية لافتراس وعي الكائنات الضعيفة والتغذي عليها من أجل زيادة قوتهم ، لأنهم يعتقدون أن مسار حياتهم أهم من مسار حياة تلك الكائنات.

النباتية حين تنبع من الضمير الحي ، تكون هي قمة الوعي الغذائي ، ولكن هذا ليس هو الحال دائماً ، فالنباتيون يصابون بالغرور نتيجة الممارسات العنيفة التي اختبروها للتحكم بشهواتهم ، ورغم نجاحهم موضوعياً ولكنهم فعلوه عن واجب عقلي ، لا عن إدراك حي ، إنها قضية "نحن يجب أن نكون نباتيين" وليس "نحن نباتيين" فكلمة يجب دائماً تصنع حجاباً بين الأمر والذات المنفذة له ، لأن الذات التي تفهم بحرية لا تحتاج إلى قواعد مسبقة.

النباتية هي نتيجة حتمية لارتفاع الوعي وتحرر النفس من قيود الشهوة ، وليست شيئاً يجب فرضه عنوة عليك، وكذلك هو التحرر من الجنس ، أو من طلب المال ، أو أي رغبة ضاغطة فلا يمكنك التحرر حقاً منها حتى تفهم معنى حريتك.

ولذلك قد لا يمكنك أن تكون نباتياً حتى تختبر معنى افتراس اللحمة وتجعل نفسك تستوعبها قليلاً وتدرك أين العُطب بالضبط ، لأن المقاومة مثلها مثل الاستجابة اللاشعورية ، يتم فيها التركيز على الفاعلية والغفلة عن الدافعية... حتى ولو كانت تسعى لهدف نبيل.

إن الحكمة هي مركز التوازن بين الاستجابة المتسيبة والامتناع المتزمت وهو بوابة الوعي بالدافعية ، والسفاهة إما استجابة مبذّرة وإما امتناع متطرف ...
 
التعديل الأخير:
تصفيق ورفع القبعة


هذه عين الحقيقة، احيانا لا تسعف اللغة لكن هنا قمت بشرحها بشكل واضح
لو ادرك الناس هذا لتغير العالم برمشة عين

يبدو لي ان المشكل يحدث في دلالات الكلمات، فقط الذي اختبر هذه الامور ورأها وأدركها سيفهمها، من لم يختبرها، سيفهم شيئا اخر انطلاقا من خبرته السابقة
هذا سبب التأمل، فقط الجلوس مع النفس والتأمل سيزيح الحجاب، ويتيح للشخص إدراك ماهية التفاعلات وما يحدث في عقله بمختلف مستوياته، دون حاجز اللغة وتأويلها، فالمعرفة متوفرة حولنا، بل يمكنك ان تكون سجينا باعماق الارض وستجد معرفة لا متناهية داخلك وعلى نفس المنوال، ان كنت سريعا ناريا على وصفك، لن تفيد الكلمات
 
فهم الطعام في ميزان الطريق الروحي

الطريق الروحي هو سعي من الإنسان إلى ربه ، من الحالة الغير متكاملة إلى الحالة المتكاملة المتصلة بالله بعد أن انتهت الفجوة الفاصلة بينهما ، وهذا يعني أيضاً فناء الإنسان التدريجي على مراحل الطريق ، حيث تتلاشى تدريجياً السيطرة العقلية على روحه ، من قبل معايير ذاكرته ومعايير العقل الجمعي للمجتمع المحيط به ، وحتى معايير العقل الكوني وبالتالي يفقد الإنسان تعريفه تدريجياً وهو يصعد إلى الأعلى.

الطريق الروحي هو تطور وارتقاء تدريجي للنموذج الأخلاقي والعلمي والتكويني الحاكم على نفس الإنسان ، ليحوله إلى نموذج أخلاقي علمي تكويني يقترب إلى الحقيقة المطلقة ويتحد معها رويداً رويداً ، ولعل ذلك لا يحدث في جيل واحد أو جيلين ، ولعله يحدث في يوم واحد فإن ذلك رهين الإنسان نفسه.

فناء الإنسان يعني تحوله من الحالة الطفولية العابثة عديمة المعنى والتي تتطفل على الوجود الخارجي لتحافظ على بقائها وتقضي حياتها في رسم إشارات التعجب والاستفهام واغتنام فرص العبث واللعب، إلى الحالة التوحيدية الخالصة التي لا تحتاج إلى وجود الآخرين لتوجد ولكن علاقتها بهم علاقة عطاء ، وبحثها عن العلم بحث عن الحقيقة لا إرضاء للفضول الشخصي ، ومتعتها الحقيقية هي الإحساس بالقيم والسعادة والجمال ، فهي أرواح غنية تبعث المعنى في أرواح ونفوس الآخرين والعالمين ، وهذا ما يجعل شمس الذات الحقيقية تتحرر من قيودها في عمودي الزمن والعقل وتشرق على المحيط.

هذا يعني أن الطريق الروحي الحقيقي هو ارتقاء للوحدة الكائنية العُظمى من حالة التلاشي والتشتت إلى حالة الاتحاد واللاهوت ، وليس تطوراً مجزئاً تجميعياً ، يسير فيه تدريب الجسد على حدى والعقل على حدى والمعرفة على حدى والأخلاق على حدى ، وكأن كلاً منها مخصص لتجربة زمنية مستقلة عن بقية عناصر الكينونة مع أن الغاية من وجود ذات واحدة تراقبها جميعاً هي أن تقوم هذه الذات بتوحيدها في النموذج المثالي وإسقاطه على العالم الخارجي، وإن التركيز على أحد جوانب الحياة دون البقية أو التعامل معه وكأنه قابل للتطوير بمعزل عن البقية سيؤدي حتماً إلى حدوث فجوات في بنيان النموذج التكويني المثالي الذي يحاول الساعي الوصول إلى الله به.

لذلك يقال أن نصف المعرفة أخطر من المعرفة بكاملها ، لأنك إذا عرفت النصف ولم تعرف النصف الآخر بسبب رغبة المعرفة الجامحة فسوف يقع تعارض ما بين ما تعرفه وبين ما يمكنك التعايش معه ، تصور مثلاً أنك تعرف أن الحيوان الذي تتناوله كان له حياة وشعور وأبناء تحبه وأرواح تسأل عليه تماماً كالذين تعرفهم في عالمك ، فإنك إذا أدركت ذلك روحياً فلن تقدر على أن تتناول اللحوم ، ولكن نفسك لازالت معقودة بشهوة تناول اللحم التي ربتها عليها البشرية ، وبالتالي جسدك لا زال محتاجاً إلى تناول اللحم ، وعدم الاستجابة يؤدي إلى ضعفك ، بينما الإستجابة تجعلك تحتقر نفسك ، فهذا التناقض الحاصل للمريد الذي تعدّى مرحلته قبل أن يكملها هو ما يسمى ب"مرض الروح" ومع أن الروح لا تمرض ، ولكن يمكن أن تفقد الحالة المتناغمة مع بقية الكينونة.

الطريقة الوحيدة لعلاج هذا التناقض هي العودة إلى التوحيد مرة أخرى ، ولا شك أن التناقض الحاصل حدث نتيجة طيش وحماقة ، أو أنانية ، أو اعتقاد بالتآمر الكوني لدرجة عدم الثقة بالله والوجود ، أو عدم صبر على الانفعال ، بعض الناس تطلب رؤية الجحيم مثلاً ... وهذا يجعلهم يرونها فعلاً ويمرضون بسبب طلبهم لشيء قبل حصوله فعلياً.

لا تبحث عن التحدي ودعه هو الذي يصل إليك ، لأن التحدي الأدنى منك سيدني مستواك والتحدي الأعلى سيكسر قواك ، ولكن السعي الحقيقي يبدأ من اللحظة الراهنة ، لأن كينونتك الحقيقية موجودة فيها وكل ما له قيمة حقاً بالنسبة لك هو ما يتصل بكينونتك أنت، هنا والآن.

ولكي تقف من جديد بعد الكسر ، لا يمكن فعل ذلك حتى تعود للحظة الراهنة ... وهناك فقط ستجد ما افتقدته ....

لكي تعود إلى التوحيد يجب أن تُخلص رغبتك إلى غاية عليا واحدة ، هدف واحد ، يوحّد معاييرك في نموذج واحد مرة أخرى بحيث تتناغم أفعالك الجسدية والروحية والنفسية، ولكي يكون لديكفعلاً غاية واحدة فيجب أن تكون غاية حقيقية ، وهذا هو الشرط الوحيد لتُخلِص لها ، وكونها حقيقية يعني أنها لم تنبعث من الافتراضات الذهنية عن عوالم الغيب ولكن من المعايشة المباشرة للعالم والزمن المحايث لروحك الذاتية ، ومن هناك تتحرك الشمس لتشرق من جديد...

وهذا الاتحاد مرة أخرى بالطبع ، قد يتضمن أحياناً ترجيح كفة على أخرى مثل ترجيح القبول بتناول اللحوم من أجل علاج الاعتلال الذي وصلت إليه ، على كفة مشاعرك الروحية ، وهذه تضحية وليست لذة ونحن نعلم ذلك ، ولكن ذلك سيكون ضمن أمر غايتك العليا وسعيك إلى الله ، لا من أجل إزالة الألم فحسب ، إذ أن كثيراً من الأرواح العنيدة يستحيل أن تقبل بمنطق الرضوخ للواقع فقط لتجنب الألم حتى ولو كانت على أعتاب الجحيم مباشرة ، وهذا يعني زيادة الكسور في الكينونة.

الروح العنيدة ليس لكسرها علاج إلا زوال الذاكرة رغماً عنها بعد أن تفقد القدرة على تحمل الألم ، أو العودة للحظة الراهنة ورؤية القيم الحقيقية للعمل الذي تقوم به.

ولكي يتحقق هذا الاتحاد في كينونتك ، على نفسك أن تفهم بطريقة ما أن تلك الغاية العليا لحياتك أكبر من الصعوبات والمعاناة التي تحس بها الآن أو المشاكل التي تتسبب بها للعالم الخارجي ، صعوباتك والتي تنتج عن اختيارات سابقة خاطئة ، مجرد شكليات في عالم الحقيقة المطلقة، وعليك تحمل الألم والضيق بصمت وسكون حتى ينتهي وينكشف ما وراء الضباب، وهذا هو العزم الحقيقي والذكاء الحقيقي ، وما يهم حقاً هو التواصل مع زمن القيم الإلهية ومعاييره ، وكل شيء آخر إما يمكن تعويضه ، وإما لم يكن مهماً من البداية.

ليس هناك نموذج موحد للطريق الروحي أو صورة مثالية واحدة له، لأن الإنسان ليس لنواياه الابتدائية أو شخصيته الانطلاقية نموذج موحد ، والله هو الغني ولا يحتاج إلى طريق ، كما قد يبدو الأمر عليه بالنسبة للمريد المستجد ، والحقيقة الأكثر أصالة من أي شيء ضمنه هي أن الغاية النهائية لك ( النية التي أكننتها في نفسك ) هي التي سترسم لك المعايير التي عليك الالتزام بها، والتي إذا لم تلتزمبها تضل الطريق.

والغذاء جزء من طريق كينونتك ولا يختلف في منطقه عن منطق الحضور ودين القيم شيئاً ، ونتائجه متعلقة بنفسك وروحك وزمنك بالكامل ولا يوجد انفصال بين ما تتناوله وبين تلك الأمور ، ولكن إذا اقتنعت بوجود الانفصال نفسياً فسينعكس ذلك مرة أخرى على كل شيء ، بحيث يصبح جسدك وواقعك المادي منفصلاً عن روحك ونفسك وبالتالي ستحس بصعوبات في موازنة وجودك مادياً مع طريقك الروحي ، وقد تحس بخلاء العالم من المعنى ، لنك تعتقد أن كون الشيء مادة يعادل كونه تافهاً وخالياً من المعنى ، وهذا صحيح لو التفتت فقط لحدوده الظاهرية ، ولم تدرك باطنه الوجودي الإلهي ، وغاب عنك المعنى لأنك أغفلت عينك عنه ، وهذا يجعلك أنت والمادي غير مختلفان جوهرياً فرغم أنه لا يرى للحياة معنىً لأنها محض مادة ، وأنت تعتقد أن لها معنىً ، ولكنك لا تراه ، وبالتالي فقد حقق المادي على الأقل بعض المتعة والقوة ، أما أنت كروحي متزهد ، فعشت في اللامعنى واللامتعة واللاقوة ، لأنك ترفض وفقط.

إذا كانت المادة شبحية الوجود - وهي كذلك ضمن حدودها الظاهرية - فيجب أن تتجاوزها ، لا أن تجعلها نقطة ضعف في كينونتك ، فقط لأنك تعترض على وجودها عديم المعنى هذا.. لأن اعتراضك عليه أشبه باعتراض النمر على وجود الحمار في الغابة لأنه يراه غبياً فيصبح هم النمر الوحيد في الحياة هو إزالة الحمير من الغابة بسبب عدم تحمله لغبائها ، فذلك يجعل النمر أدنى مرتبة من الحمار نفسه.
 

هل الإنسان حيوان لاحم ؟!

إذا كان الإنسان نباتياً بحسب تكوينه الداخلي ، فمن أين تأتي نزعة تناول اللحوم التي نراها اليوم عند الإنسان الحديث ؟ من الذي علّم الإنسان تناول اللحوم .. ولأي غرض فعل الإنسان ذلك ؟

ما يمكن فهمه من علم الجينات ، أن الإنسان ليس كائناً مفترساً للحيوانات بالفطرة البيولوجية البحتة ، وإنما بالتمايز الصناعي، فبالمقارنة مع المفترسات ، فهناك فعلاً ما يميز الإنسان عنها جسدياً وسلوكياً :

1. المفترسات محكومة بطريقة معينة في التشكل البيولوجي بسبب طبيعة غذائها ، فهي تحتاج أنياباً طويلة جداً ( أطول من الضرس بأربعة مرات ) لكي تجرح الفريسة بعمق كافي لتضعفها ، وليس عندها أضراس لأنها قليلاً ما تأكل شيئاً غير اللحوم، والإنسان اليوم لديه أنياب بنفس طول بقية الأسنان تقريباً، وأغلب أسنانه أضراس لأنه يتناول طعاماً يحتاج إلى مضغ ، والقواطع لديه أقل عدداً من المفترسات، وأسنانه بشكل عام أضعف من أن تستخدم كسلاح أو كأداة تقطيع.

1706382718512.png


2. جسد الإنسان غير مجهز بالأسلحة الخاصة بالصيد ، مثل المخالب والمناقير والسموم والإبر ، كل كائن مفترس لديه تقنيات خاصة للتحكم بفريسته ، حتى الحشرات الصغيرة عندما تكون مفترسة تستخدم تقنيات مثل السموم والمواد المخدرة والحقن بالبيوض، لكن الإنسان ليس لديه أجهزة جسدية هجومية ، وهذا ما تراه في الحيوانات العاشبة مثل الجمل والحصان والفيلة والتي رغم قوتها لا تمتلك أسلحة حادة ، لأنها لا تحتاجها.

1706382785989.png
3. جلد الإنسان طري ورقيق، لحمه غير محمي بطبقات سميكة أو وبر يساعد على تحمل الحرارة ، عظامه ليست عريضة بما يكفي للدخول في عراك مع حيوان بري، عضلاته ليست ضخمة بما يكفي للتغلب على الحيوانات الوحشية، بل إن قوامه المادي أضعف من الكثير من الحيوانات العاشبة والنباتية وسلاحه الوحيد بحدود أسباب البيئة المادية هو حُسن التصرف والتخطيط ( العقل )، فهو لا يملك قدرات بيولوجية تساعده على الصيد، فالإنسان بلا شك بعيد جداً عن ميدان المعارك التي تجريها الحيوانات اللاحمة.

4. يخاف الإنسان أحياناً حتى من خياله ، الحقيقة أن الحيوانات بشكل عام لا تخاف مثل الإنسان ، والحيوانات المفترسة بالكاد يمكن أن تخاف ، إن الخوف متعلق باستخدام العقل والتفكير كثيراً ، ولذلك عندما يجد الإنسان جثة متفحمة أو محطمة بوحشية يمتلئ بالرعب منها ، إلا إذا كان محارباً أو قاتلاً ، ولكن الأسد والنمر لن يكترثا إذا وجدا أسداً أو نمراً أو إنساناً ميتاً ، ولذلك عندما يتناول الإنسان الطعام المحتوي على اللحم يقوم بطهي هذا اللحم بعد أن يتم قشط الجلد عنه وتقطيعه وتنظيفه، بينما الحيوان المفترس يمكنه الهجوم مباشرة على الفريسة وأكلها حتى قبل أن تموت.هذا يعني أن الإنسان هو ذلك النوع المدلل من المفترسات ، الذي يعتمد على الفرائس الضعيفة التي يربيها أو يشتريها وهو يتسلى، هذا بالضبط هو الإنسان ... إنه المفترس المدلل.

1706383155738.png

5. لولا أدوات الصيد وأدوات الطهي والرعي لما استطاع الإنسان أن يتناول اللحوم ، ولكن هذا البداية فقط ، فعندما يتناول الإنسان اللحوم ، بجهازه الهضمي الضعيف بيولوجياً أمام أجهزة هضم الكواسر ، ستبدأ بقايا اللحم بالترسب في تجاويف دقيقة في جدران الأمعاء ، لأنه من الصعب جداً تفكيك الجزيئات اللحمية ، وفي النهاية تتعفن وتتعفن معها الأمعاء ... لتصبح وسطاً للجراثيم.

تناول الدهون الحيوانية بسبب قصر سلسلتها لا يحتاج إلى الكثير من التفكيك حتى تدخل في مجرى الدم ، ولكنه يحتاج إلى الكثير من معالجة التبعات الناتجة عن ذلك من تسمم الكبد اللاكحولي والذي هو السبب الحقيقي في عدم انتظام سكر الدم ، ومن تسمم الغدة الدرقية بالكوليسترول.

هذه مجرد لمحة لكي ترى بوضوح أن علم التشريح وعلم الفيزيولوجيا لا يمكن أن يتناغما مع النزعات الخاصة بنموذج الإنسان اللاحم...

المفترسات بشكل أساسي هي السنوريات والجوارح والزواحف ، بالإضافة إلى الحشرات وبعض أنواع نادرة جداً من النباتات ، ومن الثدييات هناك فقط السنوريات تأكل لحوماً كغذاء أساسي، والرتبة الأقرب إلى الإنسان تشريحياً هي الرئيسيات من القرود، وجميع أنواع القرود غير مهتمة بالصيد ، وتتغذى على ثمار الأشجار أو بعض الخضروات ، وأحياناً على أسماك البحيرات الصغيرة أو أنواع من الحشرات ، ورغم أن الغوريلا تعتبر من أقوى الحيوانات التي تعيش اليوم على الأرض ، ويمكنها أن تغلب أقوى مصارعي العالم ولاعبي فنون القتال من الناحية الجسدية ، ولكنها تعتمد على الأعشاب والنباتات في غذائها ، وأحياناً تفترس بعض الكائنات حين تكون بحالة هياج أو غضب أو خوف ، هذا ورغم أن الغوريلا لديها انياب ضخمة جداً على عكس الإنسان ورغم تشابهها معه في كثير من المعالم الجسدية.

ما أريد إيصاله لك أن اللحوم غير ضرورية جسدياً ، ربما لا تقتنع بكلامي إذا حدثتك عن قدرتك على تجاوز حدود جسدك مع الغصرار والصلاة والإخلاص ، وربما لا تفهم ما أقصده من أن النفس هي الموجه الحقيقي للجسد ، وأن تعديل الجينات ممكن ولكنه يحتاج إلى قوة الوعي ، ولذلك أشرح لك أن الجسد المادي البشري نفسه غير مجهز للافتراس ...

هدفي ليس منعك عن تناول اللحوم ، أريد فقط أن تدرك حين تتناولها أنها غير ضرورية بالفطرة ، اريد فقط أن تكون واعياً ، تراكم نفس السلوك عبر أجيال مديدة للنوع يمكن له حتى أن يجعل الجينات المقاومة للسلوك تتعطل عن عملها، ويجعلك غير قادر على التعامل مع البيئة الحيوية بالفطرة خاصتك، وعملية تصحيح ذلك الاعتلال الجيني قد تكون صعبة وطويلة ، لكنها ممكنة.

الرؤية الأخلاقية والروحية تجعل تناول الطعام يقترن بالامتنان لله ، وينعكس هذا بالامتنان للطبيعة التي هي انعكاس لفضل الله ، والهدف منه للجادين في سعيهم يختلف عن مجرد إرضاء شهوة ملحّة، أو على الأقل ، ليس قتل الحيوانات لمجرد إرضاء هذه الشهوة

هذا المقال رغبة مني لأجلك كي تفهم أن شهوة اللحوم والأطعمة الحيوانية لا تأتي من الوعي في الأصل ، ولكن الإنسان مقيد بها ، بنفس الطريقة التي تجعلك مقيداً بمشاكل ونزعات ومخاوف العالم المادي في مختلف نواحي الحياة ، إنها بكلمة واحدة : خدعة.

والطريقة الحقيقية لكي تعالج نزعة تناول اللحوم التي تم زرعها في نفسك هي ذاتها الطريقة التي تعالج بها الإدمان على أي شيء ، وكما أن قهر المدمن على أن يتوقف عن المواد التي يدمن عليها سيتسبب بمرضه فكذلك قهر الإنسان على الامتناع عن تناول اللحوم سيتسبب بضعف جسده ، ولكن رفع الروحانية للإنسان ، أي حين يبحث عن معنى الحياة والجمال والقيم فإن رغبة تناول اللحوم تتلاشى تلقائياً منه ، ذلك يحدث عندما يفهم بعُمق أنه روح متجسدة ، وأن العالم لا تحكمه المادة ، وكذلك تختفي الغرائز العدوانية ، لأن قوته أصبحت تختلف في نوعيتها وبالتالي تختلف في مصادر تغذيتها... وإذا لم تختلف نفسه فإن منعه من حاجاتها سيؤذيه فقط.
 

هل الإنسان حيوان لاحم ؟!

إذا كان الإنسان نباتياً بحسب تكوينه الداخلي ، فمن أين تأتي نزعة تناول اللحوم التي نراها اليوم عند الإنسان الحديث ؟ من الذي علّم الإنسان تناول اللحوم .. ولأي غرض فعل الإنسان ذلك ؟

ما يمكن فهمه من علم الجينات ، أن الإنسان ليس كائناً مفترساً للحيوانات بالفطرة البيولوجية البحتة ، وإنما بالتمايز الصناعي، فبالمقارنة مع المفترسات ، فهناك فعلاً ما يميز الإنسان عنها جسدياً وسلوكياً :

1. المفترسات محكومة بطريقة معينة في التشكل البيولوجي بسبب طبيعة غذائها ، فهي تحتاج أنياباً طويلة جداً ( أطول من الضرس بأربعة مرات ) لكي تجرح الفريسة بعمق كافي لتضعفها ، وليس عندها أضراس لأنها قليلاً ما تأكل شيئاً غير اللحوم، والإنسان اليوم لديه أنياب بنفس طول بقية الأسنان تقريباً، وأغلب أسنانه أضراس لأنه يتناول طعاماً يحتاج إلى مضغ ، والقواطع لديه أقل عدداً من المفترسات، وأسنانه بشكل عام أضعف من أن تستخدم كسلاح أو كأداة تقطيع.


2. جسد الإنسان غير مجهز بالأسلحة الخاصة بالصيد ، مثل المخالب والمناقير والسموم والإبر ، كل كائن مفترس لديه تقنيات خاصة للتحكم بفريسته ، حتى الحشرات الصغيرة عندما تكون مفترسة تستخدم تقنيات مثل السموم والمواد المخدرة والحقن بالبيوض، لكن الإنسان ليس لديه أجهزة جسدية هجومية ، وهذا ما تراه في الحيوانات العاشبة مثل الجمل والحصان والفيلة والتي رغم قوتها لا تمتلك أسلحة حادة ، لأنها لا تحتاجها.

3. جلد الإنسان طري ورقيق، لحمه غير محمي بطبقات سميكة أو وبر يساعد على تحمل الحرارة ، عظامه ليست عريضة بما يكفي للدخول في عراك مع حيوان بري، عضلاته ليست ضخمة بما يكفي للتغلب على الحيوانات الوحشية، بل إن قوامه المادي أضعف من الكثير من الحيوانات العاشبة والنباتية وسلاحه الوحيد بحدود أسباب البيئة المادية هو حُسن التصرف والتخطيط ( العقل )، فهو لا يملك قدرات بيولوجية تساعده على الصيد، فالإنسان بلا شك بعيد جداً عن ميدان المعارك التي تجريها الحيوانات اللاحمة.

4. يخاف الإنسان أحياناً حتى من خياله ، الحقيقة أن الحيوانات بشكل عام لا تخاف مثل الإنسان ، والحيوانات المفترسة بالكاد يمكن أن تخاف ، إن الخوف متعلق باستخدام العقل والتفكير كثيراً ، ولذلك عندما يجد الإنسان جثة متفحمة أو محطمة بوحشية يمتلئ بالرعب منها ، إلا إذا كان محارباً أو قاتلاً ، ولكن الأسد والنمر لن يكترثا إذا وجدا أسداً أو نمراً أو إنساناً ميتاً ، ولذلك عندما يتناول الإنسان الطعام المحتوي على اللحم يقوم بطهي هذا اللحم بعد أن يتم قشط الجلد عنه وتقطيعه وتنظيفه، بينما الحيوان المفترس يمكنه الهجوم مباشرة على الفريسة وأكلها حتى قبل أن تموت.هذا يعني أن الإنسان هو ذلك النوع المدلل من المفترسات ، الذي يعتمد على الفرائس الضعيفة التي يربيها أو يشتريها وهو يتسلى، هذا بالضبط هو الإنسان ... إنه المفترس المدلل.


5. لولا أدوات الصيد وأدوات الطهي والرعي لما استطاع الإنسان أن يتناول اللحوم ، ولكن هذا البداية فقط ، فعندما يتناول الإنسان اللحوم ، بجهازه الهضمي الضعيف بيولوجياً أمام أجهزة هضم الكواسر ، ستبدأ بقايا اللحم بالترسب في تجاويف دقيقة في جدران الأمعاء ، لأنه من الصعب جداً تفكيك الجزيئات اللحمية ، وفي النهاية تتعفن وتتعفن معها الأمعاء ... لتصبح وسطاً للجراثيم.

تناول الدهون الحيوانية بسبب قصر سلسلتها لا يحتاج إلى الكثير من التفكيك حتى تدخل في مجرى الدم ، ولكنه يحتاج إلى الكثير من معالجة التبعات الناتجة عن ذلك من تسمم الكبد اللاكحولي والذي هو السبب الحقيقي في عدم انتظام سكر الدم ، ومن تسمم الغدة الدرقية بالكوليسترول.

هذه مجرد لمحة لكي ترى بوضوح أن علم التشريح وعلم الفيزيولوجيا لا يمكن أن يتناغما مع النزعات الخاصة بنموذج الإنسان اللاحم...

المفترسات بشكل أساسي هي السنوريات والجوارح والزواحف ، بالإضافة إلى الحشرات وبعض أنواع نادرة جداً من النباتات ، ومن الثدييات هناك فقط السنوريات تأكل لحوماً كغذاء أساسي، والرتبة الأقرب إلى الإنسان تشريحياً هي الرئيسيات من القرود، وجميع أنواع القرود غير مهتمة بالصيد ، وتتغذى على ثمار الأشجار أو بعض الخضروات ، وأحياناً على أسماك البحيرات الصغيرة أو أنواع من الحشرات ، ورغم أن الغوريلا تعتبر من أقوى الحيوانات التي تعيش اليوم على الأرض ، ويمكنها أن تغلب أقوى مصارعي العالم ولاعبي فنون القتال من الناحية الجسدية ، ولكنها تعتمد على الأعشاب والنباتات في غذائها ، وأحياناً تفترس بعض الكائنات حين تكون بحالة هياج أو غضب أو خوف ، هذا ورغم أن الغوريلا لديها انياب ضخمة جداً على عكس الإنسان ورغم تشابهها معه في كثير من المعالم الجسدية.

ما أريد إيصاله لك أن اللحوم غير ضرورية جسدياً ، ربما لا تقتنع بكلامي إذا حدثتك عن قدرتك على تجاوز حدود جسدك مع الغصرار والصلاة والإخلاص ، وربما لا تفهم ما أقصده من أن النفس هي الموجه الحقيقي للجسد ، وأن تعديل الجينات ممكن ولكنه يحتاج إلى قوة الوعي ، ولذلك أشرح لك أن الجسد المادي البشري نفسه غير مجهز للافتراس ...

هدفي ليس منعك عن تناول اللحوم ، أريد فقط أن تدرك حين تتناولها أنها غير ضرورية بالفطرة ، اريد فقط أن تكون واعياً ، تراكم نفس السلوك عبر أجيال مديدة للنوع يمكن له حتى أن يجعل الجينات المقاومة للسلوك تتعطل عن عملها، ويجعلك غير قادر على التعامل مع البيئة الحيوية بالفطرة خاصتك، وعملية تصحيح ذلك الاعتلال الجيني قد تكون صعبة وطويلة ، لكنها ممكنة.

الرؤية الأخلاقية والروحية تجعل تناول الطعام يقترن بالامتنان لله ، وينعكس هذا بالامتنان للطبيعة التي هي انعكاس لفضل الله ، والهدف منه للجادين في سعيهم يختلف عن مجرد إرضاء شهوة ملحّة، أو على الأقل ، ليس قتل الحيوانات لمجرد إرضاء هذه الشهوة

هذا المقال رغبة مني لأجلك كي تفهم أن شهوة اللحوم والأطعمة الحيوانية لا تأتي من الوعي في الأصل ، ولكن الإنسان مقيد بها ، بنفس الطريقة التي تجعلك مقيداً بمشاكل ونزعات ومخاوف العالم المادي في مختلف نواحي الحياة ، إنها بكلمة واحدة : خدعة.

والطريقة الحقيقية لكي تعالج نزعة تناول اللحوم التي تم زرعها في نفسك هي ذاتها الطريقة التي تعالج بها الإدمان على أي شيء ، وكما أن قهر المدمن على أن يتوقف عن المواد التي يدمن عليها سيتسبب بمرضه فكذلك قهر الإنسان على الامتناع عن تناول اللحوم سيتسبب بضعف جسده ، ولكن رفع الروحانية للإنسان ، أي حين يبحث عن معنى الحياة والجمال والقيم فإن رغبة تناول اللحوم تتلاشى تلقائياً منه ، ذلك يحدث عندما يفهم بعُمق أنه روح متجسدة ، وأن العالم لا تحكمه المادة ، وكذلك تختفي الغرائز العدوانية ، لأن قوته أصبحت تختلف في نوعيتها وبالتالي تختلف في مصادر تغذيتها... وإذا لم تختلف نفسه فإن منعه من حاجاتها سيؤذيه فقط.


ممتاز

كل الأدلة الظاهرية، الفيزيولوجية، النفسية والكيميائية تشير الى ان الانسان نباتي

بهذا الجدول معلومات مهمة بهذا الخصوص

diet.jpg
 
البقاء للأصلح ... البقاء للأقوَم

إن فرص البقاء المادية تأتي من مجال أعمق من الواقع المادي ، ولكن إيمان الكائنات بأن فرص البقاء تتبع القوانين المادية سيجعل الطريقة الوحيدة للبقاء بالنسبة لها هي التنافس على كسب الفرص الموجودة مسبقاً عوض استمثار أو طلب فرص جديدة.

المشكلة أن التركيز على رغبة البقاء وإهمال بقية الأمور يجعل من المستحيل فهم سعة الوجود اللامتناهية ، لأن العالم يصبح محدداً بحجم الرقعة التي يريد الكائن البقاء في حدودها ويحاول التنافس مع أي شيء يقوم بالدخول إليها.

الكائنات الحية التي تُظهِر في مجتمعاتها تنافسية على البقاء هي نوع من كائنات الغابة ، والسبب في ظهور هذه التنافسية هو وجود المفترسات ، ولكن الواقع لم يكن دائماً خاضعاً لهذا التوزيع ، فلا شيء ينافس النبات عليه حين يقدم الثمار والأوكسيجين للمحيط الحيوي ، أو حين يخرج بطلعة بهيجة مفعمة بطلب الحياة ، مع أنه لا يراها بشكل حسي مباشر ، والتنافس بين النباتات شبه معدوم ويقتصر على حالات نادرة مثل التطفل أو الخروج في مكان ضيق لا يسمح بتواجد نباتين، لأن النبات بكل بساطة لا يهتم كثيراً بالفرص ، ولكنه ينتج الفرص.

والبحر يوضح ذلك بشكل أعمق ، إذ أن عدد الأنواع البحرية أكبر بكثير من أن يتم حصره أو حتى اكتشافه ، ولو كان التكاثر سيقوم بمحو الأنواع الغير صالحة مادياً فماذا تفعل الأسماك الصغيرة في البحر إذن ؟

الملاحظ حسب علم الأحافير أن البقاء على المدى الطويل لا يكون للأصلح ، والانقراضات الكُبرى تحدث لأسباب غير مفهومة وتؤدي لنتائج غير مادية ، ويبدو أن الأصبر والأكثر عطاء وتماسكاً له النصيب الحقيقي في البقاء، ففي العصر الطباشيري حدث انقراض لأكثر الكائنات قوة وتطوراً ، مثل "التيروصور" والذي يمكن اعتباره مقاتلة جوية بيولوجية وليس حيواناً ، أو مثل الديناصورات العاشبة العملاقة والتي يبدو وكأنها سفن فضائية حطت على الأرض ، أو الديناصورات اللاحمة ، والغريب أن الكائنات التي نجت من ذلك هي الثدييات ، الأصغر والأضعف ، والتي لم تكن متفوقة بأي شيء وربما كانت الديناصورات تراها كما نرى اليوم ألعاب الشطرنج.

1706387375002.png

في نهاية العصر الرباعي انقرضت أيضاً الثدييات المتفوقة في الحجم والقوة والتقنية ، سواء منها العاشبة مثل الماموث أو المفترسة مثل النمو الدبي ، وبقيت الثدييات التي نعرفها اليوم مع أنها أبعد بكثير عن أن تكون الأصلح.

1706387607385.png


فكرة البقاء للأصلح مادياً التي أدركها دارون في علم الاقتصاد وحاول فهم الحياة كلياً من خلالها، كان محقاً بذلك بخصوص مجتمع مادي النزعة، يؤمن أفراده بالمنطق النفعي الذي يقول أن الأسباب المادية هي الحكم النهائي للنجاح والفشل ، وأن العلل الحقيقية لتوزيع الأرزاق هي اغتنام الفرص.

والمشكلة في هذا النوع من المجتمعات ليس الطبيعة ، إنما هي تكوين عقليته الصارمة التي ينعكس منها عالَم قاسي يمنع الأفراد من التنفس لأنهم يتنافسون طول الوقت، بقاءهم معتمد على وجود الضحايا الأضعف منهم. وكلما زاد عدد الأفراد المصدقين بذلك والتابعين له كلما ازداد الضغط الكينيائي على بقية أفراد المجتمع الذين يؤمنون بالقيم.

والغريب في الموضوع أن دارون نفسه بدأ اكتشاف فكرة الانتواع والسلف المشترك من تأملاته في أرخبيل غالاباغوس ، مع أن جزره كانت خالية من أي معالم تنافسية ، لم يكن هناك كائنات مفترسة ، كان هناك طيور وسلاحف وحشرات وزهور وأعشاب وبعض النباتات ، والجميع لديه فرص مكنته من التكاثر والبقاء لفترة طويلة جداص من الزمن دون أي مشاكل.

1706387723060.png

هذه الجزر النائية حول العالموالتي اكتشفت أيام دارون وقبله وبعده، لسبب ما كانت دائماً ذات طبيعة شديدة الخصوبة والتنوع ، وتحوي أنواع نادرة من الحياة ، وتندرفيها الظواهر التنافسية.

وحقيقة ، ليس هناك حوادث انقراض لأنواع مستقلة بيولوجياً بسبب عدم صلاحها للبقاء أمام أنواع أخرى اغتنمت فرصها ، هذه الطريقة في التفكير يحاول الإنسان من خلالها فهم سبب انقراض الأنواع التي يراها في الاحافير ولا يراها في الواقع ، لكنه لم يشاهد حادثة انقراض واحدة لنوع بسبب ضعف بقاء فرصه في مناخ طبيعي ، وجميع حوادث البقاء للاصلح كانت تنتج بسبب تعديل يد الإنسان للمناخ والبيئة ، سواء تلك الفراشات التي انقرضت من الدخان المظلم للمصانع ، أو الطيور التي تم صيدها بشكل جائر ، أو الفيلة النادرة والوعول الأسترالية ، أو غيرها من الحيوانات التي انقرضت خلال فترة اجتياح الإنسان النفعي للطبيعة وغزو منطقه لأراضيها.

البقاء للأصلح هو نوع واحد من أنواع قوانين الزمن التنظيمية ، وينطبق على الكائنات المؤمنة به ،لأن العالم المادي ينبعث من مجالات غير مادية ، وتلك المجالات تتفاعل فيها الطاقة على نحو مجرد ، فتكون الفاعلية مقترنة بالأمر المباشر والإحساس أكثر من القانون بحد ذاته.

هذا يعني أن الحياة غير تنافسية على النحو الذي يفهمه الإنسان المعاصر ...

إنك كإنسان يحيا ضمن العالم المنبعث من نواة حيوية لن تحتاج التنافس مع الآخرين على الغذاء طالما تتفاعل بشكل حيوي مع العالم، الفرص تتجلى من اللاشيء حين تؤمن بذلك وتحس به ، ولن تحتاج إلى خوض حروب من أجل كسب فرص محدودة ، ولا يمكن أن تبرر قتل الكائنات الضعيفة بفكرة البقاء للأصلح لأن ذلك سيجعلك محكوماً بنفس المبدأ وسيحدد وجودك في رقعة التنافسية ، وسيأتي من يكون أقدر منك لينتهز الفرص الخاصة بك.

لذلك ليكن غذاؤك له غاية أكبر من مجرد التنافسية ن حتى لا يغذي فيك الجينات الخاصة ببعل وتحكمك القوانين المنعكسة عنه ...
 

_______

[ تفاعل مع المشاركة لتحميل المرفقات ]

  • 1706385241920.png
    1706385241920.png
    109.9 KB · المشاهدات: 24
التعديل الأخير:
  • رائـع
التفاعلات: Dana
تصور مثلاً أنك تعرف أن الحيوان الذي تتناوله كان له حياة وشعور وأبناء تحبه وأرواح تسأل عليه تماماً كالذين تعرفهم في عالمك ، فإنك إذا أدركت ذلك روحياً فلن تقدر على أن تتناول اللحوم ، ولكن نفسك لازالت معقودة بشهوة تناول اللحم التي ربتها عليها البشرية
لما لا نسأل ذلك الحيوان عن النبات الذي يأكله، النبات الذي هو كائن حي اجتماعي يتفاعل مع محيطه، ويقاوم الظروف الصعبة لينمو ويوسع جذوره في التربة ويزدهر وفي الأخير يأتي حيوان ويقوم بأكله كمجرد غذاء للبقاء لا أكثر
اليس النبات أيضا يملك عائلة ومحيط ومجتمع يعيش فيه
 
لما لا نسأل ذلك الحيوان عن النبات الذي يأكله، النبات الذي هو كائن حي اجتماعي يتفاعل مع محيطه، ويقاوم الظروف الصعبة لينمو ويوسع جذوره في التربة ويزدهر وفي الأخير يأتي حيوان ويقوم بأكله كمجرد غذاء للبقاء لا أكثر
اليس النبات أيضا يملك عائلة ومحيط ومجتمع يعيش فيه

ليس هناك مجال للمقارنة بين النبات والحيوان

الأول لا مشاعر له، نعم لديه دفاعات لكن لا نظام عصبي لنقل الألم

نظامه بدائي، يستطيع الاحساس بالخطر والانزعاج بشكل مادي فيزيائي لكن ليس بشكل مشاعري كالحيوان، الحيوان لديه بنية مشاعرية واحاسيس متطورة

عودة لرموز الطبيعة

الطبيعة تغلف البذور بغذاء لذيذ، تغلف البطيخة بغشاء حلو المذاق، وتفعل ذلك مع كل الفواكه والخضار، لماذا؟ لأن ذلك هو الجزء المقصود أكله من قبل الكائنات الحية لنشر البذور في الأرض أكثر

حبة عدس، حمص، فاصولياء لا تحس بالألم او تنزعج
 
  • أحببت
التفاعلات: Dana
ليس هناك مجال للمقارنة بين النبات والحيوان

الأول لا مشاعر له، نعم لديه دفاعات لكن لا نظام عصبي لنقل الألم

نظامه بدائي، يستطيع الاحساس بالخطر والانزعاج بشكل مادي فيزيائي لكن ليس بشكل مشاعري كالحيوان، الحيوان لديه بنية مشاعرية واحاسيس متطورة

عودة لرموز الطبيعة

الطبيعة تغلف البذور بغذاء لذيذ، تغلف البطيخة بغشاء حلو المذاق، وتفعل ذلك مع كل الفواكه والخضار، لماذا؟ لأن ذلك هو الجزء المقصود أكله من قبل الكائنات الحية لنشر البذور في الأرض أكثر

حبة عدس، حمص، فاصولياء لا تحس بالألم او تنزعج
ماهو الألم في الأصل ؟
الألم هو مجرد آلية لدى بعض الكائنات الحية من اجل التنبيه عن خطر، اصابة او تهديد مما يحفز
أي انه في الحقيقة مجرد شعور عقلي وهمي تماما من خصائص الجسد المادي فقط لا غير

في حال لم يكن الألم موجودا عند البشر فماذا سيحدث ياترى ؟
ببساطة الكائن البشري لن يكون لديه مشكلة في رؤية حيوان يقوم بإفتراسه ونهش لحمه ولا مشكلة في القفز من مكان عالي، انقراض جماعي للبشر

وفي حال كان الألم مجرد تنبيه خفيف لطيف وليس قويا وحادا مثلما هو معروف فسيكون نفس الشيء في الأعلى

أي لو دققت فستجد الألم ميزة للبقاء، وطبيعة الإنسان و أي كائن لديه هذا المنبه انه ينفر منه بشدة لأنه تنبيه عن خطر وإصابة وليس لأنه شيء روحي متجذر

النبات لايحتاج لأن تكون له خاصية الشعور بالألم لأن طبيعته لا تحتاج لذلك ويمكنه التكاثر والعيش بدونها ولكنه يضل شكل من أشكال الحياة كما تعلم

فقولك بأن النبات لايحس بألك لذلك يمكن التغذي عليه عكس الحيوان، يشبه قولك بأنه يمكن إطعام بشري لديه مرض لا يشعر بسببه بأي ألم إلى حيوان جائع ولا يجد ما يأكله، هل لاحظت ؟

انا بالطبع لا اقول بعدم استغلال النباتات او حتى أكل اللحوم، لكن الحياة هي حياة


.
.
إلى جانب ذلك، فقانون الغابة نفسه و القوي يغلب الضعيف سواء من بشر، حيوان، نبات، حشرات وهذه الأمور هي حرفيا تساعد على البقاء و التطور، وقد تكون آلية لمقاومة تأثير العشوائية على الكائنات الحية
قد يبدو كلامي هذا غريبا للغاية، لكنه من ملاحظتي الشخصية لهذه الأمور، الطبيعة لاتهتم بك كفرد لكنها تهتم بالجماعة

لكن موجز كلامي، الألم مجرد إحساس وهمي مرتبط بالجسد المادي، مجرد ترجمة الأعصاب وشعورها بخطر او إصابة لتنبه الدماغ و تتخذ إجراء لذلك نعم هو ليس حقيقيا ولا يمت بأي صلة بالروح او الجوانب الغير مادية من أي كائن...
 
لما لا نسأل ذلك الحيوان عن النبات الذي يأكله، النبات الذي هو كائن حي اجتماعي يتفاعل مع محيطه، ويقاوم الظروف الصعبة لينمو ويوسع جذوره في التربة ويزدهر وفي الأخير يأتي حيوان ويقوم بأكله كمجرد غذاء للبقاء لا أكثر
اليس النبات أيضا يملك عائلة ومحيط ومجتمع يعيش فيه

سبق وأخبرتك ...

الحكم الأخلاقي هو نتيجة للمعايير المعرفية التي تتبناها ، ومعاييرك المعرفية ليست صائبة بالضرورة، وليست موحدة لبني جنسك بالضرورة.

إن لم تبحث عن الحقيقة وتهتم بها وراء الظاهر لك ، لا يمكنك اليقين بشيء يقينا قاطعا وهذا لا يتوقف على مسألة ألم النبات ،

هناك فرق بين أن "تعتاد" على التعامل مع الأشياء كما هي عليه فقط ، وبين أن "تدرك" حقيقتها.

هل أنت تدرك أن النبات يتألم بسبب تناولك له ؟ إذن لا تتناوله ... لا يجب بناء حياتك على معاناة الآخرين حتى ولو كنت تراهم ضعافا وغير نافعين ، وهذا لا يتوقف على نا تسمح به الطبيعة وما لا تسمح به ... هذا يتوقف على منطقك أنت كذات حية ، هل تقبل على نفسك ذلك أم لا.

المسألة ليست تصنيفا بيولوجيا تقنيا ، إذا لم يكن هناك توازي بين رؤيتك الأخلاقية وبين ما يسمح به العالم المادي ، فلا داعي أن تعيش في عالم عبثي المعنى والوجود.

وإذا بررت لنفسك تناول النبات لأن النبات أقل رتبة من الإنسان ظاهريا ، فستبىر لنفسم ذات يوم ، افتراس البشر المستضعفين ...

كررتم كثيرا هذه العبارة البالية عن ألم النبات ومظلوميته في كورا ولم يكن هناك أحد يردعكم لأنه موقع مادي، كل ادعاء سخيف يصبح ميمات بمجرد أن يكون متوافقا مع المادية، وأنتم تستخدمون فكرة ألم النبات كنوع من التهكم على النباتيين.. صدقني هذا لن يمر عليكم بشكل حميد ...

النبات لا يمتلك وسيلة إحساس بالألم المادي، حتى الأعمى يعرف ذلك ، وإذا كان المرجع في فهم معاناة النبات هو الظاهر فإن النبات لا يبدي معالم معاناة .. تماما كالصخرة والحجارة والمعادن ، ما رأيك بالدفاع عن حقها في أن لا تعاني أيضا ؟

شهص متوس س كان يخاف أن تحدث نهاية العالم بسبب تناوله للطعام ، ولءلك أصبح نحيفا جدا وحين سألوه لماذا تعتقد أن العالم قد ينتهي عندما تتحرك أو تفعل شيئا ، أجابهم ( لأني لا أملك دليلا على أن حركتي لن تؤدي لنهاية العالم ) ..

هذا هو نفس المنطق الذي تستخدمه الآن ، كأنك تدافع عن من يرني قنبلة نووية على الآخرين وتقول ( لماذا نلومه ولا نلوم فلانا على حك رقبته التي تسببت في انفجار نووي )

لأن الظاهر لا يورث اليقين ، إما أن تتأقلم معه وتنسى البحث عن اليقين ،وإما أن تخرج من حدوده وتشكك به ، وفي كلتا الحالتين ستجد الظاهر يسمح بكل الاحتمالات الممكنة ، وهذاهو السبب الحقيقي أن الظاهر يبدو عبثي الوجود ...

قرارات الحيوان تلقائية ومحدودة الفهم ، والحيوان ليس مطالبا بتحقيق معايير أخلاقية تتبع الوعي ، سلوكه انعكاسي بالكامل ولا يبذل أي جهد من أجل توجيه قراره ، ومن غير اللائق جعل عالم الحيوان ، مصدرا لمعرفة الأخلاق ... هذه نكتة وليست نقاشا علميا.

الحيوان يبذل ما بوسعه ، ولكنه مقيد ، ليس مثلك ، حر وتمتلك الكثير من الاختيارات والقدرة على التأمل في أعمالك قبل وقوعها ...

هناك شيء يعسر عليك فهمه دائما ...
 
التعديل الأخير:
الوعي عند النبات

ظاهرة إنكار الأخلاق هي نتيجة طبيعية تحدث بسبب الافتراض المسبق لدى البشر أن الأخلاق هي محاولة ( ذهنية تصوّرية ) لرسم حدود عقلانية تمنع التعدي على الحريات الفردية ، كمحاولة لتجنب التسبب بوقوع الألم على الآخرين دون رغبتهم بذلك.

ولأن فرضية استحالة التسبب بوقوع الألم للآخر غير مرصودة واقعياً ولا يبدو أن الطبيعة تهتم بها، يدعي النفعيون أن الأخلاق غير قابلة للوجود موضوعياً.

اللذة والألم ليسا معايير الأخلاق الحقيقية.

الألم مجرد إحساس بانطباع مادي، معالمه محددة ضمن الانطباع نفسه ولا يصلح للحكم على موضوعات خارج هذا الانطباع.

والحكم عليه إذن سيكون حكماً على التحسس الجسدي ضمن حدوده الزمكانية، والتحسس الجسدي لا يحمل دلالات معنوية مميزة في معرفتها عن العالم المادي لكي تبني أحكاماً عليها.
كل مايمكنك قوله أن معيار التفاضل بين الأحداث هو تجنب الألم الأكبر في رقعته الحسية الزمكانية ، والوصول للمتعة الأكبر في رقعتها الممتدة في الزمان والمكان ، وأنك يجب أن تحترم حرية الآخرين باختيار رقعة تحسسهم للذة والألم ، والسبب الوحيد في ذلك هو أن لا يقوموا بالتعدي على رقعتك الخاصة ، أي أنك لا تريد إيذاء الآخرين لك ولذلك لا تؤذيهم.
هذه الفلسفة النفعية لا تنتج أخلاقاً ، ولا يمكنها جعلك ترتقي حقاً ...

هناك ما هو أهم بكثير من تجنب الألم أو تجنيب الآخرين له ، أو من كسب اللذة أو إعطائها.

مبدئياً ... إدراك معنى الأخلاق الحقيقي لا يأتي من تحسس الواقع المادي ، أنت تعرف عبر الواقع المادي الماديات فقط، ومن الواضح أن المادة ضمن حدودها الظاهرية ليس فيها شيء تتعالى صفاته على شيء آخر لنسمي موقفنا منه أخلاقاً ، وليس فيها شيء يمكن اتخاذ موقف واعي تماماً منه أصلاً.

هناك معضلة معرفية أخلاقية في عالم مادي تماماً ...
أولاً : إذا كان كل البشر حولك روبوتات ، فما معنى مراعاة مشاعرهم ؟
ثانياً : إذا كان الإنسان لا يحتوي أكثر مما يحتويه الروبوت ، فلا ضرورة للتمييز بينهما. خصوصاً بالنسبة لمراقب.

هذا هو السبب في وجود تلك الشجرة المتراكمة من القوانين الخاصة بالدولة وأحكامها ، والتي تتفرع كثيراً لمجرد محاولة إثبات شيء بديهي جداً مثل إدانة الاغتصاب والمغتصب، وكثيراً ما لا تنجح هذه القوانين بذلك أصلاً.

لأن المعرفة المبنية على الواقع المادي استقرائية النسق وافتراضية الحقيقة ، والأخلاق ضمن المعرفة المادية لا تشكل استثناءً، هي كذلك.. مبنية على استقراء المعطيات المادية البحتة ، دون البحث عن الحقيقة وراء الظاهر.

ولا تستطيع أن تبني علوماً حية من اللاحياة ...

لن أسهب في الشرح كثيراً ، ولكن الأخلاق لا تأتي من الاستقراء والواقع المادي، ولا من الأحكام العقلية الافتراضية ، البداية أن يكون هناك ضميرٌ حي للذات بحد ذاتها أولاً وضمن حدودها الفردية، وعندما يوجد هذا الضمير فكل ما يوافقه أخلاقيات ، وكل ما يخالفه لا أخلاقيات ، وذلك بغض النظر هل هذا الضمير يأمرك بقتل الآخر أو بمحبته وإكرامه.

وبشكل عام ، علوم الحقيقة تُعرف ذاتياً ، لا يمكنك جعلها معرفة قابلة للرصد من قبل الجميع ، لأنهامثل وعيك ، لو كان يدركها الجميع لما كانت حقيقة لأن معيار الإجماع يعني انحباس الرصد في حدود دائرة التوافق ، والتوافق بطبيعته ليس بحثاً عن الحقيقة المطلقة.

وهذا هو السبب أنني ذكرتُ في المقال ( شخصٌ وصل لمرحلة روحية معينة جعلته يرى الحيوان ...) ولم أقل أن الحيوان كذلك ...
"تجارب باكستر"
النبات يحس ويشعر ، وشعوره ليس ضعيفاً ، ولكنه لا يعيش حياة معتمدة على الوجود الموضوعي ولا تعتمد أحاسيسه وتركيزه على خبرات موضوعية محددة مثل الحيوان ، ولذلك لم يطور قدرات عصبية ، فاقتطاعه من الوجود الموضوعي ليس افتراساً له ، فوعيه أصلاً يتصل أكثر بالعالم اللامادي ، وهذا هو السبب في أنه يقرا الأفكار باستمرار وبغض النظر عن مصادرها المتنوعة زمكانياً ، كما دلت عليه تجارب باكستر.

تجارب باكستر تشير أيضاً بوضوح إلى أن النبات يدخل نفسه في حالة "كوما" غيبوبة بمجرد إحساسه بالخطر على وجوده ولا يعود يبدي أي انفعال يشير إلى الألم.

وعي النبات يتوجه نحو إدراك الوجود ، ووعي الحيوان يتوجه نحو التأثير على الوجود، ولكن غرائز الحيوان الإدراكية لا تزال قوية جداً حتى تصل إلى الإنسان الذي يفقد كل غرائزه الإدراكية تقريباً لأنه يصب كامل وعيه على التفاعل المؤثر والنتيجة المحدودة.

هذا يعطي الأفضلية للنموذج البشري عند الإحساس بالمادة ، ولكنه يجعل النبات الذي لا يحس بها تقريباً متصلاً أكثر بعوالم الروح.

ينتشر وعي النبات بعد اقتطافه ليتصل إما مع الوجود وإما مع نفس الذي تناوله ، وإلا فمن اين تعتقد أنك تكتسب طاقة الحياة حين تتناول النبات ؟

غذاء الميتوكوندريا هو مجرد تعبير مادي عن الطاقة الحيوية النابضة التي يمدك النبات بها ...

"موقف أخلاقي"

لأنك إنسان فقد لا ترى إلا وجهاً واحداً من الوجوه الخاصة بالمشهد ، وجميعها تشكل الظاهر فقط ، ولكن الحقيقة غائبة نوعاً ما ،

لا أحب إعطاء شرح لشيء لا يمكن معرفته مباشرة ، مثل أن النبات الذي سيموت لم يكن ليتأخر عن وفاته لمجرد أنك تأخّر قطفه ، والحيوان الذي سيموت لم يكن ليتأخر عن وفاته لمجرد أنك تؤخر ذبحه ، لكن نفس الحيوان والنبات طلبت هذه التجربة من الله ، ووعيه حبيس في صيرورتها، وإذا لم تتحقق التجربة لن يتحرر الوعي الحبيس لمراحل أعلى ، وبالتالي سيكون من اللاأخلاقي لو امتلكت القدرة على التحكم بمصير الحيوان أن تبقيه حيواناً في عالم المادة إلى اللانهاية، بينما روحه تطلب الرحيل..
هذا موضوع في الغيب ، أنت شخصياً غير مسؤول عن التصرف بموجبه ، لا يمكنك تصحيح العالم بسلسلة أفعالك اليومية ، ولكن يمكنك جعل هذه الأعمال خاضعة للأخلاق في مدى قدرتك على الرؤية والإدراك ، لأن محبة الأخلاق والتنازل عن الأنا لأجلها يمكنها تغيير العالم من خلال القوة الحيوية التي ترسلها إليه بنواياك ، مجرد نيتك الصادقة للحقيقة والقيم تكفي ...
وهذا هو الدور المخصص لك من الله في هذا الجيل ، ولكي يرتفع دورك ، سواء في هذا الجيل أو في الأقدار اللاحقة ، لابد من بدء الأخلاق دائماً من النية ومنطق الآن ، وكل ما سواه سيكون افتراضات ، فهل منطق القيم الآني يأمرك بقتل الحيوان للتلذذ بلحمه !!
هل منطق القيم يقبل هذا العمل مثلاً :

View: https://www.youtube.com/watch?v=SvDNhHOVHBA

هذا ما انت مكلّف به ، هذا ما يمكنك حقاً المساعدة به ، النوايا والإخلاص والسعي الصادق من لحظتك الراهنة ، بكل ما فيها من الحق ، يشمل ذلك المعرفة والأخلاق والعلم والأدوات والقوة وكل شيء ، حين تتحد في آنيّتك يمكنك الارتقاء ويمكنك المساعدة.

وهذا لن يحدث وأنت متسيب للشهوة ...

كإنسان ، تمتلك قوة نفسية تؤثر على الحيوانات والنباتات ، لأن نفوسها تقبّلت استخلافك عليها ، وهذا يجعل رؤيتك لها وطريقة تفاعلك الحي معها هي ميزان أخلاقك الحق، إن تعاملك مع الحيوان كأداة للمتعة والتغذية واكتساب مزيد من القوة هو الخطيئة الحقيقية ، وليس أنك تتناول لحمها أو تقتلها.

ما يحدث اليوم هو أن الحيوان (يُعبَث) بحياته ، لا أنه يتم التغذية على لحمه فقط، بل أن السبب ليس طبياً او قاهراً ولكن فقط لأجل بعض المتعة أو التسيب.

وأخيراً ليس المهم هو أن لا تتسبب أنت في ألم الآخر ، المهم هو أن لا يتالم الآخر حقاً ، وليس المهم تحقيق ذلك بشكل مؤقت زائل.

وهذا هو الفرق بين الأخلاق المعتمدة على الرؤية الذاتية ، التي لا تكترث بالمعايير الجمعية ، والأخلاق المعتمدة على رؤية المجموع والتي تحاول محاكاة التفاهم بينهم بينما أصلها أناني ...

دون ذاتية لا إدراك حي للحقيقة ، دون حقيقة لا أخلاق ...
 
التعديل الأخير:
الأخلاق الاجتماعية هي موقف من الحياة في الآخر ، لا من نوعية الآخر ، أو وجوده وتأثيره الظاهري ...

عندما تحترم وجود الآخر وحريته ، فأنت تحترم الحياة .. وبالتالي تتفاعل مع الحي القيوم ...
 
فقولك بأن النبات لايحس بألك لذلك يمكن التغذي عليه عكس الحيوان، يشبه قولك بأنه يمكن إطعام بشري لديه مرض لا يشعر بسببه بأي ألم إلى حيوان جائع ولا يجد ما يأكله، هل لاحظت ؟


اذا قلت ان الألم مجرد وهم، فهذا يعني ان كل شيء وهم، فكل شيء مجرد سياﻻت كهربية عصبية بما في ذلك الألم، وعلى هذا الاساس كل شيء وهم

لكن هنا سندخل في العبث، وهذا بالضبط ما يقصده الحكماء بعبث الفلاسفة، شيء صحيح عقليا لا يعني انه صحيحا في الحقيقة


العقل له خاصية صنع عوالم كاملة بمنطق وقوانين خاصة بها حتى لو كانت هذه القوانين لا علاقة لها بالحقيقة


الأمر اشبه بان تقول هل يمكن لله ان يخلق صخرة ثقيلة جدا بحيث لا يستطيع رفعها

وهذا بالطبع تناقض، فمن جهة الله كلي القدرة والعلم اذا يجب ان يستطيع فعل كل شيء ومن جهة اخرى تطالبه بشيء غير معقول وخارج الوجود حرفيا

الله كلي القدرة بما يتوافق مع المنطق، هذه مستحيلات رياضية

لكن ان اختلط علينا الامر يجب دائما ان نتبع الطبيعة فهي المعلم الأكبر والأحكم

وكما رايت فوق فكل شيء عنا، الأسنان، الاحماض في المعدة، طول الأمعاء إلخ يشير ان الانسان كائن نباتي

وبمناسبة الحديث عن انسان دون مشاعر، حتى لو لم يكن لها وجود، فالعقل موجود، والعقل يستطيع ان يدرك دون مشاعر ماهو صالح او طالح

الان ستقول لي وماذا لو كان هناك انسان دون مشاعر او عقل، هل يجوز ان نأكله على مائدة الطعام كونه غير مدرك ولا محس لأي شيء

وهذا مبحث أخر في الأخلاق،

ان تتبع الاخلاق هي متاهة لا يخرج منها الانسان غالبا وسندخل في منظومات عقلية جدلية لا تنتهي بل تناقض بعضها البعض

هل تعلم ماهي الاخلاق الحقة؟ هي التي تتوافق مع القوانين الطبيعية

وبما ان اللحم مضر للجسد ويجعله يشتغل بشكل اقل من المفروض منه، فاخلاقيا وصحيا لا يجب اكله

كل شيء يحسن حالتك ويزيد سروروك وبهجتك هو اخلاقي

هذا طبعا ان فرضنا ان الانسان سوي، فهناك من يحس بالسعادة من تسبيب المشاكل للاخرين
 
اذا قلت ان الألم مجرد وهم، فهذا يعني ان كل شيء وهم، فكل شيء مجرد سياﻻت كهربية عصبية بما في ذلك الألم، وعلى هذا الاساس كل شيء وهم​

صحيح ، كل شيء مادي محلي ، سيوجد فقط ضمن الانطباع لحظة الإحساس به ، وبالنسبة لمن يحس به ، وضمن دلالته الواضحة والمباشرة ، وكل ما تعتقده عن العالم بناء على الانطباع سيكون وهمياً أو افتراضياً بأحسن الأحوال.

وهذا لا يتوقف على الألم ...


لكن هنا سندخل في العبث، وهذا بالضبط ما يقصده الحكماء بعبث الفلاسفة، شيء صحيح عقليا لا يعني انه صحيحا في الحقيقة​

لا يوجد أي عبث في حياة تبحث فيها عن الحق المبين ...

بل على العكس ، الحياة العبثية هي التي تعيشها لأنك مرغم على ذلك أو بدون مغزى روحي...

الخاصية الافتراضية للواقع هي حقيقته الوحيدة، وفقط الغفلة عنها هي التي تحجب عنك إدراك عبثية العالم الدنيوي قيميا وافتراضية وجوده، ولا يهم ... سمها ما شئت .. تصالحاً ، رضى ، أو عقلانية ، أو أي شيء آخر... فالكلمة لن تغيّر حقيقة المعنى.

طريق البحث عن الحقيقة هي الطريق الوحيد للخروج من دائرة الافتراضات دون ترك القيم والانشغال بحياة دنيا.

الحكماء عموماً ، خرجوا من الهند ونظروا للروحانية حسب عقلانيتها ، ولم يكونوا يتجاوزون مستوى العصر الخاص بهم من حيث العلاقة بين الذات والوجود.

العقل الذاتي لم يكن ناضجاً بما فيه الكفاية للتفريق بين الظاهر والباطن الوجودي ، بل لم يكن هناك فرق بين الذاتي والموضوعي على نحو فاصل... فأهملت الحكمة الهندية القديمة البحث عن الحقيقة العميقة واكتفت بالإحساس الروحاني الغير واضح جيدا ، وركزت على المشاعر العاطفية والحالات المزاجية.

الحضارة الهندية دمجت مجموع ظواهر الوجود والذات بوحدة شبحية لا يُعرف أولها من آخرها وتقودك فيها يد المنام القابضة على العاطفة الموجهة نحو الإحساس ، لا نحو الإدراك.

وصحيح أن (أغلب) الفلاسفة تعوزهم الرؤية العاطفية لحكماء الهند ، ولكن حكماء الهند أيضا تعوزهم "الرؤية الإدراكية" الفاصلة بين الأمور للفلاسفة.

يعلمك حكماء الهند كيف تنسجم وترضى ، وهذا لن يأخذك إلى أكثر من السلام الداخلي ولن يجعل لحياتك معنىً مطلقاً يتعالى على وجودك الشخصي.

حكمة الهند هي مرحلة في تاريخ مراحل العالم ، ولا يجب التوقف عندها ... تماماً كعقلانية الغرب.



العقل له خاصية صنع عوالم كاملة بمنطق وقوانين خاصة بها حتى لو كانت هذه القوانين لا علاقة لها بالحقيقة


هذا يتوقف على معنى الحقيقة ...
الأمر اشبه بان تقول هل يمكن لله ان يخلق صخرة ثقيلة جدا بحيث لا يستطيع رفعها

وهذا بالطبع تناقض، فمن جهة الله كلي القدرة والعلم اذا يجب ان يستطيع فعل كل شيء ومن جهة اخرى تطالبه بشيء غير معقول وخارج الوجود حرفيا​

من الله ؟

تعالى الله عن التشخص ضمن مكان وزمان ضمن الوجود ومصفوفته وقوانينه ، لذلك لا يحده الزمان والمكان والوجود وقوانينه، كمثل بقية الكائنات ، وجوهر الله لا يأتي من كونه يتفوق عليها في الظرجة في نفس سلم القوة ...

الإله أكبر من تصور شخص محدد ، يتفوق في صفاته الموضوعية على جميع أشخاص الآخرين ...

لو كان الأمر كذلك .. إذن من الذي خلق هذا الكائن ؟ من أعطاه هذه الهُوية الوجودية بالذات ؟

لماذا قد تعبد شيئاً فقط لأنه أقوى منك ؟ إلا أن يكون الدافع هو اللذة والألم ... لا القيم والأخلاق.

نعم ، حين تفقد بوصلة القيم يكون الأقوى هو الذي تعبده ... وتحاول أن تكون أنت رباً على الأضعف منك أيضاً ، وهذه هي خطيئة الإنسان الكبرى.

ربنا الذي خلق السماوات والأرض ، لا الذي تفوق في القوة ضمن نطاق ما يسمح به السماوات والأرض.

وجواباً على سؤالك الذي يعتقد أكثر الناس أنه لا جواب عليه..

فهم معاني السؤال يؤدي إلى الإجابة المباشرة، وهذا بعيد عن التقيد بالمنطق الواقعي، لأن المنطق لا يعطيك المعاني ولا يتعامل بالمعاني... هو يحسب العلاقات بين الرموز ، دون أن يعرف معنى الرموز ، وبالتالي دون مراعاة لحقيقة العلاقة بينها وستحتاج المنطق حين تريد فهم الوجود الغائب عنك ، لكنك لن تحتاجه لفهم الشهادة الماثلة أمامك.

فما معنى (هل) (يستطيع) (الله) (أن يخلق) (صخرة لا يستطيع حملها) ؟

بداية ، ( هل ) تفيد السؤال عن الحقيقة ... ولكنها سؤال عن حقيقة من حيث نسبتها إلى حقيقة أخرى ( حقيقة حادثة الصخرة بالنسبة إلى حقيقة قدرة الله ) ..

ما الذي يجعل ثقل الصخرة له معنى بالنسبة للاستطاعة ؟

التفاعل الحقيقي لا يعتمد على مقاييس كمية ، أي أن حمل الصخرة ليس مسألة بطش وقوة بدنية ، ما يجعل الصخرة ثقيلة فعلا هو هندستها ضمن فضاء الزمكان ، أو : هو ارتباط كينونتها المادية بقوانين الجاذبية الخاصة بالكون ، وفق علاقات مع بقية الكائنات المادية ، وهي ثقيلة ولثقلها معنى فقط ضمن هذا الإطار ، ومتى انفك هذا الارتباط بين كينونة الصخرة وعلاقاتها تصبح خفيفة كالريشة.

والإنسان يحتاج إلى تدريب جسده ليحمل الصخرة ، لأنه مقيد بمجال معين من التفاعل الجسدي تسمح به الجاذبية ، حسب ارتباطه التكويني بالزمكان وبمحتوياته.

أعتقد أن ذلك يبدو واضحا ..

وإلا كيف تمكن الفراعنة من حمل صخور لا يمكن للآلات الحديثة حملها حتى اليوم ... وكيف حملت صخور بعلبك التي تزن مئات الأطنان من منخفض إلى مرتفع ؟

لأن التفاعل الحقيقي مختلف عن الرؤية الظاهرية له ، والفرق بين الفيلسوف والإنسان العادي أن الأول يبحث عن سبب الظاهرة جوهرياً ، والثاني يحاول التعايش معها والاستفادة منها.

القوة البدنية هي استخدام لنفس القانون الذي يستخدمه الصوت لرفع الصخرة ، كل ما في الأمر أنك تحتاج للقوة البدنية حين تستخدم المجال المسموح لك جسديا للتحريك ... وهذا يعني أنك لست قوياً ولا ضعيفاً ، أنت فقط تستطيع التآثر مع الصخرة ضمن ما يسمح به الكون أو لا تستطيع.

الله هو جوهر الوجود والحق المطلق ، وهذا يعني أنه يفعل الأمور من جواهر الأشياء العميقة، لأنه لا يحتاج لمحتكاة الشكليات والعلاقات النسبية من المدى المنظور خارجياً ، و القيود الخارجية ناتجة عن الابتعاد عن العلة الجوهرية.

فلا تتوقع أن الله يمد يده كما تمد يدك ، مع فرق بالحجم مثلا ، ويرفع صخرة في الأرض بهذا النحو الهزلي ، لأن ذلك هو الوهم ... هذا هو حُلم المايا... حين تختلط المعاني والرموز ببعضها ولا يعود من الممكن التفريق بينها على نحو قاطع.

كل شيء يستخدم قوة الله ليكون فاعلا ، لا يوجد شيء له قوة منفصلة ، القوانين الطبيعية ما هي ؟

هي تعبير عن القوة الخالصة للمطلق ، الاستطاعة نفسها هي مجرد استخدام لقوة الله ، وليس لها معنىً آخر.

حتى تكون الصخرة مستحيلة الرفع فإنها تستخدم قوة الله لتكون كذلك.. وهذا يعني أنها تتخلى عن هويتها النسبية وتتحول إلى كينونة متحدة بالتجلي الإلهي ، وهذا ليس تفوقا كميا ولكنه تفوق تكويني ..

زيادة ثقل الصخرة ضمن الكون ، يشبه زيادة ثقل الصخرة ضمن لعبة إلكترونية ، مسألة تتعلق بالنسب والعلاقات ضمن محيط الفضاء نفسه ، لا ضمن فضاء الوجود المطلق ، وكما أن تعاظم ثقل الصخرة في اللعبة مسألة لا معنى لها حين ترد اللعبة للعالم الواقعي ، فتعاظم ثقل الصخرة في العالم الواقعي لا معنى له حين تردها إلى العالم الحقيقي ، أو حتى إلى عالم الملائكة.

تصور أن الله يستطيع أو لا يستطيع أن يقيد نفسه ، ليس لها معنىً ، وليست الفكرة أنها مستحيلة ، الفكرة أنها تهيؤات طفولية ، وهذا ما لا يريد أحد أن يفهمه ... أن الإدراك البشري عاجز عن محاكاة الحقيقة ، وأن ذلك لا علاقة له بتراكم المعارف والخبرات.

لن تسأل بجدية هذا السؤال إلا إذا كنت تفهم الله بشكل شبحي غامض على أنه شيء يشبهك ولكنه أقوى منك بكثير. خلطك بين مفهوم الشخص ومفهومك عن الله هو الذي يجعلك تعتقد أن سؤالك له معنىً.

وجود الصخرة يعني وجود الجاذبية ، والقوانين الفيزيائية ، والكون النسبي، ويعني أنها مادة نسبية ضمن الكون ، وليس للصخرة معنىً دون تحقق كل ذلك ، والطريقة الوحيدة لتحقق ذلك هي التفاعل الخلّاق من طاقة الحياة الخالصة الإلهية إلى الشكل الظاهري المقيد جداً.

ولكي تصبح الصخرة غير مقيدة بما يسمح به الوجود الموضوعي ضمن الكون فيجب أن ترتفع إلى عالم اللاهوت... أي يجب أن تفنى صفاتها الشخصية وحينها لا يمكنك القول عنها أنها صخرة بعد.

هذا الشرح يأتي من علم الكينياء ، غالباً ما اتردد في طرحه لأن الناس غير مستعدين لمثل هذا الفهم لوحدة الوجود ، وأعلم أنه صادم ولكن سيأتي وقت لابد فيه أن يفهم الجميع أن المفاهيم الشبحية للناس ، عن الله والكائنات الأخرى والوجود ، والناتجة عن نقص في الإدراك الأنطولوجي ، هي التي تتسبب بإنتاج الأسئلة بشكل خاطئ يجعل اللغة مقدمة على المعاني التي تقصدها ويحجب المعنى برداء الكلمة بحيث يدخل في نسق دلالي آخر.

فكرة "كلي القدرة" غير دقيقة ، فهي تحديد للمعنى بالنسبة لمعاني أخرى ... فهو كلي القدرة بالنسبة للكائنات جزئية القدرة ، الآن هذا هو السفسطة ، أنك تطلق كلمة لا تعرف جوفها الحقيقي ، على الله بنسبة لا تعرف معناها الحقيقي ، وتبني عليها توجهك في الحياة ...

فالله ليس كلي القدرة ولا كلي العلم ولا كلي الخير ، ولكن الخير والعلم والقدرة ليس لهم وجود إلا بانبعاثهم من فاعلية الله في الكون.. هم ليسوا شيئاً آخر دونه بحيث يقاس عليهم.. اسماء الله ، أو قيم اللاهوت ، هي ذات الله في التجلي ...

كل القدرات حالات مقيّدة للقدرة الإلهية.

ليس كمثله شيء ، لا يمكن أن يحده الزمكان ، الذي لا يستطيع أن يحد أشياء أقل بكثير من أن تُعبد مثل عالم الكموم ، أو مثل عالم الخيال ،

طبعاً إذا كان الإله شخصاً ، كما يتخيل أغلب البشرية ، فلن يستطيع أن يناقض نفسه ، ولكن الله ليس شخصاً أو كائناً مركزياً يحيط به الوجود ... هذا المفهوم هو السبب الحقيقي في تشوه الأديان وانتشار الإلحاد ، وموت الروحانية.

ذلك أن الله يتعالى على المادة وقوانينها لا تحكمه ، وبالتالي لتكون الصخرة إلهاً عليها أن تصعد هي إلى الله ، وتتحد بفمهوم الالوهية وعندها لن يكون هناك افتراق بين الله ومن يتحد معه ، ولن يكون هناك معنى لهذا الجملة أصلاً لأن القيد فُك عنها.


تذكر أنك ستحتاج إلى شيء من تحرر الإدراك حتى تفهم أسرار الوجود ... الإدراك المقترن بعالمك الظاهري لا ينفع في رؤية الحقيقة المطلقة.

تحتاج إلى تفعيل قوى الروح والخيال والإبداع الحيوي ... والكثير من التأمل والصمت ..


لكن ان اختلط علينا الامر يجب دائما ان نتبع الطبيعة فهي المعلم الأكبر والأحكم

وكما رايت فوق فكل شيء عنا، الأسنان، الاحماض في المعدة، طول الأمعاء إلخ يشير ان الانسان كائن نباتي

وبمناسبة الحديث عن انسان دون مشاعر، حتى لو لم يكن لها وجود، فالعقل موجود، والعقل يستطيع ان يدرك دون مشاعر ماهو صالح او طالح

الان ستقول لي وماذا لو كان هناك انسان دون مشاعر او عقل، هل يجوز ان نأكله على مائدة الطعام كونه غير مدرك ولا محس لأي شيء

وهذا مبحث أخر في الأخلاق،

ان تتبع الاخلاق هي متاهة لا يخرج منها الانسان غالبا وسندخل في منظومات عقلية جدلية لا تنتهي بل تناقض بعضها البعض

هل تعلم ماهي الاخلاق الحقة؟ هي التي تتوافق مع القوانين الطبيعية

وبما ان اللحم مضر للجسد ويجعله يشتغل بشكل اقل من المفروض منه، فاخلاقيا وصحيا لا يجب اكله

كل شيء يحسن حالتك ويزيد سروروك وبهجتك هو اخلاقي

هذا طبعا ان فرضنا ان الانسان سوي، فهناك من يحس بالسعادة من تسبيب المشاكل للاخرين​

العقلانية والافتراضات ، التي تسمينها بالقوانين الطبيعية ، هي مجرد قوانين ضمن عقلك ، أو ربما في عقل الجنس البشري وهذا لا يعطيها امتيازات.

هذه القوانين هي نمذجة تصويرية للعالم ولا يمكن بناء عليها لا وجود سلوك ، ولا وجود أخلاق، وأرى بأن مضمون رديكما واحد، وإن اختلفتما.

تحياتي.​
 
التعديل الأخير:
تسلم يداك، لقد وفيت الأمر حقه..
هل يمكنك إكمال السلسلة لتشمل أكل المنتجات الحيوانية؟
 
طريق البحث عن الحقيقة هي الطريق الوحيد للخروج من دائرة الافتراضات ، ومن يسمون بالحكماء عموماً ، خرجوا من الهند وحسب عقلانيتها ، ولم يكونوا يتجاوزون مستوى العصر الخاص بهم، حيث العقل لم يكن ناضجاً بما فيه الكفاية للتفريق بين الظاهر والباطن ... فأهملت الحكمة الهندية البحث عن الحقيقة العميقة ، وركزت على المشاعر العاطفية والحالات المزاجية.

الحضارة الهندية دمجت مجموع ظواهر الوجود بوحدة شبحية لا يُعرف أولها من آخرها وتقودك فيها يد المنام المبني القابضة على العاطفة الجياشة.

هذا الكلام خاطئ قطعا، حكماء الهند لم يتوقفو في المستوى المشاعري فهذا المستوى يصل اليه من ندعوهم بالقديسين

حكماء الهند لم يتعدو فقط المستوى المشاعري بل العقلي ايضا ووصلو لنهاية الطريق الانساني وما بعده

قراءة بسيطة للفلسفات الهندية المختلفة ستبين انهم درسو العقل وسبرو أغواره وفهموه بشكل كامل، فلا تبخس الهنود

وعندما قلت حكماء في ردي السابق فانا لم اكن بالضرورة اقصد الهنود فالحكماء موجودون بكل اصقاع الارض
 
هذا الكلام خاطئ قطعا، حكماء الهند لم يتوقفو في المستوى المشاعري فهذا المستوى يصل اليه من ندعوهم بالقديسين

حكماء الهند لم يتعدو فقط المستوى المشاعري بل العقلي ايضا ووصلو لنهاية الطريق الانساني وما بعده

قراءة بسيطة للفلسفات الهندية المختلفة ستبين انهم درسو العقل وسبرو أغواره وفهموه بشكل كامل، فلا تبخس الهنود

وعندما قلت حكماء في ردي السابق فانا لم اكن بالضرورة اقصد الهنود فالحكماء موجودون بكل اصقاع الارض

الارتقاء بالكينونة الشخصية لأعلى المستويات ممكن في طرق حكماء الهند ، لكن ليس الوصول للحقيقة المطلقة ...

لأن الحقيقة لا تتعلق بما تحرزينه على الصعيد الشخصي ، بل باتصالك بما وراء ظلال العالم وجدانيا ، وإدراكيا ...
 
تسلم يداك، لقد وفيت الأمر حقه..
هل يمكنك إكمال السلسلة لتشمل أكل المنتجات الحيوانية؟

الوعي الكوني وأرواح الكائنات المختلفة في القرآن الكريم ...

الظاهرة النفسية والروحية تتجلى بالوصف العلمي الدقيق في نصوص القرآن الحكيم [1] :
  • النفس ليست هي الروح التي تعي وتدرك :
  • {( وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين )}
  • {( شاهدين على أنفسهم بالكفر )}
  • {( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )}
  • دلالات آيات الله هي مُفارقة النفس لقوة الإدراك التي تكون النفس بالنسبة لها موضوعاً مفارقاً ،ما يسمى النفس هي كائن يمكن أن تدراكه الذات الحية الموجه إليها الخطاب، ولا تكون هي الذات التي تدركها ولا هي الإدراك ، فمن تصفهم الآيات قد يدركون أنفسهم جيداً وهذا يعني أن النفس ليست الذات التي تدركها.. فإن كان كذلك فما هي النفس في القرآن ؟​
  • النفس ليس لها وعي :
  • {( وما أبرّئ نفسي إن النفس لأمّارة بالسوء إلا ما رحم ربي )}
  • النفس غائبة عن حضور الذات فقد أُشير لها ب(ما) التي تستخدم في الإشارة لغير الواعي ، في لغة القرآن. وتكون منفصلة في رغائبها عن إرادة الذات - كما لم ترغب امرأة العزيز إرادياً بالسوء واعترفت أنّه كذلك - لكن النفس ضغطت عليها رغم ذلك ، لأن الذات سلمت مجال النفس إمكانية تحديد بعض الأمور ، مما سمح لها بالاختيار حتى وهي غير حاضرة لرقابة الذات.​
  • النفس حاسوبية وتتصرف باستقلال دون وعي :
  • {( ونفسٍ وما سواها {*} فألهمها فُجُورها وتقواها {*} قد أفلح من زكاها {*} وقد خاب من دساها )} وهي الآية الأكثر وضوحاً ، فلم يبقى بعدها مجال للتشكيك في أن القرآن يصف "مُفارقة النفس للذات الحية" والوعي المركزي رغم أنها قادرة على إحداث السلوك والتفاعل بل الذات هي التي تقرر مصير النفس وزكاتها وتدسيتها {( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسَهم ظالمين )}.​
  • تنتج القوة الذكرية من حضور الوعي كرقيب على النفس وتنتج القوة الأنثوية من حضور الوعي ضمن النفس بحد ذاتها، عدم رقابة الوعي وقدرته على إدراك النفس يجعله بحالة ضعيفة وتبقى نفسه دون إدارة. وهذا الفصل بين القوتين هو إحداث "فجوة" أو تفجير - فجور، يؤدي إلى تبعية الإنسان للواقع الذي أمامه لأنه لا يقوى على استخدام قواه الأنثوية لكشف ما وراء الواقع المرصود ، وبنفس الوقت لا يقوى على استخدام قواه الذكرية لتحرير تلك القوى الأنثوية من قيود واقعيتها ، وهذا الفصل هو الفجور ، الذي يجعل التركيز مشتتاً والإيمان غائباً" والتقوى "المبدأ التكاملي بين ذكرية الإرادة وأنثوية الإيمان الخيال والتفكير".​
وهكذا يتم التفريق بين المرء وزوجه ... وهكذا تتم السيطرة على الشعوب ...........
  • النفس تستطيع المعالجة الحاسوبية للمعطيات :
  • وكذلك كانت النفس تحاسب المرء ، وفقاً لقيم الفطرة ، ليس من الناحية النظرية فحسب ، بل من حيث الزمن الذي سيُحبس به ، فــ {( اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً )} فالنفس تسهم في خلق الزمن وعكس المصير على مرايا الإدراك بحسبانها ، ولعل ذلك هو باب العذاب الأكبر ، وكانت النفس اللوامة تلقي باللوم على الذات التي تدركه كمشاعر رغم انفصالها عنه وعدم اختيارها له ، لأن هذه النفس محملة بذكريات زكية ومتناغمة مع عوالم عليا. ، وكانت بعض النفوس توسوس وتسول عمل السوء ، فهي إذن تقوم بوظائفٌ حاسوبية ، تجاوز تخزين المعلومات ، بل تمتد إلى معالجتها وتشتق سلوكيات منها مع التعلم المستمر. وإن جميع الانفعالات والمشاعر الوجدانية أيضاً ، الخيفة ، الاطمئنان ، الشهوة ، الرضوان ، الاستكبار ، الزكوة كما يعلمنا القرآن ، أنها في النفس ، بما هي صلة للذات مع الوجود الزمني الخارجي ، مُفارقة لها في السلوك الزمني الحدثي.​
ذلك لتعلم ما هي النفس وفق آيات القرآن الكريم وتقترب من فهمها، إن النفس ليست هي الذي نسميه الوعي والحضور والإدراك، ولكنها تقريباً هي "العقل" أو لنقل العقل الباطن مع أنها تسمية تحتاج لتعديل، يمكن أن تفهم النفس أيضاً على أنها "اللاشعور".

وهذا يعني أن النفس ليست ظاهرة بشرية ..، كل شيء في الوجود يمكن أن يكون له نفس (مجال لاشعوري يتصل من خلاله بالعالم) فالنفس تحتل في الحاسوب منزلة الذاكرة وذاكرة النظام ، وكذلك هندسة معمارية الحاسوب ، وتحتل في الجمادات منزلة موقعها ضمن نسيج الزمكان الذي يوجهها عبر القوانين الطبيعية ، وحتى لا أشتت القارئ كثيراً سأكتفي الحديث عن الحيوانات، يسلك الحيوان سلوكاً "ذكياً" فهو يتفاعل مع البيئة، ويتعلم من أخطاءه … بعض الحيوانات استطاعت فعلياً صناعة أدوات، وهذا يحتاج إلى قدر كبير من الذكاء …



View: https://youtu.be/s2IBayVsbz8


View: https://youtu.be/cbSu2PXOTOc

الحيوانات التي تظنها أدنى منك في سلم الذكاء، يمكنها أن تصنع المخاريط، وأن تربط بين الأحجام والأطوال واستخدامات الجمادات، ويمكنها أيضاً أن تمتلك وسائل القياس الهندسي المعقد للغاية، فإدراك الأشكال الهندسية والطرق المعمارية في خلية النحل يسلزم أكثر بكثير من التصرف الآلي، يستلزم إدراكاً للأشكال المجردة، وربطاً بينها وبين الواقع وخيالاً ودقة.

الكائنات الحيوانية مثل النمل والنحل لديها قدرة على إدراك موجودات غير مادية، مثل المفاهيم الهندسية ، ومعنى التنظيم في مجتمعات، ويمكنها إدراك التشخصات فكل عنصر يعرف من أي مجتمع ينتمي حتى ولو تم زرعه في مجتمع غريب، وكافة طبقات المجتمع تختلف بيولوجياً.

ولكن الغريب هو اختلاف مفاهيم النمل والنحل النفسية عن معنى واعتبارات كل طبقة من تلك الطبقات، دون وجود تلازم بيولوجي بين الاعتبار وبين الانتساب ( ليس هناك شيء جسدي يدفعها للتصرف وفق الذكاء الاجتماعي ) حتى في ظروف تكون غريزة البقاء أقوى فيها، يصر النمل والنحل على تقديم "القيم" الخاصة بمجتمعهم عليها.

العاطفة لدى الحيوانات، شواهدها لا تنتهي، الحيوان يبكي، ويتألم، ويخلص ولو على حساب حياته عندما يحس بالانتماء لشيء، ويمكن للحيوان أن يقوم بكافة السلوكيات البشرية المعبرة عن الذكاء باستثناء اللغة.



View: https://youtu.be/7MwQYcY479o


View: https://youtu.be/ydwkYVKs0v8



فلنفرض أننا انتزعنا دماغ إنسان له نسبة ذكاء 150 iQ ووضعناه في جسد وحيد قرن ، كمسنة سيحتاج هذا الإنسان لتعلم الكتابة ؟

يمكنك تخيل أن حياته لا تكفي ولو لتعلم كتابة حرف واحد ، والسبب في ذلك ليس نسبة ذكائه ، ولكن قيوده التكوينية جسدياً ، وحيد القرن ليس عنده وسيلة ليمسك قلماً من الأصل ، جسده هو الذي لا يسمح بذلك، حتى ولو دمجته بذكاء فائق.

لغة الغربان مكونة من ما يقارب 300 عنصر صوتي منفصل ( نعقة )، كل عنصر منها له دلالة يعرفها بقية الغربان وتؤدي وظيفة أشبه بالعبارة الخبرية، وكذلك الدولفين له لغة تخاطرية ، يمكنه بعث رسائل بطريقة ما دون اتصال مادي مباشر إلى دولفينات أخرى وبهذا لا يحتاج إلى اللفظ أصلاً لكي يتصل.

لكن مورفولوجية جهاز النطق عند الغراب والدولفين محدودة تشريحياً ، فإذا حشرت إنساناً في جسد غراب فلا تتوقع أنه سيستطيع التحدث بنفس القدرات الصوتية للإنسان ، وهذا يعني أن بناء اللغة يعتمد على عوامل جسدية وعقلية.


ختام ... الوعي جوهري في كل الكائنات الحية في الرؤية الكونية القرآنية :

{[ وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ]}

{[ حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (18) ]}

{[ وَيَا قَوْمِ هَٰذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ ]}

{[ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ]}

{[ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ ۖ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ (41) ]}

{[ وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ۚ كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (6) ... ]}


……

الوعي جوهري في كل أنحاء الوجود … هو قوة الحياة الجوهرية ودافع الكون نحو الزمن :

{[ إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ]}

{[ لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21) ]}


{[ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَٰكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ۗ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا (44) ]}
 
التعديل الأخير:
  • أحببت
التفاعلات: Dana
لقد اخترت كلماتي بشكل خاطئ، لم أقصد المنتجات الحيوانية بشكل عام، بل قصدت الألبان والأجبان والبيض والمشتقات الناتجة عنها وما يشابهها..يعني دون اللحوم و الدواجن.
 
سبق وأخبرتك ...

الحكم الأخلاقي هو نتيجة للمعايير المعرفية التي تتبناها ، ومعاييرك المعرفية ليست صائبة بالضرورة، وليست موحدة لبني جنسك بالضرورة.
هذا الكلام ينطبق عليك أيضا

هل أنت تدرك أن النبات يتألم بسبب تناولك له ؟ إذن لا تتناوله ... لا يجب بناء حياتك على معاناة الآخرين حتى ولو كنت تراهم ضعافا وغير نافعين ، وهذا لا يتوقف على نا تسمح به الطبيعة وما لا تسمح به ... هذا يتوقف على منطقك أنت كذات حية ، هل تقبل على نفسك ذلك أم لا.
انت لديك فكرة على أن الألم والمعاناة شيء مرتبط بما هو ميتافيزيائي ولكنه في الحقيقة فقط بسبب طبيعة الجسم الفيزيائي، الهيئة النقية للكائن الحي لا تملك خصائص الكائن الحي نفسه أي لا تملك خصائص الوعاء

وأنا بالطبع لا أقبل على نفسي أن أكون غذاء لكائن ما لكن لا املك أدنى مشكلة في التغذي على ذلك الكائن، ذلك الكائن أيضا ينظر لي كذلك ويريد تناولي والإستمتاع بلحمي لينجو ويزداد قوة او ليحمي نفسه ويطمئن ولا يريد ان يقع فريسة، هذا هو الواقع

لقد رأيت للتو فيديو لدب بعد أن قام بتمزيق بقرة ثم سحبها بعيدا عن المصور وهي حية للتغذي عليها، هذا هو الواقع لا يوجد روح تتألم ولا أصدقاء لتلك الروح يحزنون عليها في عالم علوي ولا من هذا القبيل

هنا لايوجد سوى معارك مستمرة في كل الميادين من الشارع والمنزل ومكان العمل والدراسة إلى القاعات السياسية وغيرها، من يظن ان قانون الغابة لم يعد يوجد لأننا أصبحنا نعيش في أبنية ومدن


الحيوان يبذل ما بوسعه ، ولكنه مقيد ، ليس مثلك ، حر وتمتلك الكثير من الاختيارات والقدرة على التأمل في أعمالك قبل وقوعها ...
انا مقيد من نفسي حتى... حرية وهمية
.
.
.
إلى جانب ذلك ألا تتعب من كل هذه الرسائل في اليوم هممم
 

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى