هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

قوة الحقيقة || الراجا يوغا - الدرس الثاني [2] || سوامي فيفيكاناندا

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
600
مستوى التفاعل
1,072
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com
تتوزع الراجا يوغا على ثماني محطات :

المرحلة الأولى هي الياما Yama : حرمة القتل – الصدق – حرمة السرقة – كبح النفس – التخلص من الشهوة – عدم قبول الهدايا.

التالية هي النياماNiyama : النظافة – الصفاء – القناعة – العفاف – التنسّك – الدراسة والإخلاص لله.

وبعدها أساناAsana : الوضعيات الجسدية النفسية.

ثم براتياهارا Pratyahara : جعل العقل منتظماً وغائياً.

ثم دهارنا Dharna : التأمل الحضوري.

ثم ديانا Dhyana : التأمل الإدراكي.

ثم سامادهي Samadhi : الاتصال مع الوعي الفائق.

التدريب الأخلاقي والالتزام :

كما نرى ، ياما ونياما تدريبات أخلاقية ، من دون اتخاذهما قاعدة للسلوك لن يكون النجاح حليفاً لأي تدريب. هذه التمارين تجعل اليوغي يستطيع حصد ثمار تدريبه ، من دونها لن يحصل على ثمار.

يجب أن لا يفكر اليوغي بإيذاء أي شخص ، من خلال الفكر ، الكلمة ، أو الفعل. وهذا لا يخص الإنسان فقط ، بل يخص جميع الحيوانات ، الرحمة لا يجب أن تخص الناس فقط ، بل يجب أن تصل إلى الجميع ، وتحتضن العالم بكلانيته.

الأسانا – تدريب الجسد

المرحلة التالية هي أسانا : الأوضاع الجسدية ، سلسلة تدريبات ، فيزيائية - عقلية ، تقوم بها كل يوم ، حتى تصل إلى مستويات عليا معينة. ضروري جداً أن نجد وضعية يمكننا البقاء فيها طويلاً. بالنسبة لكل شخص على حدى : تكون الوضعية الأسهل هي الوضعية التي ينبغي اعتمادها . وضعية معينة تكون سهلة بالنسبة لشخص ما، لكنها قد تكون صعبة جداً بالنسبة للآخرين. سوف نجد في النهاية بعد دراسة هذه الموضوعات النفسية أن هناك تفاعلات كثيرة تجري في الجسد وتحسّنه جراء هذه التحرّكات.

يجب أن يتبدّل مجرى التيار العصبي ويتدفق لفتح قنوات جديدة ، ستبدأ أنواع جديدة من الذبذبات، سيتجدد نظام الأعصاب بالكامل ، كما يفترض ... لكن الكم الأساسي من التحريك العصبي سيحدث على امتداد العمود الفقري Spinal Golumn . لذلك هناك أمر واحد ضروري في أي وضعية، وهو إبقاء العمود الفقري حراً : الجلوس منتصباً ، إبقاء الأقسام الثلاثة ( الصدر – الرقبة – الرأس ) في خط مستقيم ، ترك ثقل الجسد بالكامل يسنّد على الضلوع ، هكذا يكون لديك وضعية أسانا مع عمود فقري مستقيم.

ستكتشف أنك لا تستطيع التفكير بمستويات عالية جداً وصدرك مقبوض للداخل.

الهاثا يوغا والجسد المثالي

هذا القسم من الراجا يوغا يشبه قليلاً الهاثا يوغا ، التي تعمل بالكامل مع الجسد الفيزيائي ، والتي يكون غرضها الوحيد هو جعل الجسد الفيزيائي قويّاً جداً ، لكن ليس لديك عمل مع ذلك هنا. فتمارين الهاثا يوغا صعبة جداً ولا يمكن تعلمها في يوم واحد ، وبعد كل شيء لا تصل بها إلى أي ارتقاء روحي ، الكثير من هذه التمارين ستجدها عند Delsarte ومعلّمين آخرين ، مثل تدريب الوصول إلى توازن الجسد في العديد من الوضعيات ، لكن الهدف منها فيزيائي ، ليس نفسياً.

لا توجد عضلة واحدة في الجسد لا يمكن السيطرة بالكامل عليها ، يمكن جعل القلب يتوقف أو يستمر بالنبض ، وبنفس الطريقة ، كل عضو من أعضاء الجسد يمكن التحكم به.

نتيجة هذا الاتجاه ، جعل الجسد يحيا طويلاً ، الصحة هي الغاية الرئيسية والهدف الوحيد لمتدرب الهاثا يوغا. هو يطلب أن لا يقع في المرض ، وفعلاً لا يقع فيه ، إنه يعيش طويلاً .. مئة سنة هي لا شيء بالنسبة له ، إنه يبقى في شباب وحيوية بينما يكون في الـ 150 من العمر ، دون أي شعرة رمادية ، لكن هذا هو كل شيء..

شجرة البانيان (تين الهند) تحيا أحياناً 5000 سنة ، لكنها تبقى شجرة بانيان ، ولا تتحول إلى شيء آخر ، لذا .. إذا عاش الإنسان طويلاً ، سيكون فقط "حيوان معافى".

tree-2691189_1920.jpg


درس أو درسين أساسيين في الهاثا يوغا سيكونان نافعين للغاية ، على سبيل المثال ، سيجد بعضكم علاجاً نافعاً لآلام الرأس : يستنشق ماءً بارداً عبر الأنف فور الاستيقاظ ، سيكون دماغك كامل اليوم لطيفاً وجيداً ، ولن تصاب بالبرد ! إن فعله سهل جداً ، ضع أنفك في الماء ، قم بدفع الماء في الحلق...

بحسب بعض المدارس ، بعد أن يتعلم المرء كيف يجلس بانتصاب وتوازن ، عليه أن يؤدي تمريناً يُدعى " تنظيف الأعصاب Purifying Of The Nerve " اعتبر هذا الإجراء خارج نطاق الراجا يوغا من قبل البعض ، ومع ذلك، نظراً لمقام المعلق Sankarchrya كمرجع عظيم ، أرى الأفضل أن أشير إليه ، وسأقتبس التوجيهات الخاصة من تعليقاته على الأوبانيشاد :

"العقل الذي تلوث يتطهر بالبراناياما ، يتوجه بعدها نحو البراهمان ، ومن أجل ذلك يشار إلى البراناياما ، في البداية يجب أن "تنظف الأعصاب" ثم تأتي الطاقة لتنفيذ تمارين البراناياما. أغلق فتحة الأنف اليمنى بالإبهام، وامتلئ بالهواء بالفتحة اليسرى ، بحسب القدرة الفردية ، ثم ودون أي فاصل ، اقذف الهواء نحو الخارج عبر الفتحة اليمنى وأغلق اليسرى. ومرة أخرى استنشق بالفتحة الأنفية اليمنى وازفر عبر اليسرى، حسب الاستطاعة الفردية، قم بذلك ثلاث أو خمس مرات في أربع أوقات :

قبيل الفجر – وفي وسط النهار – وفي المساء – وفي منتصف الليل .. خلال خمسة عشر يوماً أو شهر ، سيتم تنظيف الأعصاب ، وبعدها تبدأ تمارين البراناياما".

التدريب ضروري بالمطلق ، قد تجلس وتستمع إلي ساعة كل يوم ، لكن إن لم تتدرب فلن تتقدم خطوة واحدة نحو الأمام ، كله يعتمد على التطبيق ... نحن لا نفهم هذه الأمور قبل أن نختبرها. يجب أن نراها ونشعرها بأنفسنا ، ببساطة ، الاستماع إلى الشروح والنظريات ، لا يعمل.

العقبات التي تعيق التدريب :

هناك عدة عقبات في التطبيق :

العقبة الأولى هي الجسد غير السليم : إذا لم يكن الجسد في حالة مناسبة، سيكون التدريب محبطاً ، لذلك نحتاج أن نحافظ على الجسد في حالة صحية جيدة. يجب أن نهتم بما نأكل ونشرب ، وما نفعله ، استخدم دائماً التأثيرات النفسية، ما يسمى عادة بـ(العلم المسيحي) من أجل إبقاء الجسد قوياً ، ذلك كل شيء ، لا شيء أكثر عن الجسد. يجب أن لا تنسى أن الصحة هي مجرد وسيلة للغاية.

View: https://www.youtube.com/live/DZDjF9RIBrg?si=iyyy74-M7zh5loYv

إذا كانت الصحة هي الغاية فسنكون مشابهين للحيوانات ، نادراً ما تكون الحيوانات غير صحية ( غير سليمة ).

العقبة الثانية هي الشك : غالباً ما نحس بالشك في الأمور التي لا نراها ، لا يمكن أن يعيش الإنسان على الكلمات ، مهما حاول ذلك.

لذا سيأتي الشك إلينا سواء كانت توجد حقيقة وراء تلك الكلمات أو لم تكن ، حتى أفضلنا سيتشكك أحياناً ، مع التدريب ، خلال بضعة أيام ، إشراقة صغيرة ستأتي ، كافية لتعطيك الشجاعة والأمل ، كما يقول أحد المعلقين على فلسفة اليوغا : "عندما يتجلى برهان واحد ، مهما كان صغيراً ، سيعطينا الإيمان بكل تعاليم اليوغا".

للمثال : بعد بضعة أشهر من بداية التعلم والتدريب ، ستجد أنك بدأت تستطيع قراءة أفكار الآخرين ، سيأتون إليك كنماذج تصويرية. ربما تسمع شيئاً يحدث من مسافة بعيدة ، عندما تستحضر وعيك وتحاول فعل ذلك. هذه الإشراقات ستأتي قليلاً فقط في البداية ، لكنها كافية لإعطائك إيماناً ، وقوة ، وأمل. على سبيل المثال ، إذا استحضرت وعيك إلى أرنبة أنفك ، خلال أيام قليلة ستشم أجمل أريج. وذلك سيكون كافياً سترى أن هناك إدراكاً نفسياً معيناً يمكنه التجلي دون اتصال بالموضوعات الفيزيائية .

View: https://youtu.be/P-j7H8v9LZ4


الوصول إلى الذات الحقيقية :

لكن يجب أن نتذكر دائماً أن هذه الأدوات فقط.. الغاية ، والنهاية ، والهدف من كل هذه التعاليم هو تحرير الروح، التحكم المطلق بالطبيعة ، وليس أقل من ذلك ما يجب أن يكون الهدف. يجب أن نكون الأسياد ، وليس الطبيعة ، أو الجسد أو العقل ما يجب أن يكون سيدنا ، ولا ننسى أن "الجسد لي" ولكني ليس الجسد.

لاهوتي وشيطاني ذهبا إلى حكيم للتعلم عن "الذات الحقيقية" ، درسوا معه لوقت طويل ، وفي النهاية أخبرهم المعلم : " ذاتك هو الكائن الذي تسعى إليه " كل منهما اعتقد أن جسده هو الذات ، "لقد وصلنا إلى كل شيء" صاحا ، وكل منهما عاد إلى قومه وأخبرهم "لقد تعلمنا كل شيء نحتاج إلى تعلمه ، كل ، اشرب ، وتزوج ، نحن الذات ، ولا شيء وراءنا".

طبيعة الشيطان كانت جهولة ، جامدة ، ولذلك لم يطلب أكثر من ذلك، ولكنه كان راضياً تماماً مع فكرة أنه كان إلهاً ، بما أن الذات تعني "الجسد".

لكن الإلهي له طبيعة نقية ، في البداية لاحظ الخطأ في طريقة التفكير :"أنا الجسد! البراهمان!! لذا كن قوياً وبصحة ولياقة ، وأعطي للجسد كل أنواع التجارب الممتعة !!" ولكن خلال بعضة ايام وجد أن هذا لا يمكن ان يكون ما قصده الحكيم، معلمهما ، يجب أن يكون هناك شيء أعلى. لذا عاد مرة أخرى إلى الحكيم وقال له :"سيدي ، هل علمتني أن الجسد هو الذات ؟ إذا كان كذلك ، أنا أرى كل الأجساد تموت ! الذات لا يمكن أن تموت !" ، قال الحكيم "جده في الخارج، أنت هو !" ثم اعتقد الإلهي أن الطاقة الحيوية التي تشغل الجسد هي ما قصده الحكيم. لكن بعد فترة ، وجد أنه إذا أكل ، تصبح هذه الطاقة أقوى ، ولكن إذا جاع تنخفض هذه الطاقة ، عاد إلى الحكيم وقال له "سيدي ، هل تعني أن الطاقة الحيوية هي الذات الحقيقية ؟" قال الحكيم "جده في الخارج بنفسك، انت هو" . عاد الإلهي مرة أخرى وفكر في أن العقل قد يكون هو الذات ، لكن بعد فترى أدرك أن الأفكار متنوعة جداً ، الآن جيدة ، الآن سيئة ، العقل متبدل للغاية على أن يكون الذات ، عاد إلى الحكيم وقال له "سيدي ، أنا لا أعتقد أن العقل هو الذات ، هل تقصد ذلك ؟" "لا" رد الحكيم ... "أنت هو ، جده بنفسك" ، ذهب الإلهي ، ووجد في النهاية أنه كان هو الذات ، وراء كل الأفكار ، واحد ، من دون ولادة ولا موت ، من لا يمكن أن يقطعه السيف ، من لا تحرقه النار ، من لا تحطمه الريح ، من لا يغرقه الماء ، الأزلي والأبدي ، اللامتغير واللامُدرَك ، العالم بكل شيء ، القادر على كل شيء، وذلك لم يكن الجسد ولا العقل ، ولكن وراءهم جميعاً ، ولذلك كان راضياً ، ولكن الشيطان البائس لم يصل للحقيقة ، محكوماً بالاعتزاز بجسده.

هذا العالم فيه الكثير جداً من هذه الطبائع الشيطانية ، لكن فيه إلهيون أيضاً.

إذا قدّم أحدهم أي علم لزيادة قوة المتعة الحسية فسيجد جماهير مقبلين عليه لذلك ، لكن فرداً يتعهد ببيان الغاية العليا للجنس البشري ، لن يهتموا بأي شيء يقدمه من ذلك. قليلون جداً من لديهم القدرة على فهم الوجود الأعلى. الأقل من يبقون صابرين للوصول إليه .

أهمية الجسد البشري

لكن هناك القليلون أيضاً يعلمون أنه لو استمر الجسد بالحياة لعدة آلاف من السنين فستكون النتيجة نفسها في النهاية. عندما تذهب القوى التي تمسكه وتوحّده سينهار الجسد. لم يولد رجل استطاع إيقاف جسده للحظة واحدة من الصيرورة الزمنية ، الجسد هو "اسم" يطلق على سلسلة من التغيرات.

"كما في النهر ، مادة الماء تتغير كل لحظة أمامك ، ومادة جديدة تأتي وتأخذ نفس المجال ، كذلك هو الأمر مع الجسد" لكن الجسد يجب أن يتم الحفاَظ عليه قوياً وصحياً ، إنه افضل أداة نمتلكها.

الجسم البشري هو أعظم جسم في الكون ، والكينونة البشرية هي أعظم كينونة ، البشري أعلى من جميع الحيوانات ، من جميع الملائكة ، لا أحد أعظم من البشري ، حتى الديفاز ( الإلهيون ) يحتاجون إلى الهبوط مرة أخرى والوصول إلى الحرية من خلال تجسّد بشري ، البشري وحده من يصل إلى الكمال ، ولا حتى الديفاز بدونه يصلون . حسب اليهود والمحمديين ،خلق الله البشري بعد خلقه للملائكة وكل شيء آخر، وبعد خلق البشري ، طلب من الملائكة أن يأتوا ويسلّموا عليه ، وكلهم أطاعوه إلا إبليس ، لذلك عاقبه الله ، وأصبح هو الشيطان.

وراء هذا الترميز توجد تلك الحقيقة العُظمى : ولادة البشر هي أعظم ولادة يمكننا المرور بها. الخلق الأدنى ( الحيوانات ) ، هم دمى، تنبعث عادة من مجال الداما Tamas. الحيوانات لا يمكنها الوصول إلى فكر عُلوي ، ولا الملائكة أو الديفاز يمكنهم الوصول إلى الحرية المباشرة من دون ولادة بشرية.

بنفس الطريقة ، في المجتمع البشري ، يكون الثراء الفاحش ، والفقر المدقع ، هو العائق الأكبر أمام ارتقاء الروح للأعلى. ومن الفئات الوسطى يأتي أولئك العظماء في العالم ، حيث القوى متعادلة ومتوازنة بحسبان.

البراناياما – التحكم بالنَفَس

بالعودة إلى موضوعنا .. نأتي الآن إلى البراناياما : التحكم بالنفس. ما الذي يمكن أن يقدمه ذلك من أجل استحضار قوى الوعي ؟

التنفس يماثل عجلة التدوير في الآلات ذات التصميم الهندسي الكبير ، والتي ستجد فيها أن الحركة تبدأ مِن "عجلة الدوران" الكبيرة ، ثم تنتقل إلى الآلات الأدق فالأدق ، حتى تُحرّك في النهاية القطع الأكثر دقة ونعومة بالتوافق مع نوعية حركتها. التنفس هو تلك العجلة الدورانية ، تدعم وتضبط حركة الطاقة في كل شيء في هذا الجسد.

كان هناك ذات يوم وزير لملك عظيم ، وقع في فضيحة ، وكعقاب له من الملك ، أمر بعزله في قمة برج عالٍ جداً، تم تنفيذ الأمر ، وتُرِك الوزير هناك حتى يلاقي حتفه .. كانت له زوجة مخلصة ، أتت في الليل للبرج ونادت على زوجها في الأعلى لتعرف ما يمكنها فعله لمساعدته. أخبرها أن تعود إلى البرج في الليلة التالية ، وتحضر معها : حبلاً طويل ، خيوطاً قوية ، بكرة خيوط عادية ، بكرة حرير ، خنفساء ، وقليلاً من العسل ... بكامل الدهشة ، أطعت الزوجة زوجها وأحضرت كل الأدوات بناء على رغبته ، أرشدها الزوج أن تربط خيط الحرير بالخنفس ، ثم تدهن قرونه بنقطة عسل ، وتحرره على حائط البرج مع توجيه رأسه للأعلى ، أطاعت كل هذه التعليمات ، وبدأ الخنفس رحلته الطويلة. يشم رائحة العسل، ويزحف ببطء للأمام وللأمام ، على أمل أن يصل إلى مصدرها ، حتى وصل في النهاية إلى أعلى البرج ، حين أمسك الوزير الخنفساء وأخذ طرف خيط الحرير ، وأخبر زوجته أن تصل نهاية الخيط الأخرى ببكرة الخيوط العادية ، وبعد أن جر خيط الحرير وأمسك الخيوط العادية ، أعاد نفس الأمر مع الخيوط السميكة ، وفي النهاية مع الحبل ، ثم كان اللاحق أسهل ... هبط الوزير من البرج بواسطة الحبل ، وحقق هروبه.

في جسدنا : حركة النَفَس هي خيط الحرير ، وبالإحساس بها وتعلم التحكم بها نصل إلى التآلف مع الخيط الطبيعي للتيارات العصبية ، ومن التيارات العصبية إلى الخيوط القوية لأفكارنا ، وفي النهاية إلى حبل البرانا ... الذي يوصل التحكم به إلى الحرية.

نحن لا نعلم أي شيء عن جسدنا ، لا نستطيع أن نعلم ، في أحسن الأحوال يمكننا أخذ جسد ميت وتشريحه ، وهناك من يستطيع أخذ حيوانات حية وتشريحها إلى قطع في محاولة لرؤية ما يحدث في داخل الجسد. وذلك ما زال لا يقدم شيئاً عن أجسادنا. نعلم القليل جداً عنها ، لما لا ؟ لأن انتباهنا ليس فائقاً كفاية لإدراك الحركات التفاعلية الدقيقة جداً التي تجري في الداخل.

نحن نعلم عنه فقط بقدر ما يغوص الوعي في الجسد إلى مستويات أكثر شفافية. للوصول إلى الإدراك العميق نحتاج إلى أن نبدأ مع الإدراك السطحي ، لذا نحتاج إلى الإمساك بذلك الذي يشغّل تفاعلات كامل التصميم ، إنه البرانا، وأكثر تجلياته وضوحاً هو النَفَس.

وعبر النفس ، ندخل ببطء إلى الجسد ، وذلك سيمكننا من اكتشاف القوى اللطيفة ، كيف تتحرك تيارات الأعصاب بالكامل عبر الجسد ، وبقدر ما ندرك ذلك ، ونتعلم الإحساس بها ، نستطيع البدء بالتحكم فيها ، وبالجسد.

يعمل الوعي بهذه التيارات العصبية المختلفة أيضاً ، لذا في النهاية ، نصل إلى مرحلة التي نتحكم فيها بالوعي والعقل والجسد بالكامل ، جاعلين كل منها في خدمتنا. المعرفة قوّة ، ويجب أن نحوز هذه القوة. لذا يجب أن نبدأ من البداية ، البراناياما ، إعادة تفعيل البرانا.

موضوع البراناياما هذا طويل جداً ، وسيأخذ دروساً متعددة لإضاءته بالكامل ، سنأخذه مرحلة مرحلة.

البرانا – التدريب الأثيري

الأفضل أن نبصر بالتدريج : ما أسباب كل تمرين ، وما القوى الفاعلة في الجسد. كل هذه الأمور ستأتي لنا ، ولكنها تتطلب تمريناً مستمراً ، والبرهان سيظهر بالتمرين . لا قيمة لأي تعليل منطقي أعطيه إليك م أجل إقناعك ، حتى تثبته بنفسك ولنفسك. وبقدر ما يمكنك تحسس "تيارات التآثر" هذه في كيانك الكلاني ، سينتهي الشك ، لكنها تتطلب تدريباً صارماً كل يوم.

يجب أن تتدرب على الأقل مرتين كل يوم ، وأفضل وقت للتدريب يكون خلال الصباح والمساء. عندما يلج الليل في النهار ويلج النهار في الليل ، يمران بحالة من الهدوء النسبي ، الصباح الباكر والمساء الباكر هما محطتا السكينة. لدى جسدك توجه مشابه ليكون ساكناً في هذه الأوقات.

التدريب الأثيري – الروحي

سنبادر في ذلك المزاج الطبيعي ، ثم نبدأ بالتمرين. اجعلها قاعدة : لا تأكل حتى تقوم بالتمرين ، إذا فعلت ذلك ، ستكسر قوة الجوع جدار كسلك. في الهند يعلمون الأطفال أن لا يأكلوا حتى يتمرنوا ويتعبدوا ، وتلك تصبح عادتهم بعد حين : لا يحس الجسد بالجوع حتى يستحم ويتدرب.

أولئك منكم الذين يمكنهم توفيرها ، سيكون الأفضل أن يخصصوا غرفة ليقوموا بهذه التمرينات لوحدهم ، لا تنم في تلك الغرفة ، يجب أن تبقى مقدسة ، لا تدخل تلك الغرفة حتى تستحم ، وتطهر جسدك وعقلك تماماً. ضع الأزهار في تلك الغرفة دائماً ، إنها أفضل داعم لليوغي ، وكذلك الصور المباركة ، أوقد البخور صباحاً ومساءً. لا تتخاصم ولا تغضب ولا تفكر بعدم قداسة في تلك الغرفة. اسمح فقط للأشخاص الذين لديهم نفس أفكارك أن يدخلوها.
360_F_570154889_fC2LjQzfJqScV6YY6uE6PzwMfxpWndWJ.jpg

مرة وراء مرة ، يتكوّن مجال فضائي من القداسة في الغُرفة ، وعندما تكون بائساً ، مفزوعاً ، مشتتاً ، أويكون عقلك مشوشاً ، ستجد أن تأثير المجال واقعي جداً ، أن محض دخولك للغرفة سيجعلك أكثر هدوءً.
1713019971634.png

هذه كانت الفكرة الخاصة بالمعابد والكنائس قديماً، وفي بعض المعابد والكنائس ستجدها حتى هذه الأيام .. ولكن السواد الأعظم منها أضاع أغلب المبدأ.

المبدأ أن حفظ الذبذبة المقدسة في المكان يجعله منيراً ويبقيه كذلك. أولئك الذين لا يمكنهم توفير غرفة خاصة يمكنهم التدرب في أي مكان يحبونه.

اجلس في وضعية مستقيمة ، أول ما تفعله هو إرسال تيار من الفِكر المقدس إلى جميع الخلائق ، أعد ذهنياً "لتحل السعادة على كل الكائنات ، ليحل السلام عليهم ، لتحل البركة عليهم" قم ذلك باتجاه الشرق ، الجنوب ، الشمال ، والغرب ، كلما صليت للآخرين أكثر كلما أحسست بذاتيتك بعُمق.

ستجد في النهاية أن الطريق الأسهل لجعل نفسك معافى هو رؤية الآخرين يتعافون ، والطريق الأسهل لجعل نفسك سعيداً هو رؤية الآخرين يسعدون. بعد القيام بذلك ، أولئك الذين يؤمنون بالله يجب أن يصلوا ، ليس لأجل المال ، ليس لأجل الصحة ، ليس لأجل السماء ، يصلون لأجل العلم والنور ... كل الصلوات الأخرى أنانية..

الشيء التالي لتفعله هو التفكير بجسدك ، ورؤيته قوياً وصحياً ، إنه أفضل أداة لديك ، فكر به ككيان قوي كالصُّلب ، وأن مع مساعدة جسدك ستعبر محيط الحياة، لن تصل إلى الحرية بالضعف ، ارم كل الضعف خارجاً ، أخبر جسدك أنه قوي ، أخبر عقلك أنه قوي ، وامتلك إيماناً لا حدود له وأملاً بنفسك.
 

_______

[ تفاعل مع المشاركة لتحميل المرفقات ]

  • tree-2691189_1920.jpg
    tree-2691189_1920.jpg
    235.2 KB · المشاهدات: 9
  • tree-2691189_1920.jpg
    tree-2691189_1920.jpg
    235.2 KB · المشاهدات: 10
  • Screenshot_٢٠٢٤٠٤١٣-١٧٠٧١٢.png
    Screenshot_٢٠٢٤٠٤١٣-١٧٠٧١٢.png
    255.8 KB · المشاهدات: 8
التعديل الأخير:
المنهج العلمي والتدريبي في الراجا يوغا بمقارنة مع المدارس العالمية
العلم هو البوابة والمفتاح

بالإضافة إلى أنه منهج معرفي طبيعي ، يبدأ مباشرة من المجال المتاح والواقعي والمرصود ، ويبتعد عن التعويل على الافتراضات والغيب والأحكام المسبقة ، فهو أيضاً منهج "إدراكي" لا يكتفي بالتسليم بتصور ساذج عن الطبيعة الظاهرية ، ولكنه يستخدمها كمقدمة موضوعية إعطائية من أجل تجاوزها وفهم أعُماق الوجود.

ذلك يجعل الراجا يوغا بعيدة عن المذهب الطبيعي من حيث المنطلق ، إنها تحاول جعل المعرفة الطبيعية وسيلة ، أو وسيطاً للعبور نحو عالم اليقين.

المعرفة في اليوغا تبدأ طبيعية ، ولكن الغاية من المعرفة ليست الطبيعة ، ما سعت الراجا يوغا إليه هو الدخول من البوابة الواعقية ، ولكن ليس التوقف عند البوابة والدفاع المستمر عن اكتمالها.

تريد اليوغا الوصول إلى حقيقة الوجود ، ما وراء الطبيعة ، والإجابة عن التساؤلات الكبرى من خلال العروج من بوابة الطبيعة نفسها ومن حدود الكائن الطبيعي الصُغرى إلى الوجود الفوق طبيعي الأكبر. هذا نوع من المنهج الإدراكي ( الفينومينولوجيا ) في العلم ، جعل مسألة (الفرق بين المادي والروحي) تستحيل إلى إشكالية في الإدراك ، وليس في البرهان كما يفترض الفلاسفة عادة ، سواء الروحيون المثاليون أو الماديون.

المشكلة الحقيقية في رؤية علم اليوغا هي : هل يُدرك الإنسان حقاً ما هو معنى "الطبيعي – المادي"، وما الفرق بينه وبين "المتعالي – الروحي" ؟

ترى اليوغا أن هناك خطأ معيناً يتكرر مراراً وتكراراً حين يحاول الإنسان الفصل بين الطبيعي والمتعالي ، أو بين المادي والروحي ، أو بين الوجود المطلق والوجود المحدود. يريد الإنسان أن يفصل على نحو نهائي بين مجالين وجوديين ، لأنه يعتقد أن المجال المطلق لا يستوعب النقائص أو أن المجال الطبيعي لا يمكنه تجاوز الحدود ، وعلى افتراض مسبقاً أن أحدهما نقيض الآخر ، وأن النقيضان لا يجتمعان في الحق ، ولكن هذه افتراضات مسبقة ، ولا يمكن للافتراضات المسبقة التي تبدأ من التفكير الذهني ، ومحاولة الاستدلال ، أن تصبح يقينيات مطلقة.

إذا كان هذا الفصل حقيقياً فيجب على الأقل أن يكون معنى كل من "المادي" و"الروحي" مكشوفاً ومحدداً للإدراك ، يتم العلم به ، يتم الإحساس به ، وليس فقط التكلم عنه ، وإلا فلا معنى لهذا الفصل من الأساس ما دامت الأشياء التي يُعتقد أنها منفصلة غير مفهومة جيداً بقدر يتيح تقرير العلاقة بينها، قبل نقاش الأحكام المترتبة على الأشياء ، يجب أن تتجاوز الأشياء مرحلة الأسماء اللفظية.

بنفس الطريقة ، إذا كانت هذه الافتراضات غير صحيحة ولم يكن هناك أصلاً حد عازل بين الوجود الروحي والمادي، فهذا يعني أن "المعنى" الذي يقصده الناس من تلك الكلمات كان افتراضياً منذ البداية ، كان في الذهن ، ولا وجود له إلا في الذهن ، إنه مجرد حالة فهم شبحي للواقع ، وأن الوجود بحقيقته غائب عن الإدراك للناس الذين يستخدمون هذه الكلمات والأحكام ، إنهم لا يدركون بالضبط ما الذي يتحدثون عنه ، ولكنهم بالأحرى يناقشون مسلمات عقلهم المنقولة إليهم وراثياً ويبنون نظريات عليها.

بعض الأطفال كانوا يتنازعون عن من هو الآلي الأقوى : جونكر أم مازينجر ، من هو المصارع الأفضل : الأندرتاكر أم بروك ليسنر ؟ من هو المغني الأكثر لباقة ، عمرو دياب أم تامر حسني ... جونكر وغريندايزر ، في هذا العالم وهذا الزمن وحسب الرصد ، حبر على ورق ، ما معنى المقارنة بينهم ؟ مقارنة بين نماذج خيالية ، ولكن ما سيدهشك أنها قد تكون مقارنة تقنية جداً ، لأن كلاً منهما له صفات محددة من حيث السرعة والكفاءة والتصميم. المصارعة هي "استعراض تمثيلي" يخضع للاتفاق المسبق بين الطرفين ، ومع ذلك هناك معايير واضحة لكل مصارع تميز جسده وعقله. صورة المغني الإعلامية هي أسوء معيار للحكم على الآخرين، ولكن يمكن الاستدلال من خلال ((سجل)) تاريخ المغني وأرشيفه على أخلاقه الظاهرية...

هذه المسائل رغم أنها غير حقيقية ، وتخلو من "المعنى" على الأقل من وجهة نظر المتسائل ، ولكن بمجرد التسليم بفرضية واحدة ، بمجرد إعطاء الثقة لافتراض واحد يقول مثلاً : هب أن جريندايزر موجود - هب أن المغني يظهر ما يبطن - افترض أن المصارعة ليست تمثيلية ) بمجرد أن تفترض ذلك ، يمكنك بناء استدلال قياسي وتحقيق تجريبي وملاحظات للوصول إلى نتيجة محددة ، تتوافق مع مقدماتك واستدلالك ، وهذا يجعلها صائبة من الناحية المنطقية ، ولكن ليس لها معنى من الناحية الوجودية إلا في عالم الوهم.

يهوى الإنسان بناء الافتراضات والنماذج التصورية الذهنية ، البعض يعلق صور المغني المفضل في غرفته في كل مكان ، ويطبعها على وسادته ، بعضهم يوشم جسده باسم مغنيته المفضلة ، وبعضهم لا يزال يناقش مسألة الاختلاف بين الحزب الجمهوري والديموقراطبي في أمريكا. أوهام كصورة الماء في صحراء خالية.

في العلوم الطبيعية ، مسألة السير على الافتراض والوثوق شائعة جداً وتسبب المطبات دائماً ، على عكس ما تعتقد ، فرضية ثبات شعاع التآثر ومطلقية الوقت نتيجة مطلقية الحركة بقيت قائمة طوال ثلاث قرون بعد نيوتن ، وكان التشكيك فيها ممنوعاً ، وقبلها كان نظام بطليموس يمنع الأرض من الدوارن حول الشمس . لكن لم يكن السبب في تبني هذه الافتراضات ( كما تعتقد غالباً ) هو أنها تمتلك برهاناً ، أو دليلاً قوياً أو شواهد معينة ، أو حتى أنها توفر منافع .. لكن التشكيك في الرأي السائد علمياً سيؤدي لفتح المجال أمام البحث الحُر المترفع على السلطة المجتمعية، وهذا سيعني هدم الإشراف الأكاديمي على البحوث ، هذا هو السبب الوحيد في تبني العلوم الطبيعية للافتراضات التي يؤدي إليها "مبدأ الوثوق".
هناك قضية مشهورة جداً في الأوساط العلمية الغربية ، أصدرت صوتاً مدوياً في العالم وأحرجت العلماء ، وهي"إنسان بلتداون" ، كائن مع جمجمة بشرية وفك قرد ، سلف افتراضي للبشر والقرود. ومع ذلك حركة فكيه لا تتوافق مع شكل جمجمته ، مبدأ الوثوق جعل افتراض وجود هذا الإنسان يستمر أربعين سنة ، كيف يمكن أن تمر جمجمة على لجنة مرموقة وجميعهم ينخدعون بها بما فيهم دارون ؟ ) وخلال هذه الفترة ، وفر المجسم المزيف مورداً خصباً لأوراق البحوث العلمية في البيولوجيا ، حتى اكتشف في النهاية.


1713028888919.png

ما الذي كان هؤلاء الباحثون يناقشونه بالضبط ؟ ما الذي كان الفيزيائيون يناقشونه في نظرية السائل الأثيري ؟ افتراضات ليس هناك شيء أو معنىً يوجد وراءها ، ليست المسألة هل إنسان بلتداون يدعم نظرية التطور أم لا ، المسألة أنه ليس لهذا الكائن وجود ، ونقاشات وجوده مبنية على الافتراض ، كذلك هو الحال في أغلب النقاشات العلمية التي تعرف بالـ"الموضوعات الساخنة".

ما الفائدة من التحقيق في الملحقات الناتجة عن افتراض معين ، بالاستدلال والتجريب ، إذا لم يكن هذا الافتراض معنىً حقيقي الوجود ؟

نهج التحقيق الإدراكي العلمي مختلف تماماً عن التحقيق الفلسفي والتجريبي ، ذلك أن الإدراك هو أن تبدأ مباشرة من المعاينة - الشهادة (الشهود) ثم تسير نحو كشف النتائج والأحكام ، بناء على المشاهدات ، وتفهم الغياب الغير مدرك من الحضور المدرك، ولكن إذا لم يكن الحضور يوفر إجابات على أسئلتك ، فالمنهج الإدراكي يحتم عليك اتخاذ موقف يسمى "الصمت" أو الامتناع عن الحُكم، أو اللاأدرية.

ما يريده المنهج الإدراكي هو الوصول إلى "الحقيقة واليقين" ، التي لا يدخل في تكوينها أي دافع نفسي أو وثوقي، أو افتراض. هذا اليقين أقوى من أن يتم تحقيقه بالاستدلال والتخمين والوثوق، الطريقة الوحيدة للوصول إليه هي إزالة الحاجز بين الذات المدركة والموضوع الذي تريد إدراكه ، وهذا هو ما تعنيه "الشهادة" في العرفان ، و هذا هو أيضاً ما تريد الراجا يوغا الوصول إليه بطرق منهجية.

الطبيعة والحقيقة – صعوبة تحديد المعنى
الجوهر الصامت للظاهر المتحرك


في لحظة الصمت تنكشف التجليات العظيمة ...

إذا كان الأمر كذلك ، فما معنى الفصل بين الوجودين : الطبيعي ( المادي ) والمتعالي ( الروحي ) بالنسبة للإدراك ؟

التجربة اليومية لا تتيح للناس إدراك "المادة" على نحو عميق وخالص، الإدراك يحتاج إلى استرخاء ، وصمت ، هدوء .. توقف عن التفكير ، تخلي عن الأحكام المسبقة ، اتصال بمعطيات فوق ذهنية ( تحرير الواقع من حواجز الذهن ) البداية من زمن الآن ، لأن أي محاولة معرفية لا تبدأ من معرفة الوجود كما يحضر إليك في لحظة الآن ، ستكون معرفة خارج حضور الوجود ، إنه الزمن الافتراضي في الذهن..... هذه الشروط المعرفية غير متاحة للناس ، نظراً لنمط معيشتهم الغارق في المثيرات والمعززات البيئية والمدنية والحضارية.

إذن لا يمكن التعويل على أن الناس يدركون حقاً ما يقصدونه بالكلمات الخاصة بالوجود ، مثل الطبيعي والمادي والروحي ، إنهم بالكاد يكونون صورة إجمالية عن مقتضياتها ومضامينها المنطقية.

إن المنهج الإدراكي ولهذا السبب بالتحديد ، بعيد جداً عن أي محاولة فلسفية أو تجريبية موضوعية لفهم العالم والتعرف إلى الوجود.

بما أن الوجود الذي يحضر إلى الإدراك واحد ، أو على الأقل، الصلة بين الذات المدركة وبين جميع أنواع الوجود واحدة ، وهي الشهادة الحضورية ( الوعي بالوجود ) فهذا يعني ، أن الوجود الطبيعي ، والوجود المتعالي ، ليسا منفصلين تماماً ، كل منهما له نفس طريقة الإدراك ، ولو كانا مختلفان جوهرياً لكان لكل منهما طريقة خاصة للعلم به.

هناك اختلاف واضح جداً ، الوجود الطبيعي لا يدركه الناس عادة إلا على نحو شبحي مجمل نظراً لانشغالهم عن عملية الإدراك نفسها ، أي أن ما يسمونه بالوجود الطبيعي ليس بالضبط هو الوجود الطبيعي ، إنه حالة من شواش الإدراك وضبابية المعطيات لكنها تبدأ من الاتصال بالعالم الطبيعي، وفي هذا الصدد يمكن أن نسميه "الوجود الغيابي" وهذه التسمية أدق ، من وجهة النظر الإدراكية.

هذا العنوان"الوجود الغيابي" ينطبق على جميع ما يسمونه عادة بـ "المادة – الكتلة – الواقع الموضوعي – العالم المحسوس – العالم الطبيعي" وتنطبق على موضوع العلوم الطبيعية ، وعلى موضوع الفلسفة الغربية أيضاً ، كل هذه المعارف لا تدرس الطبيعة أصلاً ولا تقترب حتى من الوجود الطبيعي ، ولكنها بالأحرى تدرس "التفكير بالوجود الطبيعي" و"الأفكار المسجلة على امتداد البشرية عنه" بينما هو يلوح في الأفق للناظرين ، ولكن لا أحد تقريباً متفرغ للتبصر العميق فيه.

لكن حين تتعمق في معرفة هذا الوجود إدراكياً ، ولأن الوجود متحد جوهرياً بكافة مستوياته ، لابد ، بطريقة ما ، أن يقودك العالم الطبيعي نحو الحقيقة المطلقة وراءه ، عندما تدركه ، لا عندما تفكر به.. هكذا يقول الإدراك.

منهج اليوغا المعرفي يريد تحرير الإدراك من الضباب المتشكل بسبب المشاغل اليومية ، والقيود التأويلية ، والأفكار والدوافع اللاشعورية التي تعيق الوصول إلى حالة من الاتصال الإدراكي الخالص مع الوجود. وعندما تصل إلى تلك الحالة يمكنك العبور بيسر إلى المستويات الأعلى منها ويمكنك إيجاد الأجوبة على الأسئلة الوجودية ، ولكن قبل ذلك ، قبل تحقق صفاء الإدراك ، لا يمكن ، ولا داعي ، للخوض بمبحث مثل : ما هو الوجود ؟ ما هي الطبيعة ؟ ما هي الحقيقة ؟ ما هو الزمن ؟....

هذا يعني أن المنهج المعرفي في الراجا يوغا هو منهج عملي مباشر ، يبدأ فوراً من التطبيق ، تماماً كما يفعل العرفان الإسلامي أو تفعل الشامانية.
 
  • أحببت
التفاعلات: Dana
المنهج الإدراكي في الراجا يوغا والعرفان الإسلامي

هناك ما يجعل الراجا يوغا تختلف عن المدارس العرفانية ، فرغم أن العرفان الإسلامي منهج إدراكي أيضاً ، ولكن طريقه مصمم على نحو صعب جداً بالنسبة لإنسان دمرت الحضارة غريزته الروحية ، يعتمد العرفان بالكامل تقريباً على الصلوات والأذكار والرياضات الروحية والحضرات ومجالس الذكر وزيارة المقامات ، أما الأدوات الإدراكية الخالصة ، غالباً لا يتم التركيز عليها ، وهذا يعني بالنسبة لإنسان حداثي حتمية الوثوق بمصادر معينة من الغيب قبل تفحصها وهو شيء بعيد جداً عن القدرة على التحقق المباشر ، كما أنه لا يرضي جموح الروح الساعية إلى كشف الحقيقة واختراق جدار الزمن.

نقطة الضعف هذه غير موجودة في الراجا يوغا والفينومينولوجيا الحُرّة ، حيث ليس هناك داع للاعتقاد بعصمة شيء على نحو مسبق، ليس هناك داع لتنزيه مصدر معين عن الخطأ على نحو مسبق ، قبل التحقق من ذلك ، ليس هناك داع للتوسل بوسطاء أو أسباب بينك وبين الحقيقة ... هذه الأمور وكل ما بني عليها يتم العبور منه ، في منهج الإدراك الحر ، ومنهج الفينومينولوجيا ، والراجا يوغا .

القدسية تنكشف من الإدراك الخالص للحقيقة ، التهذيب غير المقنّع ، وليس نزعة العقيدة والوثوقية.

_ التقنية الأساسية في العرفان الإسلامي هي "قهر النفس على الصمت" ، وذلك يحدث مع تكرار صوتي معين لكلمات مقدسة ، مثل "أستغفر الله" طوال الوقت أو لآلاف المرات في اليوم ، هذا غريب نوعاً ما ، ولكن هذا التكرار المستمر للذكر على هذه الحال سيؤدي في النهاية حتماً إلى نتيجة واحدة : توقف النفس في لحظة معينة عن المقاومة ، وتوقف العقل عن الثرثرة ، والوصول إلى حالة قريبة جداً من الإدراك الخالص.

الأسلوب المتبع في العرفان الإسلامي من أجل الوصول إلى الإدراك الخالص هو "تجهيز النفس للاتصال الحيوي عن طريق قهرها على التخلي عن معيقاته" وهذا القهر يحدث لأن النفس لا تنكشف أمام الوعي من الداخل فيعرف ما فيها وكيف يوجهها، لذلك يجب التحكم بها من الخارج باستخدام الوسائل المادية والتفاعلات الموضوعية : الذكر الصوتي - تحبيب النفس بالوصول إلى الإدراك عن طريق الطهارة الدائمة - وربط الله بأجمل الصور الممكنة مثل الجنة والمثل العليا ... وهذه الأمور موجودة في العالم الخارجي. وترهيبها من الابتعاد عن الإدراك والارتحال إلى الطبقة اللاشعورية عن طريق الزجر واللوم والتخويف - مع أنها مجرد أفكار ولكنها مفارقة للذات الحقيقية ، وهذا يعني أنها تنتمي للعالم الموضوعي.

يعمل الذكر الصوتي ( الخارجي ) المستمر على "فرض حالة الصمت والتركيز" في داخل النفس ، لأن جميع رغباتها تُقمع يوماً بعد يوم ، الإدراك هو ما يبقى ، وهذا بسبب قطع الاتصال بين النفس والعالم الموضوعي ، وليس بسبب ارتفاع مستوى الإدراك الروحي نفسه.

مستوى الإدراك عند المريد في العرفان يرتفع نتيجة الانفصال بين دوافع النفس ومثيرات البيئة على نحو النسيان ، لا على نحو الكشف ، لا جَرَم أن مستوى الإدراك سيرتفع بهذه الطريقة العنيفة ، وسيصل المريد إلى مرحلة من الإدراك الخالص مع مرور الوقت ، ولكن هذه الطريقة تفرض شروطها ، التي لا داعي لها ... على سبيل المثال : هناك قواعد لابد من مراعاتها ، الإدراك الخالص "الحضوري" عند العارف هو اتصال مباشر مع الوجود من دون تشويش الفكر أو المشاعر أو الخيالات ، إنه ما يُعرَف بقوة الآن ، ولكنه يحدث ضمن إطار ذهني مقرر مسبقاً ، يسمح هذا الإطار بتحقيق اتصال بين الإدراك والوجود ضمن حدود معينة مبنية على قواعد الدين ، ضمن هذه الحدود تتحقق قوة الآن ، خارج هذه الحدود يعطّل الذهن الإدراك.

هناك بُعدان انطلاقيان للقوة الإدراكية الحضورية ، البُعد الشاقولي هو التركيز المباشر الصامت على موضوع محدد بوعي ن اياً يكن هذا الموضوع ، بحيث لا تصنع الأفكار جداراً عازلاً بين الموضوع وبين الذات ، وهذا ما يعرف بقوة الآن. لكن هذا مجرد البُعد الشاقولي من الاتصال.

الإدراك الشاقولي.png



رغم أن الأفكار لا تشوش الرؤية ، ولكن قد يوجد أحكام مسبقة راسخة في اللاشعور تشكل حاجزاً معيناً أي محاولة لتخطيه تثير الخوف والذعر والقلق مما يؤدي لارتداد الوعي عن محاولة تخطي الحاجز. قوة الآن تبقى فاعلة بمقدار ما تكون نفسك غير خائفة ، بمجرد الوصول إلى حد معين ، مثل السؤال عن معنى اللاهوت أو عن وجود نبوة بعد عهد النبي محمد ، يبدا الخوف والذعر والقلق وينتهي الأمر إما بالتخلي عن التساؤل والرضى بنفس المستوى من قوة الآن ، وإما بإيجاد "جواب مقنّع" يحاول أن يقول : هذا الجواب وهو الصواب ، من دون التحقق إدراكياً من ذلك.

هذه الحواجز والمعتقدات العميقة تشكل ما أسميه "إطار الرؤية الأفقي" وستمنع "تحرير شعاع الإدراك" المسلط على موضوع معين من رؤية هذا الموضوع خارج هذا الإطار.


الإدراك الأفقي.png


على سبيل المثال ، قد تكون متصلاً بالطبيعة بقوة الآن ، مثل بهجتك بشجرة ، ولكن ضمن حدود الإطار المسبق المصمم من المعتقدات الخاصة بك ، هذا الإطار يفرض نفسه على رؤيتك ، يمنعك من التساؤل مثلاً عن حقيقة هذه الشجرة ، عن السبب الحقيقي في وجودها ، الله يتجلى في هذه الشجرة بصورة نمطية ، الشجرة تخبرك بالتجلي الإلهي ، ولكن ضمن حدود معينة ، إنها لا تخبرك بأكثر من "العطاء والكرم والمحبة" ولكن هناك ما هو أكثر من ذلك ، الوجه العميق لصورة الشجرة ، يخبر أيضاً بالظلام ، الرهبة ، تصميم الشجرة الهندسي يخبر بوجود غايات وأسرار تتعدى حدود مجرد العطاء والمحبة.

حتى نرى عن قرب هذه الطبيعة القطبية للإدراك إليك هذا المثل :

أمامك الآن موضوع مادي "كأس شاي بالليمون" إدراك هذا الموضوع الحسي يمكن أن يسير في اتجاهان زمنيان – تكوينيان :

الاتجاه الأول هو رؤية الكأس ضمن حدودها الظاهرية .. وجودها الجزئي المفارق لك ، تشخصها الزمني أمامك ، مجال علاقتها بك وعلاقتك بها كراصد محلي ( منظور الشخص الأول ) أو ما تقدمه إليك من زاوية العقل والجسد.

الاتجاه الثاني هو رؤية كأس الشاي بالليمون ، الجزئية المادية الصغيرة ، ولكن من حيث ماهيتها الكلية ( ماهية كأس الشاي بالليمون ) التي تنطبق على جميع أفراد نوعها ، من حيث ما تعنيه هذه الماهية في نظام التكوين ولماذا هي موجودة أصلاً ، ولماذا يتوجه الكون إلى تحقيقها على امتداد الزمن وأمامك هنا والآن ؟ لماذا يسمح فضاء الوجود بهذا الاحتمال المصمم هندسياً في عُمق الطبيعة ؟ تبدأ برؤية الكائنات من حيث تصميمها ، كما لو كان هناك خوارزمية معينة مسؤولة عن هذه التصاميم ، تستفهم عن معنى أن تكون هذه الكأس ذات الماهية المحددة بدقة موجودة ، تصميمها موجود ، الطاقة التي أحدثتها موجودة ، مادة وجودها الكوني المتشخص حاضرة إليك ، لماذا ؟ وما معنى ذلك ؟ هكذا تتجاوز ما يظهر لك ، تتصل بالوجود الأكبر . إنك ترى الموضوعات الجزئية حسب علاقاتها بالزمان والمكان حولك ، وبالزمان والمكان الأكبر ... وإن استطعت تحسس معنى الكينونة الحاضرة أمامك من منظور الوجود ، وعلاقتها بالأفق الوجودي، الذي يتجاوز منظور الشخص الأول ، ويتجاوز ظاهرها المحلي ، ينتقل الإدراك من المستوى السطحي إلى المستوى الباطني.

في الاتجاه الأول : كأس الشاي بالليمون تعني بالنسبة لك محض موضوع استهلاكي ، مهما كان الذي تراه فيها .. سواء كنت ترى وجودها المادي الحالي ، أو القوانين التي تحكمها ، أو العطاء الذي جاءت منه إليك ، أو الجمال الذي تتحلى به ، أو الذكريات المرتبطة بها ، جميع أبعاد الكأس ( الموضوع ) بالنسبة لك في منظور الاتجاه الأول هي موضوعات استهلاكية بطريقة أو بأخرى ، العلاقة بينك وبينها دائماً علاقة ذاتك بشيء خارجي ، وبالتالي علاقة أحادية الجانب ، يمكن ويجب قهر الموضوع والتغذي عليه، وغذا لا تستطيع فكل ما عليك فعله هو "التكافل معه". الاتجاه الأول يجعل الموضوعات تعني لك بقدر ما ترتبط بوجودك الشخصي، بقدر ما تغذي كينونتك ، سواء مادياً أو نفسياً.

في الاتجاه الثاني : كأس الشاي بالليمون تعني بالنسبة لك ما تعنيه بالنسبة للوجود ، ما تعنيه في الحقيقة ، وليس من منظورك الأناني ، مادتها وتصميمها وقيمتها الحقيقية ، متصلة ومتحدة بمقامها في الوجود العظيم ، إنها تنبعث من نفس المصدر الذي تنبعث كينونتك الموضوعية منه ، إنكما لا شيء إلا تجسدان مختلفان للحقيقة العليا ، وجودها الحالي له أسباب أبعد من خدمتك شخصياً ، تكوينها العميق يصل بينها وبين كل الكائنات في كل الأزمنة والأمكنة ، لولا ذلك لا يمكن لها ان توجد أصلاً ولا يمكن لك أن تتصل بها وتلاحظها ، إنها تتحد مع كل شيء بنظام الهندسة الكوني ، بالطاقة الموجهة للتجسيد ، بالمكنون الحاضر للمراقبين ، وبالفاعلية ضمن الزمن، أي أن عناصرها الأولية ليست محددة بتشخصها الماثل أمامك ، هذا التشخص يمثل وجهاً من وجوه تلك المبادئ الأولية ، وأنت تمثل أحد وجوهها ، وجارك يمثل أحد وجوهها ، والفيل الأفريقي يمثل أحد وجوهها ، ولعبة الفيديو تمثل أحد وجوهها ، وإبريق الشاي ، وكوكب في مجرة أندروميدا ، وخيال بعيد عن أميرة الأحلام ، وموسيقى العصور الوسطى ، كلها تجليات للمبادئ الأولى للتكوين ، وهذه المبادئ تجليات للواحد.

على هذا النحو ، لن تنظر للكأس كموضوع للاستهلاك ، ولن تسعى أصلاً للنمو الشخصي واكتساب القوة لنفسك ، لن تكون راغباً بعد بوجودك كشخص له مستقبله المنفصل عن مستقبل الوجود ، لن ترضى بعزلك عن الواحدية.

على هذا النحو ستعلم لماذا ينجح التأثير الكهروحيوي مع أشخاص معينين دون الاستعانة بوسائط خارجية ، بينما يفشل مع غيرهم مراراً وتكراراً ، وستعرف كيف يمكنك استدعاء قوة الله في أي شيء أمامك ، المسألة تتعلق بقدرتك على تحقيق الإدراك والمحبة ، وليس بطبيعة الشيء بحد ذاته ، ذلك هو ما يعنيه التحول الخيميائي ، إنه يتطلب أكثر من مجرد اتباع قواعد صارمة مسبقة ، إنه يتطلب نوعاً من المشاعر الوجدانية والرغبة والفداء.

قوة الآن هي تطهير اتصال الإدراك مع الوجود من الأفكار والمشاعر والدوافع التي تعيق وتشوش هذا الاتصال، فيعبر تيار الإدراك بين الذات والوجود مباشرة، أما ما يحدد اتجاه ونوع الإدراك ، فهو "إطار الرؤية الكونية" المعتقدات ، الرغبات ، النوايا ، الوجدان.

تحقق الاتصال الإدراكي دون تشويش هو معنى قوة الآن ، وهو معنى اليقظة الذهنية ، وهو معنى ارتفاع مستوى الوعي ، لكن طبيعة هذا الاتصال الإدراكي ، و وجهة الإدراك ، وفهم الحقيقة ، وتطهير نوايا الذات ، والوصول إلى المعنى ، وإلى الرغبة العليا ، أمور يتجاوز تحقيقها مجرد الوصول إلى قوة الآن.

قد تتصل بموضوع ظلامي دون تشويش على التفاعل معه، وقد تعمل أعمالاً مظلمة دون تشويش على إدراكك وإحساسك بما تعمل ، لأنك نجحت تحقيق اتصال زمني آني بين وعيك والموضوع الذي تتفاعل معه دون تشويش، هذه قوة الآن.

هل هذا الاتصال يكفي ؟ ذلك يعتمد على ما تريد الوصول إليه حقاً ...

يسري تيار الكهرباء حين تزال عوامل المقاومة والتشويش، ولكن ما يحدد وجهة التيار هو هيكل الأسلاك ، هذا ما يحدد ما سيفعله التيار الكهربائي حقاً ، هيكل الأسلاك يناظر إطار الإدراك ، تدفق التيار الكهربائي يناظر قوة الآن. التشويش على التيار لا يتعلق بطبيعة وقيمة الهيكل الناقل.

القدرات الحقيقية للكينونة ستبقى ضمن حدود إطارها العام حتى يتجاوز الإدراك مرحلة الأحكام المسبقة. وهذا يعني أن التكاليف المترتبة على طريق العرفان الإسلامي والمسيحي وطرق رفع الإدراك التراثية أعلى بكثير مما يجب ، ما لم يكن المريد قادراً على الإمساك بهذه الطرق ووضعها عند حدودها الوجودية ومنعها من الاستحواذ عليه.
المحصلة هي أن طرائق العرفان العملي الموجودة في تراث الأديان ترفع مستوى الإدراك الشاقولي ( الإدراك الموضوعي ) ولكنها تضعف مستوى الإدراك الأفقي 0 الوجودي ) نتيجة حدود السلطة الدينية في اللاشعور ، هذا يولد متديناً مثالياً ولكنه لا يولد روحاً حرة ذات نور تام.

لا شيء أسوء من استحواذ الإطار العقلي على إدراكك ، والطريقة الوحيدة لجعل إدراك الإنسان يتأطر هي "تخويفه وزعزعة ثقته ، وجعله يستسلم أمام الاقتراحات المستمرة والتصغير المستمر للقيمة الحقيقية للكائن والتي لا حدود لها ، والتي تقررها الذات وحدها حتى ولو كان قرارها ان تكون كياناً ينتمي لعالم اللاهوت ، لكن المجتمع يريد الروح أن يستسلم للمعلم والسيد المفارق له ذاتياً ، والذي سيوفر مصدر معرفة وإرشاد موضوعي". للأسف ...... هذا ما يحدث في غالب الأحيان ، إن الانتماء إلى مدارس روحية معينة والالتزام بتعاليم من يسمون بالمعلمين الروحيين سيؤدي دائماً إلى هذه النتيجة البائسة ، قوة الآن تتفعل في بعدها الشعاعي الذَكري فقط ، ولكن الحق أن قوة الآن الحقيقية يجب أن تكون تحررية أنثوية ليتوازن الإدراكان الشاقولي والأفقي ، وهذا لا يحدث إذا لم يستطع المرء أن يُدرِك باطن العالم ويسمح لنفسه بمساءلة الغياب والبحث عن حقيقة الوجود ، دون أي تأطير.


ما أريدك أن تعلمه .. الطريقة الروحية التي تحاول "البطش بالنفس" إنما تحاول التحكم بالأفكار من خلال السير من الخارج إلى الداخل ، من المثيرات إلى الدوافع ، من الموضوعات إلى الإدراك ... هذا يمنع تحقيق أي تقدم روحي أفقي ، قد تنجح شاقولياً بشق الأنفس ، ولكن نجاحك سيؤدي إلى تأطير روحك بإطار مسبق الصنع ... وهذا ليس تحرراً حقيقياً، وليس عبادة حقيقية.

الطريقة الحقيقية للتحرر ، العبادة ، القوة ، المعنى ... هي أن تبدأ من الداخل ، من الذات ، من الرغبات والدوافع وتحرر إدراكك من الإطار ، لا أن تجعل إدراكك يتكيف مع الإطار ... هذا الطريق جامح وخطير ، ولكنه طريق النور الحقيقي ولا سبيل سواه للتحرير ...
قوة العرفان الإسلامي تكمن في جانبه النظري التأملي ، إذ يبدأ العرفان النظري انطلاقه من "الرغبة الحيوية" في الوصول إلى الله ، إلى الحقيقة والقيم ، وهذه الرغبة تقود الكائن الحي نحو البحث عن الله ، وهذا البحث يؤدي إلى الانطلاق من مبدأ العلم ، نظراً لأن المبحوث عنه ليس شيئاً موضوعياً بل يتعالى ويقترب من الذات حتى يتملكها اليقين ...
مبدأ العلم هو مرحلة تسبق الإدراك نفسه ، إنها "الوحدة الوجودية" حيث يكون الإدراك والوجود مجالاً واحداً وكياناً واحداً يتجلى بقطبين ويتحد جوهرياً ، ويمكن الوصول إليه عندما تبحث عن "منطلق الحياة" ومعيارها الأعلى حتى من المعرفة نفسها ، عندما تبحث عن تعليل حياتك "لماذا أحيا" وبحثك العلمي "لماذا أعلم ؟ لماذا أتبع العلم وأبحث عن الحقيقة ؟" تجد أنك تنتقل إلى نوع آخر ، او مستوى آخر من التعليل والإجابات والعلوم ، إنه مستوى لا يمكن تبريره عقلياً ، إنه المستوى المتعالي على الزمان والمكان والمقولات العقلية - الوجودية ، هذا المجال - الكيان هو "الحضور الخالص" الذي يشكل التجربة الحيوية الأولى والتي تتنوع كل التجارب في رحابها.

إن إدراك الحضور على هذا النحو العميق جداً والواضح جداً موجود فقط في العرفان الإسلامي ، بقية المدارس لا يمكنها إدراك الحضور إدراكاً خالصاً ، فالراجا يوغا تنطلق من بوابة أخرى فهي تريد الوصول إلى "فهم الإدراك" واستخدامه كاقوى أداة للحياة ، العرفان الإسلامي يريد "فهم الحياة نفسها" وكشف سرها الأعظم.

تجاوز الطبيعة :

مبدأ الواحدية في اليوغا ، يعني أنك لا تحتاج إلى الانفصال عن العالم الطبيعي ، سواء بالفعل أو بالاعتقاد ، من أجل أن تُدرك ما وراءه أو ما يتعالى عليه ، ما تحتاجه حقاً هو أن "تُبصر حضور الطبيعة" أفقياً وعامودياً، وتكشف جوهرها الوجودي... تجاوز المستوى الطبيعي ممكن عبر التعمّق الإدراكي، والفهم، وهذا التعمق يحدث باكتساب الوعي القوة الكافية ليتجاوز حدود النفس والجسد والمعوقات النفسية والبيئية من رغبات وافتراضات ومخاوف تمنع الوصول إلى القدرة الإدراكية الخالصة، المعتمدة على الجوهر الحيوي وحده، والذي لا يحتاج إلى تصميم معين أو أسباب معينة ليصل إلى ما يقصد، والوصول إلى ذلك المستوى من الوعي يمكنك من تخطي عتبة المادة وفهم جوهرها.


هذا لا يعتمد على الحواس الخمسة ، أو على القدرات الشخصية ، ولكنه يعتمد على "الجوهر الحيوي" و"النوايا والرغبات" والإخلاص في السعي لها.


المنهج الفينومينولوجي

يتكون المنهج الفينومينولوجي ( منهج العلم المبني على التأمل والإدراك ) والذي وضع أسسه هوسرل في القرن التاسع عشر والعشرين ، من مبادئ تفاعلية ، تسبق مرحلة البناء النظري للمنهج ( ليست قائمة على افتراضات مسبقة ) هذه المبادئ – الأدوات تنبع من البناء الوجودي للإدراك والوعي ، ومن طريقة التفاعل والتواصل الممكن بين الوعي والوجود ، وبذلك هي كونية ( عامة بالنسبة لجميع الكائنات الإنسانية ولكل وعي من منظور الشخص الأول ) والمنهج الفينومينولوجي يتكون من مبادئ تنبع من الوجود بحد ذاته ومن ذات الوعي، دون إضافات ذهنية أو تعديلات، وكل ما تتطلبه هو التجرد.

هوسرل لم يكن يوغياً ، بل كان عالم رياضيات مع خلفية بسيطة من العلوم المسمرية والمغناطيسية الحيوية ، ولكنه أدرك أن مناهج العلوم الطبيعية الغربية خاطئة في المنطلقات ، على نحو لا يمكن إصلاحه ، أي أنها غير قادرة على الوصول إلى اليقين من نقطة انطلاقها ، وليس بسبب نقص النتائج ، أو عجز العلم الطبيعي عن الإجابة عن أسئلة معينة في الزمن الحالي. وهي بذلك تضع المرء أمام طريقين ليس لهما بديل :

إما أن يتقبل المرء جعل الوصول إلى اليقين مسألة ثانوية أو غير مهمة ، ويركز على الغايات النفعية والمؤقتة فقط.

وإما أن يصر المرء على تقديم قيمة الحقيقة على الحياة المؤقتة والظاهرية، ويقدم الوصول إلى اليقين على كل الغايات الأخرى، وبالتالي يضع حداً نهائياً للمجال الذي يمكن أن يتقبل معالجته من قبل العلم الطبيعي الغربي.

كما هو متوقع ، اتجه الغرب إجمالاً نحو الطريق الأول ، وكان رد النزعة الطبيعية على التحقيقات التي قدمها هوسرل هو تطوير نموذج للمعرفة والحياة يعتمد على الطبيعة الظاهرية بالكامل ، ويحذف البحث عن اليقين والحقيقة المطلقة نهائياً من الحياة البشرية ، سواء بالنسبة للفرد الذي يتبناه ، أو للمجتمع الذي يفرض سلطته على الأفراد.

ويقول المذهب الطبيعي بصراحة : نحن لا نحتاج إليها على الإطلاق !

كان لهذا القرار تكاليفه الباهظة التي تكبّدتها البشرية والأرض، جادت الحرب بالمجاعات والتلويث والفساد الكبير في كل مكان ، وخلال قرن واحد حدث ما لم يحدث خلال آلاف السنين .. وقد تتساءل هل كل هذا حدث بسبب مفارقة هوسرل بين العلوم الطبيعية والحقيقة المطلقة ؟ والجواب هو نعم ، المسألة ليست مباشرة وصريحة ، لكن هوسرل أجبر الوضعيين على إخراج كل ما عندهم دفعة واحدة ، ومنهم جاءت النزعة الطبيعية المعاصرة ، وهذه النزعة ولّدت تشريعات جديدة بخصوص التجارب والعلوم والأخلاق السياسية ، هكذا تولّدت التجارب المظلمة والدموية ، والتفجيرات النووية ، التجسس العالمي ، وكافة الأعمال المظلمة التي قامت بها أجهزة الدول الكبرى تحت عنوان "الصالح القومي ومصلحة المجتمع مقدمة على مصلحة الفرد".

لقد أصبحت الأعمال المظلمة قانونية جداً بالنسبة للدولة التي تقوم بها ويدعمها العلم الموضوعي وممثلوه ، وبدأ تبني سياسة "الأرض المحروقة" و"إرادة القوة في عالم السياسة"، و"حق التفوق العرقي" بناء على أسس علمية تُعلمن الأخلاق وتحاول ردها إلى مجال موضوعي، حيث لا حياة في المجال المادي حين يؤخذ على محمل الغياب .

أصبحت البيئة وسلامة كوكب الأرض مسألة هامشية.

لكن لماذا استطاعت الفينومينولوجيا وضع الإنسان على مفترق طرق على هذا النحو الخطير ؟

الجواب يكمن في طريقة التحقيق الفينومينولوجية ... من حيث المبدأ ، لا شيء يمنع أن يكون العالم الموضوعي بأسره افتراضياً ، لا شيء يمنع أن تكون كل الحوادث والكائنات مجرد ظواهر لمستوى وجودي أعمق ، او مختلف كلياً عن المستوى الطبيعي المرصود ، بل لا شيء يمنع أن تكون أنت القارئ لهذا الكلام وبنفس الوقت الراصد الوحيد للعالم الموضوعي ، وأنه ينبعث من عقلك ، ذاكرتك ، أفكارك ... وجودك .... لا يمكنك أن تتأكد قطعاً أن هذا ليس صحيح، لأن العالم الموضوعي مفارق لوعيك ، وبالنسبة لك ، إنه مجرد حزمة من ألبومات الصور وأشرطة الفيديو والصوت المتتابعة على أجهزة رصدك الحيوية.

لا شيء يمنع أن تكون هذه الأشياء موجودة ضمن حدود رصدها فقط ، أي ليس هناك شيء خارج الصورة التي ترصدها ، على سبيل المثال ، أنت الآن واثق جداً بوجود أمريكا ونيويورك ، مع أنك غالباً تفتقد أي اتصال حسي مباشر مع تلك المناطق.

أنت تستدل عليها ، ورغم ذلك تحس بوجودها نتيجة استدلالك ، وليس نتيجة إدراكك واتصالك ، نفس الشيء مع كل العوالم التي حولك ، أو التي تفترض أنها وتخرج عن دائرة رصدك ، ولكن ماذا لو كانت تلك الأمور التي تعتقد أنها موجودة بطريقة معينة ، وجودها يختلف تماماً عن اعتقادك ؟ ماذا لو كان الخلل في "تأويل الصور" وبناء الافتراضات ، والعوالم ، والمحاكاة الوجودية بالاعتماد عليها ؟ هنا بالضبط تقع المفارقة الكبرى في العلوم.

ربما تلك الوجودات ببساطة حقيقية ، ولكن أنت الذي تقوم بتأويلها على نحو خاطئ وتصنع معارفك منها، وتبني فكرة عن وجود مجتمع من البشر المفارقين لبعضهم ، والذين لكل منهم وعي مستقل ، بينما الحقيقة أنهم انعكاسات وجودية، وكذلك الأمر مع النجوم والفضاءات الخارجية ... وهذا يعني أن الطريقة الوحيدة لفهم الحقيقة وفصلها عن الزيف ، هو الإلتزام المطلق بالصورة المرصودة ضمن حدودها ، والتحرر المطلق من أي افتراض مبني عليها ، وذلك يشمل العلاقات ، التأويلات ، الأحكام وكل شيء ...

هذا الإجراء يسمى في الفينومينولوجيا بـ "الرد الإبوخي" : إرجاع المعطيات المُدرَكة إلى حقائقها ضمن حدود وجودها كما تدركه.

الإجراء الثاني هو "تعليق الحُكم" : عدم إضافة حكم ذهني على المعطيات الوجودية ، التخلي عن محاولة إكمال الناقص قبل أن يكتمل من تلقاء ذاته.

لتعلم الحقيقة المطلقة ، أولاً تخلص من الافتراضات التي تعيق إدراكك ، أولاً أدرك المعطيات كما هي عليه ، أولاً تخلى عن نزعة التأويل التي تحول المعطيات دائماً وتقوم بإكمالها بتفسير افتراضي، حين ترى مشهداً معيناً لا تحكم عليه، فقط راقب ... أدركه كما هو. إنه مبدأ صعب جداً في تطبيقه في حياة الإنسان العصري ، ورغم ذلك تطبيقه هو الطريق الوحيد لتطهير مرآة الإدراك التي تعكس العالم ، من ضباب الأحكام المسبقة وتحرير الوعي الذي يوجه التفاعل ، من قبضة اللاشعور.

الرد الإبوخي هو إرجاع المعطيات المدركة إلى إطار رصدها الحضوري ( حدود وجودها حسب حضورها إليك ) ، أما تعليق الحُكم ، فهو الامتناع المطلق عن إخراج المعطيات من حدودها المرصودة بالحضور ، أو بناء افتراضات تأويلية عليها.

هذا يؤدي إلى صفاء الإدراك ، ووحده يؤدي إلى ذلك ، وبعبارة اليوغا سيؤدي حتماً إلى "تركيز\استحضار قوة الوعي" بالحدود القصوى الممكنة ، لأنه لم يعد مشغولاً بأشياء خارج الحضور، لم يعد يتفاعل مع التفكير بالغياب والحكم على الأشياء . الغريب في ذلك أن التحرر من نزعة الحكم والتأويل ، والالتزام المطلق بالحضور سيؤدي تلقائياً إلى أخلاقيات معينة ، على سبيل المثال ، لن تغتاب الناس ، لن تحكم عليهم ، لن تحكم على نواياهم ، لن تقول عن ما يزعجك إنه شر ، بل لن تقول عن ما يبهجك إنه خير ... وتدريجياً سترى أن الشهوة مجرد تأويل لاشعوري للموضوع الذي تشتهيه ، وهذا سيحررك من الشهوة نفسها لأنك عرفت مصدرها ، بنفس الطريقة ستتحرر من الغضب ، من العنف ، من الاندفاع ، من الحزن حتى ، من الأسى حتى ... من كل شيء ...

ستتخلص من الوثوقية التي لا داعي لها ، وستبدأ بالتساؤل عن الطبيعة الحقيقية للوجود، والكائنات ، والزمن ..ستبدأ بالإحساس بمشاعر رقيقة حيوية تجري في عروقك ، هي التي يسميها اليوغي "البرانا" ، ستبدأ بالإحساس بالاتصال الوجداني مع الموضوعات المختلفة ، كل شيء سيكون حياً ، ليس مجرد أنك تفكر به وكأنه حي ، بل ترى الحياة في أعماقه .. الإحساس بالتواضع والرحمة ينبع من ذاتك ولا تفرضه عليها ، ترى الأشياء على حقيقتها ، حتى أنك لن تجد صعوبة في قراءة الأفكار والتخاطر ، بل أحياناً سيحدث من تلقاء نفسه ، وهذا كله عندما تطبق منهج الرد الإيبوخي وتعليق الحكم لفترة طويلة ، مع الإخلاص ...

بطريقة ما هناك جوهر واحد ، لليوغا ، العرفان الإسلامي ، والفينومينولوجيا ، وهناك ميزات لكل واحدة من هذه المدارس ، ولكن الفينومينولوجيا تتحرر من الكثير من الإلتزامات والمضايقات العقلية الضاغطة على الإطار الإدراكي بالنسبة لليوغي والعارف ، إنها حقاً حرية عميقة جداً ويصعب تصور وجود منهج أكثر تحرراً منها.

الدافع الذي يجعلك تتبنى الفينومينولوجيا هو دافع متحرر جداً ، إنك لا تتبناها من أجل الخلاص كما في العرفان الإسلامي ، ولا لتحصل على القوة كما في الراجا يوغا، بل لأجل الحقيقة المطلقة ، فقط لأجل الحقيقة ... هذا مدهش وهائل ، ويعكس الطبيعة الفنية للمنهج الفينومينولوجي.. لابد من الرغبة أولاً ومن الرغبة يأتي الهُدى والالتزام.


ومع ذلك وبسبب نزعتها الغربية ذات المنهج العلمي ، هي بحد ذاتها لا تخبرك شيئاً عن البرانا أو القوى الروحية أو أسرار الوجود ، هي فقط توصلك للباب ، تخبرك كيف تستخدم الإدراك ، كيف تطهر الإدراك ، لكن ليس ما سيحدث بعد ذلك ، وأرى أن أهمية الراجا يوغا الحقيقية تبدأ بالضبط في هذه المرحلة...
 
التعديل الأخير:

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى