استنزاف كم هائل من الوقت على مساءل ومعلومات تافهة
قد يتساءل احدنا عندما يواجه حقيقة جديدة لم يألفها من قبل، لماذا لم أسمع عنها قبلا؟ أو لماذا هي غير معروفة على نطاق واسع؟ طبعا عدم معرفتها على نطاق واسع أصبح معروفا لدينا من خلال قراءة هذه الفقرات، لكن العامل الحاسم في ذلك هو عامل الوقت. وبطريقة اخرى نقول: نحن نتعرض يوميا لكم هائل من المعلومات التافهة مقارنة مع الحقيقة الأصيلة. جميعنا نشغل تفكيرنا بمسائل مصطنعة أصلا وليس لها أي علاقة بنا أو بحقيقة من نكون وما نحن عليه والوجود من حولنا. لكي نقتنع بأهمية هذه المسألة، كل ما علينا فعله هو النظر في تنوع المعلومات والأخبار المشوقة التي يسحرونا بها بالإضافة إلى كميتها الكبيرة التي تأخذ معظم وقتنا مثل أخبار الرياضة، الفن، السياسة، الأفلام، المسلسلات..
يتم هندسة الأحداث على مستوى عالمي، ثم ينقلونها إلينا ( بواسطة الإعلام ) لكي تبدو أنها واقع تاريخي ثابت، ثم يقيمون الحوارات السياسية التي تبدو غالبا كحلبات المصارعة، فنتابعهم كما نتابع مباراة رياضية.
يطرحون أمامنا مشاكل عديدة تجعلنا ننشغل عن رؤية الصورة الكبرى، ونتيجة لهذا الوضع الذي يشغلنا باستمرار، نبتعد عن التفكير الحر بسبب ضيق الأفق والإنشغال بالأمور الجانبية. هدفهم الحقيقي هو إبقائنا في حالة خوف وترقب دائم ومستمر، فهذا يشغل تفكيرنا بدرجة كبيرة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمستقبل مجهول مفقود الأمان.
نتعرض لقصف مستمر من إعلامهم الخطير، بالصور الجنسية، وصور العنف، والرياضة، والصور المرعبة، فننشغل بأمور سخيفة مثل: لاعب انتقل من فريق إلى فريق أخر، مولود جديد في الأسرة الملكية، طلاق فنان من فنانة.. ولادة نمر أبيض في إحدى حدائق الحيوانات..إلخ... لكننا لم نفطن للحقيقة المرعبة المتمثلة بأن الكوكب يحتضر ويندثر تدريجيا، والملايين حول الأرض يموتون من الجوع والفقر والحروب والحرمان من الحب والعاطفة، إنها طريقة مظللة وأساليب تلاعب مؤثرة، عندما نتعرف على الحقيقة التي طالما أخفيت عنا، سوف نقيم حينها المدى الذي نستنزف فيه وقتنا الثمين جدا، يوميا وعلى مدار الساعة.
إعداد علاء الحلبي
