هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

السر الخيميائي الأعظم لفك سحر الماتريكس ( كسر صليب المسيح في داخلك )

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
600
مستوى التفاعل
1,072
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com
أهلاً بك إلى هذا المقال القصير ...
ترددت قليلاً أن أعلن عن ذلك الآن وفي هذه المرحلة ، ولكن سألتُ نفسي ولما لا ...

كذات حقيقية لها وعي وإدراك ، إنك أيها الكائن ملك إذا وصلت لذاتك ، لأنك حينها لن تستعبد من الخارج الموضوعي مرة أخرى ، ولأنك نواة الوعي فلا سلطة للعالم عليك ، ومع ذلك أنت محتجز في قوانينه وموضوعاته وهذا يثير الكثير من الأسئلة الفارقة ، لا يجب أن يكون هذا حال الوعي ، الوعي خالص ، مطلق ، لا يعرف معنى الخوف ولا الخسارة ولا الضعف ، ولكن ما نجده أن كل شيء حولنا ضعيف وميت وخاسر وفاني ...

هل سألت نفسك يوماً ما هي رموز رقعة الشطرنج ؟

mag-392-189_0.jpg
حسناً ، ربما لم تلاحظ هذا من قبل ، ولكني أرغب أن تلاحظ الآن ...

هذا الشيء على رأس الجندي اسمه التاج :

images

أما الذي تراه على رأس الملك ، اسمه " الصليب" :

images

الفرق بين التاج والصليب ، من الناحية المظهرية يبدو التاج وكأنه ( شمس ) أو ( نجم لامع ) وهيكله منحني وليس فيه أضلاع مستقيمة متناظرة، بينما الصليب يبدو وكأنه أقطار مربع أو معين ، والمربع يعني الحجز.

الصليب يعني حبس التجلي ، حبس الروح ، منع الفاعلية ، الإيقاف ( إيقاف التطور والارتقاء والحركة ) والأهم من كل ذلك : التحديد بنطاقات أبعاد...

يوجد لغز غريب في لعبة الشطرنج ، إنها تتمحور بالكامل حول الملك ، ولكن الملك نفسه غير قادر على فعل الكثير ، وكل ما يفعله هو أنه يهرب من التحدي عبر بعث الأحجار حوله هنا وهناك.

الملك هو الحجر المركزي ، اللعبة تنتهي إذا تم (أسر الملك) لأن الملك لا يمكن أن يموت ... لكن لماذا لا يموت الملك ؟ لأنه وعي خالص والوعي لا يوجد طريقة لقتله بحد ذاته ، يمكنك أن تقتل وجوده الموضوعي فقط.

لاحظ أن الرقعة نفسها مبنية بناءً صليبياً ، فحركة الأحجار أشبه بالصليب والفارس وحده يمكنه التحرك بشكل غير خطي مستقيم ضمن قاعدة الرقعة ، ولذلك هو الحجر الوحيد الذي يمكنه ( تجاوز ) المراحل دون المرور بها أصلاً.

الرقعة نفسها هي مربعات ، كل القواعد هكذا تقوم بتربيعك ، لأن القاعدة مبنية على أمر بفعل ونفي لنقيضه ، وبالتالي تقوم القاعدة على وجود النقيضين معاً ولا يمكن أن تستمر القاعدة إذا زال أحدهما ، كما لا يمكن أن تستمر القاعدة إذا زال النور كله أو الظلام كله ، أو زال الأسود بالكامل أو الأبيض بالكامل ، أو زال أحد الخصمين على نحو نهائي.

الحقيقة أن حركة الأحجار تعبر عن مدى تقييدها لا عن مدى قدرتها ، لنه لا شيء يمنع واقعياً أن يتحرك الحجر متجاوزاً قاعدته ، إلا انك ( أنت ) لا تريد ذلك ... انت تريد أن تلعب ، لا تريد أن تختم اللعبة ، لسبب أو لآخر.

المربع يرمز للواقع والتقييد ، الدائرة ترمز للخيال والتحرير ، ولكن الخيال عالم مثله مثل الواقع ، إلا أنه يتوقف عن كونه خيالاً لحظة يصبح واقعاً كما تتوقف الكموم عن كونها أمواجاً لحظة تصبح جسيماتً ...
 
التعديل الأخير:
الماتريكس والجوكر ( مفتاح التحرر من قيد المصفوفة )
يجب أن تلاحظ بقوة ويقظة أن العميل "سميث" الذي يمثل النظام يرتدي نظارات مضلعة ، مربعة ، أو مستطيلة :

1699823596904.jpeg


وستلاحظ أيضاً أن جميع الرمزيات الخاصة ب"تحقيق النظام" لها طابع تربيعي ومضلع ، مثلاً ، يرمز للتفاعلات الرياضية برموز مشتقة من المستقيمات ، مثل + و - و× و ÷ و = ، بينما يرمز للتفاعلات الخيميائية برموز ذات طبيعة منحنية وفنّية ، مثل رمز التسامي ♎ والتجوهر ♍ . لأن الرموز الخيميائية تحاول شرح كيفية (تحويل) الواقع بينما تشرح الرموز الرياضية والكيميائية (آلية) أو كيفية حدوث الواقع كما هو عليه.

ستجد دائماً أن المسيطرين على المصفوفة والمتحكمين بها يميلون قليلاً نحو ما يبدو أنه "جنون" لأنهم يخاطرون بما لا يخاطر به غيرهم ، وهذا يجعلهم قادرين على التأثير العميق في تكوين النفس البشرية والزمن والعالم، فعلى سبيل المثال كان الجوكر في دور ليث هيدجر في رأي كثير من النقاد ، أعظم دور تم تمثيله في تاريخ السينما كله :
1699824204733.jpeg


ولنسأل أنفسنا : ما الذي يجعل هذا الدور مميزاً إلى هذا الحد ؟

كيف نحس بتلك الجاذبية العطرية نحو الجوكر رغم كل ما يقوم به من أعمال تهدم النظام ... ما يصدق به الناس كقيم في أذهانهم ، إن دور الجوكر نفسه هو دور نيو في بعد آخر وغاية أخرى ، إن الجوكر لا يخطط ، فالخطط للفاشلين الذين يحاولون السيطرة على عالمهم المحدود ، إنه ورغم جنونه يعيش الآن بكامل وعيه ن إنه لا يتعامل مع القواعد ولكنه يتلاعب بها ...

ورقة الجوكر هي أقوى ورقة في لعبة الشدة ، لأن الجوكر غير مقيد ...
images

الجوكر يمكنه تمثيل جميع الأنماط الأربعة بأعلى قيمة لكل منها ، قيمة تتجاوز الملك والآس ... المشكلة الوحيد في قوة الحرية المطلقة للجوكر هي أنها خالية من أي توجيه ، وهذا يتعلق بحريته فهو الملك الذي يكسر صليب الرغبات ، وبالتالي لا يمكن سياقته برغبة عادية ، بل يبحث عن توقه الروحي وبذلك يشكل خطراً حقيقياً على النظام وعلى الجميع.
 
التعديل الأخير:
الإدراك الواقعي مقابل الإدراك الحر

الجوكر هو رمز للساحر الذي يمتلك مفاتح التحويل الخيميائي للواقع والذهن ... ولا يمكن الوصول إلى بطاقة الجوكر إلا بكسر الصليب الذي يقيد الوعي ... وهذا الصليب لن ينكسر أبداً حتى تتحرر الرغبة الروحية من قيودها الذهنية، ولا يهم كم يمر من السنين والعصور ، إذا لم تستطع تحرير رغبتك من قيودها فلا يمكنك الوصول لمرحلة الجوكر أو التحكم بقوة الروح الحقيقية.

ولكن الجوكر ليس هو المسيح الكامل ، إنه يدرك حريته وقوته ، ويمكنه التفاعل بهما ولكن لا يدرك تلك القيمة التي تتوق روحه للوصول إليها ... من الحياة والوجود

لاحظ أنك نفسُك تمر بحالتين ... عندما تتوتر وتتشنج ، أو تخاف أو ترغب بشيء ما مثل الطعام مثلاً ، ولا تتمالك نفسك صبراً على رغبتك فهذه الحالة تجعلك تحس بأن الواقع مقيد جداً وضحل جداً وبالكاد يمكن تسميته بالحياة.

عندما تهدأ وتسترخي ، أو تخاطر بشجاعة حقيقية أو ترغب رغبة خالية من الاحتياج والفقر إلى الشيء المرغوب ، ترغب به دون توقع نتيجة معينة ، تبدأ بالإحساس فجأة بشعور يسمى "التفاؤل" وتحس بأن الحياة مدت يديها إليك ، وأصبح فجأة كل شيء ممكناً لا على التحديد ... المستحيل يتلاشى من إدراكك ، أنت لا تشعر به ، لا تحس بأنك نفس ذلك الشخص الذي كان متشائماً قبل قليلاً ، بل إذا ركزت قليلاً تحس بأنك لم تعد تقتنع بوجود المستحيل وتتصور أن كل شيء كان ممكناً منذ البداية ولكنك لم تكن يقظاً لتفهم ذلك...

إن الحالة الأولى مرتبطة بالواقعية المفرطة ، والتركيز على موضوع محدد، كما أحب أن أسميها "النظارة المربعة" أو نظارة النظام ، وهي متعلقة بفرط أو قصور "هرمون الدوبامين" الذي يجعلك غير قادر على تحمل التوتر الكهربي في الدماغ ، فتسعى إلى تحقيق أي استجابة مهما كانت سخيفة او دنيئة لكي تتحرر من نار كهربة الدوبامين.

{( إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (*) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ (*) فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِؤُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (*) ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِّنْ حَمِيمٍ (*) ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لإِلَى الْجَحِيمِ )}

هؤلاء أهل النار ، لا يمكنهم التحكم برغبتهم بتناول الطعام ، إلى درجة أنهم لا يكتفون بقليل بل يملؤون بطونهم من شجرة لا يطاق طعم ثمارها ، هذا بالضبط ما يحدث في حالة فرط إفراز الدوبامين ... لا يمكن للإنسان الإحساس بالراحة بسبب ضغط موضوع معين عليه ، مهما كان هذا الموضوع ...

وإذا سالت شخصاً مدمناً للإباحية مثلاً وقلت له لماذا تتابعها باستمرار، ألا تقرف من كثرة ذلك ؟ سيقول لك بصراحة إنه لم يعد يتحسس جمالاً ولا متعة ولكنه غير قادر على ( فك ) ارتباطه (صليبه ) بالإباحية ( الرقعة المظلمة ).

الدوبامين هو التعبير المادي المفهوم تشريحياً عن شيء آخر يحدث في العالم النجمي ، هذا الشيء يسمى (الزقوم) الذي يستثير النفس ، التي تظهر هنا كـ(دماغ) ليستجيب إليه رغماً عن أنف الإنسان.

في حالة التعزيز المفرط لفرز الدوبامين ، إذا لم تجد ملهيات بيئية ، فسيبدو الزمن جحيماً حقاً ، ستجد أن الواقع خالي من الحياة ، خالي من الإحساس ، خالي من القيم ولا يمكن كسره .. ولذلك ستحتاج أن تلتهم باستمرار بعض الطعام الزمني الذي يلهيك عن معاناتك مع العدم .. الفراغ الوجودي.

في حالة تعزيز الدوبامين ستجد أيضاً أنك تميل لاشعورياً للتفكير المادي ، ونبذ أي فكرة غريبة أو إدراك روحي ، أو حتى محاولة تأمل ، وتحس النصوص الصوفية والمقدسة محض هراء أو على الأقل تمل منها ، ولا تستطيع فهمها بشكل دقيق وواضح. الأمر أشبه بأنك ترتدي نظارة غير عينيك وتلبسك شخصية أخرى تريك الواقع على نحو مقلوب ليمنع عنك فهم أي شيء يتجاوز هذا القالب ... فما هو السر في ذلك ؟
 
التعديل الأخير:
صليبك في داخلك ...

هو الذي يمنع عنك الحياة والقيم ، وبهجة الروح ... وإدراك حقيقة الزمن ...
وهذا الصليب له أربعة قيود وأربعة آفاق ، القيود تشكل علامة + ، والآفاق التي تسمح بها القيود هي التي تشكل علامة × ومعاً يشكلان النجمة الثمانية ( تميمة الزمن ) التي تحبس روحك في أنماط معينة من التفاعل لا يمكنك الخروج منها.

تميمة الزمن هي ( الحَجر الزمني ) المقرر على روحك كإنسان من قبل القوى التي انشأت هذا الكون ، بغض النظر عن ماهيتها هل ستقول إنها قوانين أو قوى وعي مطلق ، المهم أنها قررت حبسك في هذا الإطار ، لاحظ الشكل التقريبي التالي :
main-qimg-af766380ec43427b794189b91b337bc1


الشمس التي في الوسط هي علامة الوزير ( الملكة ) ولو لاحظت جيداً تاج الملكة في رقعة الشطرنج ستجده يشبه الشمس :
1699830927221.jpeg

ولذلك الوزير يتحرك في جميع الاتجاهات تماماً كأشعة الشمس ، والقصد هنا ان الوزير يرمز إلى تحقيق موضوعية الكيان ، بينما يمثل الملك الذاتية ، فالوعي بذاته هو الملك المصلوب ، والوعي كما يظهر للآخرين وفي العالم الخارجي هو الوزير ، أو الملكة أو الشمس ...

تميمة الزمن تسمح أساساً بثمانية علاقات ممكنة بين الذات والعالم الموضوعي ، والوزير أو الملكة هو رمز لتحقق لحالة تحقيق العلاقات الكاملة.
images


الصليب هو القاعدة ( الحصون ) والإكس هو الإلتفاف على القاعدة ( الفيلة ) ، علم بريطانيا يمثل الصليب بالواقع ( أحمر ) ضمن الفضاء ( الأزرق ) ..
 

_______

[ تفاعل مع المشاركة لتحميل المرفقات ]

  • 1699830020588.jpeg
    1699830020588.jpeg
    9.8 KB · المشاهدات: 40
التعديل الأخير:
كل موضوع ترغب به ضمن واقعك المادي أو اي واقع مفارق لك ذاتياً ، بما هو مفارق للذات ولا يتبدى من حضوره إلا ضمن صورته الحسية وتأويل العقل لها ، فإن الرغبة به تجبر الذات على تقبل مثنوية الوجود على نحو نهائي، حتى تتحرر الذات من الرغبة به ، وهذا يمكن أن يشمل كل شيء خارجي ، حتى القضايا الأكثر نبالة وأخلاقية في التاريخ.

طالما أنك تضع لنفسك هدفاً لابد من تحقيقه في العالم الموضوعي ن فإنك تضع مصيرك كله كذات في هذا الهدف وتصلب ذاتك دون أن تدري في عالمك الموضوعي المفارق لها ولوعيك ، ونتيجة هذا الصليب ، أن قواعد العالم ستنطبق عليك إلى حد معين ، ليس لأنها مطلقة ، بل لأنك وفي أعمق نقطة من عقلك تعترف بها كضرورة لابد منها ، لن هدفك الذي اغتربت عن ذاتك لأجل تحقيقه موجود هناك ... على الرقعة ، وفناء الرقعة يعني أيضاً فناء الهدف.

بمعنىً آخر ... قد يبدو باتمان رجل العدالة المثالي الذي يخاطر بحياته من أجل مصير مدينته ، من أجل الأيتام ، والفقراء ، والمدنيين الأبرياء ، والأجيال القادمة ... ولكن الحقيقة أن باتمان يشترك في صناعة المجرمين من حيث لا يشعر حين يصر إصراراً لا يكاد يصدق على محاربة الجريمة رغماً عن كل شيء آخر.

لقد نسي باتمان ذاته نهائياً ، نفسه لم يعد لها وجود واقعي ، أصبح لا يهتم إلا بحلول الليل ليطارد المجرمين ، ولكن الحقيقة أن ذاته الغائبة معوضة بوجود المجرمين في الخارج ، الذين (صلب بهم نفسه) وشكل صليبه على هيئة شعار الخفاش ... وهو يحاول أن يثبت وجوده الموضوعي عبر الانتصار عليهم.

فناء المجرمين من مدينة غوثام هو كابوس بالنسبة لباتمان ، سيجد أن حياته العامرة بالمعنىً الذي صنعه من ذكريات الماضي أصبحت خالية من أي حقيقة أو معنى واقعي ... وكأنه أضاع حياته على سراب واستيقظ فجاة.

1699833004406.jpeg
1699832972195.png


هذا موضوع خطير ... بالنسبة لنا كذوات هل نحن حقاً نسير في الاتجاه الصحيح ؟ نحن عولنا كثيراً على أخلاقياتنا لتبرر لنا الطريق الذي يجب أن نتخذه ، لأنه سيضمن لنا تحقيق المعنى من حياتنا ، ولكن ، وفي حقيقة الأمر ، ليس هناك ضمان نهائي بين ايدينا حتى للأخلاقيات التي نصدق بها تصديقاً يكاد يكون أكثر من تصديقنا لوجود ذاتيتنا.
 

_______

[ تفاعل مع المشاركة لتحميل المرفقات ]

  • 1699832982715.jpeg
    1699832982715.jpeg
    8 KB · المشاهدات: 37
  • 1699832945554.png
    1699832945554.png
    12.5 KB · المشاهدات: 37
بنيوية الصليب الذي يقيدك


(1) النظارة الواقعية المربعة
الواقعية المتطرفة ، تلك الحالة التي يرتدي فيها عقلك وعيناك نظارة الواقع المادي ( نظارة العميل سميث "الحدّاد" الذي يحدد الإدراك وقوى الروح ) فما تعود قادراً على التمييز بين الظاهر والحقيقة، فلا يكون لديك إلا مجالان للعيش : إما التخلي عن الحقيقة والاكتفاء المطلق بالظاهر ، وإما إكمال الظاهر ببناء ذهني خالص.

عالمك المادي مكون من معطيات ( موضوعات إدراكية ) طبيعية كالشمس والقمر والنجوم والجبال والدواب والناس ، وكل موضوع معطى مكون من عناصر جزئية ، فالجبل له قمة وجذر وجذع وحواف ، وكل قسم يمكن تحليله كذلك حتى يتحول إلى محض توزيع هندسي لمجموعة من الحجارة والرمال، أو هكذا الأمر يبدو.

إذا تعاملت مع العالم المادي حسب ظاهره ، وأنت ذات حية ، وقلت لنفسك ليس هناك في الوجود إلا هذا الظاهر فقط ، فما الذي ستفعله حينها أو ما الذي سترغب به وتعيش لأجله ؟ بالنسبة للعميل سميث فإن ما يرغب به يسميه ب"اللذة" وما لا يرغب به يسميه ب"الألم" ، وكل تصرفاته مبنية على كسب اللذائذ وتجنب الآلام، وكل ما سيفعله العميل سميث سيبدأ من هذه النقطة.

إذا كنت ترغب في البقاء ضمن العالم، وكان هذا العالم مادياً برؤيتك ، وأنت لا تعترف بأي شيء فيه إلا الجزئيات الموضوعية المتراكمة والأحداث الزمنية المتعاقبة الظاهرة أمامك حسياً وعلى نحو فج ، وكانك أقفلت على بصرك مجال رؤية أمور أخرى غيرها ، فغن رغبة البقاء في هذا العالم لن تثمر ، ستحس بأنه عالم ممل جداً وفاقد للمعنى ، ولكي تعيد إحياء المعنى سيكون عليك التخلي عن القفل الذي وضعته مسبقاً.

من لا يريد التخلي عن القُفل الواقعي ( النظارة ) سيكون عليه التكيف مع حالة الضجر الوجودي، وهذا مستحيل لأنك ترفض الإحساس بالذاتية ، فكل تركيزك على العالم الخارجي ، ذلك يجعل الدماغ ينزع تلقائياً إلى التفاعل مع الموضوعات الخارجية بهدف قتل الوقت أولاً وأخيراً ن والشعور المترتب على توهم قتل الوقت ، هو ما تحسه عند تحقيق (إنجاز) أو (انتهاء مهمة) معينة.

للتوضيح : العالم فارغ من ما يثير الوعي ، الوعي يحس بعبئ الزمن ، هنا يتدخل الدماغ لـ(يُنسي) هذا الوعي ذلك الضجر المترتب على فضاوة العالم المادي من المعنى ، وطريقة إنسائه لهذا الضجر هي حث الوعي للتفاعل مع موضوع معين من خلال إشارات كهربائية توجه الإدراك عبر عصبونات الدماغ نحو ذلك الموضوع ، هذه الإشارات تنفرز بالدرجة الأولى نتيجة هرمون الدوبامين.

يفرز الدماغ هرمون الدوبامين ليخلص الوعي من الصراع مع بقائه في عالم ممل أو زمن مضجر ، الدوبامين يوجد حالة من (التوتر) أو الهياج الخفيف او الألم والتي لا تزول حتى يتم تحقيق المهمة والتفاعل مع الموضوع الذي ربطه تأويل العقل بالتوتر.

الهدف من التوتر هو إعادة توجيه الوعي نحو التفاعل بعد فتوره ، نتيجة لذلك يتقبل الوعي قاعدة مفادها أن استمرار الحياة البقائية يعني استمرار إفراز الدوبامين واستمرار حالة الاستحثاث بالتوتر والنشوة بالتحرر من التوتر ، وهذا يعني ان التوتر سيزيد كلما قلل الوعي تفاعله مع العالم المادي وهذه استراتيجية يعتنقها العقل الباطن في سبيل منع الوعي من إدراك وهمية عالمه أو عدمية وجوده.

حسناً ، الوعي هنا ينشغل طوال الوقت بمهمات وأعمال تساعده على استمرار حالة "النسيان" فيولد من تفاعل الوعي والعالم المادي ما يسمى بالإنسان.

بمجرد أن يدرك الوعي وهمية عالمه الذي خلقه له توتره واستجابته لهذا التوتر ، يبدأ الشعور بالجحيم ( بعد ملئ الباطن من شجرة الزقوم ) ... هكذا تولد جميع الرغبات المتعلقة بالعالم المادي ، والتعزيزات والمكافآت الخاصة به ، وكل ما يعتقد الإنسان وهماً أن له قيمة في عالمه المنظور ظاهرياً يبدأ بالضبط من هذه النقطة.

إذن لدينا أولاً الصليب الذي يأسر الذات الواعية في شرط معين يرغمها على البقاء في حالة زمنية معينة.

ثانياً هذه الذات التي اتخذت لنفسها وجوداً موضوعياً ( الوزير ) تبدأ بالضجر فتشتعل للتفاعل مع البيئة عبر خلق حالة من التوتر تكون إزالتها هي التحفيز للبقاء والبناء.

ثالثاً ، هذا التفاعل الناري المحرق لدموع الملك ودمه بعد أن تم صلبه في الواقع الموضوعي ، سيجعله أسيراً في حلقة لانهائية من التكرارات الزمنية ، ولكنه مهما حقق من إنجازات ، لا يتفوق نوعياً على رقعته ، لا يكسر صليبه ، جميع إنجازاته كما تفاعلاته تقع ضمن نفس الرقعة ونفس الإمكانيات ، بل ولا يوجد اي تطور روحي بعد كل هذه الاحقاب ، لأنه قادر مسبقاً على فعل كل شيء موجود ، فقط هو يلهي نفسه بذلك.

فعلياً لا يزال الملك غير قادر على التوقف عن اللعب واليقظة إلى الحقيقة وهذه هي المهمة الوحيدة ذات المعنى له في هذه اللعبة، إنه يبتعد عن اهم شيء معقداً على نفسه الأمور بنحو لا يصدق، لإنها الحقيقة لمؤلمة جداً بالنسبة لإنسان صنع عالماً من الجنون والفصام وهو يحسب أنه يصنع حسناً وفجأة تضيء له شعلة الحق فيجد ما فعله هو السبحان في سراب.

إنه يفضل البقاء أجيالاً وأحقاباً ضمن هذا الاحتراق الزمني للمصير على أن يدرك الحقيقة المرة في لحظة واحدة وهي أنه يعيش في عالم وهمي ، حتى ولو كان هذا العالم موجوداً خارج ذهنه ، ولكن دوره هو الوهمي فيه ، ما يعتقد أنه يجعل لوجوده معنىً ليس له وجود ، إنه مجرد شرط ...

عالمك قد يكون حقيقياً تماماً وحتى أدق تفاصيله ، ولكن ما الفائدة من ذلك إذا كان وجودك وعدمك فيه سواء ؟ وكان كل ما يحدث من تاثيرك الممارس عليه مجرد أن العالم يجاملك والذهن يخدعك بتفهيمك ان وجودك في عالم مادي سيكون ذو معنى مستقل عن ذاتيتك.

هذا فقط لتدرك لماذا العميل سميث ( الحدّاد 9 يتصرف على نحو أوتوماتيكي ن لأنه ببساطة يستحيل أن يتصرف بشكل آخر ن لقد خسر وجوده الذاتي من جل وجوده الموضوعي وصار الوجود المادي كامل المعنى والحياة بالنسبة له، لا يمكنه تصور حياة أخرى، لا يمكنه زحزحة إدراكه عن نموذجه عن العالم ، لأنه بمجرد أن يفعل ذلك سيقوم الدوبامين بإعادته عنوة عنه {( كُلَّمَا أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ )}

هذا أمر غريب جداً ... كيف يمكن ان تصف الآية شيئاً مثل هذا ...

طريقة قتل الوقت في عالم مادي ظاهري محض هي التفاعل مع البيئة بحثاً عن أحاسيس جديدة لتختبرها ، وسيدخل الذهن من هذا الباب ليكمل لك العالم ضمن ذكريات وتأويلات تضفي نكهة وهمية للاختبارات التي تقوم بها ، مثال على ذلك سيكون الجنس مجرد احتكاك مادي ، ولن يكون له أي معنىً إذا اكتفيت بالظاهر وحده ، ولكي تتحصل على متعة جنسية فيجب أن يكمل الذهن الواقع ببناء شيء موازٍ له ، فتختبر العالم الواقعي بجسدك وذهنك يختبر الفجوات التي يخلقها هذا العالم.

إذن رغبة البقاء ستكون محرك رغبة التفاعل مع البيئة المادية ، رغبة التفاعل مع البيئة المادية ستنشطر إلى

نتجت عن اشتعال رغبتك كذات حية بالواقع الموضوعي (المادي تحديداً) أمامك وانشغال الوعي به.

العملاء الذين يريدون أن تستمر الماتريكس هم الذين يرتدون هذه النظارة ويروجون لها، ويحاولون إثارة الناس نحوها بطريقة أو بأخرى ... خصائص هذه النظارة هي أنها تريك العالم المادي بهيئته الظاهرية المعزولة عن جميع المجالات التي تخرج من إطاره ، فترى العالم المادي هو "مجموعة المواد" أو مجموعات ذرية، فأنت نفسك ستكون وفق هذا التصور مجموعة ذرات تقترن حالياً فتولد ظاهرة هي "أنت".

لشرح لك بعض الأمور عن نظارة سميث ...

في نظارة سميث وهي الحالة التي تكون عليها أثناء الإثارة والاستحثاث العصبي ، أول الأعراض هي عدم القدرة على التوقف عن الانشغال بالعالم الخارجي ، ثاني الأعراض هي وجود توتر داخلي لا يمكنك مقاومته نتيجة وجود هدف خارجي تتوقع حدوثه.

تركيزك دائماً منصب على هدفك ولا تترك لنفسك فرصة للاسترخاء العميق وإدراك الحياة دون احكام مسبقة ن هذه الأحكام تشكل بالنسبة لك شرط البقاء ، فهي أهم من وجودك في العقل الباطن.

في نظارة سميث ستجد أنك غير قادر على التحرر من الغرائز البدائية ، مثل غريزة الطعام والشراب ، بحيث انك ، إذا كنت جائعاً ، وكنت قادراً على أن تأكل ولم تأكل ستحس بالتوتر مباشرة، والذي سيبقى يحثك على الطعام ، أي ليس لديك خيار أن لا تأكل دون أن تقدم أعذارك لعدم فعلك الأكل ، يجب أن يكون هناك تبرير لل شيء حتى يقتنع العقل أن يصفح عنك ، كذلك الجنس ن لا يمكنك أن تقول : لن أمارس الجنس وكفى ، غذا كان لديك الرغبة وكانت الظروف مهيئة ولم يكن هناك دافع أقوى يمنعك من الممارسة فسيقوم الدوبامين بتوتيرك وتحفيزك والقضاء على هدوئك حتى تستجيب وتمارس الجنس ، اي أن حريتك الحقيقية غائبة ، لا يهم كم لديك من النقود أو الأملاك ، كلها في النهاية مسخرة لخدمة اللاشعور والصليب في داخلك.

في نظارة سميث سترى أن الكلمات الروحية والكلية والفنية يصعب فهمها ، لأن فهم سميث مبني على الروابط المنطقية بين الأشياء الموضوعية ، وكلمة الروح لا تحمل معنىً ذا دلالة موضوعية ، بالنسبة لسميث لن تكون مثيرة ، كما أنه لن يفهمها أصلاً.

الأمر لا يقتصر على ذلك ، اعذب الاشعار بالنسبة لنظارة الواقعية تبدو وكانها هراء أطفال ، وأجمل الموسيقى تبدو مملة ، بينما الموسيقى الصاخبة والتحفيزية تبدو في منتهى اللذة.
في نظارة سميث لا يوجد "أنت" حقيقي، بعبارة أكثر دقة : لا يوجد (ذاتية) للأشياء التي يفوق تركيبها ذرة مادية واحدة ، فالشيء المركب من عدة ذرات هو مجرد ترابط بين هذه الذرات ، ليس فيه طبيعة داخلية تفصل وجوده عن البيئة المحيطة، وليس فيه (جوهر مركزي) يختلف بطبيعته عن ترابط الذرات ببعضها.

إذن الوعي غير موجود في نظارة سميث ، هناك علاقات معينة بين الذرات عند حدوثها تنشئ حدثاً ( إحساساً ) غريباً يسمى "الوعي".

كما يصور روجرز بنروز الموضوع في كتابه العقل والحاسوب ، أن النظرية الذرية الوجودية تفترض أن تجميع الذرات بنفس ترتيبها في جسدك ، ولكن في مكان آخر يعني أن وجودك نفسه انتقل إلى ذلك المكان ، فلا فرق بينك وبين الشيء الذي تم تجميعه هناك إلا عامل العلاقات البيئية ، وكما يصور الموضوع بطريقة أجرأ بريتنارد راسل : أنه لا وجود لل"أنا أكون" فأنت الآن مجموعة ذرات ، وحتى تأتي اللحظة التالي يجب أن يختلف ترتيب هذا المجموع او تختلف علاقاته بالبيئة ، وبالتالي فكلمة "أنت" أو "أنا" لا تعبر إلا عن حالة واحدة ضمن زمن محدد من تجمع الذرات بطريقة محددة.

تجمع الذريرات المادية يحدث بعامل الصدفة التراكمية عبر الأجيال والعصور لتشكل روابطها أنماطاً جديدة من التعبير المادي ، مثل جسدك الظاهري ...
عملاء الماتريكس من فئة سميث هم الأكثر قدرة على فعل الأشياء القبيحة والمؤذية ، لأنهم تجردوا من ذواتهم على نحو شبه نهائي ، فصاروا مجرد رغبة دفع حيوي نحو التفاعل مع البيئة ، أو بالأحرى مجرد رغبة بقاء وتطور.

التفوق الذي يسعى إليه سميث هو التكيف الاعلى مع البيئة بحيث يضمن البقاء ومتعة الإنجاز وإشباع الدوبامين بنفس الوقت ن عندما تحس بأنك ترغب بتطوير ( قوتك ) أو زيادة ( نجاحك ) ، بغض النظر عن هل ذلك يحصل بالطرق التقليدية أو السحرية ، هذه رغبة الوحش ، الجائع الذي يريد ان يلتهم ، آيتها أنك لا تستطيع عدم الاستجابة فاستجابتك لها ليست نابعة من غاية أخلاقية.

هذا ينطبق على كافة الرغبات البقائية مثل تجريب كل شيء ، وما يسمى زوراً ب"عيش اللحظة" ومزمز ميراندا ، وكذلك ما يبرمجون الناس عليه في الالعاب المبنية على نظام المكافآت والتعزيز الذهني ... أقصد هذه التي انتشرت في الفترة الأخيرة.

فتذكر دائماً يا بن السماء والأرض أن المعنى القيّم وحده هو ما يمكن أن يخلصك من جحيم العالم سواء داخلاً بالخلاص من وحشك أو خارجاً بالخلاص من العالم نفسه، وأنه لا قيمة للإنجاز بحد ذاته وتقانته ، ولكن له قيمة بقدر ما هو متصل بالضمير وتندى له الروح ...
 
(2) المِلح والزَيبق
الصليب هو تقاطع ما بين قيدين ، يشكلان معاً ثمانية قيود ...

قبل ذلك نريد نلفت إدراك القارئ لهذه المسألة ...

الحقيقة الكُبرى بالنسبة لك ضمن هذا المستوى من الوجود ، والتي لا تجبر نفسك على الغقتنع بها لأنها أوضح من التفكير نفسه : هي أنك ذات حيّة تتفاعل مع الوجود الموضوعي ، ونتيجة هذا التفاعل خلق مسار زمني تحيا فيه الذات ، وهذ المسار يسمى ب"الحياة الدنيا".

هذه هي الحقيقة الانطلاقية التي يبدا منها اي يقين ممكن : الذات والوجود والبينونة التفاعلية بينهما ... مهما كان الشيء الذي ستدركه ، مهما كانت طبيعته ، مهما كان تركيبه هو في النهاية ينتج عن حالة تفاعل إدراكك (الذات) مع خارج إدراكك (الوجود) فهذا الثالوث أول ما يمكنك الاطمئنان به في العالم ن وهذا الثالوث مفتاحك الأكثر أصالة وأهمية في معرفة واقعك وأي واقع آخر.

إذا تأملت حسياً بهذا الثالوث ، دون تفكير ذهني يشغلك عن الإدراك الحضوري ، سيبدأ العالم بالتموضح أمامك وتبدأ الألغاز الكبرى بالتفريج عن مكانينها.

الصليب هو ما يمنعك من تحقيق هذا الإدراك ، لأن هذا الإدراك يستلزم التخلي عن كل شيء ممكن أن تتخلى عنه ، ويشمل ذلك التخلي عن نظرة اليقين لأي شيء تعرفه ، فلا تقول عن الشيء حقاً حتى يتبدى الحق منه كما تشرق الشمس في أنفاس الصباح ...

كذلك ترى قناديل الزمن غامضة أمامك ، الصليب يمنعك من ذلك ، هناك شرط عليك تحقيقه دائماً من جل إزالة حالة التوتر الكهربي وخفض مستوى الدوبامينات الرقاصة في دماغك ، هذا الشرط لن يسمح لك بالتخلي الكامل عن عالمك في أي لحظة إلى ان تتخلى عن الشرط الذي يصلبك بحد ذاته .. تكسر الصليب.

كما ترى فالعالم الذي يجبر روحك على الانشغال به مكون من مادة وأُفُق ... وهذا يعني أن تفاعلك مع العالم مكون أيضاً من مادة وأفق ، ومادتك هي الجسد وأفقك هو الذهن ، ومادة العالم بيئته وأفقه هو الزمن ... أي أن القيد الذي يحجب عنك الإدراك لحقيقة العالم والتحرر منه ، ثنائي ، ضلعه الأول هو ربط جسدك بالبيئة ، وضلعه الثاني هو ربط نفسك بالزمن ...

رابطة الجسد بالبيئة تسمى في الخيمياء ب"الملح" ورابطة النفس بالزمن تسمى ب"الزيبق" ، ووجود رابطتين على كينونتك هو ما يشكل الشخصية التاريخية التي تعرفها عن نفسك حين تنظر في المرايا أو في الصور الفوتوغرافيا.

الملح هو الواقع ، الأرض ، وهو الجسد ، البيئة ، الوجود الفعّال.
الزيبق هو الخيال ، الفضاء ، وهو النفس ، الزمن ، الوجود الكامن.
 
لله درك , يالها من كلمات تمازج الراح لطفا ولجزالة الالفاظ تقطر نفعا
أحسنت, احسنت , احسنت
 
ولكن الحقيقة أن باتمان يشترك في صناعة المجرمين من حيث لا يشعر حين يصر إصراراً لا يكاد يصدق على محاربة الجريمة رغماً عن كل شيء آخر.

ذات يوم كنت اتحدث مع احدهم واخبرني انه سيدعي الله ليعطيه القوة والجاه والسلطة فقلت له وماذا ستفعل بهذه الامور إذا أعطاها لك الله، لماذا تريدها؟ فاخبرني انه يريدها كي يساعد الناس

فسألته، لماذا لا تدعي الله كي يساعد الناس مباشرة بدلا عن ان تكون هذه الوساطة بينه وبينهم؟ وبعد اخذ ورد اخبرني انه يريد ان يكون محور المساعدة لان ذلك يمنحه شعور بالقوة والعطاء وانتشال الناس من مصير الى مصير

مساعدة الناس لا تهمه بحد ذاتها، ما يهمه هو شعور القوة والبطولة


هذا مثال جميل على ما يحدث مع اغلب الناس، ببساطة غير قادرين على يكونو صريحين وحقيقيين مع انفسهم

فعلا الحقيقة اقرب لنا من انوفنا ولكننا نأبى ان نراها، الكل يعرف الحقيقة :)

لكن الكل يتجاهلها، ببساطة لانهم لا يريدون التخلي عن بنيتهم العقلية والنفسية الحالية

لقد صارو مازوشيين وساديين يستحلون المعاناة والدمار والخراب والاستعباد

فكان لهم ما يريدون

قد يستغرب البعض مما ساقوله الان لكن العديد من ضحايا الحروب والحوادث والمآسي البشعة يريدون تلك الامور على مستوى لا واعي على الاقل

لماذا وسائل الاعلام تضج بالاخبار السلبية بينما الايجابية غير موجودة ويجب عليك البحث عنها! الاحداث الجيدة ليست غائبة لانها غير موجودة على ارض الواقع، في الحقيقة هي تتفوق على الاحداث السلبية بالكثير، الاحداث السلبية اقل بكثير لكن...

الناس ببساطة تستجيب للاحداث السلبية بشكل اقوى بكثير من الاحداث الايجابية، بالنسبة لهم الامور الجيدة مملة ورتيبة، الناس تريد بعض الاكشن والاثارة، حرب قتل دمار انفجارات جثث اشلاء صريخ عويل دموع دراما





وسيتقمصون الدور كاملا ويعيشونه بجوارحهم، سياخذون احد الادوار البطولية بنظرهم، اما دور الضحية المنتهك حقها او دور المنقذ الداعي لوقف الحروب، وهي مجرد هتافات لا رغبة حقيقية ورائها، فما يريدونه في الحقيقة هو مزيد من الكراهية والدراما، وقف الحرب بالنسبة لهم هنا هي تصفية الطرف الاخر، البحث عن طرف لالقاء اللوم عليه...مطحنة لا نهائية، حتى المؤسسات الدولية لا تريد السلام، فهي تلقي بالمسؤولية على بعضها البعض. الدولة الفلانية تطلب من الدولة الاخرى فعل كذا والمؤسسة الفلانية تطلب من المؤسسة الاخرى فعل كذا، لا احد جدي كفاية.

الناس ايضا تحب الانتقاد من اجل الانتقاد، كل شخص في هذه المعمورة مستعد ليعطيك لائحة بالامور التي يلزم صلحها وتعديلها من وجهة نظره، لكن نادرا ان تجد شخصا ما يثني على شيء ما ويقول اوه هذا جيد.

وكما قال احدهم...القهوجي مثلا يستطيع ان يريك عيوب الحكومة ورئيس الدولة والسياسة العالمية وكيف يجب على الفريق الرياضي الفلاني ان يلعب والخطة التي يجب اتباعها وكيف يجب ان يكون النظام التعليمي والصحي وكيف ان جاره اخطا عندما امضى عطلة الصيف في المكان الفلاني فقد كان عليه الذهاب لمكان اخر ووو، لكنه احيانا لا يحضر القهوة بالشكل المطلوب!

طبعا هذا ليس انتقاص من القهوجي او اي شيء، فتلك وظيفته وان اراد يمكنه تغييرها ويعيش اي دور اخر يريده مهما كان حتى لو رئيس دولة

لكن يجب ان ننتبه لشيء معين، كل ما يحدث معنا هو نتاج اعمالنا فقط، ما يحدث معنا سواء كان جيد او سيء هو نتاج خياراتنا، وفقط! بعلمنا او بغير علمنا... بالطبع، القلة القليلة الذين يولدون بامراض او اعاقات او يتعرضون لحوادث وهم مازالو صغار خارجون عن هذا التصنيف، انا اتحدث عن الاشخاص الراشدين العاديين، عندما اتحدث عن المسؤولية ونتاج اعمالنا فانا اتحدث عن وضعك العام في الحياة، مستواك المادي والمالي، هل انت تعيس ام سعيد، ناجح ام فاشل، وغيره، وليس عن التفاصيل الدقيقة اليومية التي تتعرض لملايين المتغيرات، قرصة بعوضة او حشرة او افعى لك او تعرضك للسرقة في الشارع قد تكون امور خارجة عن السطرة ولا يمكن فعلا التحكم فيها، وفي الحقيقة حتى هذه الامور يمكن تجنبها ان كان هناك انتباه ووعي تام بالمحيط حولنا وحركتنا ودوافعنا ووعينا الداخلي.

يجب ان نقبل حقيقة ان حياتنا هي مسؤوليتنا 100% بشكل كامل، لأنه ان لم نفعل ذلك وفي اللحظة التي نقول فيها ان حياتنا هي تحت سيطرة احداث عارضة خارجية، واشخاص اخرين وغيره...في هذه اللحظة نكون تخلينا عن مستقبلنا وعن ما نريده، لانه ببساطة هذه رسالة لذاتنا الداخلية باننا لا نستطيع فعل اي شيء ونحن تحت سيطرة الخارج وبالتالي وصولنا او عدم وصولنا لشيء ما لم يعد قرارنا.

عودة للازمات والاحداث المأساوية..
من يريد فعلا ايقاف الحرب او اي انواع من الاحداث المأساوية يمكنه فعل ذلك بطرق ممنهجة وعقلانية مدروسة واضمن لك ان اراد الناس السلام العالمي في هذه الارض فسيتحقق بشكل سريع في غضون ايام.


الناس نيام، مخدرات الدين والعقل اللاواعي وغيرهم تتحكم بكل ما يجري هنا.

الان السؤال، لماذا استجابة العقل للاحداث السلبية اكثر من الايجيابية؟ هل هذا راجع لطبيعته ام فقط البيئة التي ينشأ بها الإنسان؟ هذا سؤال يبقى لوقت أخر في مبحث أخر...


إن اول خطوة للتحرر من كل هذا الهراء، ان كان الشخص فعلا صادق..

هي ان يكون صريح وواضح كجوهرة ماسية شفافة او مياه بحيرة نقية قرب الجبل في الصباح الباكر

طرح سؤال لماذا لعدة مرات كافي بان يريك حقيقتك وحقيقة العالم في دقائق معدودة

7 او ثمانية مستويات من سؤال "لماذا؟" او اي رقم كان، المهم ان تستمر حتى الوصول للجذر

مثال:

*انا اريد شراء سيارة جديدة.
-لماذا؟
*لانها تعطيني بريستيج اجتماعي وشعور بالفخامة وايضا لانها سريعة ومريحة
-لماذا اريد البريستيج الاجتماعي وشعور الفخامة والسرعة والراحة؟
وهكذا تستمر بطرح سؤال لماذا لتعرف جذور واصل رغباتك ولماذا هي هنا


واياك ان تكون غبي، انا لا اقول لك هنا لا تشتري سيارة او لا تعش مرتاحا، بالعكس، اريد ان تعيش عيشة ملوك، لكن انا ادعوك فقط لان تكون شجاعا وتطرح الأسئلة لكي تعرف من انت ولماذا ترغب بما ترغب به، وهذا بحد ذاته كفيل بتحريرك


وعلى ذكر الرغبات

هنا عمى واضح عند معظم الناس

فهم يخلطون بين انفسهم وبين الرغبات

وعادة ما تسمع


1-أنا ارغب بالشيء الفلاني

2-انا احب اللون الاخضر

3- انا اريد كذا

كل هذه الجمل وشبيهاتها هي محض هراء خالص

فالرغبات اصلا ليس نحن من يصنعها

هل كنت جالسا يوما ما وقلت مع نفسك، حسنا الأن سارغب بشراء سيارة جديدة، ساخلق هذه الرغبة!

لا لم تفعل، الرغبة فجاة ظهرت هناك انبثقت من اللاوعي وانت مجرد عبد مغلول سيتبع الرغبة ويحاول تحقيقها

حتى ما يسميه الناس بالحب، سواء كان ذلك اطعمة معينة، او ازواجهم او اطفالهم او ايا كان في هذا العالم، انت لا تحب شيء! ذلك الشيء او الشخص الذي تظن انك تحبه حدث وان قام بتوليد شعور لذة عالي فيك، ومع الوقت تم ربط الشعور الجميل بذلك الشيء او الشخص، انت لا تحب الشيء بحد ذاته فهو محض وسيلة للوصول الى شعور المتعة...

نفس الشيء يحدث مع الاشخاص الذين يسميهم المجتمع مرضى نفسيين، اشخاص عاشو ظروف معينة جعلتهم يشعرون بالمتعة عندما تحدث اشياء يعتبرها الناس عادة مقززة او مظلمة او شريرة

لا! هؤلاء الاشخاص ليسو مرضى، انهم مثلك تماما، فقط الشيء او الشخص الذي يعطيهم متعة مختلف عن الاشياء التي تعطيك متعة، المتعة واحدة وهي هدف الجميع، وتعددت الطرق.

وكما قلنا، ان كانت الرغبات قادمة من المجهول والبشر عبيد لها...

فما طبيعة او ماهية الارادة وهل هناك حرية ارادة اصلا؟ هل البشر روبوتات بيولوجية؟

نعم هناك حرية ارادة واختيار، لكن فقط ان استفقت وأنرت ظلمات اللاوعي، غير هذا انت مجرد قطعة خشبية تتقاذفها امواج محيط اللاوعي المتلاطمة


ومجددا، هذا لا يعني قتل الرغبة وان لا ترغب باي شيء، ستكون غبيا ان فعلت هذا، ومكانك عندها بالقبر، فهناك فرق بين الرغبة وتحقيق امور تافهة تمت برمجتك عليها وهي ليست رغبة ولا ترقى لها بل مجرد دوافع قسرية وبين الرغبة في التحرر والنمو والانعتاق

العقلانية والتفكير المنطقي سيحررك، فقط كن واضح بشكل كامل، حتى لو كنت مجرم، اكمل جرمك، فقط كن واضح مع نفسك انك فعلا مجرم او سارق او تفعل الشيء الفلاني من اجل كذا.
 
السبب الحقيقي في تعطيل الإدراك والتفاعل الروحي العميق
هناك خطأ نرتكبه جميعاً أثناء تعلمنا للطريق الروحي ، خطأ يمنع عنا إدراك الحقيقة والوصول لتقدم في مستوانا ، سواء اثناء التأمل أو الصلاة أو الفن ، أو التمارين الطاقية الحركية أو الطقوس والشعائر ... إنه السبب الحقيقي في أنك قد تقضي فعلياً عشرين سنة تحاول أن تتعلم كيف تصلي أو كيف تتأمل دون جدوى.

الخطأ هو : أنت تقوم بالأعمال الروحي ، وأنت ترتدي نظارة سميث ( الواقعية والحث التفاعلي مع العالم المادي ) ...

اخلع نظارة سميث أولاً ثم صلي أو تأمل أو حتى تفاعل بشكل طبيعي وعفوي مع البيئة ، لأنك أثناء ارتدائك لنظارة الواقعية تتشتت إدراكياً عن الحضور الحيوي للروح في زمنك ، أنت تركز مثلاً على نتيجة ، ولكن التركيز على النتائج ينسيك التركيز على الفعل المؤدي لها.

تعرف بسهولة أعراض هذا الخطأ ، حاول أن تفهمها حتى تتجنبها ... أولاً تركز على أن تصل لنتيجة ، هذا تصور ذهني ، توقعك نفسه انشغال ... مثلاً تتوقع الوصول للحظة استرخاء عميق بطريقة حسابية أو تراكمية ... تتصور اللحظة ، تتصور الصعوبات ، تتصور الكيفية لحدوث ذلك ، ولكنك لا تراقب نفسك أو فيزيولوجياك ، ولا تحس بجسدك أو بالبيئة ، أنت منشغل في التصور ، وتعتقد أن هذه الاشياء موجودة ( هناك ) وهناك مسافة تفصل بينك وبينها ستقطعها أثناء التدريب...

المسألة نفسها تتكرر عندما تصلي ... تتصور كيف يجب أن تكون الصلاة الصحيحة ، تتصور كيف ينظر الله لك ، تتصور كيف ينظر الناس لك ، هذا كله مجرد إشارات دماغية فوضوية لا تحمل أي ثقل وجودي أو دلالة روحية ، يعني سواء كنت تتعامل مع هذه الصور باكتراث عميق وضمير حي أو بلامبالة، فهي مجرد لغو كلام ذهني عابر ... لن يقدم لك شيئاً واقعياً.

بل على العكس ، تقف حائلاً بينك وبين الحقيقة ...
{( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ )}

الصلاة الصحيحة هي صلاة المذاهب الباطنية ، لأن الصلاة في وسط مزدحم تنطوي حتماً على فقدان بعض الحقيقة ، ورغم أنها تهدئ النفس الصادقة ولكن هناك شيء من الواجب والنظر إلى الآخرين ، وهذا سيكون حاجزاً لك شئت ام أبيت ...

هذا يجعلك تركز على مجال ذهني ، والمجالات الذهنية تبعدك عن الحقيقة والوجود ، وعن ذاتك أيضاً وهذه هي نفس أعراض تعزيز إفراز الدوبامين ( تحديد مسمى علمي قد يساعدك في الملاحظة أكثر ، ولكن الدوبامين هو المشهد المنظور لما يحدث في نفسك فحسب ) ، ومن المحزن أننا لم نفهم بالضبط كتاب طريقة السيد بسبب هذا الموضوع بالذات ، نحن نعتقد أن التدريب الروحي يتم بنفس الطريقة التي تدرب بها جسدك المادي ، والمسألة كلها مجرد عناد ومثابرة ومنهج دقيق.

إذا كنت تعتقد أن خالق الكون سيسمح لك بالحصول على قوة مطلقة فقط لأنك تقضي ساعات في التدريب اليومي ، بينما أخلاقك لا تتناسب مع الحصول عليها ، وأنت لا تستطيع الهدوء والتماسك ، أو لا تستطيع فهم ما يجدر بك فعله بها ، فانت واهم ، الذي خلق هذا الكون وسمح لك بالفرصة بحيازة الأسرار العليا يعلم أنك يجب أن تتهذب أولاً ، ولذلك وحّد الأسرار العليا والقوى العظيمة بالمشاعر النبيلة والصافية والصادقة ،فكانت النوايا هي الاساس لكل ممارسة حيوية هادفة.

{( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ )}​

بالعقل والتفكير المنطقي ، أنت كشخص مؤمن وتقرأ كتاب الله ، هل تعتقد أن الله سيخبرك أن لا تقرب الصلاة وأنت سكران من المشروبات الروحية ؟ أصلاً لماذا تصلي إذا كنت سكراناً ، وهل ستتذكر وأنت سكران أن الله يأمرك بأن لا تصلي وأنت سكران ؟

{( لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ )} ... ما هو فهمك لهذه الآية ؟

الله يدلك على المعنى والمعنى يحتاج إلى وعي ، واللغة تدلك على التصورات والمفاهيم ، والتصورات والمفاهيم لا تحتاج إلى وعي ، لأنها غير حقيقية.

السكرة التي يقصدها الله هي سكرة العقل الذي ينشغل عن زمن الحقيقة الحاضر الآن إليه بزمن آخر يتوهمه ويسعى إليه كصورة بعيدة ، أو يغرق فيه كما يغرق المهلوس في بحر الوهم.

لذلك رغبت أن تتنبه إلى هذه النقطة أيها القارئ الكريم ، أنت لن تستطيع أن تمارس ممارسات روحية حقيقية وناجحة إلا بقدر تحررك من سكرة العقل بالتصورات الذهنية ، وتواجه الحقيقة كما هي عليه بالضبط.

هذا موضوع مختلف عن ما يعتاده الناس ... هم يعتقدون أن المهم هو (القيام بالفعل) ولكن الله جعل (حيوية الفعل) مقدمة على تحقيقه الظاهري ، كحيوية تفسيرك للقرآن الكريم ، كحيوية صلاتك ، لن تنفعك صلاة الليل ، وأنت ترتدي نظارة سميث ، يجب أن تعلم بطريقة ما أن الانتماء الديني على الهوية وفي المجتمع ، والطقوس التي تمارس علانية كلها ضد السعي الروحي الحقيقي ، ربما هي مفيدة في ترويض قباحة العقل الجمعي حين يصبح واقعياً تماماً ، لذلك يحتاج إلى التعامل معه بطريقة مخيفة وواجبية ، ولكن الأمر مختلف عنك ك(ذات حية) ... يجب أن تكون لطيفاً مع ذاتك ، يجب أن تحب زمنك .. إذا لم تحب زمنك وذاتك لن تتصل بهما حيوياً ، وبالتالي سيبقى الحاجز النفسي بينك وبين ذاتك من جهة ، وبينك وبين الوجود من جهة وأنت تحيا في أوهام عقلك طوال الوقت ويتغذى الواقع عليك.

إذن قبل أن تصلي أو تتأمل ، احرص على ان تحس بالرغبة والهدوء ، والصحوة والتركيز العميق ، وأنك لا تطلب الصلاة لأجل تحقيق مآرب أخرى ، وإنما تريد أن (تحيا الصلاة) وتحيا روحك في تجربة التأمل وتتصل بالحقيقة لأنك محب لها ...

ركز جيداً انك حين تتحدث عن أمور مثل (الهدف) و (المنهج) و (الوقت) و (الصواب) و (الخطأ) فأنت تستخدم نظارة سميث ، لأن هذه معاني محددة جداً وضيقة الأفق ، لا يمكنها مساعدتك للوصول غلى إدراك عميق .

في حالة الإدراك العميق تبدأ رحلتك في كشف معاني أخرى أن لم تكن تشعر بها ، فالكلمات التي كنت تستخدمها في حياتك اليومية في حقلها الدلالي العادي أصبحت تستخدمها في معاني رحيبة جداً بحيث تبدو أحاديثك أشبه بالجنون.

هذا هو ما يجعل الشاعر أو الفنان يستخدم الرموز بطلاقة وبلاغة ، فهو يرى معاني بعيدة عن مجال الرؤيا الخاص بالواقع الموضوعي ، مثلاً حين نتحدث عن "الدماغ" فهو يعني بالنسبة لك شيئاً عضوياً يمكنك تخيله حسياً ن ولكنني من حيث إدراك ينتمي لمستوى غير الظاهر الموضوعي ، أرى في الدماغ أسئلة لا يمكن أن يكون لها معنى في الرؤية الظاهرية ، وليس فقط أنه لا يوجد لها إجابة ، مثلاً لماذا الدماغ له هذا الشكل الهندسي بالذات ؟ لماذا الدماغ يرتبط بالوعي رغم أنه لا يختلف عن بقية أجزاء الجسد مادة ، لماذا الدماغ له هذا الاسم .. هل هي صدفة أم تقدير عميق جداً يتخطى حواجز الزمن ...

عندما نتحدث عن معاني مثل ( الحياة - الوجود - الحقيقة - الروح - الزمن - الإدراك ) فنحن نشير إلى موضوعات غير مادية ، وبنفس الوقت غير شاعرية ، أي أنها ليست محض عواطف أو خلجات للوجدان ، هي حقائق ذات وجود أعلى من المستوى القابل للفهم موضوعياً ، وهذا يعني أن البحث عن معاني وإدراك هذه الكلمات هي البوابة الصحيحة للخروج من عتبة الواقعية نحو العالم الروحي.

ممارساتك الروحية لا تهدف إلى تحقيق تطور كمي أو وصول لدرجة محددة بدقة ، ولكن إلى أن تعكس ذاتك الحقيقية في تجلي بعد أن تكشف من تكون أصلاً ، وما هي الحياة وما هو الوجود ، وما الزمن وما النفس والمكان والحقيقة والقيم ... ما معنى كائنيتها وما معنى كائنية المادة التي ترصدها ... حدود كل منهما كما تتبدى إلى إدراكك مباشرة هو البوابة الصحيحة لعيش الحضور.

التدريبات الروحية لا شيء أكثر من تحرير إدراكك وتعليمك كيف التفاعل الحيوي مع الزمن ومع الوجود .. وكل فكرة تطرأ عليك في تقييم نفسك أو تقييم الوجود ستكون عقبة تحاول إعادتك إلى نظارة سميث بعد أن تحررت منها ، والحل الوحيد هو الهدوء والتركيز دائماً على الحضور ... وعلى الفعالية وإهمال النتيجة والتوقعات ، بالأحرى أنت تنتقل من شخصية إلى شخصية أخرى ومن وعي إلى وعي آخر مختلف تماماً ، انت هنا الصغير ... حين تتأمل حق تأملك تبدأ تكون الكبير ، إذا لم تحس بهذا الفرق بين الكينونتين ولو على نحو بسيط فأنت لا تتأمل ولا تتنفس ، ولا تصلي ...

هنا تكمن أهمية الفن في النمو الروحي ، الروح لا تتغذى على الواجبات ، قدم لها محبتك وستقدم كل شيء ... الروح كريمة ، ولكن الواقع يجرحها وحين تجرح تصنع حواجز منيعة يصعب على أي كائن تخطيها ...

هذه أهمية الخلوة الكبرى ، إنك تتعلم المحبة الحقيقية في الخلوة ، إنك تواجه الخوف ليس لأنك شجاع ، بل لأنك محب ، تواجه ضعفك ليس لأنك قوي جسدياً أو نفسياً ، بل لأنك محب ... هذه القوة لا يمكن كسرها وحتى ولو كسرتك الأيام يمكن للروح أن تستعيدك إليها بالمحبة الصادقة.

في اثناء خلوتك احرص على ترك كل القواعد جانباً بما فيها انتماءاتك ، وتعلم أن تتعامل فنياً مع حياتك ...

ولكي يكون التأمل حقيقياً فيجب أن تتجرد من ثلاثة قيود : المعرفة المسبقة ، التي تشمل التقنيات والصلاحيات والأهداف الممكنة التحقيق من التامل ... التركيز على النتيجة ونسيان العمل وبالتالي قطع الصلة مع الآن ومع ذاتك ... التقييم المستمر الذي لا يفعل أي شيء سوى غحباطك أو إيقافك المتقطع بأحسن الأحوال...
 
التعديل الأخير:
هذا الكلام يذكرني باصرار الحلبي على ضرورة عودة الروح الى مرحلة الطفولة للاستنارة و مثالا على ذلك انستازيا.
 
هذا الكلام يذكرني باصرار الحلبي على ضرورة عودة الروح الى مرحلة الطفولة للاستنارة و مثالا على ذلك انستازيا.

نحن أطفال رباهم المجتمع بشكل غير الذي تنموا الأرواح عليه، فبقوا أطفالاً من الداخل وتشوهت تعبيراتهم الخارجية في محاولة ليكونوا كباراً قبل أن يكبروا...
ورحلة الروح تبدأ بالتخلي عن الشكل الذي أرغمنا المجتمع والعقل على التكون فيه.
علامة الطفل هي التطفل، العيش معتمداً على وجود الآخرين معه وتفاعل المجتمع ، وعلامة الكبير هي الاستغناء عن الآخر وتقبل الخسارة... لذلك تبدأ الأطفال تكبر بالخلوة ,,,
 

المره الأولى التي اطلعت فيها على مفهوم أننا نتاج أفعالنا ونوايانا وكل ما يجري لنا حتى من من قد يبدوا عليهم أنهم ضحايا لا ذنب لهم هو بما أقترفته أيدينا كان في كتاب حديث مع الله لدونالد والش وكانت المعلومه صادمه, قاومتها بعنف وتركت الكتاب لفتره في حاله غضب من الكاتب, كيف له أن يقول أن ضحايا الحروب والتعذيب والقتل وكل الماسي هم الناس أنفسهم؟ هل يعقل أن نزيد معاناه هؤلاء الأبرياء أننا نلقي عليهم اللوم أيضا ! هذا ما جعلني أبحث في الفلسفات المختلفه لأجد حلا لهذه المعضله, لا أنكر أن المفهوم الإسلامي المتمثل في أن هذا قدر الله وقد كتب سلفا لنا ولا إعتراض على حكمه رغم كونه غير منطقي بالنسبه لي إلا أنه يضفي حاله من الطمأنينه والتمسك بشي ما في وسط هذا العالم الموحش فهو حتى لو كان كلاما فارغا وغير منطقي إلا أنه يشعر صاحبه ببعض الهدوء وأن هذا الألم كله مطلوب حتى أرتاح في الحياه الأخرى, فلسفه الحيوات قد تعطي أيضا تفسير أخر أننا نتاج ما قمنا به في حيوات وازمنه سابقه وهي كارما علينا دفعها الان.

أعتقد أني كغيري من من نشأ في بيئه إسلاميه عربيه وخصوصا حقبه الثمانينات والتسعينات والتي شهدنا بها قهر وقمع وماسي للشعوب العربيه تربينا على المقاومه ونصره المظلومين والكثير من تلك الشعارات
ولكنا لم نلتفت ولو قليلا إلى أخلاقنا وتسامحنا ومحبتنا للغير وللحيوانات ولا إلى تطوير أنفسنا روحيا ( تطور حقيقي وليس الشكليات التعبديه) ونفسيا ومهنيا واجتماعيا وغيره

هل توصلت إلى فلسفه تريح قلبي بشأن ما يحدث في العالم وما يحدث فيها للناس؟ طبعا لا وربما لن أصل أبدا !

ولكني مدرك لمدى قوه وسطوه أفعالنا الباطنيه فقط عند الإطلاع على أعمال يونج يدرك المرأ مدى عمق وغموض وفي الأغلب بشاعه النفس البشريه ولا يمكن الحكم على الظواهر أبدا
أتفق جدا مع ما قاله @سيد الأحجار السبعة أن المعركه الحقيقه هي معركه الوعي الداخليه قبل الخوض في أي صراعات خارجيه تافهه !

وذكرني هذا بحديث لي مع صديق سلفي قبل سنوات طوال كنت وقتها ميالا جدا للفلسفات الباطنيه, قال لي وقتها يا رجال هذه الفلسفات محض هراء ولا علاقه لها بالواقع, لا يمكنك أن تبني مجتمعا ودوله بهكذا فسلفيات خرافيه
وهي ليست عمليه في تطبيقها حتى تدير أمور الناس في هذا العالم المادي, يجب أن يكون هناك جهد مادي ومقاومه وحرب في أوقات حتى ينتصر الخير على الشر
مهما كانت طريقه عمل هذا الواقع فأنا لا أستطيع إلا أن أشعر بالحزن على كل من يعاني سواء إنسان حيوان أي كان ولا أدري هل هو قام بشكل واعي أو غير واعي بجلب هذا البؤس لحياته !

 
ضحايا الحروب والتعذيب والقتل وكل الماسي هم الناس أنفسهم؟ هل يعقل أن نزيد معاناه هؤلاء الأبرياء أننا نلقي عليهم اللوم أيضا !

هذا نصف الحقيقة الذاتي ، ونصفها الموضوعي هو أن العالم المادي نفسه فيه شر أصيل ، ولا يمكن إزالته من خلال أي أخلاقيات موضوعية أو قوانين من أي نوع، الحل الوحيد هو مغادرة هذا العالم إلى عالم آخر ، له تكوين آخر مختلف بكل المعايير.

لنقل وبصراحة مع النفس : نحن لم نخلق الشر ، ولكن وبكل تأكيد، نحن اخترناه سواء اختياراً مباشراً أو بالموافقة على قاعدة تتضمن الشر في طياتها بسبب بريقها الكذاب.
فلا يعني وجود الشر بذاته أن نلقي اللوم عليه ، سوء تقديري واختياري هو فعلي كذات ، أنا الذي يجب علي تحمله ، ليس الشيطان ، ليس جورج بوش ، ليس إبليس ، ليس الماسونية ... هذا قرار اتخذته بذاتي ومهما كان عاقبته أنا الوحيد الذي يجب تحمله ، أنا الوحيد الذي قرر التفاعل معه وتقبل شروطه ، كان يمكن أن لا أقرر ، أن لا أتفاعل.

نعم هي حقيقة ، الشيطان موجود ونكرانه نكران الحقيقة ،لأنه نقيض الحقيقة في العالم الموضوعي فمن لم ير الشيطان كأنه لم ير النور ، لأنه لا يدرك الفرق بينهما ، ولكن هذا لا يجعل الشيطان شماعة نلقي عليها أحمال خطايانا.

قديماً كان الناس يلعنون الشيطان كلما أخطؤوا أو ارتكبوا معصية أو حلت بهم مصيبة ، كان الشيطان هو الشماعة الموحدة للعالم ، اليوم أصبح الكون هو الشماعة ، الحياة عبث ، الوجود ظلامي ، الزمن هو السبب ، الدهر ... بل يتجرأ الشخص ليقول لماذا يخلق الله الشر ويبتليني به ؟
حسناً ، حقيق بنا التساؤل ولكن ليس سوء الظن بالله ... لو كان الله وهو جوهر كل النور والحياة يريد الشر بنا لأجل الشر نفسه فمن يبقى ليريد الخير الخالص أو ليكون نقياً ؟ هل أنت الذي ستريد الخير بنقاء ؟ هل الناس هم الذين سيريدونه ... إذا ظننت بالله ظن السوء فمن ستثق به بعدها ؟

حتى نفسك ، لن تكون مصدر ثقة بعدها لأنك تعتقد أصالة الشر في جوهر النور فتفقد ثقتك بالنور، تفقد ثقتك بالحق ، فتتساوى الأشياء حينها وهذا دلالة على أنك لم تعد تعي ما يحدث أمامك.

سوء الظن بالله ، كان موجوداً بخفاء مضمناً في نفس اللعنات الموجهة نحو الشيطان ، ولكنه كان غير واضح واليوم أصبح يتوضح ...

من الذي أوجد الشيطان ولي سبب ... هذا سؤال ولكل سؤال جواب يليق بمقامه ويتحدد ضمن طبيعة المستوى الذي تنتمي إليه كائنات السؤال ، لا يمكنني أن أجيب على سؤال كهذا وأنا أفكر أو استنتج ، بل لابد أن أخرج من دائرة هذا الوجود لأرى بالضبط الحقيقة الكبرى وأعرف ما الذي حصل بالضبط ، هذا لو كنت فعلاً أريد الجواب اليقين...
 

_______

[ تفاعل مع المشاركة لتحميل المرفقات ]

  • 1699985193239.png
    1699985193239.png
    507.1 KB · المشاهدات: 37
  • 1699985106345.png
    1699985106345.png
    515.8 KB · المشاهدات: 38
  • 1699985013801.png
    1699985013801.png
    521.8 KB · المشاهدات: 36
  • 1699984945292.png
    1699984945292.png
    497.8 KB · المشاهدات: 35
  • 1699984897494.png
    1699984897494.png
    483.8 KB · المشاهدات: 40
  • 1699984840349.png
    1699984840349.png
    488.1 KB · المشاهدات: 37
  • 1699984765751.png
    1699984765751.png
    462.1 KB · المشاهدات: 26
  • 1699984718931.png
    1699984718931.png
    378.1 KB · المشاهدات: 37
  • 1699984643743.png
    1699984643743.png
    448.6 KB · المشاهدات: 33
  • 1699984590026.png
    1699984590026.png
    453.7 KB · المشاهدات: 26
  • 1699984503763.png
    1699984503763.png
    392.8 KB · المشاهدات: 32
  • 1699984455381.png
    1699984455381.png
    381.1 KB · المشاهدات: 31
  • 1699984413199.png
    1699984413199.png
    373.1 KB · المشاهدات: 30
  • 1699985252148.png
    1699985252148.png
    496.1 KB · المشاهدات: 33

المره الأولى التي اطلعت فيها على مفهوم أننا نتاج أفعالنا ونوايانا وكل ما يجري لنا حتى من من قد يبدوا عليهم أنهم ضحايا لا ذنب لهم هو بما أقترفته أيدينا كان في كتاب حديث مع الله لدونالد والش وكانت المعلومه صادمه, قاومتها بعنف وتركت الكتاب لفتره في حاله غضب من الكاتب, كيف له أن يقول أن ضحايا الحروب والتعذيب والقتل وكل الماسي هم الناس أنفسهم؟ هل يعقل أن نزيد معاناه هؤلاء الأبرياء أننا نلقي عليهم اللوم أيضا ! هذا ما جعلني أبحث في الفلسفات المختلفه لأجد حلا لهذه المعضله, لا أنكر أن المفهوم الإسلامي المتمثل في أن هذا قدر الله وقد كتب سلفا لنا ولا إعتراض على حكمه رغم كونه غير منطقي بالنسبه لي إلا أنه يضفي حاله من الطمأنينه والتمسك بشي ما في وسط هذا العالم الموحش فهو حتى لو كان كلاما فارغا وغير منطقي إلا أنه يشعر صاحبه ببعض الهدوء وأن هذا الألم كله مطلوب حتى أرتاح في الحياه الأخرى, فلسفه الحيوات قد تعطي أيضا تفسير أخر أننا نتاج ما قمنا به في حيوات وازمنه سابقه وهي كارما علينا دفعها الان.

أعتقد أني كغيري من من نشأ في بيئه إسلاميه عربيه وخصوصا حقبه الثمانينات والتسعينات والتي شهدنا بها قهر وقمع وماسي للشعوب العربيه تربينا على المقاومه ونصره المظلومين والكثير من تلك الشعارات

ولكنا لم نلتفت ولو قليلا إلى أخلاقنا وتسامحنا ومحبتنا للغير وللحيوانات ولا إلى تطوير أنفسنا روحيا ( تطور حقيقي وليس الشكليات التعبديه) ونفسيا ومهنيا واجتماعيا وغيره

هل توصلت إلى فلسفه تريح قلبي بشأن ما يحدث في العالم وما يحدث فيها للناس؟ طبعا لا وربما لن أصل أبدا !

ولكني مدرك لمدى قوه وسطوه أفعالنا الباطنيه فقط عند الإطلاع على أعمال يونج يدرك المرأ مدى عمق وغموض وفي الأغلب بشاعه النفس البشريه ولا يمكن الحكم على الظواهر أبدا

أتفق جدا مع ما قاله @سيد الأحجار السبعة أن المعركه الحقيقه هي معركه الوعي الداخليه قبل الخوض في أي صراعات خارجيه تافهه !

وذكرني هذا بحديث لي مع صديق سلفي قبل سنوات طوال كنت وقتها ميالا جدا للفلسفات الباطنيه, قال لي وقتها يا رجال هذه الفلسفات محض هراء ولا علاقه لها بالواقع, لا يمكنك أن تبني مجتمعا ودوله بهكذا فسلفيات خرافيه

وهي ليست عمليه في تطبيقها حتى تدير أمور الناس في هذا العالم المادي, يجب أن يكون هناك جهد مادي ومقاومه وحرب في أوقات حتى ينتصر الخير على الشر

مهما كانت طريقه عمل هذا الواقع فأنا لا أستطيع إلا أن أشعر بالحزن على كل من يعاني سواء إنسان حيوان أي كان ولا أدري هل هو قام بشكل واعي أو غير واعي بجلب هذا البؤس لحياته !

احد مشكلتنا كبشر هي اننا نفكر و نرى حقيقة و طبيعة الوجود بنظرة بشرية

يبدو الأمر غريب، مريب و محير اليس كذلك


استيعابنا للوجود محدود و ضيق بسبب طبيعتنا ككائنات حية ولا اظن سيوجد كائن حي عادي يمكنه فهم الوجود على حقيقته


إن سألت احد عن ما هي الألوان فستكون الاجابة العادية هي : احمر ازرق اصفر اخضر الخ



لكن ان سألته عن ما هي طبيعة الألوان فماذا ستكون الإجابة ؟ لا اقصد جوهرها لكن القياس العلمي لها

كما هو مذكور هنا فالألوان هي نتيجة استقطاب حاسة البصر للضوء المنعكس من الأشياء وتحليل الصورة ونقلها مباشرة للدماغ بدون الدخول في التفاصيل
الألوان هي مجرد ترجمة لجزء صغير من الطيف الكهرومغناطيسي، توجد اشياء اخرى كثيرة لا نراها مثل اشعة X، اشعة غاما، الأشعة فوق البنفسجية... الخ
السؤال هنا، هل ذلك الشخص كان يسلم بحقيقة وجود الألوان كوجود حقيقي متأصل في نظام الكون ؟
هل كان مدرك أن الألوان التي يسميها الأحمر و الأخضر و الأصفر هي مجرد جزء من الطيف الكهرومغناطيسي يستطيع ترجمته لا إدراك حقيقته ؟ الجواب واضح بالفعل

اذا بالتأكيد ستتسائل عن ما امر هذا الكلام الغريب وما علاقته بالموضوع، في الحقيقة هذه مقدمة و المقدمة ذات اهمية كبيرة في طرح الأفكار
مما طرح في تلك المقدمة الإنسان يصدق بوجود مفاهيم و افكار خاطئة و يصدقها ظنا منه ان هناك دليل يقين عنها و جلبت مثال على ذلك و هذا الخطير في الأمر
نفس الشيء يتعلق مع مسألة الألم و المعاناة، الألم سواء الجسدي او النفسي هو مجرد نتاج لظواهر و عمليات على المستوى المادي يصل تأثيرها لمستويات اخرى كالمستويات النجمية

نفورك من الألم والمعاناة مجرد طريقة و نظام تحمي به نفسك لا إراديا ووجوده مقتصر على المستوى المادي و طبيعة جسمك الفيزيائي

الألم الجسدي هو فقط تفاعل الأعصاب في جسمك، مثل منبه ينبهك لوجود خطر والألم النفسي هي كيمياء في الدماغ

اذا وصلت لمرحلة الموت ومتت هل ستبقى تشعر بالألم الجسدي او النفسي ؟ لا بل على الأرجح ستتحول لشكل اخر، بإنهيار جسدك الفيزيائي ستنهار اقسامك الخفية الأخرى وتبقى انت مصيرك مجهول اما تتخذ شكل اخر او تتحلل في الوجود او شيء اخر ( بدون ادخال طريقة البقاء بدون جسد فيزيائي )

اذا المعاناة هي فقط شيء موجود ليبقيك حيا لا اكثر، ان كنت تعيش بدون احساس بألم فستموت بسرعة، وهي شيء وهمي نابع منك انت فقط الانسان
السعادة نفسها لا معنى لها بدون المعاناة، عالم كله سعادة و سلام سينتج فقط الضعف و الركود عدم وجود معنى للحياة او طعم لهذه السعادة التي هي اصلا زائفة من الأساس، المعاناة مهمة

الجهل بوهمية السعادة و المعاناة و الخير و الشر و التسليم بوجود هذه الثنائيات هي سبب للشعور بالمعاناة اصلا و من يحددها ويعطي لها تعريف ويقسمها هو الإنسان نفسه وليست نظام راسخ في الكون، انظر للأمر بدون الوقوع في الإنحياز التأكيدي وبنظرة خارجة عن وهمية الجانب البشري

فحتى الإنسان الذي تراه في قمة اللطف و الحسن فستجده يظلم و يحسد و يحيك مؤامرات، و حتى المتسول المتشرد بلا مأوى او غذاء فقد لا يمانع في اغتصاب شخص ما ان وجد الفرصة
(اظن ان شرحي يحتاج لشرح لذلك اعذروني ان وجدتم صعوبة في فهم ما اكتبه فما زلت يرقة)

لكن ان كنت مسلم تؤمن بالآخرة و العقاب و الثواب و عدالة الله فأظن قم بضرب كل ما كتبته انا في الصفر و انساه ههههه
 
كلامك هذا يا @Mercurius يعني أنك لم تعي أي شيء من الذي قلته في هذا المقال ... للأسف

لا زلت تعتقد أن الحقيقة منوطة بتفوق قدرتك الجسدية والعقلية ، هذا يعني أن مفهومك عن الحقيقة لا يزال مفهوماً تقنياً ولا تزال ترتدي نظارة العميل سميث ^_^

حتى ولو امتلكت جسداً قادراً على عبور الزمن الموضوعي وعقلاً قادراً على محاكاة كافة عمليات الكون ، هذا شيء والحقيقة شيء آخر ... هذا في واد والحقيقة في واد بعييد ....

التشكيك يبدأ من شكك بعالمك ، وليس من شكك بمعرفتك عن العالم ... يبدأ من محاكمة افتراضاتك الأساسية عن الوجود ، وليس من محاكمة نتائج هذه الافتراضات ، التشكيك اسمه التقني هو ( النقد الترانسندنتالي المتعالي ) ، فكرتك عن الحقيقة أنها تتعلق بقدرتك الجسدية ، إهانة للحقيقة يا بُني ...

معرفة الحقيقة ليس شيئاً يعتمد على قدراتك الجسدية على الرصد ، أو قدراتك العقلية على تأويل الرصد ، لأن الحقيقة قبل كل شيء ، يجب أن لا تكون مفارقة لذاتك.

الحقيقة ليست منوطة بالقدرات لأنها ليست هُناك ، وحتى لو كانت هُناك فأنت لن تعرفها إلى أن تتحد مع تجليها ولا يعود ثمة فرق بين (هُناك ) و ( هُنا ) ...

اتصالك بالروح هو السبيل لتحقيق ذلك ، إذا أدركت معنى الروح وأن علمها هو علم بذوات الأمور ، وأن، وبالتالي بالحقيقة ، ولأشرح لك الأمر على نحو تقني ( كما تحب ) :

الصورة التي تراها ، لا تخبر بما وراء مضامينها الحسية ، فأنت الآن ترى الافق المنظور لغرفتك ، والكائنات المادية ضمنه ، هندسة المكان ، أبعاد الكائنات الحسية ، أحجامها ، لون كل منها ، شكله المميز ، وكل هذا العالم ... يقع في الصورة التي تراها ( أو تسمعها أو تلمسها ... )

التفريق بين الصورة وبين قراءة الذهن للصورة ، بحسب معتقداته ونزعاته وعاطفته هي الخطوة الأولى نحو أي معرفة حقيقية ، وذلك هو التفريق بين الحضور والحصول ، وبين الإدراك والمعرفة ، وبين الحقيقة والافتراض.

والتجربة الإدراكية تتكفل لك بها التفريق ، وبإثبات الفرق بين ( الموضوع المُدرَك ) و ( التأويل الذهني للموضوع المُدرَك ) وتحسسك للإدراك سيرشدك إلى العلة الحقيقية في أنه غير قابل للصناعة والتزييف ، فحين تتحسسه سترى أنه ( منطلق العلم ) أي أنك تعرف معنى التزييف بعد أن تعرف معنى الإدراك ، وأن الإدراك الخالص يسبق في معناه أي معطى حسي أو عقلي يمكنك إدراكه ، وأي مفهوم يمكنك تكوينه ، إنه متحد معك ... وهو قيمة وليس تشخصاً موضوعياً ...

بمعنىً من المعاني ، بمجرد أن تبدأ بالإدراك الواعي ، ستتغير معاييرك تلقائياً .... لن تحتاج إلى مراجعتها عقلياً ، لأنك ستجد أنها تؤسس للعقل وتسبقه في الحضور إليك ، بل هو أصلاً يُعرَف عبر بوابة الحضور.

هذا يعني أنك ترى العالم ذاتياً بعد كل شيء ، اي وحتى البشر قد لا يشاركونك نفس الرؤيا ، ربما عينيك تريان العالم بمعايير تختلف عن بقية البشر وربما البشر إسقاطات في عقلك أو في نظارتك نتجت عن متغير خفي ، أي ليس لديهم وعي كما تعتقد وقد تكون ذاتك وحيدة في العالم بعد كل شيء ، سواء كانت الحياة من الأصل هكذا ، أو كنت ضمن تجربة وجودية أو شيء ليس لديك مفهوم وتسمية عنه بعد.

هذه مستويات البون الفاصل بين العالم وبينك كذات تدركه ، أنت تدرك صورة حسية لمادة في الزمكان ، مثل هذه الكتابة التي أمامك ، ولكنك لا تدرك من أين تأتي هذه الصورة ، تفترض أنها وصلت إليك من شاشة الحاسوب التي أمامك ، وتفترض أنها وصلت غلى شاشة الحاسوب من شبكة الاتصالات ، وأنني ( الغائب ) كتبتها وأرسلتها غلى الشبكة بنفس الطريقة التي أنت تكتب وترى فيها ، وتفترض أن شاشة الحاسوب وصلت غليك باسباب مادية فيزيائية ، اشتريتها مثلاً ، وثبتت في المكان أمامك وذلك حدث بعد تصنيعها ، وهذه كلها فتراضات ...

شاشة الحاسوب التي أمامك ، الشبكة ، أنا ( الغائب ) ، تاريخ كل واحد من هذه العناصر وارتباطه بمكانك وزمانك ، كله مجرد تأويل ذهني ، انت لا تستطيع الجزم به على نحو نهائي لأنك لم تشاهده مباشرة ولا تمتلك برهاناً قاطعاً على حدوثه بالطريقة التي تتخيلها.

إذا فهمنا الخير والشر من هذه الزاوية فنعم ، ليس لهما وجود خارج خيالك وافتراضك الذهني إلا كوجود العالم كما تفترض أنه موجود مسبقاً، وهذا لا يشمل الخير والشر فقط ، هذا يشمل كل شيء على الإطلاق ، وقبل الخير والشر يشمل المعارف العلمية التجريبية وتفسيرات العلم لحواسك وللصور التي تعرفها عن الوجود ، قام بوضعها علماء لا تعرف ما حقيقة نواياهم وصدقهم وهل هم واعون أم لا وهل هم موجوداً اصلاً ، وهل ما يتحدثون عنه يصف الواقع أم يصف ( رؤيتهم ) الذهنية المتناسبة مع شخصياتهم له ...

المعرفة الوحيدة التي يمكن أن تتيقن منها هي الحاضرة إليك دون عناء التفكير بما تعنيه وتخمين ما ورائها ، مثلاً ، صورة ما تقرأ الآن ، أحرفاً متراصة معاً على شيء متغير زمنياً محسوس تسميه شاشة الحاسوب ، هذا حاضر إليك ، أما مفهومك عن ما يعنيه هذا الكيان المحسوس فهذه معرفة غيابية (حصولية) ولا تملك منها اليقين النهائي.

تاريخ هذا الحاسوب، ارتباطه بألبوم صور تشبهه تسمي مجموعها "حاسوبي"، أي أنه نفس الذي رايته البارحة أو قبل سنة ، كيفية عمل الحاسوب ، ثبات كيفية عمل الحاسوب وعدم تغير قوانين الفيزياء في كل لحظة عن سابقتها ( بفرض أنك تعرفها أصلاً ) وما الذي تعنيه هذه القوانين حقاً ، هذه المعارف كلها ظنية ، المعرفة اليقينية الوحيدة هي الصورة الحاضرة إلى إدراكك (هُنا) و(الآن) ...

هذه معرفة حضورية ، هذه تعرفها بالوعي ، لا تعتمد على قدرة الجسد على الرصد ... الجسد يحدد قدرة الرصد بحسب تجهيزه ، وقد يخدعك فيما ترصده ، ولكن الصورة بحد ذاتها ، كمُعطى، بغض النظر عن تفاصيلها التقنية، ومن حيث حضورها إليك ، بغض النظر عن حقيقة الشيء الغائب الذي تنبعث منه ، هذه لم يحددها الجسد ...

وهكذا يكون للمعرفة المبنية على المعطيات الحسية مرتبة دنيا في هرم المعرفة، ثم تعلوها المعرفة العقلية ( الرياضيات والمنطق والأنطولوجيا التجريدية) ولكن أعلى مراتب المعرفة على الإطلاق، هو العلم الحضوري، وهو "حضور ذات الشيء المُدرَك للإدراك نفسه" مثل حضور الصور الذهنية نفسها إليك، أنت لا تملك الحكم على الشكل الحق للقمر، ولا على رؤية الآخرين له، ولكنك تعلم دون أدنى شك ، أن الصورة الحاضرة إليك وبغض النظر عن مصدرها، حقيقة أعلى من النقاش والمحاججة، لأنك تعلم هذا دون حاجة للإثبات، لأن الإثبات إنما يقع على الغائبات، والصورة حاضرة بذاتها وليست شيئاً بينك وبينه وساطة تحجب حقيقته، ربما الصورة تنتج من محاكاة ذهنية أو دماغية ولكنها حقيقة، وهي تخبر بالكثير، ففيها أمور أعلى من تفاصيلها، كقيمة الوجود نفسها "وجود الصورة" وقيمة الحكمة التي تحكم سيروراتها، وكحقيقة الزمن، وحقيقة التجلي الإلهي … إن هذا الانعكاس البسيط يخبر بأمور أكثر بكثير من ما تفعله جزئياته وتأويلاتها لما يقع وراءه ويصدره، إن التأويل في النهاية لا يأخذك بعيداً إلا في عالم الخيال، بينما الصورة الحاضرة إليك على بسيط صنيعها لكنها تفهّمك العالم بأسره وقوانينه العليا.

معرفتك بالله ، بذاتك، بالصور والزمن والنفس وبالوجود الذي يقابلك ويتفاعل معك، وبالحياة التي تحياها أثناء هذه الوحدة الوجودية، هذه معارف حقيقية، صادقة، مطلقة، تهديك بهدى الله إلى المنطق الصحيح في الحكم على الأشياء والنظريات والمذاهب … والأشخاص والأحداث … تحرر إدراكك من قيوده، تطهر مراياك الزمنية من دنسها … هذه المعرفة تسمى بالعلوم الحضورية ، في الغرب يوجد هناك اصطلاح مناسب يقاربها وهو Phenomenology مع بعض الاختلافات التقنية لكنهما متحدان بالجوهر.

أي أن العلم الحصولي، يشمل كل شيء تعرفه على الإطلاق، سواء كان معرفة منظمة أو عشوائية، وسواء كانت تقر به مؤسسات رسمية أو لا تقر به، كله في ميزان واحد، وميزان القسط الوحيد هو العلم الحضوري..

إذن ، هل هناك في العلم الحضوري وجود للشر والخير ؟ هنا يكمن السؤال الصحيح ... هنا يوجد كل ما يمكن أن تعرفه ..

العلوم الحضورية لا تتعلق بالأجهزة ، لأنها ليست تفاصيل متغيرة عبر الزمان والمكان ، وجود الصورة نفسه ، عندما تدركه بصمت ، ستعرف أنه لا يحمل بنية زمكانية مجزّأة ولا يحدث عبر تعاقب ، إنه يقع في زمن آخر (اتصالي) على حد تعبير وليام جيمس ، والزمن الاتصالي متحد معك، مع وعيك ، يسبق الموضوعات المادية ، ويتعالى عليها وهو مصدر ما سماه كانط بالمعرفة القبلية ، أو ما يسمى باليوغا ب(الراجا) ، أو ما يسمى بالشهود والبحران في الصوفية ....

كما ترى ، في المعرفة الحضورية يوجد شيء واحد يمكن أن يسمى الشر ، الا وهو غيابك عن حالة الحضور ... مثلاً ، عندما تحس بالحضور لا يهمك ما الذي سيحدث ولا تتوقع نتائج معينة ، ترى الوجود وكأنه جميل بكل نواحيه اللامتناهية وتحب أن تعبر في جميع أزمنته وما وراء الزمان والمكان ... وتجد أجوبة حقيقية على أسئلة حقيقية.

الشر الآن ، موضوعياً هو حالة الشتات الذهنية ( شيت = سيت = ساتان = شيطان ولها علاقة بفصل الشتاء أيضاً ) ، ووجود هذا المجال في العالم هو شر بحد ذاته ، لأنه يسمح بدخول الوعي في عالم الأحلام ونسيان الحقيقة.

وكذلك كل إنسان أو كائن تسول له نفسه أن يدخل الآخرين في حالة التشتيت الإدراكي عن الحضور ، عن طريق إغوائهم أو إخافتهم يكون شريراً ، وسترى الآن أن نيته بخلق هذا التشتيت هي بالضبط عبادة الشيطان ( أي تحقيق الشتات زمنياً والارتباط به ).

إذن هناك معنىً وجودي للشر ، إنه مجال زمني موجود في هذا العالم ولا يمكن اجتثاثه منه إلا بقوة أعلى من مستوى العالم نفسه ، كما وهناك معنىً وجودي للشيطان باعتباره هذا البرنامج الكوني المشرف على إحداث الجوات والشتات الإدراكي ، أو بالأحرى أسر الوعي في زمن الغياب ... زمن الغياب ، الوهم ، الأكاذيب ، الافتراضات ، هذا هو بالضبط الوجود الموضوعي الحقيقي للشيطان ، وهذا هو بالضبط وجود جهنّم.

إذا كنت تحيا في الحضور ، لن تحتاج غلى التجديد أو اختبار أشياء جديدة ، تطورك سيسر في اتجاه مختلف تماماً عن التطور التكيفي والتراكمي ، وكذلك لن تشعر بالملل ، لأن الملل لا ينتج إلا لحظة انفصالك عن الحضور ودخولك في زمن ذهني.

في العالم الحقيقي ليس هناك ملل ، إذ ليس هناك فراغات ... وليس هناك توقعات لأنه ليس هناك زمن ذهني ، أنت هنا والآن فقط ... ولكن هذه الهنا والآن الصغيرة هي بوابتك إلى عوالم الحقيقة ، تخبر بأمور ، يستحيل أن تكتشفها ولو قرأت كل كتب العالم وجلت الكون طولاً وعرضاً بخيالك وجسدك....
 
التعديل الأخير:
كلامك هذا يا @Mercurius يعني أنك لم تعي أي شيء من الذي قلته في هذا المقال ... للأسف

لا زلت تعتقد أن الحقيقة منوطة بتفوق قدرتك الجسدية والعقلية ، هذا يعني أن مفهومك عن الحقيقة لا يزال مفهوماً تقنياً ولا تزال ترتدي نظارة العميل سميث ^_^

حتى ولو امتلكت جسداً قادراً على عبور الزمن الموضوعي وعقلاً قادراً على محاكاة كافة عمليات الكون ، هذا شيء والحقيقة شيء آخر ... هذا في واد والحقيقة في واد بعييد ....

التشكيك يبدأ من شكك بعالمك ، وليس من شكك بمعرفتك عن العالم ... يبدأ من محاكمة افتراضاتك الأساسية عن الوجود ، وليس من محاكمة نتائج هذه الافتراضات ، التشكيك اسمه التقني هو ( النقد الترانسندنتالي المتعالي ) ، فكرتك عن الحقيقة أنها تتعلق بقدرتك الجسدية ، إهانة للحقيقة يا بُني ...

معرفة الحقيقة ليس شيئاً يعتمد على قدراتك الجسدية على الرصد ، أو قدراتك العقلية على تأويل الرصد ، لأن الحقيقة قبل كل شيء ، يجب أن لا تكون مفارقة لذاتك.

الحقيقة ليست منوطة بالقدرات لأنها ليست هُناك ، وحتى لو كانت هُناك فأنت لن تعرفها إلى أن تتحد مع تجليها ولا يعود ثمة فرق بين (هُناك ) و ( هُنا ) ...

اتصالك بالروح هو السبيل لتحقيق ذلك ، إذا أدركت معنى الروح وأن علمها هو علم بذوات الأمور ، وأن، وبالتالي بالحقيقة ، ولأشرح لك الأمر على نحو تقني ( كما تحب ) :

الصورة التي تراها ، لا تخبر بما وراء مضامينها الحسية ، فأنت الآن ترى الافق المنظور لغرفتك ، والكائنات المادية ضمنه ، هندسة المكان ، أبعاد الكائنات الحسية ، أحجامها ، لون كل منها ، شكله المميز ، وكل هذا العالم ... يقع في الصورة التي تراها ( أو تسمعها أو تلمسها ... )

التفريق بين الصورة وبين قراءة الذهن للصورة ، بحسب معتقداته ونزعاته وعاطفته هي الخطوة الأولى نحو أي معرفة حقيقية ، وذلك هو التفريق بين الحضور والحصول ، وبين الإدراك والمعرفة ، وبين الحقيقة والافتراض.

والتجربة الإدراكية تتكفل لك بها التفريق ، وبإثبات الفرق بين ( الموضوع المُدرَك ) و ( التأويل الذهني للموضوع المُدرَك ) وتحسسك للإدراك سيرشدك إلى العلة الحقيقية في أنه غير قابل للصناعة والتزييف ، فحين تتحسسه سترى أنه ( منطلق العلم ) أي أنك تعرف معنى التزييف بعد أن تعرف معنى الإدراك ، وأن الإدراك الخالص يسبق في معناه أي معطى حسي أو عقلي يمكنك إدراكه ، وأي مفهوم يمكنك تكوينه ، إنه متحد معك ... وهو قيمة وليس تشخصاً موضوعياً ...

بمعنىً من المعاني ، بمجرد أن تبدأ بالإدراك الواعي ، ستتغير معاييرك تلقائياً .... لن تحتاج إلى مراجعتها عقلياً ، لأنك ستجد أنها تؤسس للعقل وتسبقه في الحضور إليك ، بل هو أصلاً يُعرَف عبر بوابة الحضور.

هذا يعني أنك ترى العالم ذاتياً بعد كل شيء ، اي وحتى البشر قد لا يشاركونك نفس الرؤيا ، ربما عينيك تريان العالم بمعايير تختلف عن بقية البشر وربما البشر إسقاطات في عقلك أو في نظارتك نتجت عن متغير خفي ، أي ليس لديهم وعي كما تعتقد وقد تكون ذاتك وحيدة في العالم بعد كل شيء ، سواء كانت الحياة من الأصل هكذا ، أو كنت ضمن تجربة وجودية أو شيء ليس لديك مفهوم وتسمية عنه بعد.

هذه مستويات البون الفاصل بين العالم وبينك كذات تدركه ، أنت تدرك صورة حسية لمادة في الزمكان ، مثل هذه الكتابة التي أمامك ، ولكنك لا تدرك من أين تأتي هذه الصورة ، تفترض أنها وصلت إليك من شاشة الحاسوب التي أمامك ، وتفترض أنها وصلت غلى شاشة الحاسوب من شبكة الاتصالات ، وأنني ( الغائب ) كتبتها وأرسلتها غلى الشبكة بنفس الطريقة التي أنت تكتب وترى فيها ، وتفترض أن شاشة الحاسوب وصلت غليك باسباب مادية فيزيائية ، اشتريتها مثلاً ، وثبتت في المكان أمامك وذلك حدث بعد تصنيعها ، وهذه كلها فتراضات ...

شاشة الحاسوب التي أمامك ، الشبكة ، أنا ( الغائب ) ، تاريخ كل واحد من هذه العناصر وارتباطه بمكانك وزمانك ، كله مجرد تأويل ذهني ، انت لا تستطيع الجزم به على نحو نهائي لأنك لم تشاهده مباشرة ولا تمتلك برهاناً قاطعاً على حدوثه بالطريقة التي تتخيلها.

إذا فهمنا الخير والشر من هذه الزاوية فنعم ، ليس لهما وجود خارج خيالك وافتراضك الذهني إلا كوجود العالم كما تفترض أنه موجود مسبقاً، وهذا لا يشمل الخير والشر فقط ، هذا يشمل كل شيء على الإطلاق ، وقبل الخير والشر يشمل المعارف العلمية التجريبية وتفسيرات العلم لحواسك وللصور التي تعرفها عن الوجود ، قام بوضعها علماء لا تعرف ما حقيقة نواياهم وصدقهم وهل هم واعون أم لا وهل هم موجوداً اصلاً ، وهل ما يتحدثون عنه يصف الواقع أم يصف ( رؤيتهم ) الذهنية المتناسبة مع شخصياتهم له ...

المعرفة الوحيدة التي يمكن أن تتيقن منها هي الحاضرة إليك دون عناء التفكير بما تعنيه وتخمين ما ورائها ، مثلاً ، صورة ما تقرأ الآن ، أحرفاً متراصة معاً على شيء متغير زمنياً محسوس تسميه شاشة الحاسوب ، هذا حاضر إليك ، أما مفهومك عن ما يعنيه هذا الكيان المحسوس فهذه معرفة غيابية (حصولية) ولا تملك منها اليقين النهائي.

تاريخ هذا الحاسوب، ارتباطه بألبوم صور تشبهه تسمي مجموعها "حاسوبي"، أي أنه نفس الذي رايته البارحة أو قبل سنة ، كيفية عمل الحاسوب ، ثبات كيفية عمل الحاسوب وعدم تغير قوانين الفيزياء في كل لحظة عن سابقتها ( بفرض أنك تعرفها أصلاً ) وما الذي تعنيه هذه القوانين حقاً ، هذه المعارف كلها ظنية ، المعرفة اليقينية الوحيدة هي الصورة الحاضرة إلى إدراكك (هُنا) و(الآن) ...

هذه معرفة حضورية ، هذه تعرفها بالوعي ، لا تعتمد على قدرة الجسد على الرصد ... الجسد يحدد قدرة الرصد بحسب تجهيزه ، وقد يخدعك فيما ترصده ، ولكن الصورة بحد ذاتها ، كمُعطى، بغض النظر عن تفاصيلها التقنية، ومن حيث حضورها إليك ، بغض النظر عن حقيقة الشيء الغائب الذي تنبعث منه ، هذه لم يحددها الجسد ...

وهكذا يكون للمعرفة المبنية على المعطيات الحسية مرتبة دنيا في هرم المعرفة، ثم تعلوها المعرفة العقلية ( الرياضيات والمنطق والأنطولوجيا التجريدية) ولكن أعلى مراتب المعرفة على الإطلاق، هو العلم الحضوري، وهو "حضور ذات الشيء المُدرَك للإدراك نفسه" مثل حضور الصور الذهنية نفسها إليك، أنت لا تملك الحكم على الشكل الحق للقمر، ولا على رؤية الآخرين له، ولكنك تعلم دون أدنى شك ، أن الصورة الحاضرة إليك وبغض النظر عن مصدرها، حقيقة أعلى من النقاش والمحاججة، لأنك تعلم هذا دون حاجة للإثبات، لأن الإثبات إنما يقع على الغائبات، والصورة حاضرة بذاتها وليست شيئاً بينك وبينه وساطة تحجب حقيقته، ربما الصورة تنتج من محاكاة ذهنية أو دماغية ولكنها حقيقة، وهي تخبر بالكثير، ففيها أمور أعلى من تفاصيلها، كقيمة الوجود نفسها "وجود الصورة" وقيمة الحكمة التي تحكم سيروراتها، وكحقيقة الزمن، وحقيقة التجلي الإلهي … إن هذا الانعكاس البسيط يخبر بأمور أكثر بكثير من ما تفعله جزئياته وتأويلاتها لما يقع وراءه ويصدره، إن التأويل في النهاية لا يأخذك بعيداً إلا في عالم الخيال، بينما الصورة الحاضرة إليك على بسيط صنيعها لكنها تفهّمك العالم بأسره وقوانينه العليا.

معرفتك بالله ، بذاتك، بالصور والزمن والنفس وبالوجود الذي يقابلك ويتفاعل معك، وبالحياة التي تحياها أثناء هذه الوحدة الوجودية، هذه معارف حقيقية، صادقة، مطلقة، تهديك بهدى الله إلى المنطق الصحيح في الحكم على الأشياء والنظريات والمذاهب … والأشخاص والأحداث … تحرر إدراكك من قيوده، تطهر مراياك الزمنية من دنسها … هذه المعرفة تسمى بالعلوم الحضورية ، في الغرب يوجد هناك اصطلاح مناسب يقاربها وهو Phenomenology مع بعض الاختلافات التقنية لكنهما متحدان بالجوهر.

أي أن العلم الحصولي، يشمل كل شيء تعرفه على الإطلاق، سواء كان معرفة منظمة أو عشوائية، وسواء كانت تقر به مؤسسات رسمية أو لا تقر به، كله في ميزان واحد، وميزان القسط الوحيد هو العلم الحضوري..

إذن ، هل هناك في العلم الحضوري وجود للشر والخير ؟ هنا يكمن السؤال الصحيح ... هنا يوجد كل ما يمكن أن تعرفه ..

العلوم الحضورية لا تتعلق بالأجهزة ، لأنها ليست تفاصيل متغيرة عبر الزمان والمكان ، وجود الصورة نفسه ، عندما تدركه بصمت ، ستعرف أنه لا يحمل بنية زمكانية مجزّأة ولا يحدث عبر تعاقب ، إنه يقع في زمن آخر (اتصالي) على حد تعبير وليام جيمس ، والزمن الاتصالي متحد معك، مع وعيك ، يسبق الموضوعات المادية ، ويتعالى عليها وهو مصدر ما سماه كانط بالمعرفة القبلية ، أو ما يسمى باليوغا ب(الراجا) ، أو ما يسمى بالشهود والبحران في الصوفية ....

كما ترى ، في المعرفة الحضورية يوجد شيء واحد يمكن أن يسمى الشر ، الا وهو غيابك عن حالة الحضور ... مثلاً ، عندما تحس بالحضور لا يهمك ما الذي سيحدث ولا تتوقع نتائج معينة ، ترى الوجود وكأنه جميل بكل نواحيه اللامتناهية وتحب أن تعبر في جميع أزمنته وما وراء الزمان والمكان ... وتجد أجوبة حقيقية على أسئلة حقيقية.

الشر الآن ، موضوعياً هو حالة الشتات الذهنية ( شيت = سيت = ساتان = شيطان ولها علاقة بفصل الشتاء أيضاً ) ، ووجود هذا المجال في العالم هو شر بحد ذاته ، لأنه يسمح بدخول الوعي في عالم الأحلام ونسيان الحقيقة.

وكذلك كل إنسان أو كائن تسول له نفسه أن يدخل الآخرين في حالة التشتيت الإدراكي عن الحضور ، عن طريق إغوائهم أو إخافتهم يكون شريراً ، وسترى الآن أن نيته بخلق هذا التشتيت هي بالضبط عبادة الشيطان ( أي تحقيق الشتات زمنياً والارتباط به ).

إذن هناك معنىً وجودي للشر ، إنه مجال زمني موجود في هذا العالم ولا يمكن اجتثاثه منه إلا بقوة أعلى من مستوى العالم نفسه ، كما وهناك معنىً وجودي للشيطان باعتباره هذا البرنامج الكوني المشرف على إحداث الجوات والشتات الإدراكي ، أو بالأحرى أسر الوعي في زمن الغياب ... زمن الغياب ، الوهم ، الأكاذيب ، الافتراضات ، هذا هو بالضبط الوجود الموضوعي الحقيقي للشيطان ، وهذا هو بالضبط وجود جهنّم.

إذا كنت تحيا في الحضور ، لن تحتاج غلى التجديد أو اختبار أشياء جديدة ، تطورك سيسر في اتجاه مختلف تماماً عن التطور التكيفي والتراكمي ، وكذلك لن تشعر بالملل ، لأن الملل لا ينتج إلا لحظة انفصالك عن الحضور ودخولك في زمن ذهني.

في العالم الحقيقي ليس هناك ملل ، إذ ليس هناك فراغات ... وليس هناك توقعات لأنه ليس هناك زمن ذهني ، أنت هنا والآن فقط ... ولكن هذه الهنا والآن الصغيرة هي بوابتك إلى عوالم الحقيقة ، تخبر بأمور ، يستحيل أن تكتشفها ولو قرأت كل كتب العالم وجلت الكون طولاً وعرضاً بخيالك وجسدك....
هممممم لا اظن اني قلت بأن الحقيقة متعلقة بالقدرة الجسدية وذكرت بأن كل المخلوقات الحية تشترك بهذا الأمر، مهما تطورت الحواس و زادت عمليات الجسد الفيزيائي تعقيدا و تطورا على الأغلب لن يتم معرفة جوهر الوجود، الحل نظريا سيكون بالتغيير ثم التحول لشكل اخر من اشكال الوجود قادر على فهم حقائق الكون و جوهر الأشياء

انا لا اقول بأن الحقيقة متعلقة بقدرة الجسد الفيزيائي ولا اقول بأن المستوى المادي هو كل شيء، لكن شئت ام لا الجسد الفيزيائي جزء لا يتجزأ من تفاعل جميع مستوياتك مع بعضها البعض و كل المستويات الأخرى هي في الأصل تعبر عن نفسها في هذا المستوى المادي و تتجمع فيه اي العالم المادي هو نتيجة لتجمع كل مستويات الوجود العليا سواء لتكونك انت ايها الإنسان او لتكون الكون المادي نفسه لذلك وجب فهمه من اجل التطور عندها ستستطيع تجاوزه، التطور هو الحل

محاولة استعياب شيء لا يمكنك استيعابه بوجودك الحالي و ما تملكه خصوصا ان لم تكن ملم بالتفكير منطقي و اتباع المنهج لن ينتج عن ذلك سوى الوهم، لطالما انتج هذا الشيء ذلك النوع من الكثير القصص الخرافية حول وجود الآلهة ولطالما آمن الناس بقصص رمزية و نتج اعداد كبيرة من الأغنام الدوغمائية

و نعم العلم الذي نملكه ناقص غير تام قابل للنفي و التطور، و يستحيل ان يكون تاما بهيكلنا هذا

ومما فهمته عن شرحك للمعرفة الحضورية و العيش في الحضور على الأغلب تقصد بذلك اليقظة الذهنية و العيش في اللحظة الحالية ؟ هذا ايضا يعتبر خطوة مهمة وفيها كثير ما يجب قوله...
لكن وحدها لا تكفي تحتاج لخطوات اخرى ايضا لتحققها اليس كذلك ؟ و المعرفة المكتسبة عن طريق خبرة في الحياة و التعلم رغم محدوديتها الا ان الهدف من اكتسابها هو تسيير الشؤون الأرضية و استعمالها لصالح الشخص من اجل ما هو قادم لا الشعور بالعظمة و التفاخر بها كما يفعل بعض الأشخاص، بلا معنى...
 
موضوع تشكر عليه.
لكن بعد التحرر من الرغبات و ادراك الحضور الذاتي، هل يصبح الفرد العالم؟ اعني هل يصبح الفرد هو الكل وينعدم وجوده الانفصالي الذاتي؟ وهل يستطيع العيش بتجربة الاخرين ام انه يختفي من هذا العالم ويموت؟
أيضا بعد التحرر من كل شيء، اتقصد ان الشخص سيبدأ مرحلة جديدة برغبات ذات طابع وهدف اسمى روحي؟ ام انه سيظل فقط موجودا دون رغبات؟
 
مهما تطورت الحواس و زادت عمليات الجسد الفيزيائي تعقيدا و تطورا على الأغلب لن يتم معرفة جوهر الوجود، الحل نظريا سيكون بالتغيير ثم التحول لشكل اخر من اشكال الوجود قادر على فهم حقائق الكون و جوهر الأشياء
ما علاقة الجسد الفيزيائي بمعرفة جوهر الوجود ؟ الجسد الفيزيائي يرصد (صورة الوجود) النابعة من تأثير طاقة عليه ، وهذا يعني أنه حتى ولو رصد كامل الصورة بكامل أبعادها فهو لا يعرف الجوهر ، لأن الجوهر ليس مجرد تأثير وليس فيزيائياً أصلاً.

المسألة كما ترى تعتمد على الاتصال بالجوهر ، وبما أن الجوهر غير مادي فهي غير منوطة بالقدرة المادية ، مثلاً ، ربما ترى نفس ما يراه الأنبياء من ملائكة ضوئيين ، ولكن رؤيتك الحسية لا تكفي لتكون قادراً على اليقين بنفس الدرجة ، أنه ليس وهماً صنعه عقلكأو ساحر ما ليخدعك أو قوة مجهولة أو جهاز إلكتروني.

هنا يجب أن ننعطف عن هذا المسار ونسأل : ما هو الجوهر ؟ ما هي الحقيقة ؟ ما هو الوجود ؟ ولكن طرح هذه الأسئلة لا يعتمد على العلم في حلها ، لأنها أسئلة تسبق مجال البحث العلمي ، إنها لا تتعلق بالعالم المرصود بل بالعالم بذاته ، ليس بمعرفة الصورة ، بل بالإدراك الكلاني لها ولموقعها في الوجود، وللوجود نفسه
لكن شئت ام لا الجسد الفيزيائي جزء لا يتجزأ من تفاعل جميع مستوياتك مع بعضها البعض و كل المستويات الأخرى هي في الأصل تعبر عن نفسها في هذا المستوى المادي و تتجمع فيه اي العالم المادي هو نتيجة لتجمع كل مستويات الوجود العليا سواء لتكونك انت ايها الإنسان او لتكون الكون المادي نفسه لذلك وجب فهمه من اجل التطور عندها ستستطيع تجاوزه، التطور هو الحل
لا أعتقد أن كل المستويات تعبر عن نفسها في الجسد المادي ، هذا المفهوم يبدو مضللاً ، وقد اقترحه معلموا الشرق لتقريب المسافات بين الغرب والروحانية ، لأن ما يهمهم هو "ارتقاء الإنسان" ولكن منطلقي يختلف عنه ، يهمني الحقيقة المطلقة ، لا يهمني مسايرة العقول أو وضع نماذج تساعدها على الارتقاء.

أحياناً أحس بأنانية في تضليلات معلمي الروحانيات الشرقيين وهم يحاولون دمج العقل الغربي مع الروحانية ، متناسين أن هؤلاء الغرب لم يخوضوا غمار التصوف على الإطلاق ، طبيعي أنهم لا يستطيعون فهم شيء سوى المادة وحيثياتها ولكن هذا يمنعهم من الإدراك ، ليس من حقك أن توجه العالم كله نحو قالب إدراكي فقط من أجل مراعاة مشاعر وعقلية أشخاص معينين بينما أنت تظفر بالحقيقة لنفسك وتضلهم ولا تقدم لهم خدمة روحية ، مجرد رفع للجدال.

بهذا تحجب الحقيقة وتغير العقل الجمعي ليصبح عدواً لها ، خاصة أن روحانية الغرب التي ولدت نتيجة هذه الدعوة لم تكن روحانية أصيلة ، كانت مجرد تقنيات لتفعيل إمكانات ، لا تختلف عن تقنيات أي حرفة أو فن ولا تختلف نتائجها لكن فقط نتائجها تكون غريبة وتقنياتها تكون أغرب ، وهذه ليست روحانية ، هذه عبادة للظلام.

بينما لا يوجد تغيير حقيقي للنفس ، لا يمكن للإنسان الغربي الروحاني أن يتصور عالماً ليس فيه مادة.

ولكني قادر على تصوره ، إذ أني أعرف أن المادة ليست جوهرية في الوجود ، إنها حالة من حالات إدراك الوجود المقيّدة بقوانين معينة، هي مجرد نوع من أنواع التأثير القابل للرصد المقيد بالمفارقة وبالنسبية وبالمحلية وبالجبرية ، إذا لم تكن معرفتك تحقق أحد هذه الشروط فلن تكون مادية ، أي أنك لو كنت قادراً على إدراك العالم والزمكان دون قيود الظاهر والمحل والنسبية والجبرية ، فلن تكون إنساناً ولكن كل ما لدى الإنسان سيكون لديك ، أنت لا تستطيع أن تؤثر على الزمكان إلا محلياً ولا يمكنك رصده إلا محلياً لأنك مركزي الإدراك ، ولوح البون لديك متعلق بهذه المركزية ، هذا أشبه بألعاب أطفال ، إذا استمر الوضع هكذا فلن تصل للحقيقة المطلقة ولو بعد ملايين السنين من التطور والارتقاء.

لنقل إن الجسد المادي شئنا أم أبينا يقيد روحنا من الإدراك ، وهو فعلاً نتيجة لما يحدث في المستويات العليا ، وما حدث فيها كان فيه خطأ ما من جهتنا ولذلك تم تقييدنا بالجسد ، إياك أن تصدق أن الله غير قادر على صناعة شيء أكمل من هذا الجسد ، أو أنه يستمتع بصناعة أشياء ناقصة ليظهر كماله لها ، الله لا يفكر بهذه الطرق البشرية العبثية ، ولن يعجزه أن يجعلك ضياءً ونوراً ولكن هل أنت تقبل ذلك ؟ وهل ستسعى لذلك؟ هذا هو السؤال ...
ومما فهمته عن شرحك للمعرفة الحضورية و العيش في الحضور على الأغلب تقصد بذلك اليقظة الذهنية و العيش في اللحظة الحالية ؟
لا ... الحضور ليس القظة الذهنية ، الأخيرة مجرد استخدام لقوى الإدراك ، الأولى اتصال بحقيقة الزمن والوجود ، وذلك يستدعي قوى الإدراك.
 
التعديل الأخير:

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى