هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

دعوة الحق ومكنون الزمن ... تكوين الزمن عبر القوة المغناطيسية الحيوية وطرق الاستعانة بحضورها في ذاتك

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
599
مستوى التفاعل
1,077
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com

مرحباً بكم ...​

أنا إيليوس عابر الزمن الثالث ...
أرغب بتقديم سلسلة كتاب عن القوة الحيوية المغناطيسية وتطبيقاتها وتقنية تعلمها ومعانيها الكونية ، لأنها رؤية للكون لها منطلفات إدراكية بعيدة عن بقية الرؤى الأخرى ، وحتى يستيقن البعض أن هذه العلوم دقيقة ومنهجية جداً وقابلة للتجريب ذاتياً وموضوعياً ، وكم هي مهمة بالنسبة للإنسان أن يتعرف عليها ... وأنها قادرة على تغيير تفاعله مع زمنه بالكامل ورفع مستوى وعيه بطرق منهجية أخلاقية ، تسمح له بإدراك ما خلف البصر من الحقيقة ...

يجب أن نقول أولاً أن هذا العلم لا يجب أن يُقدّر بالمال ، لأن من لديه هذا العلم لا يحتاج إلى مال أصلاً ويستسخف هذه الرؤية في التفكير ، ولا يحتاج إلى مراعاة آراء الآخرين والانشغال عن الحقيقة برؤيتهم الشخصية القاصرة ومراعاتها.

سيتم عرض الموضوعات على النحو التالي وبشكل منهجي :
1. مقدمة تعريفية إلى علوم التنويم المغناطيسي
2. تاريخ علم التنويم المغناطيسي والمسمرية
3. النظرية الأساسية في المغناطيسية الحيوية في إطار الرؤية الكينيائية المقدسة
4. التقنيات التدريبية والتطبيقية
4. التطبيقات العملية والملاحظات

ما سأقدمه حالياً يستند إلى لغة المنومين والمغناطيسيين السابقية ويستعين بالبيانات التي قدموها مسبقاً في كتاباتهم وفي أعمالهم ... لأن ما قدموه من عملية صناعة أطلس للمصطلحات والدلالات وفر الكثير من العناء لاشتقاق مصطلحات ودلالات جديدة ، كما أن وجود فيض من البحوث التي قدمها سابقون يجعل القارئ يثق أكثر بالنظرية للاسف ، لأنه سيزيل فكرة أنها ضرب من الجنون والأوهام ، لأن تفكير البشر مبني على المقارنات .

ستجد المقدمة هنا :

بسم الحي القيوم ...

(1) فرانس أنطون مسمر



ولد فريدريك أنطون مسمر في بلدة (weil) قرب منطقة يترك فيها النهر بحيرة تسمى "بحيرة الثبات"، سنة 1733 في الخامس والعشرين من أيار.

درس مسمر الطب على يد أساتذة معروفين في فيينا في ذلك الزمن ، وبدا ممارسة الطب بعد حصوله على الإجازة ، ورغم أنه طبيب أكاديمي إلا أن علم الفلك (Astrology) أوقد الشغف فيه ، ورأى النجوم تؤثر على نفوس الكائنات الحية على الأرض ويظهر تأثيرها موضوعياً ، متسائلاً عن القدرة التي تحوزها النجوم وتؤثر من خلالها.

حدد مسمر في البداية طبيعة التأثير الفلكي على أنه مجال كهربائي ، ثم عدل وصفه التقني ليكون "مجال مغناطيسي" وكانت تلك الخطوة التي تسبق مباشرة تصوره لإمكانية علاج الامراض والإصابات من خلال توفير مجال القوة المغناطيسية نفسه الذي توجهه النجوم وتوجهيه بالنحو المناسب للعلاج.

نشر في سنة 1766 كتابه الأول (De planetarum influance) "تأثير الكواكب" ، وبعدها بعشر سنوات التقى بالكاهن المشهور بالدعوة إلى الخوارق (Gassner) في (switzerland) ولاحظ أن هذا الكاهن يمكنه إحراز نوع من التأثير العلاجي على المرضى دون أن يستخدم أدوات مادية لذلك، وكل ما يفعله هو الإيماء مما أوحى لمسمر بوجود قوة في نفس المعالج تمكنه من تحقيق أثر على نفس المريض وجسده ، وذلك هو ما قاد مسمر إلى ترك الاعتماد على المغناطيسات المادية بعد أن أدرك وجود مجال مغناطيسي قابل للتوجيه متحد مع الكينونة الحية ومتوفر لكل إنسان.

في سنة 1778 تم نفي مسمر من النمسا إلى باريس نتيجة احتجاج الأطباء المستمر عليه ، ومع دخوله إلى فرنسا تحولت العاصمة الفرنسية خلال وقت قصير إلى مدينة شغوفة تحت تأثير معجزات الشفاء المسمرية الجديدة ، وقريباً سيبدأ مسمر فتح الباب الذي أحدث تحولاً كبيراً في مسار الفكر الفرنسي والعالمي والذي سيمتد ويتوسع إلى الأبد.

أحدثت رؤية مسمر الكونية والأساليب التقنية الناتجة عنها الكثير من الخلافات ومفارق الطرق في الفلسفة والعلم والفكر التي ستطرأ تدريجياً على العقل الفرنسي وتراثه ونمط تفكيره عن العالم ، حيث أنه وبينما كان قد جلب مسمر على نفسه سخط كلية الطب في باريس والتي زعمت أنه دجال () فإن الناس تزايدوا سعياً إليه وطلباً لتعلم هذه الرؤية وهذه الأساليب.

طلبت الحكومة الفرنسية أن يكشف مسمر عن سره مقابل 20000 فرنك ولكنه رفض ذلك ، ولكن من شبه المؤكد رسمياً أنه كان يعلّم أسراره في دورات خاصة مقابل 300 لوسية، وتلقى الكثير من المبالغ كمكافآت وهدايا خاصة من قِبل بعض الخاصة.

كانت عيادته خافتة الأضواء مع مصابيح معلقة على المرايا وقليل من الموسيقى الهادئة التي تحاول تخفيف رهبة الصمت ، توحي للمعيدين والزائرين بتجليات الغموض ... العطور فتوح في الغرفة ، والمرضى يجلسون حول جرّة كبيرة فيها مواد كيميائية موقدة على نار هادئة ، وهم يراقبون بهدوء وصمت ، ويضع بعضهم أيديهم في أيدي بعض أو يتم وصلهم معاً من خلال حبل يعمل على نقل القوة المغناطيسية ، ثم يمر عبرهم مسمر المرتدي لعباءة الساحر ويؤثر على أحدهم بلمسة ، وعلى آخر بالتحديق في عينيه ، ويمرر يديه بالجو نحو الثالث صانعاً تموجات غامضة ... كانت التأثيرات متباينة بين المرضى ولكن الجميع أحس بالفائدة العلاجية .

السيدات العصبيات دخلن في نوبة هستيريا وأغمي عليهن ، بعض الرجال أصبحوا يرتعدون ولوحظ اضطراب خفقان قلبهم ، وبعضهم اضطرب جسده بالكامل.

عينت الحكومة الفرنسية لجنة من الأطباء والأكاديميين للنظر في هذه الظاهرة المدهشة ، وتم ابتعاث رجال على مستوى العالم للتحقيق فيها ، منهم فرانكلين وبايلي ، وسميت اللجنة باللجنة الملكية ... قدمت اللجنة تقريراً مفصلاً يعترف بالكثير من الحقائق التي أثبتت عملياً دعوة المسمرية ، ولكن الاعتراض كان على نظرية مسمر حول الأثير أو ما سماه ب"الحقل المغناطيسي الحيوي" (animal Magnetism) وعزو تلك التأثيرات الملاحظة إلى عوامل الوهم والإيحاء الذهني.

مسمر نفسه كان صوفياً غنوصياً بلا شك ، ورغم أنه حقق الكثير من النجاح واسمه صار معروفاً وترك أثراً بارزاً في التاريخ وعلامة لا يمكن أن تمحى ، إلا أنه كان صادقاً في إيمانه أن تلك الظاهرة الناتجة عن تقنياته كانت تنتمي لقوة حقيقية وتستدعي مزيداً من الباحث وأصر على موقفه.

رغم ذلك كله ، وقعت المسمرية لبعض الوقت في فخ سوء السمعة وارتبط ذكرها بأنظمة الشعوذة ، مسمر نفسه اتُهم باللامنهجية في تحديد ومراجعة معايير تجاربه وبالانتحال من مشعوذين غربيين سابقين.

وهذا ما جعل مسمر ينسحب من باريس ويتوقف عن حركة الدعوة ويركز على التعليم ، ويتوفى في (mearsburg) في (Switzerland) في سنة 1815 الخامس من آذار .... تاركاً وراءه الكثير من التلاميذ.​
 
التعديل الأخير:

(2) ما بعد مسمر ...

أكثر من أثار الجدل من تلامذة مسمر هو (Marquis de puysegur) هذا الروائي الأديب كشف عن فنون المسمرية من خلال إثبات مجال لتحقيق الكثير من الظواهر المغناطيسية بإيماءات لطيفة تؤدي للنوم من دون محيط غموضي ومن دون الوسائل العنيفة التي كان يستخدمها مسمر.

هذه الطريقة الألطف في التنويم اتبعت بنجاح من قبل (deluze) و(bertrand Gearget) و (postan) و fiossac في فرنسا ، ود.جون إليوتسون في إنجلترا حتى سنة 1830.

في سنة 1845 جذب البارون (van reicherbach) انتباه الجماهير عبر إعلانه عن قوة غامضة تسمى (Odyl) و واعتماده عليها في علاجاته التي سماها (new Imporderable) أو (Intluence) والتي تم تطويرها من خلال كريستالات معينة ومغناطيسات يتم تعريض المريض لها ، تؤثر على الجسد البشري وترتبط بقوة بالقلب والتفاعلات الكميائية والكهروبائية، وتوجد عبر الكون بأسره.

الأشخاص القادرون على تحسس قوة (Odyl) يسيتطيعون أن رون النور مشرقاً كأشعة أو لؤلؤات قرب أعمدة المغانط أو حتى حول أيادي ورؤوس أشخاص معينين ، وهم الذي يحوزون في أجسادهم قوة () بلغت حداً يمكن ملاحظته بالعين المجردة موضوعياً.

في بريطانيا أعطيت دفعة قوية لنشر نظريات البارون عبر ترجمة بحوثه في سنة 1850 ودمجها ببحوث (Dr.gregory) بروفيسور الكيمياء في جامعة أدنبرغ ونظريته التي سماها (vital force)، تظهر هذه الأبحاث أن العديد من الظواهر لها الطبيعة ذاتها التي للظواهر الموصوفة سابقاً من قبل مسمر وحتى قبل مسمر ( من قبل سويدنبورغ ) .

والحقيقة أن هذه القوة تعبر عن نفسها بظواهر كثيرة في الوجود ولكن بعض هذه الظواهر لها الأفضلية العلمية للدراسة من قبل الباحثين الأكاديميين ذوي العقلانية المادية والمحجمين عن البحوث الباطنية والإدراكية ، لأن هذه الظواهر التي يفضلونها على غيرها قابلة للتكرار على نحو تجريبي ، وهذا ما يجعل الظواهر التي تنتمي للقوة المغناطيسية الحيوية في الكون والتي لا تقبل التكرار تقع خارج فئة البحث التجريبي الذي يقوم به المجربون.​

"نحن لا نحتاج إلى التجارب لإثبات رؤيتنا للكون ، نحن نحتاج إلى إعادة فهم النتائج التجريبية والأحاسيس المادية الموجودة فعلياً ضمن مسار الزمن الحالي".

الخطوة العظيمة
التالية التي تم إحرازها في مسار البحوث العلمية الخاصة بالقوة الكونية الحيوية تم تحقيقها من خلال الدكتور () ، جراح في مانشستر والذي بدأ في سنة 1841 دراسة دعوات المغناطيسية الحيوية ، كما وصف نفسه لكلماته "كمتشكك كلياً" تجاه ظاهرة المسمرية بأسرها.

قاده ذلك البحث إلى اكتشافه لقدرته على اصطناع حالة شرطية خاصة للعقل () من حالات فيزيولوجيا النظام العصبي يتم إحداثها بالثبات والتركيز وتوجيه الانتباه للعقل والنظر للعين على موضوع محدد واحد.

وهذا الموضوع ليس من الموضوعات البيئية المثيرة للفت الانتباه.

لهذا الإشراط كموضوع بحث علمي ، أعطاه اسم : nueru-hypnotims

بسبب الإيجاز عند انتشار المصطلح تم دبغ كلمة (neuro) والإبقاء على (Hypnotism) والتي صارت المرادف الرسمي العام لنظرية جيمش بريد .

قرأ بريد ورقة في مانشستر في حضور اجتماع الرابطة البريطانية العلمية سنة 1842 29 تموز عنوانها : Practical essay On the curative Agency of neuro Hypnotism

وقدم بحوثاً بعنوان : the rational of the nervuse sleep - neurypnology - nirvous sleep considred on relation with animal magentism

والذي تم نشره في سنة 1843

العديد من المؤلفين العلميين القاريين بعد ذلك حصلوا على نتائج منهج بريد العملية ولكنهم لم يقدروا القيمة العلمية الحقيقية لبحوثهإلا بعد 40 سنة مضت من نشرها.

بلا شك ، كان بريد أول من قام بمعالجة المعطيات الخاصة بالظواهر المغناطيسية الحيوية بطريقة علمية تجريبية صارمة ومحاولة إعطاء تفسير سيكولوجي لها ، وكان أكبر مؤيديه في هذا هم السيكولوجي (Herbert mayo) و ((Dr. william .b Carbenter) الذين كانا الأول في إدراك قيمة بحوث بريد كمصدر مؤثر في بناء نظرية تلازم الأفعال المنعكسة مع الجهاز العصبية ( بالتحديد تفاعلات العقدة العصبية في نهاية الدماغ ) ، والتي اشتهر بها كاربنتر.

استناداً إلى بحوث بريد عن التنويم ، خلُص كاربنتر إلى أن العقل اللاشعوري والأفعال المنعكسة تتكيف مع البيئة بمعزل عن سلطة الوعي المباشر ، خاصة عند غيابه الطوعي عن سلطته – كما في حالة التنويم – وهذا يعطي لها المجال لتستوعب من البيئة اقتراحات وأوامر ، أو تتكيف مع معطيات وفق الأوامر والذكريات السابقة لتبني عليها أحكاماً وسلوكيات جديدة.

هذا يعني مجال بناء مشاعر وآراء وأفكار جديدة واستراتيجيات كاملة تقود الإنسان لحظة الوعي ، تم تزويده بها أثناء اللاوعي عبر أفكار واقتراحات مسبقة
 

(3) التفسير الفيزيولوجي للتنويم المغناطيسي

الانطباعات الحسية بين الذاكرة والإدراك
كشف علم الأعصاب في القرن التاسع عشر العضو الدماغي الذي يستقبل الانطباعات الحسية الصادرة من البيئة الموضوعية عبر العقد العصبية في أجهزة الاستقبال الحسي الجسدي ( العيون – الآذان – الأنف – الجلد – اللسان ) واصطلح عليه اسم sensorium ، كل واحدة من هذه المراكز ترسل بياناتها للدماغ في تآلف حميم مع بقية الأنشطة الحسية المتناغمة مع مسار تركيز الوعي.

قد تكون الانطباعات المستقبلة من الخارج والمرسلة إلى الدماغ عابرة وهلامية إلى درجة أنها لا تترك سوى انطباعاً باهتاً في الذاكرة ، وحينها سيمكن تذكرها فقط إذا لم يمر وقت طويل جداً منذ حدوث الانطباع على الجهاز الحسي.

إذا حدث تذكر للانطباع الحسي بأي وسيلة ، ربما يمكن استعادة قدر أكبر مما يبدو حالياً بالنسبة إلى الإدراك ، ربما تكون هذه الانطباعات الغائبة عن الوعي مدركة حسياً بوعي باطني ، وحينها فأي تأثير ظاهر أو ناتج لها قد يختفي من الوعي المباشر ، لكن هذه الانطباعات رغم عدم وعي المرء بها ، تسبب تغييرات في مجموعة الفعاليات العصبية التي تنتمي إلى الحركة الجسدية اللاإرادية ، والتبي تبدو وكأنها تتطور كمكوّن من الشخصية الانعكاسية ( الشخصية الخاصة بحالة اللاشعور والتي تظهر في أثناء غياب الوعي عن تنظيم الجسد ).
[1] التمييز بين المعطيات البيئية الشبحية والواضحة :

المعطيات الشبحية ( Fandom Data ) هي التي لا يركز الوعي انتباهه عليها مباشرة مع أنها تقع ضمن إطار إدراكه الكلي ، ولذلك إما أن يهمشها تماماً أو أن لا يفهم المغزى الحقيقي منها ، وهذه المعطيات ليست أموراً غائبة عن الإدراك ، إنها حاضرة ولكن لا انتباه يقظ إليها.
المعطيات الحاضرة إليك تنقسم إلى معطيات كلانية الإدراك لا تحتاج إلى الجيئة والذهاب ، ومعطيات زمنية الإدراك يتوقف رصدها على مناطق معينة وصور معينة وإطارات زمنية معينة.
المعطيات الوجودية الحاضرة إليك دائماً والتي تغفل عنها هي الزمن نفسه ـ الإطار الإدراكي نفسه _ الذات وقواها _ الحقيقة ومعانيها - القيم من الواقع والحياة من الوجودد _ الله ....

المعطيات الشبحية الغير حاضرة إليك على نحو متحد مع كينونتك ومستمر في التواصل هي عناصر الصورة التي تراها ولا تكترث بها ، مثل صورة الغرفة ، فيها الكثير من العناصر التي لا تتحسسها بوعي ، أغلب هذه العناصر إما أن يكون مكرراً جداً وإما أن يكون هامشياً جداً لاهتمامك اليومي.

كشعر آينشتاين ، أو كصحتك الجسدية ، أو كالكتب التي على رفوفك ... أو كالوعود التي قطعتها منذ زمن طويل ... أو كجماليات أثاثك المنزلي ... أو كشعاع الشمس وكالشجرة التي تمر بها كل يوم دون أن تسال نفسك عن كينونتها وحقيقتها ....

المعطيات الإدراكية تكون واضحة أو شبحية على قدر ما تنتبه إليها وتتآلف معها وتحبها وتهتم بها وتقيمها ، أو على قدر ما تجبرك قوتها التأثيرية على الاكتراث القسري لها كما يحدث في الزلازل والبراكين والصيحات والصعقات ويوم القيامة.
 
التعديل الأخير:
[2] إدراك المعطيات الحضورية وتمييزها عن الحسية بالنسبة للوعي

افترض وجود الشخص x في الظلام ويتوجه إليه فجأة شعاع ضياء يعبر أمام ناظريه ، رصد الضوء يؤثر على هيكل شبكية عينه التفاعلي وحدقته وبؤبؤه ، وأثناء تقلبات وضع الجهاز العصبي والمركزي قد يكون الشخص واعياً وقد لا يكون :

1. تأثير المعطيات الشبحيية على الجسد والذاكرة في حالة اليقظة :

إذا كان الشخص مستيقظاً كفاية ومركزاً على البيئة جيداً سيرى النور ، إذا لم يرى الشخص النور بوعيه وهو مستتيقظ فذلك لأنه منشغل بالتركز على شيء آخر يأخذ كامل اهتمامه، كالاستغراق في حديث أو قراءة رواية، فتكون تغيرات الشبكية والجهاز العصبي المركزي نتيجة رصد الوميض هي الدليل الوحيد على رؤية عين الشخص الفيزيائية للضوء السريع العابر ، والتي لن تتغير شكلانيتها سواء كان في حالة نوم أو يقظة.

2. رصد المعطيات الشبحية في حالة النوم بالنسبة للجسد والذاكرة :

النوم يعني انعزال الإدراك الواعي عن البيئة ، والاعتماد بالتفاعل معها على الجسد وإدارته بالكامل عبر فعاليات بيئية لاشعورية ..

والجسد لا يتلقى أوامر من الوعي الغائب ولكنه مجهزة بآلية تشريحية تستغل القوانين الفيزيائية والكيميائية لإنتاج ردود فعل معينة لا تحتاج إلى أوامر مسبقة ، فتعرض أسفل الركبة لضربة من قضيب صلب برفق من شأنه أن يجعل الرجل تنتر للأمام في حركة لا إرادية ، مبنية على تكوينها التشريحي الذي يوجه الطاقة الممارسة عليها بشكل ينعكس بطريقة معينة.

أي أن الجسد تفاعلي حتى أثناء النوم ، وفي الحقيقة فإن جسد النائم يعكس الطبيعة التفاعلية الحقيقية للكائن البيولوجي من غير روح توجهه.

في حالة الشرود عن معطيات البيئة يمكن للشخص الإحساس بعبور الضوء أو مرور المعطى الشبحي على نحو هامشي ، بحيث يكفي قليل من زيادة التنبيه عليه حتى يلتفت هذا الشخص له.

أما في حالة النوم العميق أو العادي ، أو في حالة التنويم ( النوم الموجه ) لا يمكن للشخص ملاحظة الضوء والمعطيات البيئية الهامشية. ولا يمكنه تذكره وهو باليقظة بعد النوم ، ولكن ردة الفعل الفيزيولوجية على تأثيرات بيئته لن تتغير ، سيبقى يدرك الضوء بعينه التي تتوسع وتتضيق حسب مراحل عبور الضوء من افق رصدها، وقد يتسبب الضوء العميق بردة فعل حركية في الجسد. الذي سيحاول تجنبه لا إرادياً ولا شعورياً.

أي أن الراصد اليقظ يمكنه أن يدرك الموضوعات الشبحية عندما يتنبه إليها ، والراصد النائم لا يمكنه إدراكها حتى ولو تم تنبيهه نحوها وهذا يعني أن الرصد الحسي موجود لدى النائم واليقظ معاً ، ولكن أحدهما ينتبه والآخر لا ينتبه.

هذا هو الفرق بين الرصد الحسي وبين ( الانتباه ) Attention

وهو البوابة لتفرق بين المعطيات المادية والمعطيات الروحية والعقلية والماورائية.

ومن المهم ملاحظة أن الرصد الحسي للموضوعات المادية منفصل عن الانتباه في حالة النوم واليقظة ، لأن الانتباه ليس ردة فعل منعكسة عصبية على الموضوع المحسوس. كما أنك تستطيع قياس الانتباه موضوعياً ولكنك لا تستطيع التعرف عليه بنائياً بدراسة موضوعية ( لا تعرف ما هو الانتباه ؟ فقط من خلال ملاحظته من الخارج )

الإطار الذي يصدر عنه معطيات حسية مادية نسميه بالبيئة Enviroment أما الإطار الذي ليس له حدود مادية بالضرورة ويعتمد على الوعي Consciuosness نسميه ( الإطار الزمني ).

المعرفة الحسية والتجريبية تأتي من البيئة ، المعرفة الإدراكية تأتي من الإطار الزمني ، والمعرفة التجريبية بعدية دائماً أي أنها تحدث بعد التجربة والتفاعل مع موضوعات مادية معينة ، أما المعرفة التي تصدر من الإطار الزمني الوجودي قبلية ، أي انها لا تعتمد على أنماط معينة من الأشياء التي ستتفاعل معها وتعايشها تجريبياً ، فهي غير موجودة ضمن المعطيات المادية ، حتى ولو كانت هذه المعطيات تساعد على التمييز بين مجموعة المادة وعالم الإدراك.​
 
[3] مجال الذاكرة المعطيات الحسية الهامشية :

الذاكرة والانتباه :

عادة ما نقول إن الذاكرة هي استدعاء لصورة الشيء أو لأثره الذي اختزنه الذهن ، وليس له صلة بحقيقة الشيء ، لأن تلك الحقيقة حدثت في زمن معين وضمن علاقات معينة أعطتها واقعيتها كما رصدتها أول مرة.

صورة الشيء الذي يتم تذكره معزولة عن المحيط الخارجي أثناء حالة الاستذكار ، وإحداثيات وجودها لا علاقة لها بالإحداثيات الزمكانية في البيئة المرصودة مباشرة.

ولكن الذاكرة تختلف عن الخيال مبدئياً في انها تصور شيئاً كان له وجود واقعي ذات يوم في خط زمن واقعي ( يقع خارج نطاق حرية الذهن ) ومن المفترض أنه حدث في الماضي البعيد ، ,إذا كانت ستصور شيئاً يحدث في المستقبل فحينها تسمى ب(الاستشراف) أو الاطلاع على المتسقبل أو الرؤية البعيدة أو النبوة.

بغض النظر عن إمكانية حدوث ذلك أو استحالته فهذه هي المسميات الصحيحة.

ثلاثة عناصر تركب كيان الذاكرة :

1. الموضوعات الاستذكارية ( القابلة للاستذكار ) :

عادة نحن نتحدث عن موضوعات قابلة للاستذكار بالنسبة للإنسان العادي ، موضوعات حسية يومية أو تاريخية أو تتعلق بالوجود المادي بشكل أو بآخر ، مثل القلم والورقة والرسالة والشخص والدولة ، ولكن هذه الموضوعات لا تعبر عن مادتها فقط ، فهناك هوية من العلاقات الوجودية تميز كلاً منها ، أنت تتذكر (هذا القلم بالذات) بتفاصيله الخاصة جداً ، أنت تتذكر ( هذه الرسالة بكل انطباعاتها وكلماتها وما تعنيه تلك الكلمات لك ) أنت تتذكر مادة الرسالة ، وتتذكر الأبعاد العقلية للرسالة مثل مفهوم أنها رسالة ، ومثل الدلالات التي تحملها إليك شخصياً.

تتذكر هذه المدينة وهذه الدولة ، بمادتها الظاهرية وبماهيتها الباطنية ، لأنك تتذكر ( الوحدة العلاقاتية) بين مكونات تلك الدولة ، أي أنك لا تتذكر صورتها المادية بقدر ما تتذكر هويتها العقلية.

إنك تتذكر أكثر ( ماهية الشيء وهويته التعريفية ) وليس صورة الشيء المحسوسة ضمن أبعاد ثلاثية وخط زمني معين ، هذه الماهية هي التي تجعل الشيء معرَّفاً ومميزاً ضمن ذكرياتك.

وكلما كانت هذه الماهية مرتبطة مع دوافعك وغاياتك ومعتقداتك ، أي ، مع جهازك النفسي أكثر ، كلما كان استذكارك لها أكبر وأوضح ، وبسبب تلك الروابط يسهل استذكار الصور الحسية والأصوات والمشاعر المرتبطة بموضوع معين.

الموضوع عديم الهوية حتى لو كان محسوساً سيكون هامشياً وسيتعرض للنسيان السريع ، كما في تجربة إبنغهاوس :​

في سنة 1885 قام البروفيسور إبنغهاوس بتجربة تعتمد على استذكار معطيات عديمة المعنى والمغزى ، لفهم العوامل المؤثرة في الذاكرة خارج حدود الاهتمام والانتباه والرغبة :
التجربة بسيطة ولكنها دقيقة وقاطعة ، صنع قصاصات ورقية في كل منها كلمة عديمة المعنوى مكونة من عدة أحرف، بحيث أنها لا تحتوي مفهوماً ذهنياً سابقاً أو تثير مشاعر خاصة تختلف من شخص لآخر.
الكلمات يجب أن تكون غير شبيهة بكلمات أخرى ذات معنى، سواء من ناحية اللفظ الصوتي أو الكتابة ، مثل كلمة Dax , Yat , Ped وهذه الكلمات شكلت ما يقارب 2300 كلمة ، والتي تم تكرارها بانتظام 15000 مرة ، ومع ذلك بقيت هناك كلمات ذات مغزى أكثر من البقية لأنها بادئة لكلمات أخرى أو تشكل جزءً منها مما جعلها ترسخ في الذاكرة أكثر من بقية الكلمات.
كل الكلمات على العموم كان يتم نسيانها مع مرور الوقت ، في الساعات الأولى ينسى النصف تقريباً وفي الساعات التالية يتم نسيان القسم الأكبر ولا يبقى إلا القليل.

ما أثبتته هذه التجربة المملة والجافة أن الذاكرة حيوية ، ولا يمكنها تسجيل الأشياء دون دافع أو اهتمام أو تركيز عالي ، ولذلك لا يتذكر أكثر الطلاب مادة التاريخ والتربية القومية والنصوص العربية القديمة، ولكنهم يتذكرون الكثير من مادة البايولوجيا العامة ، ومن النادر أن تجد شخصاً ينسى ما يتعلمه في علم النفس أو في الفلسفة أو في مادة الأديان ...​

2. الإطار الإدراكي للموضوعات القابلة للاستذكار :

أنت ترى الموضوعات التي تتذكرها بشكل حسي ، كثيراً ما يقترب وضوحه من وضوح حواسك المادية وأحياناً يتفوق عليها ، وتنفعل فيزيولوجيتك بمجرد تذكر شيء يثير القرف أو الاشمئزاز ، أو الشهوة الجنسية ، أو الخجل أو الحساسية أو حتى الجوع والعطش وردود الفعل شديدة التحديد ، تذكر الجليد في جبال الألب المظلمة وأنت بمعزل عن الناس في كوخك المؤقت لرحلتك حول العالم من شأنه أن ينشر البرد في جسدك ولو على نحو خافت ، وتذكر الليمونة يمكنه تحميض فاهك وفمك ، وتذكر القناديل التي في السماء وعلى الأرض في المساء يبحث البهجة والسكون إليك ، وهذا كله يحدث في زمن موازي للزمن الواقعي الذي يعيش فيه جسدك الآن وهنا ، وبغض النظر أين أنت ومتى أنت في جسدك ، تختبر تلك الصور حسياً وعقلياً ووجدانياً وتتسائل لماذا هناك عازل بينها وبين الموقع الذي أحيا فيه حالياً ؟

هذا هو ما يسمى ب(إطار الإدراك) ... إطار إدراكك للمعطيات التي ينقلها إليك جسدك مختلف عن إطار إدراكك للمعطيات التي تتعرف إليها بذاكرتك أو بخيالك ، ولكن الذاكرة على عكس الخيال ، لا تصور لك شيئاً ليس له وجود واقعي ، ولكنها تصور شيئاً ليس له اتصال حالياً بواقعك.

أي أنه منفصل عن خطك الزمني الحالي ، ولكن هذا الإطار فيه كائنات وأحداث ، وقوانين ن وتعاقب ، ربما انت تتحكم بالتعاقب أو تشوه الأحداث ، ولكن هذا لا يلغي أن زمن الذاكرة التصويرية له مسار مسبق يحاكي مسار الرصد الأساسي ، وله كائنات مسبقة تحاكي الكائنات الأساسية التي سبق ورصدتها ، وهذه الكائنات لها هويتها التعريفية وقيمها النسبية بالنسبة لبعضها البعض ولموقفك الزمني منها ، وكذلك لا يمكنك إدراكها كلها دفعة واحدة بل تدركها بتعاقب كما في الزمن الحقيقي ، هذا يعني ان هذه الكائنات تشكل عالماً كاملاً لا حدود له ، وهذا العالم له أبعاده التكوينية التي تأخذ الكائنات فيها إحداثياتها ، وهذا العالم والإحداثيات التي يوفرها هو ( الإطار الذهني ) فإذا كان الإطار المادي هو الوجود المفارق للذات المحلي التكوين ثابت الحركة والقابل للرصد من قبل الجميع ، فإن الإطار الذهني هو الوجود المفارق للذات المحلي التكوين حر الحركة والغير قابل للرصد إلا من قبل الذات وحدها.

3. خط الزمن الخاص بالذكريات :

كما أن الإطار الذهني الذي يحتوي الذكريات لا يتعلق بمجريات أحداثه بهذا العالم ولكنه يوازيها فكذلك الزمن الذهني خارج نطاق هذا العالم المادي الموضوعي ، ولكنه يوازيها ، والعلاقات والتفاعلات بين الكائنات والموجودة في الذهن توازي في حالتها الاستذكارية العلاقات والتفاعلات الموجودة في الواقع الموضوعي المادي.

ومن ذلك يكون خط الزمن الرابط بين أحداث العالم الذهني هو نفسه خط الزمن الرابط بين أحداث العالم المادي ... وخط الزمن هذا رغم أنه يبدو متوقفاً في العالم الذهني ولكنه منعكس تماماً عن ما تم رصده في العالم الحقيقي.

هذا يعني أن الأشياء التي في الذاكرة ترتبط مع بعضها البعض بنفس الروابط التي تربط الأشياء الأصلية في العالم المادي ، وهذا ما يجعل تلك الأشياء تسير وفق خطوط زمنية ...

ولأنها كذلك يمكن تعقب المفقود منها عبر تعقب خط الزمن نفسه ، أو عبر البحث في المكان نفسه ، وهذا يعني أن التجاور في المكان والزمان هو ما يسمح لك بتذكر أشياء بناء على أشياء أخرى إذا أخذتها وفق ظاهرها.

الاستذكار

القوة التي تستطيع من خلالها إدراك الموضوع المفقود في ذاكرتك هي ( الانتباه ) فعندما تفعّل مجرى تيار الانتباه نحو خط زمني معين تبدأ باستذكار الأحداث ، ولكي يحدث ذلك يجب عزل عوامل تشتيت الانتباه عنك وتقوية شعلة اليقظة الذهنية.

بالنسبة لحالة اليقظة : إذا كان الشخص مستيقظاً وانتبه إلى الضوء العابر اعتيادي المصادر والظروف سيحتفظ بذاكرة طيفية لصورة ذلك الضياء والتي تتلاشى روابطها بعقله مع مرور الوقت أو قد تفرغها ذاكرته نهائياً.

حالة التنويم الضعيفة : الآن ، عندما يمر الموضوع بحالة تنويم ضعيفة يمكن للوعي الذي استيقظ عقله ببذل بعض الجهد استدعاء ذكريات شبحية لكل ما حدث أثناء النوم الظاهري حتى الوميض الضوئي ..

هذا يؤكد أن الذاكرة الخاصة بالمحسوسات تعتمد في قوتها على اتصال ( الانتباه الواعي المباشر Attention ) مع العالم المحسوس الناتج عن تفاعل الوجود مع الحواس الخمس ، إذا كانت جهود الانتباه قوية ، الاستذكار سيكون غالباً حيوياً والعكس صحيح.

هذا يعني أن الذاكرة الواعية لا تعتمد على الرصد الحسي ، ولكن على ( الانتباه الشعوري ) والذي سنصطلح عليه ( تيار الانتباه ).

النتيجة : كلما ازداد (انتباهك الشعوري) للشيء كلما ترسخت صورته في أعمق ذاكرتك ... وكلما كان خط الزمن بالكامل موضع انتباهك كلما ترسخ خط الزمن بكامله في إدراكك .

البيئة الزمنية التي تتفاعل مع حواسك نسميها ( إطار الزمن )

الموضوع الزمني الذي تنتبه له ضمن تلك البيئة نسميه ( بؤرة الانتباه )

خط الزمن TimeLine هو تسلسل الأحداث في الواقع الذي ترصده

خط الزمن الذهني Mental Line هو تسلسل صور الأحداث التي رصدتها بقدر ما استطاع عقلك تجميعها ، وهذا الخط هو ما ينشئ أرشيف الذاكرة.

دون اقتران الموضوع Opject بخط زمني معين Time line هو الذي تنتمي إليه فلا يمكنك رصد ذلك الموضوع حسياً

ودون اقتران الموضوع في ذاكرتك بخط زمني ذهني Mental time line فلا يمكنك تذكره ، لأنه لا يوجد شيء يربط ذاكرتك به.

وتعتمد خطوط الزمن الذهنية على قوانين معينة لاقتران الأحداث فيما بينها ضمن الخط الواحد وهي على التوالي : التجاور - التباين - التشابه - السببية ( التكرار التلازمي ) :

عندما ترى كأس ماء تذكرك بحديقة منزل نزرته وانت صغير جداً ، هذه الكأس موضوع زمني خارجي ، يذكرك بإطار زمني أصبح موجوداً في ذهنك بالنسبة لعالمك الحالي ، أي أنها ذكرتك بخط زمني كامل ، عندما تحلله تبدأ بتذكر أصحاب الحديقة والمناسبة والمناخف والشمس والسماء والمراجيح وصولاً إلى نقطة تتذكر فيها أرنباً أبيضيركض في الحديقة ويدخل إلى منزله الخشبي هناك ، لترى على الكأس صورة أرنب تشبهه كثيراً.

إن اقتران صورة الأرنب الحسي في خط الحديقة الزمني الذهني هو ما يعبر عنه ب (التجاور ) لأن كل هذه الصور في الحديقة تنتمي لإقطار واحد وتحدث بسياق واحد موضوعياً والذاكرة سجلت ذلك تناظرياً ، فصار هذا الخط الزمني ذهنياً واختزن في ألبومات الذاكرة.

أما صورة الأرنب على كأس الماء التي تراها الآن في عيادة طبيب الأسنان هي صورة حسية انطبعت على ذاكرتك وزصارت ذهنية ، ولأن ضجيج الأصوات في العيادة خافت أحياناً سمح لك ذلك بالتركيز العالي على الكأس اللافتة لك بنظافتها ولمعانها والصورة المتقنة عليها ، وحين ركزت جيداً تذكرت صورة قديمة جداً يقارب عمرها عشرين سنة أو أكثر ... هذه الصورة الحسية الجديدة ترتبط مع صورة الأرنب القديمة برابطة ( التشابه ).

التشابه هو ارتباط الصورتين بحسب تطابق أعراضهما الخارجية ووظيفتهما البيئية ، أما التجاور فهو ترابط الصورتين بحسب الإطار الحاوي لهما أو الخط الزمني الذي ينتميان له.

تيار الانتباه انتقل من موضوع التركيز الأساسي وهو صورة الأرنب الأبيض إلى الذاكرة في أحد مسارات الزمن التي تحتويها ذهنياً

الانتباه ليس مجرد رصد للصورة الحسية كما هي ، إنه اتخاذ موقف شعوري منها ، لأن الانتباه موجه على عكس الرصد المعتمد فقط على استقبال الحواس.

لكن هذا لا يمنع أن الإدراك الحسي الاعتيادي يمكن أن يمر في أفقه موضوعات كظلال الغيوم على مناظير الطبيعة دون التركيز الثابت عليها ، وبالتالي لا يمكن للاستذكار تتبع إحداثيات ظهورهم الزمكانية ( موقع الأحداث الدقيق على خط الزمن ).
وهذا يجعل وقت الانطباع الحسي للمعطيات الهامشية قصيراً جداً إلى الدرجة التي لا يترك فيها أي امتداد للانطباع الحسي وراء لحظة معاينته.

قد يشرح هذا كيف يمكن أن تحقق جلسات التنويم العميقة فصلاً للذاكرة عن التجربة التنويمية التي عاشها المنوَّم بحيث لا يتمكن من استذكار شيء في حالته العادية من الوعي ، ربما يمكن استدعاء الذكريات فقط بالأسئلة الموجهة والدقيقة الهدف ... الانتباه إذاً ضروري لتكوين تصور ذهني واضح واعي عن المعطى الإدراكي الحسي ضمن الزمن الخاص بالذاكرة.

الذاكرة الواعية : هي مسار ذهني تصوري مناظر للتجربة الحسية الزمنية التي تختبر فيها الذات زمنها بانتباه ويقظة ، مما يجعل الموضوعات تأخذ تعريفاً دقيقاً يمكن من خلاله تذكرها بحسب موقع المعطيات ضمن الخلفية الزمنية.
 
متى يتيقظ الوعي إلى موضوع معين ؟

الإنسان الغارق في التفكير لديه الكثير من المعطيات الإدراكية الحسية التي لا يمكنه التركيز عليها مباشرة مما يجعله غير واع بها.

ليس هناك فرق كبير بين حالة الاستغراق في موضوع فكري معين وبين حالة النوم بالنسبة لجهاز الاستقبال العصبي الحسي ، ولكن هذا الجهاز قد يكون منسجماً مع نوع معين من المعطيات التي يمكنها أن توقظه ، وهي الرسائل العصبية البيئية التي تنتمي لنماذج من الموضوعات التي يعتبرها العقل مهمة جداً أو حسّاسة.

على سبيل المثال : يقظة الأم على صوت بكاء ابنها الخفيف ، على الرغم من أن أصواتاً حاضرة من أطفال آخرين لا توقظها ، واضح أن القيم الفيزيائية التي تعرّف المعطيات المحسوسة ، والانطباع الإدراكي عنها مسألتين منفصلتين عن بعضهما بالنسبة للاستقبال الحسي وأن أحدهما يتبع لفيزيولوجيا الجهاز العصبي والآخر يستخدم الجهاز العصبي كمركز للرصد فقط.

تيار الانتباه الواعي يكون موجهاً عادة نحو العالم المادي على شكل شعاعي ، أنت تستطيع التركيز على موضوع معين أكثر بكثير من غيره ، ومن المستحيل أن تركز على عدة مواضيع بنفس الوقت ونفس المقدار من الانتباه طالما تستعمل وعيك ، ولذلك لا يمكنك أن تتحسس الأشياء الثانوية في تجربتك اليومية أثناء العمل أو الدراسة أو اللعب أو الدردشة ، لأن تنبيه أعصابك مستهلك من قبل موضوع واحد بنسبة 80% ، مما يجعل الانتباه مكثفاً في هذا النطاق من التنبيهات العصبية.

في حالة التأمل العميق والخلوات يعتزم المرء أن يركز انتباهه على موضوع إرادي يقطع فيه أسر تيار الانتباه بالموضوعات التي تفرضها الحياة أو البيئة ، ويمكن للمتأمل أثناء التركيز بهذه الطريقة على موضوع غير تفاعلي أن يجعل تيار الانتباه يهدأ ، مما يسمح بتحريره ، وهذا التحرير يسمح بإدراك المعطيات البيئية والحيوية بوضوح ، فترتفع مستويات الإحساس بمجرد الاستغراق في التأمل ، ويرتفع الإتصال بالزمن الحاضر الآن ( الزمن الحقيقي ) خارج التصورات الذهنية ، ولا نقصد بالزمن الحقيقي الزمن المادي فقط ، بل الزمن الوجودي بأسره ...

الحواس المادية والأعصاب غير مسؤولة عن عملية الانتباه الواعي

الانتباه الواعي يمكن توجيهه إلى موضوعات مادية محسوسة أو موضوعات ذهنية ، وتوجهه إلى موضوع معين يجعل بقية الموضوعات ضمن إطار الإدراك غير ملاحظة من قبل الوعي بوضوح ، وهذا ما يأسر الوعي عن الإدراك الحر.

ظهور هذه الموضوعات تبدو كحركة الأشباح بالنسبة للوعي ، ولكنها مرصودة عصبياً رغم ذلك ، وفي حالة كانت هذه الموضوعات مميزة جداً أو مؤثرة جداً بالنسبة لإطار الإدراك فإن الوعي سينتبه نحوها أكثر من بقية الموضوعات ويكسر قيد تيار انتباهه المرتبط بموضوع معين.

في أثناء المنام يكون الوعي مركزاً على معطيات غير موضوعية ( الأحلام والرؤيا ) ولكنها واقعية بالنسبة للوعي أثناء منامه ، وتفاعله معها على نحو مباشر يجعله مستغرقاً فيها تماماً من ناحية (الانتباه) وينقطع تيار الانتباه الشعوري عن العالم المادي والجسد تقريباً ، ولكن الوعي رغم ذلك يتمكن من الإحساس بالعالم المادي المحيط بجسده في حالات معينة.​
 
[4] الأحلام والتنبيهات الحسية العصبية والذاكرة

الحواس المادية والأعصاب غير مسؤولة عن عملية الانتباه الواعي

الانتباه الواعي يمكن توجيهه إلى موضوعات مادية محسوسة أو موضوعات ذهنية ، وتوجهه إلى موضوع معين يجعل بقية الموضوعات ضمن إطار الإدراك غير ملاحظة من قبل الوعي بوضوح ، وهذا ما يأسر الوعي عن الإدراك الحر.

يجب التمييز بين مجال الرصد الزمني وبين مجال الزمن المطلق وبين مجال الرصد الواعي الشعاعي.

أنت الآن ترصد بحواسك الجسدية غرفتك وما فيها ضمن هذا التاريخ بالذات ، وإذا خرجت عن حدود غرفتك قد ترصد السماء والأرض بأفق معين وطريقة معينة ، ولكن ما ترصده فعلياً محدد بجهاز رصدك الجسدي حصرياً ( من الناحية المادية ) فأنت لا ترصد ما يحدث في نيويورك الآن عبر استخدام عينيك المجردتين ، ولا ترصد ما يقع وراء الأشياء الصلبة التي تناظر شعاع بصر عينيك ، أي أن رؤيتك تعتمد على السطوح ثنائية الأبعاد المناظرة لسطح عينيك، والتي تقع ضمن مدى معين يسمح بوجودها قبل أن تتلاشى ضمن مساحة السطح النظير ( يقدر مدى الرؤية المباشرة على الأرض نحو 1.6 كم ) وهذا يعني أنك لا ترى ما وراء الجدران ولا ترى ما بعد أفق الرؤية ، أما النجوم التي تبعد ملايين ملايين الكيلوميترات فأنت لا تراها بل ترى صورتها التي وصلت إلى مجال رؤيتك للتو.

هذه الرؤية التناظرية ثنائية الأبعاد والمحددة بحجم العين تشكل مجال أفق الرؤية البصري الحسي لديك، مع الأخذ بالاعتبار أن هذه الرؤية تحتوي على عناصر لا يمكنك نمييزها رغم أنها ضمن المجال نفسه ، مثل الأشياء فوق البنفسجية وتحت الحمراء أو التي لا لون لها ( المواد المظلمة ) فضلاً عن الأشياء التي تبدو خادعة بصرياً بطبيعتها وليس بسبب قصور تركيزك.

هذه هو مجال رصدك الحسي الزمني

كما ترى أنت ترصد الأشياء في موقع مكاني محدد وفي لحظة زمنية معينة ، وهذا الموقع المكاني منفصل عنك ذاتياً وترلا صورة قادمة منه فقط ، والزمن ينشأ عن تعاقب هذه الصور ومن هذا التعاقب ينشأ إحساسك بالسببية ، فهذا هو مجال الرصد الزماني الخاص بك والذي يشكل بالنسبة لك ( زمن الآن ).

الزمن الذي يتجاوز هذا الحاجز المكاني مسبق الصنع ، فلا ترى فقط الأسطح المناظرة لعيناك وإنما ترى كامل الأسطح بانورامية من كل الجهات أو تجتاز أسطحاً معينةً ، أو ترى ألواناً لا يحس بها جسدك أو أشياء لا يراها الآخرون أو أزمنة مستبقلية أو ماضية لم يرها الآخرون ، وبقية هذه الكشوفات تعتمد على الزمن المطلق.

كذلك الأمور بالنسبة للأصوات والملامس والروائح التي لا تتناظر مع أجهزتك الحسية الجسدية من حيث الأبعاد الزمكانية أو من حيث قدرة الجهاز الذي تستخدمه في الكشف عنها. هذه الأمور ليست من الإدراك الروحي أو العقلي أو التجاوزي ، إنها إدراكات حسية محضة تتعلق بالمادة ، ولكنها تتفوق على حواس جسدك فقط ، ولذلك حتى الأجهزة المتطورة يمكنها إحراز مثل هذه الأرصاد.

ولكن الزمن المطلق لا يحدده زمن المادة ، يمكن للزمن المطلق أن يوصلك إلى عوالم لامادية أصلاً ، أي ليس لها إحداثيات يمكن التعبير عنها بكلمة ( هنا ) ( والآن ). مثل تلك المعطيات والكائنات ذات طبيعة روحية لا شكل لها كالأشكال التي نعرفها ولا تصبغها ألوان ولا تأسرها أقفاص زمنية معينة في قيم وعلاقات كالتي نعرفها في عالمنا ، باختصار إنها كائنات غير حسوبة ( كما عبّر عنها روجرز بنروز في كتابه العثل والحاسوب وقوانين الفيزياء ) أي لا تصفها الأرقام والقيم الرياضية وبالتالي لا يمكن شرح سلوكها في دوال فيزيائية من أي نوع.

تلك الكائنات هي التي تسمى بالملائكة والشياطين والعوالم التي تنتيم إليها هي التي تُعرف بالعوالم العليا ، وفي حقيقة الأمر تتجسد المادة وأرقامها بالضبط من ذلك المستوى الحيوي الخالص من الوجود.

 
[5] مجال الرصد الواعي الشعاعي

الرصد الواعي الشعاعي هو تفاعل الوعي مباشرة مع افق وإطار وموضوع معين ، يأخذ الموضوع كامل حيز الإدراك تقريباً ويأخذ الأفق بقية الحيز بينما يقوم الإطار بدور التأويل لمعنى الموضوع ودلالاته وعلاقاته بالعناصر الأخرى داخل وخارج الإطار ... يمكن لهذا الرصد أن يكون حسياً أو عقلياً ويمكن أن يتوجه إلى أي شيء أو أي بيئة ، إذا وجدت المفتاح المناسب لفتح باب التفاعل معها.

سبق وقمت بتوضيح ذلك في فيديو سابق مهم :


View: https://www.youtube.com/watch?v=lD_ZddHXORs

ومع ذلك هذا الرصد يبقى محدوداً ضمن إطار معين زمكانياً ولا يمكنه أن يخرج عنه حتى تغير تفاعلك ، ولأجل ذلك فالوجود الذي ستراه لن يتغير جوهرياً أيضاً ، زمنك لن يتغير حتى تغير تفاعلك مع الوجود الأكبر وتطلب زمناً جديداً أفضل وأسمى وأرقى عند الله ...

أثناء تفاعلك الشعاعي مع إطار الزمن المادي المحيط بك ، يكون هناك الكثير من الموضوعات الهامشية التي تعيق رؤيتك الواضحة ، ظهور هذه الموضوعات تبدو كحركة الأشباح بالنسبة للوعي ، ولكنها مرصودة عصبياً رغم ذلك ، وفي حالة كانت هذه الموضوعات مميزة جداً أو مؤثرة جداً بالنسبة لإطار الإدراك فإن الوعي سينتبه نحوها أكثر من بقية الموضوعات ويكسر مسرى تيار انتباهه المرتبط بالواقع الموضوعي.

أحياناً يؤدي الانجراف مع تلك الأشباح إلى إدمان الهلوسة والخروج من الواقع للهرب من عذاب الضمير أو من ألم معين ، وهذا كان يحدث في الحروب كثيراً، حيث يفقد الوعي القدرة على تحمل ما يراه من المأساة محاولاً تشتيت تركيزه على أي موضوع وسامحاً لحالة اللاشعور أن توهمه بعلاج الموقف ( حتى لا يتحمل المسؤولية التي تفوق قدرته على الإدراك ).

العلاج الخاص بهذه الحالة هي تعرض الوعي إلى صدمة عصبية قوية جداً تجبره على العودة إلى الواقع ( زمن الآن ) واليقظة من أن ما يفعله لا يحل المشكلة بل يراكمها ، ولكن التبرير الفكري لا ينفع ، يجب أن يحس الوعي بذلك إما بصفع الشخص بقوة أو جرحه جرحاً غير مؤذي أو رش رذاذ الماء البارد عليه ثم عناقه ليرتبط بالأرض.

كما تم شرح ذلك في هذا المقطع :


View: https://youtu.be/uj9cSQvW8Nc?t=2799

لكي يقوم موضوع معين بأخذ الحيز من شعاع تركيز الوعي فيجب أن يكون أكثر أهمية لدافع الوعي من الموضوع الذي يركز عليه ، أو أن يكون أكثر ضغطاً عصبياً من اتصال الموضوع العصبي الذذي يركز عليه الوعي ، وبكلا الحالتين ( القوة النفسية والعصبية ) يجب أن تكون قوة الشيء المنبه أعلى من قوة الشيء المتصل بشعاع الوعي.

هذا من الناحية الخارجية ، ومن الناحية الداخلية فتغيير اهتمامات الوعي ومدى تجاوبه مع جهازه العصبي وتحكمه بردة الفعل على المثيرات، هو ما سيغير تفاعله مع البيئة المحيطة. هذه الاهتمامات والتحكم بردة الفعل هي الأوامر الموجودة في النفس ، التي تصل بين الوعي الخالص ( الروح ) وبين الجهاز العصبي ( الجسد والزمن المادي ).

تغيير النفس يبدأ من السيطرة على مثيرات الجهاز العصبي وتفاعلاته ومقدار الوعي به والقدرة على توجيه الموعي الشعاعي وفصله ، ومن خلال ذلك يمكن إعادة هيكلة النفس لتتغسر الأوامر التي تتعامل وفقاً لها مع البيئة ، وبعد ذلك يمكن للوعي تجاوز حاجز الجهاز العصبي إلى أرصاد الزمن المطلق ، لأنه أصبح يدرك حدود دائرة الزمن الموضوعي ضمن الزمن المطلق ( الزمن الأعظم ) ويدرك طبيعته الحقيقية التي تنتمي لذلك الزمن وليس لهذا الزمن، وتحرر من المعتقدات النفسية المعطلة لاتصاله.
 
التعديل الأخير:
[6] الأحلام والذاكرة

في أثناء المنام يكون الوعي مركزاً على معطيات غير موضوعية ( الأحلام والرؤيا ) والتي يراها لوحده ، ولكنها واقعية جداً بالنسبة للوعي أثناء منامه ، يمكنه أن يحسها ويشمه ولمسها وينظر إليها ويتفاعل معها ويسأل ويجيب ويدخل في متاهات ويقوم بمهمات ، وتفاعله معها على نحو مباشر يجعله مستغرقاً فيها تماماً من ناحية (الانتباه) وينقطع تيار الانتباه الشعوري عن العالم المادي والجسد تقريباً أثناء حالة النوم الطبيعي، ولكن الوعي رغم ذلك يتمكن من الإحساس بالعالم المادي المحيط بجسده على نحو طيفي، يتعاظم في حالات معينة.
أثناء توجه الإدراك كاملاً نحو عالم المنامات ، يمكن أن تسمع أصواتاً تعلم بعد استيقاظك أنها كانت موجودة في الغرفة وأنت نائم ، ومع أنها تبدو غير متنافرة مع زمن المنام إلا أنها تسهم في تشويش الصور التي تراها وتتسبب غالباً في إيقاظك مباشرة بعد سماعها.

هناك أصوات مثل الموسيقى أو القرآن الكريم تسهم في توجيه زمن الذهن الذي تعبره أثناء منامك وإعطاءه صبغة رومنسية أو فنتازية.

هناك أصوات معينة لا يمكنك تجاهلها حتى وأنت نائم ، لأنها قوية جداً مثل الرعد أو الزلزال أو صوت مدفعية أو انفجار أو صرخة عالية ، ومن شأنها أن توقظك مباشرة.

وهذا كله مع أنك لا تسمع أثناء منامك الأصوات التي تنتمي للمعطيات الهامشية ( التي لا تشكل قيمة بالنسبة لك وليس لها قيمة فيزيائية عالية على أعصابك ).

لا يقتصر الأمر على الأصوات ، فحتى الملامس يمكنها تشويش رؤيتك بنعومتها أو خشونتها وحتى الروائح تفعل نفس الفعل ن وهناك نوع من معين من الأضواء الساطعة يقوم بإيقاظك.

المسألة إذن أن التنبيه العصبي لا ينقطع تماماً عنك وأنت نائم ، ولكن شدة التنبيه العصبي التي يمكنك أن تدركها وتغير شعاع تركيزك في حالة النوم أكبر بكثير من شدة التنبيه العصبي التي يمكنها جذب النتباهك لها في حالة اليقظة.

وطالما أن التنبيه العصبي لم ينقطع عنك وأنت في حالة النوم ، فإن إدراكك ( إطار الإدراك الخاص بك ) لا يزال يستوعب المعطيات الحسية التي تأتي من جهازك العصبي وزمنك المادي رغم اتصاله بزمن ذهني غامض...

هذا يعني أن الوعي لم ينفصل انتباهه عن الجسد على نحو نهائي ، فهو قابل للعودة إليه في أي لحظة ولكن مقدار التوازن العصبي مع المحيط أثناء حالة النوم منبضط بشكل يوجه تلقائياً ردود الفعل العصبية والجسدية على معطيات البيئة ومنبهاتها. مما يسمح للوعي أن يوجه انتباهه خارج واقعه الزمني المحلي ، لأن الانطباعات الحسية الناتجة عن تأثير المعطيات الفيزيائية على الجهاز العصبي أصبح يتم تنظيم التفاعل معها الدماغ وعبر ذاكرة اللاشعور ( الجهاز النفسي ) واللذان يوجهان الفيزيولوجيا الجسدية والأفعال المنعكسة التي تحدث دون وعي وتفكير وقرار.

وحتى يعود الوعي إلى إدراك واقعه الزمني المحلي مرة أخرى فإن الجسد سيستمر بتنظيم نفسه أوتوماتيكياً مستعيناً بذاكرة اللاشعور ، ولكن المهم بالنسبة لنا : أن هذا الوعي لا يزال قادراً على العودة إلى زمن الواقع المحلي مرة أخرى وهو في حالة النوم إذا تلقى التنبيه العصبي المناسب ، وهذا يطرح أسئلة عن صلة الوصل بين الوعي في حالة النوم وبين الجسد والزمن الذي كان يعيش فيه قبل النوم وسيعود إليه بعد الاستيقاظ.

ما الذي يربط الوعي بالجسد ؟
كيف يتداخل عالم الذهن وعالم المادة ؟
ما هو التنبيه العصبي القادر على إيقاظ الوعي واستدعائه من علاقاته مع عالم الذهن ؟

ومن الواضح أن الوعي لم ينفصل تماماً عن العالم المادي وأن الإطار الإدراكي الذي يرى فيه الأحلام لايزال متصلاً بالإطار الإدراكي العصبي.

اتصال الوعي بموقعه الزمني المحلي رغم وجوده في عالم الأحلام وبذاكرته المحلية أيضاً يؤدي إلى نتيجتين :
1. عالم الأحلام ، أو بالأحرى ( العالم الذهني ) هو مجال أوسع من العالم الواقعي ، لأن فيه كل ما في هذا العالم الواقعي من الأشياء باستثناء أنه غير متماسك ، أو زمنه غير حتمي القوانين ، والأشكال فيه لا تخضع لقوانين المادة التي نعرفها في عالمنا ولذلك يمكن تحقيق أي شيء بمجرد التصديق به. ولكن الطبيعة التي يتكون منها عالم الأحلام هي طبيعة متوافقة مع الطبيعة التي تتكون منها المواد في عالمنا ، فكلاهما محسوسان ، ظاهريان ، مفارقان للذات ويخفيان حقيقتهما وكلامها واقع بالنسبة لمن يرصده.

ومن الواضح أن عالم الأحلام أو بالأحرى ( عالم الذهن ) أكبر بكثير مما يمكن تصوره عادة ، إنه يشمل كل التواريخ التي حدثت ولم تحدث وترى فيه كل الأماكن التي رأيتها من قبل والتي لم ترها من قبل ، وفيه أشخاص تعرفهم وأشخاص لا تعرفهم ، ونحن هنا إذا نتكلم عن ( الهيكل التكويني للشيء ) فلا يمكنك تمييز الشخص في المنام عن الشخص في الحقيقة ، حتى تستيقظ وترى بعينك أنه لم يكن معك هناك.

الهياكل الموجودة في عالم الأحلام لا تختلف عن الهياكل الموجودة في العالم الحقيقي إلا بنسبة ثبوتها الزمني والسؤال هو أين بالضبط نرى تلك الأشياء ؟ هل هي حقاً تجميعات لصور في الذاكرة ؟ وأين تقع هذه الصور ؟ أين تقع الذاكرة ؟ أين يقع الحُلم أو المنام أو الرؤيا ؟

أين تقع الموجودات والأحداث والأماكن والأزمنة التي نشاهدها ونحن نائمون ؟ إذا كانت تقع في اللاشيء فهذا يعني أن العالم الحالي أيضاً يقع في اللاشيء ، لأنه مبني على نفس مبادئ بناء العالم الخيالي ، ومحسوس بنفس درجة الإحساس به.

الجواب الحقيقي هو أن شعاع إدراكك أثناء الحالة التي تسميها ( يقظة ) يتصل بموضوعات تنتمي لهذا الواقع الذي تسميه عالم المادة ، وما إن يتحرر شعاع إدراكك من التركز على إطار زمنك المادي بسبب حالة النوم حتى ينفتح أمامه العالم الذي جاء منه عالم المادة ، وذلك العالم الذي لا حدود له ولتجلياته لا يسير في خط زمني مستقيم أو مسار زمني معين ، لأنك حر في الخروج من المسار إلى مسار آخر ، وليس له فيزياء معقدة جداً ، مبادئ عمله بسيطة للغاية لأنه يولد بقية العوالم المعقدة من مبادئه البسيطة ، إنه حالة من الهيولى الأولى في التكوين وهو محض تفاعل خالص ما بين القوى الحيوية ينشء منها الخيال والكينونات.

لا معنى لكلمة ( إنه هناك ) و(إننا هنا) لأن هذه الكلمات لا تعبر عن الحقيقة ، الحقيقة هي أنه لا وجود للمكان المطلق ولا للزمان المطلق ضمن الكون ، أي أن المكان نفسه خدعة ، هناك معنى فقط ، هناك قيمة ، تفاعلك يحدد المعنى الذي ستتواصل معه ، أما المكان فلا حدود يمكنها رسمه لأنه ليس بالشيء المادي.

يبقى وعيك متصلاً بزمنك المحلي رغم ذلك ، ورغم أنك قد تبتعد ملايين السنين الضوئية أثناء نومك ولكن وعيك مرتبط بأفق إدراكك وإطار إدراكك ، وإدطار إدراكك مرتبط بذاكرتك ونفسك لأنها هي صلة الوصل بين وعيك وإدراكك وبين الوجود ، وهذه النفس تحتوي ذاكرة وهذه الذاكرة تتصل بالجهاز العصبي لجسدك وتشرف عليه ، ولكي تنتقل من عالمك الذهني إلى واقعك المادي فيجب تنبيه الجهاز العصبي بقوة تستفز النفس حتى تنقل الرسالة إلى الوعي وتحول إطار الإدراك إلى الجسد.

يشكل عالمك المادي مجموعة جزئية من هذا العالم الكلاني ( عالم النفس ) ، وكذلك عالمك الذهني الذي دخلت فيه أثناء المنام جزء من عالم النفس، وهناك نقطة اتصال بين العالمين وهي إطار الإدراك، يتصل من خلالها العالم الذهني الذي ليس هناك مادة تعبر عنه وليس لأبعاده وكائناته وأحداثه وجود واقعي بالنسبة لبقية المراقبين ، والعالم المادي الذي يراه الجميع ، وهذه النقطة هي بالضبط ما يسمح للوعي أن يعبر بين العالمين.

وهذا يعني : زيادة تنبيه الأعصاب يؤثر على تيار إدراك الوعي حتى ولو كان غير متصل مباشرة بالجهاز العصبي .

في حالة المنام يكون الوعي غير شاعر بأي شيء يحدث في الغرفة تقريباً ولكن يبدو أن هذا متعلق بمقدار شدة تنبيه الجهاز العصبي ، وواضح أن المقدار المطلوب من شدة تنبيه الجهاز العصبي لكي ينتقل هذا التنبيه إلى إدراك الوعي يكون أعلى بكثير في المنام منه في اليقظة ، وكلما كان مستوى التنبيه المطلوب أعلى كان النوم أعمق ويصعب الاستيقاظ منه ، ولكن إدراك التنبيه العصبي المادي يبقى ممكناً حتى في أثناء النوم العميق.

الوعي لا يشعر بالتنبيه العصبي الهامشي وهذا يعني أنه لا يتصل مباشرة بالأجهزة الحسية العصبية ، والزمن في المنام يختلف عن الزمن في اليقظة لأن العالم المنامي يختلف في تيار أحداثه عن العالم في اليقظة ولا يتزامن معه بأي شيء ، وهذا يعني أن التنبيهات العصبية المؤدية إلى اليقظة من المنام تنتقل من الأعصاب إلى الوعي عبر مجال غير عصبي (نفسي) بحيث تتحول التنبيهات إلى معطىً إدراكي بحت مما يسمح بنقله إلى عالم المنام ، وهذا المعطى الإدراكي الخالص يختلف نوعياً عن المعطيات الحسية العصبية التي لا تنتقل لأنه بلغ حداً فتح من خلاله بوابة أعطاه عبورها هوية وجودية مختلفة التكوين.
 
التعديل الأخير:
[7] التفسير الفيزيولوجي للتنويم المغناطيسي


تدور رحى نقاشات الناس عادة عن التنويم المغناطيسي بين المكذبين بفاعليته والذين يقولون أنه علم زائف وبين الذين يحسون بالعار نتيجة هذا الالصاق ويجردون التنويم المغناطيسي عن حقيقته مدعين أنه مجرد وسائل للراحة والترفيه والاسترخاء ، والتي تمارس من قبل المنومين المعاصرين اليوم ياسم Hypnotherapy .
ووجب التوضيح أن هذا المصطلح الذي يدل على ممارس تفاعل صوتي هادئ مع العميل المسترخي على أريكة مع كلمات مفعمة بالإيماء الجميل والتحفيز واستخدام لغة Ericsson الإيحائية ، ليس تنويماً مغناطيسياً ، إنه تنويم إيحائي.

والفرق بينهما أن التنويم المغناطيسي يستخدم قوة حقيقية موجودة ولكن لا يمكن قياسها بالطرق الفيزيائية عادة ، وهذه القوة يوجهها المنوِّم نحو المنوَّم بيحدث من خلالها عملية تأثير على ( الوعي ) وشعاع التركيز أو تيار الانتباه ، مما يسمح له بإدخاله بحالات خاصة أو أحاسيس خاصة أو صور خاصة أو ببساطة تنويم وعيه والإبقاء على جسده تحت رقابة اللاشعور ، ويمكنه أن يأمر الوعي برفع سلطته عن اللاشعور وفتح الباب للاشعور ليستقبل أوامر جديدة.

هذا موضوع ثابت تجريبياً وغير قابل لنقاش طويل ، وتجاربه أكثر بكثير من أن يتم إحصاؤها وسيتم ذكر بعض المراجع عنها في المقال التالي بإذن الله ، ولم يشكك الباحثون التجريبيون في إحداث هذه الحالة ولكن شككوا في طبيعة هذه القوة الغامضة المسؤولة عنها ، واتجه الباحثون التجريبيون الماديون إلى دعوة أن هذه القوة ما هي إلا صدمة فيسولوجية تقهر الوعي على الغماء كما في البيان التالي :

الذاكرة الواعية : هي مسار ذهني تصوري مناظر للتجربة الحسية الزمنية التي تختبر فيها الذات زمنها بانتباه ويقظة ، مما يجعل الموضوعات تأخذ تعريفاً دقيقاً يمكن من خلاله تذكرها بحسب موقع المعطيات ضمن الخلفية الزمنية.

التفسير البيولوجي للتنويم المغناطيسي يتم كالآتي :
  • أثناء النشاط العصبي العادي يتوجه الانتباه نحو موضوع حسي واقعي ، فيقوم المنوم بتحويل تيار الانتباه نحو موضوع ثابت للغاية مثل البندول أو أصابع اليد أو قطعة حديد أو ساعة. يعطي الإنسان أثناء تركيزه العالي على ذلك الموضوع ( الذي يفضل أن يكون ملفتًا وجميلاً ) درجة منخفضة من الاهتمام بما يراه ويسمعه حسياً على نحو طبيعي خارج شعاع التركيز. ولذلك لا يتذكر الإنسان شيئاً يرصده حسياً أثناء عدم انتباهه له.​
  • أثناء الإجهاد العصبي الزائد الذي يتراكم على أعصاب العين أو الأذن بسبب توجيه التركيز نحو موضوع معين لفترة من الزمن ، ينقطع التيار الكهروعصبي الحامل للانتباه عن الأجهزة الحسية الأخرى ، مما يسبب عدم الإحساس بالمعطيات القادمة عبرها خصوصاً في ظروف العيادة الصامتة والخافتة.​
  • هذا يجعل اليقظة منفصلة عن المحيط فعلياً ، وأثناء حالة اليقظة الجزئية المستمرة والإجهاد المتصاعد يتم تحرير تيار الانتباه تلقائياً حتى من الموضوع الذي تم التركيز عليه ، لأن تزايد الإجهاد العصبي يفقد الأعصاب القدرة على المواصلة في حالة اليقظة ، ونزعة النفس الغريزية إلى الراحة الفيزيولوجية وعدم رغبتها بالبقاء في حالة الاستيقاظ المتعب.​
  • وفي النهاية يحدث التنويم كنتيجة للراحة من تزايد الإجهاد العصبي وقطع التواصل الحسي مع العوامل البيئية الخارجية ، وكلما كان الإجهاد في التركيز أكبر كلما كانت العزلة عن العوامل الخارجية أقوى وأسرع وكانت حالة التنويم أعمق.​
  • ويجب ملاحظة أن السلطة المستخدمة من قبل المنوِّم على المريض تفعل فعلها في هذا الخصوص، لأن المريض يحس بإيحاء أن المنوم واثق ولا يمكنه التهرب من عملية التنويم.​
هذا هو التفسير البايولوجي لعملية التنويم المغناطيسي ، وكما ترى فهو تفسير ناجح جداً إلى الدرجة التي يمكنك فيها تحقيقه بنفسك ، مع بعض التدريب ، وهو يعتمد على المدرسة الفسيولوجية الفرويدية في التنويم والمبنية على مزيج من استخدام السلطة الأبوية للمحلل النفسي والتفاعلات العصبية الخاصة بالإجهاد والراحة والصدمة ( تقنيات التلاعب بتيار الانتباه فيزيولوجيا ).
 

(4) أعراض التنويم المغناطيسي من الناحية الإكلينيكية

تمت ملاحظة العديد من تغيرات الحواس والإدراك المتعلقة بالألوان والأصوات والصور ، مثل سماع أصوات لا وجود لها في المحيط أو سماع أصوات ضمن محيط ليس فيه مصادر أو موضوعات صوتية .

وعدم القدرة على سماع أصوات أو أنغام معينة ، أو الإحساس بأحاسيس معينة ، مثل غياب الإحساس بالوخز والتنميل والأكلان العصبي.

قد يبقى الموضوع المنوَّم في هذه الحالة لساعة أو أكثر ، ولكن يمكن إيقاظ المنوم من خلال القبض على يديه لعدة دقائق أو النفخ برفق نحو عيونه.

عادة يكون لدى المريض استذكار مبهم لما حدث أثناء التنويم ، كما لو كان حلماً شواشياً ، لكن في بعض الحالات يكون هناك استذكار واضح وحاد. لكل ما حدث أثناء جلسة التنويم حتى مشاعر الألم الجسدي التي اختبرها أثناء قيامه بأعمال صبيانية.

أعراض حالة التنويم كما يشرحها هيدنهاين يمكن تصنيفها في أربعة خانات :
  • شرطية الأجهزة الحسية أو أجزاء من الدماغ والتي تستقبل الإشارات الكهربائية الموجهة نحو العقد العصبونية عبر الصوت والضوء وتنتج حركات منعكسة تحاكي حركات المنوِّم وأوامره ( نزعة الاتباع العصبوني ).​
  • تحريف الأحاسيس عن حقيقتها (Preverted Scense ) مثل عدم الإحساس بالألم.​
  • زيادة تحفيز أجزاء من الجهاز العصبي مصممة لتطوير أفعال منعكسة تختزن في الذاكرة.​
  • حالات التحكم العصبي بحركة العيون التي تصبح موائمة لمختلف المواضيع والمسافات على نحو مثالي تلقائي.​
 
(5) التنويم والأفعال العصبية المنعكسة

الأطفال الذين يتعلمون العزف على البيانو يتوقع أن تصل المقطوعة الموسيقية التي يتدربون عليها إلى مرحلة غير شعورية ، الانطباعات الحسية لأصابعهم تحظى في البداية بالالتفات لها ولكن كلما أصبحوا عازفين اعتياديين كلما يقل ويقل جهد العقل الواعي في المسألة ، حتى الحركات التي تنتج منهم غير واعية بالكامل ( إلا عندما يقررون التركيز عليها ).

من الأمثلة المألوفة هو ذلك الرجل الذي يمشي في الشارع وهو غارق في الخيال ويمر باستحواذ التفكير عليه ، ربما يبذل جهداً قليلاً جداً ( أو لا شيء ) من الانتباه الواعي أو تيار الوعي لمراقبة حركة المارة بعينيه المفتوحتين ، لا انطباعات صورهم ولا حتى الأشياء الجامدة على الطريق مرت دون أن تلتقصطها أجهزته الحسية ، لكنه لا (يشعر بانتباه ) بها وتبقى مع ذلك انطباعاتهم الحسية كما لو كانت كافية لاستثارة الجهاز العضبية لصناعة ردود فعل مناسبة للتنقل.

إن هذه الحركات الروتينية في كل مكان ( العزف - المشي - القيادة - السباحة - الكتابة .... ) هي حركات تبدو إرادية ، لكنها ليست حركات إرادية فعلياً ، كما تظهر ماكينة المنظومة العصبية أن الحركات الإرادية هي حركات يمكن القيام به ((من دون إرادة !!)).

ومن المهم ملاحظة أن هذه الحركات كانت نتيجة للانطباعات الحسية والاستثارة الخارجية، الإنسان المار عبر الطريق والغارق في الأفكار معصوب العينين لا يستطيع توفير الحركات المناسبة ، ولكن الأعمى لا يحتاج إلى ما يحتاجه الإنسان العادي ، لقد تكيف على التعامل التلقائي مع خط آخر من أنواع المعطيات ، إنها المعطيات السمعية واللمسية ، حركات الجسد واللمس والأصوات هي مجموعة الانطباعات الأهم بالنسبة له، على الرغم من أنها قليلة الأهمية بالنسبة للإنسان العام، الذي يستهدي بقيادته الإبصارية.

قد يدخل شخص في حالة التنويم في حالة شرطية يبقى فيها قسم من الجهاز العصبي تحت تيار الانتباه ، وقد لا يتم منع أنشطته العصبية الحركية الاعتيادية مما يجعله يبدو وكأنه في وضع اليقظة تماماً.

الانطباعات الواقعة على أجهزة الإدراك العصبي تحولها الأعصاب إلى جزء من الدماغ ، في حالة التنويم العميقة ، لا تخضع هذه الانطباعات لأي وعي ، لكن ردود الفعل الانعكاسية الناشئة عنها تتحقق كما لو كان الشخص فعلاً واعياً بالنسبة للآخرين المراقبين.

الحركات الخاصة بالشخص المنوم تقيليدية للذي يقوم بتنويمه ( بشكل عام ) ، المنوَّم غالباً ما يقوم بمحاكاة أوامر المنوِّم له من خلال مماثلتها بصرياً ، فإذا أمسك المنوم يده أو أنفه يقوم المنوَّم بنفس الموضوع.

لكن إذا قام المنوِّم بتلك الحركات خلف المنوَّم فإنه لن يعيد تكرارها ، من الواضح أن صلة الوصل بين المنوِّم والمنوَّم ضمن هذا الأسلوب صلة وصل حسية عصبية وأن حالة السالبية للمنوَّم هي حالة من الاستسلام العقلي وليست نوعاً من تسلط قوة غنوصية عليه.

الكلمات والاقتراحات اللفظية الموجهة نحو المنوَّم في هذه الحالة يستقبلها العقل كانطباعات وهو مستسلم لها ، ينبغي الحذر أن العقل الآن لا يفرق كثيراً بين الجيد والسيء والمناسب وغير المناسب ، وأن الإيماءات تجعل العقل يأخذ دلالات مختلفة عن نفس الأوامر ، فينبغي استخدام كلمات لطيفة وصوت هادئ حالم عميق.
 
(6) التنويم الفيزيولوجي المغناطيسي وفق المدرسة المادية ( الفيسيولوجية الفرويدية ) الجزء 1
"تنويم فرد من الأفراد مغناطيسياً يعني أن تمارس عليه سلطة ، وهيمنة تجعله ((يتصرف بالإيحاء )). ولكن قوة المنوم المغناطيسي تحتاج إلى ضعف المنوَّم وتواطؤه اللاشعوري ، بحيث أن ((الغشية)) وحالة ((السرمنة المثارة)) ، والنوم المغناطيسي يمكن بلوغها بتقنيات تسعى إما إلى زيادة اللإيحاء ، وإما إلى زيادة القابلية للإيحاء".

وشروط القيمة الموحية التي يتصف بها الفعل العلاجي منوطة على نحو مؤكد بـشخصية المنوم المغناطيسي ، لا من حيث ما هو عليه بل من حيث ما يبدو أنه عليه . وأعني بذلك أن المقصود هنا علاقة نفسية علاجية . فالتحويل هنا قاهر وعنيف. إنه شبيه بسائل تأثيره ضروري إن لم يكن صاعقاً.

هذه هي خلاصة الرؤية الفرويدية المادية للموضوع التنويم المغناطيسي كما يقدمها Dr. L. Chertok ، ومن المعلوم أن فرويد مادي جداً رغم رفض المجتمعات المادية الحديثة لفكره ، لأنه يكشف المادية على أصالتها الخالصة وأقبح صورها ، ولكنك إن حاولت تفسير العصابات التي تحدث عنها علم النفس بطريقة مادية فلن تجد إلا خيارين : إما أن تقول إنها ذات منشأ بيولوجي حتمي ( تماماً كالذي يلجأ لآلهة الفراغات ليسد جهله ) وإما أن تحللها دون الخروج عن أنساق المادية وتجد نفسك فرويدياً أصيلاً.

وكذلك الأمر بالنسبة للتنويم المغناطيسي ، فرويد وضع النموذج المادي الأساسي لفهم عملية التنويم المغناطيسي والتي بناء عليها صار هناك نوع من التأثير العالمي لمبدأ السلطة العلمية في توجيه السائل ، فيجب على الطبيب بعد فرويد أن يبدو محترماً جداً وحازماً جداً وأن لا يتقرب إلى المريض وأن يعترف بخطأه إذا أخطأ بل يلتف بطريقة أو بأخرى وإلا فإن مفعول السلطوية الذي يجعل المريض يثق به سيتلاشى.

ومع أن هذه السلطوية موجه أساساً لتحقيق أسباب علاجية وليس لتمييز الناس في طبقات فقد درجت العادة على ذلك التمييز.

لتحقيق إدراك عميق للتنويم المغناطيسي ، يجب العودة قليلاً بالتاريخ إلى الوراء ، بعد محاكمة اللجنة الملكية لمسمر والتي كانت تضم أكبر علماء ذلك الوقت من لافوازيه وفرانكلين ونحوهم ، خلصوا إلى أن الظواهر التي أنتجه مسمر حقيقية ، ولكن لا علاقة لها بما يسمى بالحقل المغناطيسي ، وأنها تنتج من "قوة الخيال".
والنتيجة النهاية وصفت بالضبط على هذا النحو :
"الخيال والإيحاء ينتج التنويم دون مغناطيسية ... ولكن المغناطيسية دون خيال وإيحاء لا تنتج التنويم"
جادل مسمر اللجنة بأن الخيال والإيحاء لا ينتج الظواهر التي أمكنه تحقيقها ، والتي شملت أشياء غريبة جداً وصلت إلى ارتفاع البعض في الهواء !! كما أنه أثر على الكثير من الحضور بنفس الوقت وبإيماء قليل، ولذلك اقترح توفير مجموعة ضابطة مكونة من 24 شخصاً يمارس عليهم الإيحاء والخيال لمقارنة نتائجهم بنتائج مجموعته.
تم رفض اقتراح مسمر ، والسبب واضح نوعاً ما ، لأنه لو نجح ذلك ولو إلى حد بسيط فسيرغم اللجنة الملكية على الاعتراف بخطأها وهذا الأمر له تبعات سياسية وعلمية لا نهاية لها.
بعد مسمر جاء تلاميذ الذين تحدثنا عنهم وانقسموا إلى مدرستين :
المدرسة الأولى تؤمن أن هناك نوعاً من المجال القوي المؤثر على عضوية الكائن الحي والقابل للتوجيه ، وسمي بالمغناطيسية نسبة إلى تأثير المغناطيس القطبي التبادلي والتجاذبي ، وليس نسبة إلى المغانط التي نعرفها، وهذه المدرسة هي ( الأرواحية - الإحيائية - وبصورة أكثر علمية هي المدرسة التي تؤمن بوجود صلة "عضوية" بين المنوِّم والمنوَّم ).
المدرسة الثانية رأت أن الأشياء التي حققها مسمر يمكن تحقيقها من خلال توجيه العقل الخاص بموضوع التنويم ، دون الحاجة إلى افتراض وجود قوة مغناطيسية خفية تؤثر عليه ، هذه المدرسة تسمى ب(السيكولوجية) أي التي ترى تأثيرات المسمرية والتنويم محصورة في أسباب نفسية سيكولوجية وفيزيولوجية ، وطريقة التواصل مع العقل هي اللغة والإيماء ، وبالتالي يكون التنويم المغناطيسي العلمي والحقيقي هو استخدام الأسلوب اللفظي والإيمائي المؤثر على العقل والأعصاب وهو مفتاح تحقيق ظاهرة النوم الصناعي ( الموجه ).

كلتا المدرستين حققتا نتائج علاجية عالية ومهمة وفاصلة في التاريخ ، وكانت المدرسة السيكولوجية بطبيعة الحال معترفاً بها أكثر أكاديمياً بينما شملت الإحيائية والأرواحية رجالاً غنوصيين ونساكاً وسحرة وماسونيين ومتعلمين للباطنيات.

قوة العلاج المغناطيسي والآفاق العلمية الهائلة التي فتحها في تلك الفترة جعلته مصنفاً كعلم رسمي يدرسه طلاب كلية الطب في أوربا بين سنة 1880 و1890 ويتم إجراء البحوث والدراسات عليه ، واستمر ذلك جزئياً حتى سنة 1934.

وكان هناك دورية علمية خفرنسية لكلية الطب اسمها مجلة التنويم المغناطيسي العلاجي والتجريبي من سنة 1886 إلى سنة 1889 ثم أصبح اسمها مجلة التنويم المغناطيسي وعلم النفس الفيزيولوجي من 1890 لتصبح في سنة 1909 مجلة علم النفس العلاجي وعلم النفس التطبيقي وتتحول في سنة 1934 إلى مجلة علم النفس التطبيقي.

وانشقت المدرسة السيكولوجية في التنويم المغناطيسي إلى مدرستين أسسيتين :

بعد أن قام جيمس بريد بإثبات قدرة الإجراءات الإكلينيكية العيادية وحدها على إحداث حالة التنويم العصبي دون استعانة بأي قوى مغناطيسية غير منظورة عبر المنهج الذي شرحناه في الفقرة الثالثة ، أصبح النقاش لمتبعيه حول ما إذا كان هذا التنويم نتاج حالة هستيرية أو هو ظاهرة نفسية سوية ومن طبيعة النفس بحد ذاتها.

فكان شاركو ومدرسة سالبيتربير يريان أن التنويم المغناطيسي حالة مرضية مصنعة وعصاباً هستيرياً ، لأن المنوِّم يفرض سلطته عنوة على المنوَّم ، حتى في المنهج الإكلينيكي الخاص بجيمس بريد ، هناك نوع من إرفاع حالة اللاشعور عنوة على المنوّم وإرادته.

كما أن الأعراض التي يبديها المنوِّم ليست طبيعية وهو يخرج مخابئ لاشعوره في كثير من الأحيان ، ويتصرف بعفوية مطلقة ما لم يكن تحت التوجيه بالأمر المباشر.

هذا لم يكن سبباً لمنع استخدام التنويم المغناطيسي الفيزيولوجي كطريقة علاجية ، لن الهيستيريا يمكن أن تستخدم كنوع من التفريغ والاستظهار والإصلاح الانفعالي.

المدرسة الثانية كانت مدرسة (نانسي) والتي آمنت أن النوم المحقق مغناطيسياً حتى عن طريق الإيحاء والتواصل العقلي اللغوي والتأثير على العقل والفيزيولوجيا بطرق مادية ولغوية ، هو حالة طبيعية يتسم بها الإنسان بما هو كذلك ، وتسمح بها النفس بما هي كذلك وهي ليست من قبيل المرض ولكنها من قبيل (الخاصية)

في السنين اللاحقة بعد الحرب العالمية الثانية تنامى الاهتمام بالتنويم المغناطيسي الفيزيولوجي المادي تنامياً متعاظماً سواء في التجارب العسكرية والاستخباراتية أو الطبية والعلاجية.

ففي السوفييت تم إحداث حالة تنويم ( فصل تيار الانتباه عن الأجهزة الجسدية ) من خلال تقنيات تعتمد على اللمس ( بافلوف ) والحرارة ( نيكولايف ) والضوء ( علماء سيكولوجية الألوان السوفييت - إفانوف - سمولنسكي ).

وفي أمريكا أبدى بعض المؤلفين مثل كلمبير سنة 1947 تفسيراً سيكوعصبياً للتنويم حين لاحظ أن لمس الجبهة من قبل شخص غريب ومطمئن يساعد على استدعاء ذكريات الطفولة ، مما يعني أن الملامس لها روابط لاشعورية تعمل عمل منبهات التنويم ( تنويميات ).

 
(7) التنويم الفيزيولوجي المغناطيسي وفق المدرسة المادية الفرويدية - الجزء 2

السؤال الآن : كيف يمكن أن ينشا تنويم موجه ؟
في حالات اليقظة والنشاط ، جميع الانطباعات الحسية كقاعدة عامة سرعية ، زائلة ، ومتجددة باستمرار ، والسلاسل الجديدة من الانطباعات والأفكار تتجدد بسرعة وتمر أمام العقل طوال الحياة : خلال المشي ، النوم ، العمل ، الطعام ن القراءة ن الصمت ن لأنها تفاعلات بين الذات الواعية وبين الوجود ، ولأن الوجود متغير على نحو لا يمكن السيطرة عليه.

ولكن أياً منها ليس يملك القوة الكافية لإجهاد أي جزء من الجسد ، ومع مرور اليوم هناك إحساس عام بالإجهاد الجسدي مما يجع النوم ضرورة ملحة ليستعيد الجسد توازن الطاقات فيه ، لأنه استهلك طاقة عبر التفاعل مع المحيط ، وهذا يعني أن خلاياه أصبحت مؤلمة عصبياً لأنها غير قادرة على توفير النشاط العصبي ، فوظيفة النوم هنا هي إصلاح اضطرابات الخلايا وتشابكات الأعصاب التفاعلية الفوضوية ، وإعطاء فرصة لتستعيد الأعصاب البناء الخلوي الذي استهلكته أثناء تفاعلاتها اليومية، وما إن تستعيده حتى يزول الإجهاد تلقائياً.

لكن إذ كان الانتباه مركزاً نحو موضوع معين أو مجموعة مميزة من الانطباعات الحسية فسيكون الوصول إلى حالة الإنهاك أكثر قرباً في الوقت من توزيع الجهد على كافة أعضاء الجسد ، لأن العضو المنهك سيستخدم طاقة مضاعفة والتي سيأخذها من مخزون الجسد ، كما سيتم إهمال تغذية الجسد بالطاقة ، والأهم من ذلك أن هناك (عتبة إجهاد) لكل عضو من أعضاء الجسم ما إن يصل إليها حتى يتسبب بصدمة عصبية تفقد الإنسان قدرته على التوازن الواعي مع المحيط ، وفي حالة الأعضاء الحسية كالعين والأذن يكون فقدان التوازن أقوى بكثير لأنه يركز على مناطق قريبة من الدماغ ومن المتعذر البقاء على وعي أثناء إجهادها.

وهذا ينطبق أيضاً على حالة تعدد الأشياء التي يتم التركيز عليها مقابل التركيز على شيء واحد ، لأن الإجهاد العصبي يكون أكبر مع التركيز على شيء واحد لأن ذلك يلغي عامل الإثارة وهذا يعزز شعاع الانتباه أكثر مما يستهلك قوة أكبر ويسبب ضغطاً أكبر على الأعصاب.

قضاء ساعة أو اثنتين في معرض الرسوم أو دار الأوبرا غالباً ما يسبب حالة انهاك إذا بقي تيار الانتتباه مع المحيط دون شرود، فمن الواضح أن جعل المنوّمين تثبيت تحديق المنوم على موضوع معين كقطعة زجاج أو كرة برّاقة يعتمد أساساً على صب تركيزه نحو ذلك الموضوع مما يجبر الوعي على الانفصال عن حالة التفكير والنمذجة الفكرية وإطلاق الأحكام ويوقف تكامل عمله مع اللاشعور ، وهو ما يسمى ب( عتبة الإجهاد العصبي ) حيث ينتهي اتصال تيار الانتباه بالجهاز العصبي واللاشعور إلى الحد الذي يسمح فيه الوضع بتوجيههما خارج إشرف الوعي ورقابته.

هذا يسبب حالة إنهاك للجسد بما هو كيان يتم تنظيمه من قبل اللاشعور ويؤدي مع الوقت إلى عزل الوعي عن السيطرة على الجسد بعد توجيهه إلى موضوع خارج الجسد نفسه، وهذا ما سيفتح معابر للتواصل المباشر مع اللاشعور دون حالة تشابك مع الوعي وقراراته وسلطاته ودون وجود زمن رجع للتجاوب اللاشعوري مع الاقتراحات ( زمن الرجع هو الفترة التي يقضيها العقل في اتخاذ القرار بسبب التردد بين حالة الوعي واللاوعي ).

حين يستسلم الوسيط أو العميل لنقطة التركيز يمكن تسليط قوة الأثير أو الوسيط على اللاشعور.

المراحل كما يصفها الخبراء تتم على النحو التالي :
1. يتم إحداث إجهاد للاتصال الواعي بالجسد
2. ثم تصبح العيون رطبة والصور غير واضحة والأشياء فيها لا يمكن تمييزها
3. وتبدو الأمور تطوف وتسبح في حقل مجال الرؤية لأنه غير مستقر
4. وفقط في هذه الفترة ، الأفكار لا تمر في العقل في تسلسل اعتيادي ولكنها تتداعى بشكل حر من الذكريات والهلاوس في الدقائق الأولى قبل الدخول في حالة النوم العميق.

في أثناء ذلك تتوسع البئابئ وكرات العين تزداد بروزاً عن المعتاد ، يجب فهم السلوك العصبي للقزحية لتقرير المعنى الفيزيولوجي لهذه التغيرات:

الهيكل العضلي للقزحية مزود بعصبين ( العصب القحفي الثالث والعصب الودي ) :

في حالة التشريح ، عند قطع العصب الثالث يتمدد البؤبؤ لأن العصب الثالث ينتمي إلى العصب ال(لاودي) المسؤول عن حالات القبض والتقليص في أي مكان في الجسم، وبينما إذا تهيجت نهاية العصب الثالث البعيدة فإن البؤبؤ ينكمش
أما إذا انقطع العصب الودي ينكمش البؤبؤ لأن هذا العصب هو المسؤول عن التوسيع والفرد والتمدد.

هذه الحقائق التجريبية تظهر أن الألياف المختلطة ( ذات العصب الودي ) التي توسع البؤبؤ تحت سيطرة الأعصاب السمبثاوية ، بينما الألياف الدائرية ( ذات العصب الثالث ) تحت سيطرة الأعصاب الباراسيمبثاوية.

علاوة على ذلك ، يمكن إثبات أن منطقة معينة في الدماغ هي مركز تنظيم منعكسات الحركات الناتجة عن الأعصاب الودية واللاودية ، لأن الدماغ هو ما يوجه الأوامر لعصب معين بالتعامل بطريقة معينة.

لذلك إذا افترضت مرور الضوء أمام العين بينما البؤبؤ متسع حينها ستتأثر الشبكية وتنقل التأثير إلى الدماغ في المنطقة التي تسمى المنطة X عبر ألياف العصب البصري ، بينما يرسل الدماغ أوامره عبر العصب البصري الثالث بكامل أليافه إلى الألياف الدائرية ضمن كرة العين مؤدياً بالبؤبؤ إلى التقلص ليتكيف مع الضوء ويقلل الإجهاد.

بالمقارنة مع إجرائيات عملية التنويم المغناطيسي :
1. ينقبض البؤبؤ للشخص المنوَّم بمجرد تسليط الضوء عليه مما يدل على أن آلية الانعكاس لا زالت قائمة في جسده وأنه يمكن التحكم بها عن طريق تحفيز دماغه.
2. حالة اتساع حدقة العين تعني زيادة أفق الإدراك بينما حالة انقباض الحدقة تعني زيادة التركيز وفصل الإدراك عن الإطار المحيط بموضوع التركيز، وهذا ما يحاول المنوِّم فعله في المرحلة الأولى.
3. قبل لحظات بداية حدوث حالة التنويم يتوسع البؤبؤ مما يعني أن التنبيه العصبي الخاص بالانتباه بدأ ينقطع عن الإدراك البصري ولذلك توسع البؤبؤ رغم الإضاءة أو التركيز، وبدأ التيار العصبي اللاودي يتحول إلى نبضات عصبية ضعيفة تمر إليه على طول العصب الثالث.

اعتقد هايدنهاين في بداية الأمر أن التنويم المغناطيسي قد يكون بسبب انعكاس صدمة بصرية مؤثر على أوعية الدماغ يتسبب في تضييق بعض تلك الأوعية ودخول كمية ضعيفة من الدم لا تسمح باستمرار حالة الوعي ، ومع ذلك ، أثبتت الحالات التي درسها وتعرضت للتنويم أن خدودهم محمرة ومفعمة بالحيوية أكثر حتى من الحالات العادية ، وليست شاحبة كما في الأنيميا المسبب للغيبوبات.

على نحو حاسم ، لإجراء تجربة قاطعة أعطى برنهايم شقيقه مادة نتريت الأميل الذي يوسع الأوعية الدماغية الدموية عن طريق الشلل الحركي الوعائي ، إذ لو كان التنويم يحدث حقاً بسبب ضعف تروية الدماغ للحظات فلا يمكن أن يحدث لشقيقه الآن لأن أوعيته متسعة بعوامل ضبوطة ، وكن التنويم حدث فعلياً وبسهولة ، مما يدل على أن هذه الحالة لم تكن بسبب نقص إمدادات الدم.

بعدها اكتشف الفيزيولوجيون آلية عصبية اسمها ( الأنشطة المثبطة ) كما في القلب الذي تنقبض حركته في النقل السمبثاوي عبر العصب المبهم أو الوي المعدي ، تسريع العصب المبهم يؤدي إلى تسريع ضربات القلب وتحفيز الطرف السفلي يؤدي إلى تباطؤها ، إذا كان التحفيز قوياً جداً سيتوقف القلب ، ولكن ليس بحالة الكزاز.

يمكنك إذن إنتاج ظاهرة تنويم بمجرد وجود انطباع عصبي قوي جداً من شأنه أن يحفز الإرخاء العصبي للجسد كله ، لأن الصدمة العصبية القوية أحدثت نوعاً من الانقباض السريع ( اللاودي ) والذي سيعقبه توقف تيار الانتباه الواعي عن المقاومة مما يفعّل عمل العصب الودي ( إرخاء أجهزة الجسم ) وهذا ما تلاحظه جزئياً حين تتعرض لوابل من الماء البارد فجأة أثناء استحمامك ، حيث يعقب الانقباض الشديد حالة من الاسترخاء العميق.

النظرية الفيزيولوجية الحالية بإيجاز : هي ان الضغط العصبي أو الصدمة العصبية تؤدي إلى تحريض قوي للجهاز العصبي اللاودي ( الباراسمبثاوي ) والذي سيسبب إجهاداً عالياً يخرج تيار الوعي عن الحواس التي تعرضت له ليسمح لها بالراحة ، وهذا ما سيجعل العصب الودي ( السمبثاوي ) يقوم بالإشراف عليها دون تدخل الوعي. وهذا يحدث بالتحديد ضمن المركز الحسي الدماغي ( العقد العصبية على القشرة الدماغية ) التي تنفصل عن تيار الانتباه الواعي نتيجة عوامل الصدمة والإجهاد السمعية والبصرية.


بعد الدخول في حالة التنويم هذه لا يوجد أي مخاطر ، لأن التنويم حدث من خلال ردة فعل فيسولوجية بسيطة جداً ونموذجية ، وردة الفعل هذه مجرد راحة من الإجهاد تماماً كحالة النوم الطبيعي ، ولكنه نوم موجه ...​
 
(8) التنويم المغناطيسي في الرؤية المادية الفرويدية - الجزء الثالث والأخير

1) نظرية التنويم الإشراطي :

بافلوف جعل الكلب يسيل لعابه لمجرد سماع صوت الجرس بسبب اقتران هذا الصوت في زمن ذاكرة الكلب مع الطعام ، ولذلك لم يكن من العسير نظرياً إيجاد منبه يسمح بجعل الكلب يستيقظ أو ينام ، يشرح بافلوف موضوعاً مهماً جداً حتى بالنسبة للجدل الديني ، يقول بافلوف إن هناك ثلاثة أنواع لليقظة المحيطية ( تيار الانتباه بالنسبة للمحيط البيئي ):
هناك مستوى يسمح بالانتباه لكل المؤثرات البيئية على حد سواء وهو نوع من اليقظة العادية ( يقظة سوية ) بحيث يتم تقييم كل نوع من أنواع التنبيه بحسب طبيعتها الأولية.
وهناك نوع يسمح بالانتباه لمؤثرات معينة أكثر من غيرها ، ولكن دون أن تحتوي هذه المنبهات في مضمنونها شيئاً خاصاً ، كصوت الجرس مثلاً بالنسبة للكلب ، فهو شيء خالي من المضمون المميز ، ولكن إشراطه في عقل الكلب بالطعام جعله منبهاً قوياً أكثر من رائحة الطعام ويؤدي إلى يقظة أكبر في الشدة وهذه هي المرحلة المفارقة ( التي يفارق فيها الموضوع مستواه البيئي الط من حيث تركيز الانتباه ).
المرحلة الثالثة وهي الأخطر والأهم هي وجود موضوع أو معطى حسي لا يتم التركيز عليه أصلاً ولا اليقظة لوجوده ، وهو ما يسميه بافلوف ب"الكف الجزئي" أي أن هناك عدم اكتراث من قبل قشرة الدماغ بتنبيهات واردة من موضوع محدد ، كما يسميه بافلوف أيضاً بالمرحلة فوق المفارِقة.

في حالة الكلب الذي يسيل لعابه كلما سمع نغم الجرس ، ارتبطت في ذهنيته صورة الطعام مع صوت الجرس في مسار زمني واحد ، هذا هو الاقتران ( التجاور ) وفي حالة مثل هذه ينتقل الاقتران من الذهن إلى الجهاز العصبي فهناك نقطة عصبية في القشرة الدماغية يتم إيقاظها كلما سمع الكلب صوت الجرس وهذه النقطة مسؤولة فقط عن ذلك ( وهي نقطة تم إنشاؤها صناعياً ويمكن إزالتها أو التحكم بمكانها الطوبوغرافي ).

في الحالة العكسية وهي الكف ، يتم منع الكلب من التنبه لمثير معين ( كصوت الجرس مثلاً ) لأنه كلما تنبه لصوت الجرس تمت معاقبته مما يجعله يقوم بتهميشه ، أو مثلاً يتم تكرار المنبه مراراً ومراراً إلى حين يصبح الأمر عادة مملة ويكف الكلب عن الانتباه إليها ، وفي كلتا الحالتين يتم (كف منطقة في القشرة الدماغية ) عن التنبه العصبي لمثير معين.

هذا الكف أشبه بالغشاوة على العين والسد على القلب والوقر في الأذن ، فإذا كنت تسمع القرآن الكريم دون تركيز كل صباح وكل مساء ، فهذا بالضبط ما سيحدث معك.

وهذا بالضبط ما يحدث معك عندما (تصلي على الحبيب ) بلسانك من دون وعي مراراً ومراراً ومراراً كلما قرأت اسمه ، وهذا الشيء عوض أن يقربك إلى الله ، يجعل في آذانك وقراً لأن الأعصاب لم تعد تتنبه إلى الشعور المرتبط بالأمور الدينية إلى على سبيل واجب يجب القيام به بسرعة والتفرغ لغيره.

ورغم تنبيهاتي المستمرة إلى أن هذه الحسابات التي تنشر كلمة ( هل صليت على الحبيب اليوم ) و تكتب تحت الأغاني ( خير الكلام كتاب الله ) هي حسابات وهمية تابعة للموساد تريد إحباط الوعي الروحي وجعله واجباً عقلياً جافاً ، إلا أنه لا حياة لمن أنادي للأسف ....


على أي حال كانت نظرية بافلوف في التنويم على اعتباره ( كفاً فيزيولوجياً عن التنبه إلى البيئة ومعطياتها ) امتداداً شارحاً للنظرية الفيزيولوجية للتنيوم المغناطيسي بشيء من التفصيل الدقيق.

ووفق هذه النظرية فكل العصاب والذهان والمرض النفسي هو نوع من الانفصال عن الواقع نتيجة حالة تنويمية فيزيولوجية ، قام فيها الدماغ بالكف عن التنبه للمحيط الحيوي والتركيز على معطيات معينة وارتباطات محددة لا تكيفية.


يجدر الانتباه إلى ان حالة التنويم وفق إجراء الصدمة الفيسيولوجية التي يقوم بها منهج جيمس بريد لا تستعمل عنصر ( الارتباط الإشراطي ) ولذلك فهي حالة مؤقتة ، كما أنها تصيب الجهاز العصبي ككل.

أما حالة التنويم البافلوفي ( الإشراطي ) خطيرة جداً ومهمة جداً ، إنها سلاح سيكولوجي فتاك بكل معنى الكلمة ، لأنك تستطيع أن تنوم جماهير بأسرها لأحقاب زمنية من خلال إنشاء رابط متقن الصنع .

فالكلب الذي تم إشراطه بعدم التنبه لصوت الجرس أو لصورة الدجاج ، سيبقى غافلاً عنها حتى يتم فك الارتباط ، في الأحوال اعادية يتم فك الارتباط بين الأسابيع والأشهر تلقائياً ولكن لا شيء يمنع من زيادة مدة التنويم إذا استمر الارتباط أو تم ترسيخه في نقطة أعمق من اللاشعور.

هذا يعني أنك تستطيع جعل شخص لا ينتبه إلى وجود شجرة معينة في الشارع لمدة عشرين سنة ، أو جعله يخاف من إبداء رأيه في موضوع معين إلى نهاية حياته ... لأن التنويم هنا ليس حالة فيزيولوجية بل إشراطاً عقلياً على التفاعل الفيزيولوجي.​
 
التعديل الأخير:
2. نظرية التنويم التجريبي :

في القرن العشرين توالت تجارب التنويم المغناطيسي ودراساته خارج نُزُل بافلوف ، حيث تم الاهتمام أكثر بطبيعة الحالة النفسية الناشئة عن التنويم عوض الاهتمام بكيفية إحداثه.

وتمت ملاحظة أن اللعب يسهم بسرعة بالدخول في حالة تشبه النوم المغناطيسي ، أو بالأحرى النوم المغناطيسي له نفس طبيعة اللعب والاتصال الوجداني بين المنوِّم والمنوَّم ، حيث كان الشخص الذي يتم تنويمه يعكس بالضبط معتقدات المنوِّم عنه ، وفي تجربة أورن 1959 قام بإخبار الطلاب أن الذي يتم تنويمه تتخشب يده التي يستخدمها أكثر ( اليد الغالبة ) وهذا غير صحيح ، ولكن ما حدث أثناء تنويم طلابه جماعياً أن أياديهم الغالبة تخشبت كما أخبرهم بالضبط ، وهنا بدأت مراجعات سجلات التنويم المغناطيسي لكشف حقيقة غريبة جداً :
كان مسمر يؤمن بالطاقة السحرية للتنويم المغناطيسي وكان ذلك يظهر بقوة على المنوّمين الذين يحسون بما يسمى ( الغشية Orgasm\trance ) وهي مفهوم قريب من النشوة الجنسية ولكنها لا تحدث لأسباب جنسية أو في مناطق تناسلية.

بينما في طريقة كوّه الصارم علمياً والذي لم يكن يتوقع حدوث أشياء غير طبيعية كان المنوّمون يصبحون كالروبوتات ، على عكس حالة الجن والعفاريت الخاصة بمسمر.

الحقيقة أن اللاشعور الذي يقترن بشخصية المنوِّم يؤثر على الانطباعات الحسية التي يتلقاها المنوّم ، حتى لو لم يصرح المنوِّم بما يؤمن به ، كما أن الموروث الشعبي ومستوى الثقافة للشخص الذي يتم تنويمه ينعكس على سلوكه أثناء مراحل التنويم.

ذلك أن "ما يتوقعه المنوِّم من الفرد النائم مغناطيسياً يمكن أن ينتقل إليه بصورة لاشعورية".
وهذه التوقعات أو التعليمات المنقول من المنوِّم إلى موضوع التنويم يسميها أورن ب(المتطلبات النوعية للإجراء التجريبي ) وهذه المتطلبات لا تتجلى على شخص الفرد المنوَّم فحسب بل أيضاً على شخص الفرد الذي يقوم بتجربة التنويم، لأنه يحس داخلياً بقوة الاستحواذ على عقل الشخص النائم، وبلغة علمية فإن الهلوسة تصيب المنوَّم لأنه يطيع الأوامر الموجهة إليه ، وتصيب المنوِّم لأنه يعتقد بقوة التأثير على المنوَّم.

إن الحقيقة أن هذا الاعتقاد أو هذا ((الإحساس )) بقوة التأثير من قبل المنوِّم على المنوَّم هو السبب الحقيقي في نجاح عملية التنويم. والوجه الآخر له هو اعتقاد المنوَّم أنه خاضع لدرجة معينة لتأثير أوامر المنوِّم.

ويتصرف الفرد المنوَّم مغناطيسياً كما لو أن حدود حريته في مقاومة إيحاءات أو رغبات المنوِّم صغيرة جداً وتتتوقف على المبادئ العليا فقط.

دون هذا الاعتقاد لا يمكن أن يتحقق التنويم المغناطيسي بطريقة اتصالية ( غير فيزيولوجية ) فالطرق الفيزيولوجية المعتمدة على الصدمة أو الإجهاد العصبي لا يمكنها إقامة صلة وصل عميقة بين المنوم والمنوَّم ، وبالتالي سيكون التواصل بينهما محصوراً في العقل واللغة والإيماء.

يرى أورن أن حالة التنويم المغناطيسي الخالصة لشخص ليس لديه أي ذاكرة اجتماعية أو انتماء أو طقوس مسبقة أو معتقدات يؤمن بها ، سيعكس حالة صافية للاشعور بحيث يصبح هذا اللاشعور مجرد (عقل خالص) ولكنه طيّع للمنوِّم بنفس الوقت ...

ولأن العقل التكويني لا يمكن عزله بالأحوال العادية حتى أثناء التنويم المغناطيسي ، فغن الاقتراحات والأوامر المقدمة من قبل المنوِّم إلى عقل المنوَّم سيتم محاكاتها وفقاً لمفاهيم العقل التكويني لهذا المنوَّم ، كما أصبح الناس يرتعشون أثناء تنويم مسمر ، لأن أفكار الجن كانت منتشرة أيامها ، وأما في العهود الحديثة أصبحوا يشبهون الروبوتات والزومبي ، لأن اللاشعور لا يعتقد بوجود عفاريت حالياً ، ولكنه يعتقد أن الإنسان آلة.

هذا يعيدنا إلى السؤال عن حقيقة الواقع الظاهري للحواس وكيف أنه يحاكي العقل التكويني للمرء ، وأن سلوك المرء نفسه يحاكي معتقداته وعقله التكويني ، وحتى في حالة التنويم ، يعكس الوجود البشري مكنون العقل التكويني الذي تحدث عنه أندريه لالاند في موسوعته.

وهذا يعني أن التنويم المغناطيسي حالة خالصة جداً وطبيعية جداً ولا علاقة لها بالسحر والشعوذة أو التقنيات الإلكترونية أو الفضائيين ، إنها حالة تنتمي للوجود والكينونة ومرايا الزمن ، وتنبعث من التفاعلات الأولى بين الوعي والوجود ، ومن تفاعل حالة اللاشعور مع المؤثرات الخارجية ن وكل ما ينتج عنها من صور وحكايات هي مجرد "إسقاطات".

(القصد من العقل التكويني هو المعتقدات الأساسية للثقافة العامة والدين والعلم والتي تختص بها طبقة معينة أو شعب معين ، بينما العقل المكوِّن هو الفاعلية التي تنشئ العقل التكويني من خلال قوانين جدلية ومنطقية بحتة بعد تقبل الإنسان لمقدمات معينة من المجتمع ).​
 
التعديل الأخير:
3. نظرية فرويد ( التنويم السلطوي ) :

جلسة التحليل النفسي هي نوع من التنويم المغناطيسي اللطيف ( نسبياً ) ، المحلل النفسي يقوم بالتأثير على الجهاز النفسي بالإيحاء ، بأنه يمتلك الأجوبة والقدرة على فهم المشكلة ولديه من الحكمة الكثير.
يجب أن يكون المحلل النفسي كبيراً في السن نوعاً ما ، قرأ الكثير من الكتب ومتعدداً في الثقافات ، وأن تكون ثيابه أنيقة ونظيفة والمكان الذي يجلس فيه ليس بسيطاً ، بل فيه لاحة من الغنى.
صوت المحلل النفسي لا يتغي بوتيرته الهادئة والمركزة ، ونظرته مستمرة على المعيد ، كلماته قليلة ولا يجيب حتى يسأله المعيد شيئاً ما ، ليس هناك برنامج معين يستخدمه المحلل النفسي في جلساته ، وستحس في البداية بأنه شخص بغيض ثقيل الدم وفض جداً في معاملته ، وهذا يعود إلى أن التنويم الإيحائي الفرويدي يعتمد على مثل هذه التقنيات.

العيادة واسعة وهادئة ومريحة وصامتة والستائر منسدلة ، مكان العيادة معزول عن مصادر الضجيج ، وهناك الكثير من الكتب والتحف والرسوم.

هذه الإيماءات نوع من البرهنة على أن هذا الشخص ليس مجرد معالج اعتيادي ، إنه يستخدم الإيماء فحسب.

عيادته وشخصيته ولغته موجهة بالكامل إلى المشاعر ، ليس هناك ما يقنعك به على نحو عقلي مجرد مثل 1+1 = 0 ، وفي الحقيقة هذا يجعل النتيجة التي تصل إليها راسخة جداً ومن المستحيل أن تنساها.
المعالجون يخاطبون عادة المستوى الشعوري من المعتقدات ويحاولون النفاذ عبره إلى مستويات أعمق ، وهذه المحاولة تكشف المعتقدات الدفينة جزئياً وبطريقة عقلانية ، المحلل النفسي يكشف المشاعر والدوافع ويجعلها تنطلق بحرية مما يسمح لك بفهم الأسباب الحقيقية للمعتقدات.

العلاقة بين المحلل النفسي والمعيد هي علاقة سلطوية بامتياز ، إذا كان المعيد أكثر ذكاء أو ثقافة أو حكمة من المحلل فستفشل العملية ، وسيبدأ المعيد بالابتعاد وجدانياً ، لذلك قلت أن المحلل يجب أن يكون كما سبق ووضحت.

المحلل يؤثر على اللاشعور وكأنه (جزء من الأنا العليا) وإذا فشل في ذلك فلن يمكنه تحقيق تقدم حقيقي مع الحالة ، وهذا الإيحاء الذي أوجده في نفس المريض أو المعيد هو نوع من التنويم المغناطيسي السلطوي.

التفاعلات الفيزيولوجية عند المعيد ستصبح هائدة وخجولة تلقائياً ، عينه ستصبح غير ناظرة بقوة في الأيام الأولى ، قلبه سينبض ببطء وصوته سينخفض كثيراً ، وهذا الهدوء الفيزيولوجي سيعمل على ناحيتين ، سيساعد بفلترة الكهرباء العصبية حتى لا تشوش التركيز ، وسيسعد بفهم المعاني العميقة للأشياء دون وجود ( عجلة ) للوصول إلى نتيجة معينة. أي أنه سيصب تركيزه على موضوع الحوار بالضبط.

وهذا الموضوع يتم تقريره على نحو حر ، أي دون حسابات عقلية للأولويات ، لأن العقل قد لا يفهم بالضبط ما هي ((الأولويات الحقيقية))

أثناء هدوء الفيزيولوجيا وإطلاق العنان للتداعي الحر للأفكار دون توتر ، تبدأ المشاعر بالخروج إلى السطح ويبدأ الإنسان بالوضوح مع نفسه ، وتكمن وظيفة المحلل النفسي في توجيه تيار الانتباه نحو التعمق في فكرة معينة أثناء مقاومتها أو أثناء التلعثم في التعبير عنها ، وهذا ما سيسمح بكشف الغموض الذي يكتنفها والذكريات البعيدة الخاصة بها.


التنويم المغناطيسي الفرويدي لا يعتمد على الحقل المغناطيسي ، ولكنه يعتمد على عوامل مادية ، وهو لا يعتمد على إحداث تأثير فيزيولوجي مباشر وإنما على تعزيز الحالة الفيزيولوجية من خلال التحكم باللاشعور ، ولا يعتمد كما في طريقة بافلوف على الإشراط لإيقاظ الحس لموضوع معين أو إنامته عنه ، وإنما (الاستذكار) لليقظة بخصوص موضوع في زمن الذاكرة ، أو إحساس مغفول عنه ، أو رابط ذهني غير ظاهر.​
 

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى