التوراة والعهد القديم ... معنى التاروت الباطني

[سيد الأحجار السبعة]

التوراة والعهد القديم ... معنى التوراة الباطني​

المقال التالي سيحكي لك الحكاية التي حرّم عليك أن تعرفها …
إن العهد القديم كتاب تاريخي ، يحتوي في جعبته سير وقبسات الأنبياء ، لكنه ليس مقدساً بحد ذاته لأنه سجل ، ستجد فيه الكثير من كلمات النبوة والحكمة ، مختلف عن الأناجيل القانونية وسفر رؤيا يوحنا فهي كتبٌ مقدسة وفق إعلان من بلّغوها ، لأنها جاءت من الوحي دون التسجيل والنقل … أما اسم الكتاب المقدس فيدل على مجموعة أسفار العهد القديم والأناجيل القانونية وأعمال الرسل وسفر الرؤيا ، واسمه البايبل أو كتاب الحياة ، والكثير من أسفارها يُمنع الاعتراف بها رسمياً.
التوراة هي موضوع خاص جداً وبعيد عن كل ما حكيته لك، لأن كلمة التوراة ذُكرت في العهد القديم على أنها كتاب نزل على موسى ثم عهده إلى يشوع ثم حفظ في تابوت العهد ولكنه لم يخرج بعدها ، وفي القرآن الكريم اسم التوراة يعود إلى الألواح التي نزلت على موسى وليست نصوصاً ، وقد حولها بنو إسرائيل إلى قراطيس وسأشرح معنى ذلك ، وأخفوا الكثير منها ولم يطمسوها … وغيروا ترتيب الألواح وبعض رموزها.
{( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ۗ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَىٰ نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ ۖ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا ۖ وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ )}
القِرطاس كلمة عربية الأصل، كلمة فصيحة الميزان الصرفي ، والكلمات الفصيحة لا داعي أن تكون أعجمية حتى ولو لم يستخدمها العرب، يوجد عشرين مليون كلمة عربية ، أظن أنك أنت لا تعلم منها إلا عشرين ألفاً ، لا يوجد عربي يمكنه أن [ يحتوي العربية ] … تحولت كلمة القرطاس إلى χᾰ́ρτης [ كًارتس ] في اليونانية والتي تحولت لاحقاً إلى Carte و Card والتي تعني بطاقة لها رسوم وزخارف واستخدام محدد.​

العربية لغة الكون ، أقدم من كل اللغات ، فهي التي تقتبس اللغات عنها وليس العكس … وهي ليست لغة أهل الجزيرة فقط …
​

معنى القرطاس بحسب الأحرف : القِرط هو القيمة المرئية للطور الزمني ق ر ط والسين حين تضاف تعني المعادل الزمني الموضوعي للمعنى، فيكون القرطاس هو الرمز الذي يدل على قيمة الطور الزمني ، والطَور سلسة من الكائنات والأحداث التي لها دلالة محددة في الترتيب ، كـورق الشدة مثلاً … يوجد تطور للورقة من الجوزة إلى الأشيب ثم تتحول إلى القص أو الجوكر. الورقة الواحدة ليست قرطاساً لكن المجموعة الدينارية قرطاس.
هذه دلالة إلهية عن معنى التوراة ، أقرب كلمة للتوراة هي [ التاروت ] وهي نفس كلمة التوراة، فقط بتغيير ترتيب الأحرف، وهذا نوع من أنواع التشفير الكابالي.
التاروت لمن لا يعرفه : سلسلة من الألواح أو البطاقات التي تحكي أسرار الوجود وقوانين التفاعل والتكوين بصيغة ترميزية صورية ، وحسب الذين أورثوه إلى العالم ، يُنسب كل التاروت إلى نبي من أنبياء الله اسمه "هِرمس" ، وهرمس كلمة مركبة من كلمتين مقطوعتين [ Her Mas ].

كما ترى … التاروت كتاب رمزي ، وهذا يعني أنه يعبر عن أمور شمولية ويمكن رسمها بأشكال لا نهائية ، لأن كل كائن أو حدث يمكنه أن يأخذ تعريفاً ووصفاً دقيقاً لحالته وعلاقاته البيئية بحسب رموز التاروت، ذلك صحيح سواء كان المعرّف إنساناً أو غير إنسان ، فهذه الرموز تعبر عن الجوهر الروحي العميق للوجود والذي يرسم التصاميم الهيكلية لمسارات الزمن وأحداث الحياة وكيانات العالم.
كل جزئية ترصدها ستتجسد كشيء محلي عن أحد تلك النماذج العليا بقدر ما سيكون لها اتصال بتصميم الكون وببنيان الزمن ، بحيث يمكن فهم أي مجال للحياة بكل أسراره من خلال إدراك تفاعلاته العميقة حسب قوانين التاروت،
قد يبدو لك موضوعٌ عسكري مثل العقيدة الاستراتيجية ، أو تقني مثل الذكاء الاصطناعي ، معقداً جداً لتفهمه بشكل بسيط، وسيكون عليك حفظ معلومات كثيفة غير مترابطة ظاهرياً والتعايش مع بعثرة المعلومات، ولكن التاروت يمكنه أن يجعل تلك المعلومات مرتبًة لأنه يكشف علاقاتها وفق نموذجها الوجودي الكلاني ، بحيث تكون كافة مجريات الموضوع وخصائصه منظمة بعلاقات هرمية ، غير عشوائية.
أي أنك ستستخدم أسلوب الهرم في نموذج المعرفة للموضوع المحدد عوضاً عن نموذج [ الشبكة ] ، بحيث أن كل شيء سيأخذ موقعه الصحيح ، كما أن الأمور الظاهرية ستبدو كتمثيل لأشياء أعمق منها على المستوى الحسي ، ستدرك ذلك بقليل من التركيز.
هذه أحد جوانب التوراة ، ولكن التوارة أهم من كل هذا لأنها تشرح طريق الحياة بأسره وأسرار الزمن …
هرمس : يعرف بأنه أعلم أهل مصر وسيدهم ، وريث أسرار أنبياء الحضارات السابقة ، وبأنه أحد العابرين للزمن والذين لا تقيد أرواحَهم السلاسل الزمنية ، ويسمى هرمس بثالوث العظمة …​

وحتى يومك هذا، يأتي إلى الهرم الأكبر ماسونيون كل سنة ويحاولون استدعاء روح هرمس … من خلال الابتهالات والشعائر والتنويم المغناطيسي، لأن الذي يستدعي روح هرمس سيعرف أجوبة أكبر من قدرة البشر على توفير الوصول .
​

يتوافق هرمس وموسى بثلاثة خاصيات :​

1. كلاهما عاش في مصر والبلاد القريبة منها.​
2. كلاهما يوصف بالعلم العظيم وحيازة الأسرار العليا، ولديه معرفة الكثير من اللغات ، يعرف سيدي موسى كيف يقرأ النجوم وكيف يتحكم بالواقع المادي {[ آتيناه حكماً وعلماً وكذلك نجزي المحسنين ]} ، من المهم جداً أن تلتفت إلى ذكره .. أن التعاليم اليهودية الكابالية تعزو كل منظومتها تقريباً إلى هرمس مثلث العظمة، حتى وكأن موسى غائب الذكر فيها، ذلك لأن [هرمس ] هو الاسم الباطني لهارون وموسى.​
3. الدعوة واحدة لهما : كان هرمس يخطب في شعب مصر وخُم وأبناء أمنتي المتبقين ليعظهم على زجر النفس والتصوف والتلفت إلى الوجود الأعلى والعبور نحو العالمين ، والزهد في الدنيا، ويُنسب إليه ثلاثة كتب في رد العلم إلى الأصول الأخلاقية، ودعى الناس للإيمان والثقة أن التكوين الزمني يبنى بالكامل على الأخلاق والأمور الداخلية، لا على الأسباب الخارجية والمادية، وأن قوى الوجدان الصادقة تتحول إلى قوى للتكوين الزمني ، ويحاكي الواقع المادي هذه الوجدانيات ، فتتجسد الحضارة من العزيمة والتركيز للوعي وليس من توافر المقتضيات الخارجية، ويتحقق الشفاء عند رغبة الحياة ووجود المعنى الروحي والإصرار والإحساس الداخلي بالبهجة والسكينة، ولا علاقة للشفاء بوجود الدواء المادي ومن كتبه: كتاب زجر النفس ، كتاب المتون ، كتاب ألواح الزمرد … وهذه هي دعوة الأنبياء دائماً ، أن الأخلاق والقيم هي العلوم التي تكشف حقيقة الوجود وما يكون أعمق من مظاهره وتورث ملكية العلل والتفاعل التكويني والقوة التي لا تعتمد على الأسباب.​

كلمة هرمس تتشابه مع إسمَي ( هارون وموسى )، وللعلم أن النون بعد الواو في آخر الأسماء الشخصية لها دلالة روحية وجودية، ويمكن للكلمة التعبير عن معنى قريب حتى مع إزالة النون. يعزى إلى هرمس أنه كتب ألواح الزمرد وعلّم لغات كثيرة للناس ، منها الهيروغليفية القديمة ومنها العبرية القديمة.
التاروت فهو كتاب من القرطاس ، يتكون من أربعة مجموعات من الكروت [ القراطيس ] موزعة حسب مبادئ التكوين الأربعة ، ويناظر ترتيبها ترتيب الأحرف العبرية والأسماء الإلهية الاثنين وعشرين الكُبرى وكذلك الفُلك الاثنين وعشرين الكُبرى ، التاروت يشرح كل التفاعلات الزمنية بلغة الرمز ويوجد عشرات الكتب المرجعية التي تتحدث عن ذلك ، لكن ملاحظة مهمة ذكرها ألبِرت بنجامين نقلاً عن الكابالي الغنوصي A.E WAITE في كتابه The Pictorial Kay To The Tarot :​

ليس هناك طقوس سحرية أو عقائد معلنٌ عنها تحتوي أو يمكن أن تحتوي المعرفة المقدسة الصوفية الخالصة ، وذلك لا يرجع إلى وجود أو إمكانية وجود أي تعليم يجب أن يكون سرياً يخفى عن العامة ولكن ، لأن المعرفة وقعت في عُهدة أولائك الذين عملوا على إخفائها بتقنيات فعّالة ، وعلى الرغم من تسريب بعض العلوم السرية من وقت لآخر لكنا الصوفية الحقيقية لم تنفُذ من قبل أبداً …
هناك تقليد سري يخص التاروت كما وهناك علوم سرية واردة فيه ، لقد أتبعت جزءً منها دون تجاوز الحدود الموضوعة حول هذه المسائل من هذا النوع والتي تنتمي إلى تقليد قوانين الشرف Honor of Law.
هذا التقليد له جزئين ، وبما أن أحدهما تم تبليغه كتابياً فإن الآخر قابل للتسريب في أية لحظة ، وهو ما لن يُسمح به على الإطلاق ، لأن الثاني كما نوهت، لم يصرح به في الوقت الحاضر وتحمله على أرض الواقع قلة قليلة جداً.
​

يعقب ألبيرت بنجامين في كتابه { التاروت المقدس Sacred Tarot } :​

رجل العلم الحقيقي لديه ولاء لمعايير مختلفة تماماً عن تلك التي يتبناها ورثة العلوم الباطنية ، رجل العلم الحقيقي لا يحجب ما يكشفه أو ما يكتشفه غيره لصالح مجرد قلة قليلة مختارة ، ويرى الحق في إعطاء العلم أياً ما يكون للعامة وليس هناك مجموعة واحدة لها الحق ولكن كل الناس ( ومن وراءهم كل ما له قيمة حقيقية في الوجود ) يجب أن يحرزوا النجاح.
ظهر لي دوماً أناينة تلك المجموعات من الناس التي تمتلك حقاً علماً نافعاً للجميع وتحتفظ به لنفسها، هذا هو السبب ، أني أرى السرية في أي أمر يقرب الروح لإدراك الحقيقة والوجود أو يسهم في رفع السعادة أو تسهيل طرق الروح فعلاً ليس أخلاقياً ولا له فضيلة …
​

إليك في النهاية قسماً من نماذج التاروت التي وُجدت في الآثار المصرية مصداقاً لأصولها في هذه البلاد تاريخياً، أثريات نحوت تطابق الماجور أركانا الحديث :

تحياتي وسلام الله …​