هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

اناستازيا

  • بادئ الموضوع عضو محذوف 129
  • تاريخ البدء
ع

عضو محذوف 129

زائر - عضو سابق
FB_IMG_1660651831556.jpg


برجاء التعامل مع القصة علي انها قصة خيالية فنحن لا نعرف ان كانت حقيقية ام من تأليف الكاتب الروسي فلاديمير ميغري

تصور كائن بشري ينشأ ويكبر فى الطبيعة دون أن يفقد إحساسه بحضور الخالق والحب غير المشروط.. تصور والديك يموتان قبل أن تستطيع المشى أو الكلام.. تصور أن يكون جدك ووالد جدك غريبا الأطوار بحيث سمحا للطبيعة أن تنشئك وترعاك دون أي تدخل أو تربية من قبلهما أو أي شخص أخر.. تصور أنك تصبح قادرأ على التواصل مع الطبيعة وتفهم النباتات والحيوانات وتتعلم بالفطرة بأن كل شيء من حولك موجود كى يخدمك ويرعاك ويجلب لك السعادة، تصور القوة التى تنمو وتختبرها فى كيانك دون أن تعلم أصلا بأنها قوة استثنائية، بل فقط تظن بأن هذا النموذج من الحياة هو الحياة ذاتها وهكذا وجب أن تكون.. تعرف بكل بساطة بأن الله منحك السلطة على كل شيء من حولك.. وأنك دائما فى أمان مهما كانت الظروف.

والآن توقف عن التصور. هذا الكائن البشري موجود فعلا. إنها امرأة تعيش فى روسيا واسمها أناستازيا". " كان أول من قدم قصتها للعالم فلاديمير ميغري" في العام ١٩٩٦- من خلال نشر كتاب يحمل اسمها كعنوان. تعتبر أناستازيا ظاهرة حديثة فى الحياة الروحية لروسيا وحتى العالم أجمع. هذه الشخصية صارت مشهورة جدا بحيث أصبح يعرفها كل رجل وامرأة وطفل في روسيا، أما في العالم أجمع فلازالت شهرتها تتوسع مع انتشار مجموعة الكتب التي تصدر بعدة لغات. من خلال شريكها ووالد طفلها لاحقا، رجل الأعمال السابق فلاديمير ميغري" Megre Vladimir انتجت هذه المرأة العجيبة تسعة كتب تعتبر الأكثر مبيعا فى روسيا والعالم أجمع لاحقا. هذه الكتب أذهلت الملايين من القراء في روسيا والعالم وساهمت في تحويل تفكيرهم وطريقة حياتهم بشكل جذري.أناستازيا ولدت وعاشت كل عمرها فى غابة الأرز السبييرية الواقعة على ضفاف نهر أوب" Ob والتي تعتبرها موطنها الوحيد. مات والداها بصاعقة رعدية عندما كانت صغيرة جدا. كان والداها يقطنان في الغابة أيضا وكانا يحاولان إحياء إحدى أشجار الأرز الصغيرة عندما حصلت الحادثة. ورغم صغرها إذ بالكاد تستطيع المشى إلا أنها استمرت فى العيش وحدها في الغابة، في فسحة الحب" التابعة لوالدتها. وفسحة الحب" هذه ليست منزلا أو ما شابه بل مجرد مكان فى الغابة تنام فيه وتقضى فيه معظم حياتها اليومية. كل شيء في هذه الفسحة طبيعي بحيث لا يوجد فيها كرسي أو طاولة أو أي شيء مصنوع يدويا، ورغم ذلك تعتبره أناستازيا منزلها. كانت تحت رعاية دائمة ومستمرة من جدها ووالد جدها لكنهما لم يتدخلا أبدا في ترييتها بل تركاها تنشأ وتترعرع في الطبيعة لوحدها، ليس لسبب يعود إلى عدم اكتراثهما أو قساوة قلبهما بل لأنهما ينتميان لمذهب أو عقيدة دينية ضاربة في القدم وتتمحور حول عبادة واحترام الطبيعة. هما يؤمنان بأن الحياة البرية بكل ما تظهره بيئتها الموحشة والقاسية تبقى أفضل من الحياة الاجتماعية العصرية التي يعيشها البشر. هذا الدين الذي أصبح منقرضا في روسيا اليوم كان هو السائد قبل دخول الكنيسة إلى البلاد منذ ألف عام وسيطرتها على الرعايا بالحديد والنار عبر طبقة إقطاعية قاسية إلى حد التوحش. لكن قبل سيطرة ذلك النظام الإقطاعي لم يعرف الشعب الروسي أي مفهوم متعلق بامتلاك الأراضي حيث كانت عقيدتهم تقول بأن الأرض للجميع لأنها ملك حصري للطبيعة الأم.وايضا. من بين ممارساتهم الدينية الامتناع تماما عن أذى الحيوائات أو النباتات والعيش بتناغم تام مع الطبيعة.أعتقد بأننا أصبحنا نعلم الآن السبب الذي جعل هؤلاء المساكين الساذجين ينقرضون تماما أمام تقدم وتمدد النظام الدينى/الاقطاعي الذي سحقهم سحقا مبيناً ؟على أي حال، كان جداها يعلمان جيدا ماذا يفعلان عندما تركاها تعيش لوحدها في الطبيعة، فقرارهما هذا لم يكن عشوائيا أو نابعا من جهل أحمق بل يستند على عقيدة عريقة ضاربة فى القدم. لم يتدخلا أبداً في حياتها بل كانا يزورانها بين الحين والآخر، وخلال زيارتهما كانا يفحصان تطورها العقلي والروحي من خلال طرح الأسئلة بخصوص مواضيع مختلفة مثل: ".. لماذا هذه الحشرة ملونة بهذه الطريقة؟.." أو غيرها من أسئلة، وعندما تكبر كانت الأسئلة تتقدم معها وتتناول مواضيع أكثر تعقيدا. ما توقعه الجدان حصل بالفعل حيث نشأت صداقة حميمة بين أناستازيا وكل أنواع الحيوانات في الغابة المحيطة بها خلال عيشها لوحدها كانت تتلقى الخدمة والرعاية من مجموعة واسعة من الحيوانات منها الدببة والذئاب والقطط البرية والسناجب والطيور وغيرها إنها بالفعل قصة خيالية لولا أنه تم توثيق هذه الحالة العجيبة من قبل الرجل الذي التقته أناستازيا لاحقا وصار والداً لابنها الوحيد وهو ذاته فلاديمير ميغري" مؤلف مجموعة الكتب الشهيرة لاحقاً بعض الناس يقولون بأن أناستازيا غير موجودة بل هي مجرد شخصية خيالية صحيح أن قصتها بعيدة عن واقعنا الحالي مما يجعلها صعبة التصديق لكن إذا دققنا فى الموضوع سوف نكتشف بأن طريقة حياتنا الحالية هي التى وجب اعتبارها بعيدة عن الواقع لأنها منقطعة تماما عن الطبيعة. لكن مهما كان الأمر، سوف أروي بعض من جوانب قصتها العجيبة وأترك الحكم للقارئ الكريم إن كانت خيالية او غير ذلك

كتاب من نحن الجزء 12
علاء الحلبى​
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
كنت سأكتب موضوع عنها لكنك سبقتني إليه :hilarious:
أنا قرأت الخمسة كتب الأولى من السلسلة بعد أن تعرفت عليها من كتب علاء الحلبي، وعلى مايبدو لي احتمال كونها شخصية حقيقية كبير جدا، لكن الشيء الأهم ليس كونها حقيقية أو لا بل الرسالة التي توصلها هذه القصة والعبر الموجودة في الكتب
 
وفقا للكاتب فلاديمير ميغري"، ولدت أناستازيا عام ١٩٦٩ في الغابة السيبيرية الغربية بالقرب من مدينة "سورغوت" Surgut على ضفاف نهر أوب Ob هي تعيش كلياً في البرية دون ثياب دافئة ودون زراعة أو مأوى مصنوع إنسانياً لكنها تعيش على أكل أنواع مختلفة من الثمار والمكسرات والفطر، وغالبا ما تجلبها لها الحيوانات البرية المختلفة التى تعيش معها بانسجام وسلام تام. تستعرض قدرات خارقة روحية ونفسية وعقلية متطورة جدا مثل الاستبصار والعلاج والتخاطر وقراءة الأفكار وذاكرة عجيبة لأحداث ومعارف عريقة ضارية في القدم، وكذلك القدرة على التحدث بأي لغة يتكلمها الشخص الذي يقابلها!.. وغيره وغيره من العجائب والمعجزات التى يمكن أن تتجلى بأبهى حلتها فى الكائن البشري. أما توقعاتها المستقبلية التى وردت فى الكتب فهى تتحقق الواحدة تلو الأخرى وبدقة فائقة! تقول اناستازيا بأن قدراتها هي طبيعية وقابلة لأن تتجلى فى كل إنسان لو عرف كيف يعيش حياته بطريقة سليمة. وقد شددت على أن الأمر يتعلق بطريقة تتشئة الأطفال ! الحكمة التي استعرضتها هذه الفتاة البسيطة تضاهى أحكم حكماء العصور! أما العلم الذي تتحدث عنه بطريقة منهجية مذهلة فهو أرقى بكثييير مما يتحدث به ألمع علمائنا الأكاديميين اليوم! معظم ما يتعلق بأناستازيا يمثل غموض رائع وجميل. هذه الفتاة البسيطة ساهمت عبر مجموعة الكتب فى تغيير مشهد الفكر الميتافيزيقي العالمى كلياً وذلك بفضل بصيرتها وحكمتها المذهلتين. كلماتها تحدث الآن صدى كيير فى قلوب الناس حول العالم، بعض النظر عن اختلاف خلفيتهم العرقية أو الدينية، لأن كلماتها تتجاوز الحواجز والمستويات الثقافية المختلفة التي تفصل سكان العالم عن بعضهم البعض. كلماتها بسيطة جدا ومباشرة جدا وواضحة جدا تناغم مع جوهر أعماق كينونتنا
 
كيف بدأت القصة
فى العام ١٩٩٤. كان المقاول فلاديمير ميغري" يجري رحلة تجارية إلى المناطق النائية في سيبيريا، وهناك التقى برجلين كاهلين تحدثا عن أشجار الأرز الرنانة التى تجمع كميات كبيرة من الطاقة الكونية ومن ثم تنشرها للبيئة المحيطة لتستفيد منها الكائنات الحية ولهذه الأخشاب خصوصا منفعة كبيرة للإنسان. رغم أن هذا الكلام لم يلفت انتباه المقاول في البداية لكن عند عودته إلى منزله أجرى أبحاث عن أشجار الأرز السيبيرية واكتشف القيمة العلاجية والغذائية والتجارية لتلك الأشجار وثمارها (تشبه حبة الصنوبر) التي يمكن استخراج الزيت منها وغالبا سيكون لها سوق رائجة. بعد انبهاره بكل تلك المنافع، خصوصا التجارية، لأخشاب وثمار زيت هذه الشجرة قرر ميغري" فى العام ١٩٩٥ إقامة رحلة تجارية أخرى إلى كل المناطق النائية بهدف استكشاف تلك السلعة الثمينة التي انقرضت لسبب ما من الثقافة الشعبية الروسية عبر العصور. وخلال هذه الرحلة الثانية إلى هناك التقى ميغري" بحفيدة الكاهلين التى هي ذاتها أناستازيا التى سوف تغير حياته إلى الأبد. تبين أن هذه الفتاة تجسد ثقافة ومعرفة وقدرات تعود إلى حضارة عريقة اندثرت منذ زمن بعيد من على وجه الأرض، وبيدو أنها محيت من ذاكرة الشعوب أيضا بحث تعرضت للنسيان تماما لدرجة أن طريقة حياة هذه الفتاة ونظرتها الخاصة للعالم والحياة عموما لم تكن قابلة للاستيعاب أو حتى الاستساغة من قبل المقاول فلاديمير ميغري". لكن على أي حال، ورغم ذلك فقد ساهم هذا اللقاء الذي دام ثلاثة أيام فى تغيير حياة الرجل بالكامل، وبعد عودته من تلك المنطقة السيبيرية النائية تخلى بالكامل عن عمله المعهود وأهمل كامل التزاماته في مجال المقاولات التجارية حتى وقع فى الكسر وتراكمث عليه الديون وكل ما كان يشغل تفكيره هو تتفيذ طلب واحد شددت عليه أناستازيا، التي أمضى معها أيامه المذهلة في غابات سيبيريا النائية، وهو أن يكتب كتاباً عن تجربته المثيرة في الغابة معها.لقد اصر فلاديمير في البداية بأنه لا يفقه شيئاً بخصوص الكتابة وتأليف الكتب لأنه مجرد مقاول ذو عقل تجاري ولكن أناستازيا أصرت بأنه سوف ينجح ككاتب وليس هذا فحسب بل سوف يكتب تسعة كتب وليس واحد فقط وهذه الكتب التسعة سوف تصبح من بين أعظم الأعمال في الادب الروسي! وأنها سوف تساهم في إصلاح العالم أجمع! و سيصبح مشهور عالميا! لكن رغم هذا الكلام الباعث للتفاؤل إلا أن فلاديمير" لم يكن متحمسا كثيرا للأمر كان حماسه موجها لتحقيق أمنية أناستازيا فى الكتابة فقط، أما النتيجة فتركها للقدر. مع الفقر الشديد الذي بدا يتسلل إلى حياته تدريجيا قرر فلاديمير الانطلاق فى الكتاية، وبعد مضي سنة تقرييا كان قد انتهى من كتابة الأول الذي حمل العنوان أناستازيا Anastasia. لكنه في البداية واجه مشكلة، لم يقبل أي من الناشرين تبني طباعة الكتاب. لكن بعد فترة من المعاناة وافق أحد الناشرين من موسكو على طباعة ألف نسخة على حسابه الخاص وأعطى الكتب جميعها ل فلاديمير . لكي ينشرها علي طريقته الخاصة وها هو الان يقف بجانب محطة الميترو في موسكو حاملا مجموعة من الكتب محاولا بيعها للمارة.لكن ما تلى ذلك كان معجزة حقيقية كتلك التي عاشها مع أناستازيا في غابات سيبيريا.الألفا نسخة الأولى من الكتب بيعت خلال ايام معدودة فتقدم بطلب طباعة ألفي نسخة جديدة.. ثم طبع عشرة الاف نسخة أخرى فبيعت خلال شيور.. ثم ملايين النسخ راحت تنتشر فى كافة أنحاء روسيا.. وخلال العام ١٩٩٩ كان فلاديمير ميغري" قد أصبح أشهر كتاب مقروء في روسيا. راح بعدها يكتب الأجزاء التالية من المجموعة، وبيع ملايين النسخ الأخرى، وثم ترجمة الكتب إلى ١٢ لغة أجنبية وقد انتشرت هذه الكتب كما النار فى الهشيم.. خصوصا فى ألمانيا والدول الأوروبية الشرقية انتشار مجموعة كتب "قلاديمير ميغري" أدى إلى حصول تغييرات هائلة في كل من المجال الأيديولوجي والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في روسيا. استمرت سيرة هذه الكتب على كل لسان في روسيا لفترة طويلة. وليس هذا فحسب بل استنهضت الكثير من المشاعر التي حفزت على الرسم وكتابة الشعر وتأليف الموسيقى والتي استلهمت جميعاً نتيجة قراءة هذه الكتب، وهذا ما توقعته أناستازيا بالضبط، حيث قالت لفلاديمير بانه مجرّد أن نُشر الجزء الأوّل فسوف يكون له تأثير قوي على نفوس الملايين ويستنهض فيهم المواهب المتعددة. راحت انوادي القراء تتوالد وتتكاثر في كافة أنحاء روسيا وخارجها. أقيم العديد من مؤتمرات القُراء في كل من روسيا واوروبا. بدأ الناس يطرحون أسئلة لم يطرحوها من قبل. راحوا يتساءلون حول مواضيع لم يفكروا بها سابقاً. المئات من الناس (أصبحوا الآن بالآلاف) راحوا يتركون وظائفهم عالية الأجر في المدن الكبرى ورغم الصعوبات التي واجهوها انتقلوا للسكن في القرى ، البيئية التي راحت تنتشر في الأرياف. عدد كبير من المهاجرين الروس الذين في ألمانيا والولايات المتحدة وكندا راحوا يعودون إلى روسيا ليقيموا مع عائلاتهم مزارع بيئية بسيطة فى أراض أجدادهم. كانت هذه الحركة الشعبية مهمة جدا لدرجة أن الدكتور فيكتور ماديكوف Viktor Medikov وهو عضو في البرلمان الروسي، نشر كتابا بعنوان بوتين، ميغري، ومستقبل روسيا" ذكر فيه أن مجموعة الكتب التي نشرها "فلاديمير ميغري" أصبحت تمثل فكرة وطنية جديدة سوف تساهم في تشكيل مستقبل البلاد، بعد عدة سنوات فقط من نشر الكتاب الأول كل هذه التطورات حصلت، ويبدو ان الأمر لازال في بدايته.ملاحظة: قد يظن البعض بأن ما أتحدث عنه بخصوص هذه الحركة مبالغ به لأننا فى الشرق الأوسط لم نسمع بكل هذه الأحداث. لكن في الحقيقة إن العيب ليس في هذه القصة التي ضج بها العالم بل في منطقة الشرق الأوسط التي لم تسمع بتلك الكتب والقصة المثيرة التي تدور حولها لأن هذه المنطقة كانت مشغولة في حينها بتنمية البيئة المناسبة لتفقيس وتربية المجاهدين هذه من بين الأسباب الرئيسية التي منعت الضجة العالمية التي أحدثتها كتب فلاديمير ميغري من الوصول إلى أسماعنا. حتى أنني لا أعلم إذا ترجمت هذه الكتب إلى اللغة العربية أصلاً.

سلسة من نحن الجزء 12
علاء الحلبي
 
بعد قراره العودة إلى غابات سيبيريا من أجل الاستثمار في أشجار الأرز الرنانة انطلق فلاديمير" متوجهاً إلى هناك مع مجموعة قوارب نقل صغيرة لتحميل البضاعة التي ينشدها. عند وصوله إلى المنطقة التي التقى فيها بالكاهلين اللذان اخبراه عن أشجار الأرز أشار فلاديمير لقبطان الحملة أن يتوقف ونزل إلى ضفة النهر حيث النقطة ذاتها التي رأى فيها الكاهلين في السنة الماضية. لكن بدلاً من الرجلين العجوزين رأى فتاة وحيدة وكأنها في انتظاره. اقترب منها فلاديمير وسألها عن العجوزين فأجابته الفتاة بأن أولئك العجوزين هما جدها ووالد جدها وعرضت عليه إرشاده إلى مكان سكنهما في في أعماق الغابة وكان هذا المكان يبعد حوالي 25 كيلومتر في أعماق الغابة فوافق فلاديمير وانطلقا فورا نحو الغابة

ملاحظة: كانت أناستازيا تعلم مسبقاً بأن لها مصير مشترك مع هذا الرجل الذي سيصبح والداً لابنها ولهذا السبب جاءت لاستقباله، حيث لقائهما لم يكن مجرّد صدفة، لكن هذه قصة مذهلة أخرى سوف نتجاهلها الآن.

الإغواء الموهوم ومحاولة الاغتصاب الفاشلة

يعد أن قطعا مسافة حوالي خمسة كيلومترات في الغابة توقفا للراحة. راح فلاديمير يشرب البراندي ويأكل ما جلبه من مأكولات سريعة. لكن أناستازيا قامت بفعل شيء غريب لم يفهمه فلاديمير وأثار دهشته. راحت إلى جانب شجرة كبيرة وبدأت تخلع ثيابها الشتوية الثقيلة وكذلك الجزمة التى لبستها وخبأت ما خلعته ف حفرة تحت الشجر، ولم جاس ثوب رقق قصير. بعدها توجيت إلى مكان قريب تصله أشعة الشمس ثم تمددت على الأرض متوجهة نحو الشمس تلقى الدفء الطبيعي لأشعتها. كانت درجة الحرارة منخفضة بحث لم تتجاوز ١٢ درجة ملوية، ورغم ذلك كانت هذه الفتاة الجميلة الشقراء تتمدد على الأرض شبه عارية وتبتسم للشمس بعينيها الرماديتين الواسعتين أما فلاديمير، هذا المقاول الذي يعتبر نفسه ابن العالم، والذي شرب ما يكفي من البراندي، بعد رؤيته هذا المشهد المغري اعتبر تصرفات اناستازيا دعوة للاقتراب منها فتقدم دون تردد. أمسك بها وحضنها بقوة، لكنها لم تبذل أي مجهود فى مقاومته. راحت تصرفاته تزداد شدة لكن قبل أن يتابع نحو هدفه غاب فجأة عن الوعي! وقبل غيابه عن الوعى تذكر أن أناستازيا كانت تقول له ".. أرجوك لا تفعل.. اهدأ.."، وكانت بنفس اللحظة تلوح بيدها إلى شيء يحلق في الجو وكأنها تبعده عن فلاديمير. وقد علم لاحقا أن ما كانت تلوح له هو عبارة عن كرة من نور ترافق أناستازيا أينما ذهبت لحمايتها. بعد صحوته من غييوبته متسائلا عما حدث شرحت له أناستازيا كيف أنه قام بعمل خاطئ لكنها متفهمة سوء تفكيره وتسامحه على ذلك. قال لها فلاديمير موضحا موقفه بأنه شعر بالإغواء وخدع بمنظر خلعها لملابسها وتصرفاتها التي لم يألفها سوى لدى بائعات الهوى. فأجابته ببساطة أنها لم تعتاد على ارتداء الألبسة الثقيلة ولم تحبها أصلا، لكنها تفعل ذلك فقط عند خروجها من الغابة للاختلاط مع الناس. وعندما سألها فلاديمير لماذا لا تشعر بالبرد، كانت إجابتها بسيطة لكنها لم تخلو من الصيغة العلمية الأكاديمية وتمثل معلومة مهمة جدا بخصوص الكائن البشري. قالت: ".. التكوين العضوي لأولئك الذين يكسون أجسادهم بالألبسة الثقيلة، للحماية من البرد أو الحرارة، تفقد نسبة كبيرة من قدرتها الطبيعية على التأقلم مع البيئة المتغيرة. أنا لم أفقد هذه القدرة أبدا. لهذا السبب أنا لا أحتاج إلى ألبسة..

سلسة من نحن الجزء 12

علاء الحلبي
 
وصولهما إلي فسحة الحب منزل أناستازيا

بسبب الحوار المثير والشيّق الذي دار بينهما أثناء السير على طول الطريق وسط الغابة، فقد فلاديمير اي تقييم دقيق للمسافة التي قطعاها. وعند وصولهما نقطة معيّنة في الغابة توقفت أناستازيا ووضعت حقيبة فلاديمير التي حملتها طوال فترة سيرهما على الأرض ، وقالت بابتهاج: ".. ها قد وصلنا..! نظر فلاديمير حوله مستكشفاً المكان. كان عبارة عن فسحة أنيقة فيها أزهار وسط مجموعة من أشجار الأرز العملاقة، لكنه لم يرى أي شيء مصنوع يدوياً. . ولا حتى كوخ صغير أو حتى شيء يمثل مأوى أو مهجع يدل على إمكانية سكن. لم يرى شيء مما يألفه يشير إلى إمكانية العيش الإنسان. لكن رغم ذلك لاحظ في ملامح أناستازيا بهجة العودة إلى منزلها الدافئ المريح! فسألها فلاديمير مؤنباً: ".. وأين منزلك؟.. أين تأكلين وتنامين وتأوين نفسك من الشتاء؟. .، فأجابته ببساطة وارتياح: ".. هذا هو منزلي يا فلاديمير. . لدي كل شيء أحتاجه هنا..، عند سماعه ذلك راح ينتابه شعور بالاستفزاز لكنه أكمل حديثه متجاهلاً كل ما سمعه وراه: ".. أين كل شيء؟.. أجلبي أبريق الشاي لكي نسخن فيه ماء،واجلبي الفأس لكي أقطع بعض الخشب وأشعل النار ."، فأجابت قائلة: ".. ليس لدي إبريق ولا فأس يا فلاديمير.. ومن الأفضل أن لا نشعل النار .."، فأجابها مندهشاً وكأنه لم يصدق: ".. عن ماذا تتكلمين؟.. يا إلهي.. حتى أنها لا تملك إبريق!.. ماذا سأفعل الآن؟ الماء في قارورتي نفذ.. وأنتِ شاهدتي متى أكلت آخر مرة؟.. حتى أنني رميت القارورة الفارغة. . والآن لم يبقى لدي سوى عدة بلعات من البراندي. . وأنا أشعر بالعطش والتعب، من أين تجلبين ماء الشرب النظيف؟.. كيف تشربين هنا؟. ." بعد أن شاهدت تذمره العصبي أبدت أناستازيا مشاعر قلق عليه، فأسرعت بالإمساك بيده وقادته عبر الفسحة ومن ثم إلى الغابة، وكانت تطمئنه وتهدئ من روعه على طول الطريق: ".. لا تقلق يا فلاديمير.. أرجوك لا تغضب. . سوف أهتم بكافة الأمور.. أنت فقط ارتاح.. سوف تنام جيداً.. سوف أتولى كل الأمور.. سوف لن تبرد.. هل أنت عطشان؟.. سوف أعطيك ما تشربه فوراً. .ليس بعيدا عن الفسحة وخلف مجموعة أعشاب طويلة وصلا إلى بحيرة صغيرة. غرفت أناستازيا كمية من الماء بيديها الملتصقتين ورفعتهما إلى وجه فلاديمير وقالت: "..تفضل.. إليك بعض الماء.. اشربها أرجوك. .، فاندفع فلاديمير غاضباً: ".. هل أنت مجنونة؟! كيف يمكن شرب الماء من نقعة موحلة في الغابة؟! هذا الماء لا يصلح حتى للغسيل!. .، فأجابته الفتاة المسكينة موضحة: ".. هذه ليست نقعة موحلة يا فلاديمير.إنها ماء نقية مفعمة بالحياة. . مياه جيّدة! وليست مياه شبه مدمّرة مثل التي تستخدمونها.. أنت تستطيع شرب هذا الماء كما تشرب حليب الأم! أنظر."، ورفعت يديها إلى شفتيها وشربت الماء. فانتفض فلاديمير قائلاً: .. أناستازيا، هل انت نوع من كائر متوحّش.. يا إلهى أنتِ متوحشة..، فأجابته فوراً: ".. لماذا متوحشة؟ لأن سريري ليس كسريرك؟ لأنه لا يوجد سيارات هنا؟ ولا مواد اصطناعية أو أدوات؟.."، فأجابها واثقاً: .. لأنك تعيشين كما الوحوش! تعيشين في غابة.. وليس لديكِ أي مقتنيات أو ممتلكات.. ويبدو أنك تستمتعين بهذه الحالة..، فأجابت واثقة: ".. نعم، أنا استمتع في العيش هنا. ."، فأجابها منتصراً: ".. أرأيت؟.. ها أنت أثبتي كلامي... فقالت أناستازيا متسائلة: ".. هل تعتبر يا فلاديمير بان ما يميز الإنسان من باقي المخلوقات في الأرض هو امتلاكه لأشياء مصطنعة؟ ..، أجابها واثقاً: ".. نعم! وبشكل أدق، الذي يميزه هو وجوده المتحضر..، فتساءلت قائلة: ".. وهل تعتبر وجودك أكثر تحضراً من وجودي؟.. نعم طبعاً أنت كذلك فعلاً. . لكنني لست متوحشة يا فلاديمير. . أنا كائن بشري وهذا يكفي.

..بدأ أفلاديمير الفصل التالي معلقاً: بعد قضاء ثلاثة أيام مع أناستازيا وراقبت كيف تعيش هذه الفتاة الغريبة لوحدها في أعماق الغابة السيبيرية بدأت أفهم القليل عن نمط حياتها وراحت تراودني اسئلة عديدة حول نمط حياتنا نحن. أحد التساؤلات التي لازالت تطاردني حتى اليوم هو: هل نظامنا التعليمي والتربوي الذي ينشئ الأطفال كافياً لمعرفة معنى الوجود؟ هل استطاع ترتيب أولويات الحياة لكل فرد بطريقة صحيحة؟ هل هو يساعد أو يعيق قدرتنا على إدراك جوهر الإنسان وغايته؟ لقد أنشأنا نظام تعليم هائل وعظيم وعلى أساس هذا النظام التعليمي نقوم بتعليم أولادنا وتعليم أنفسنا. من مرحلة الحضانة مروراً بالمدرسة وانتهاء بالجامعات وما يتبعها من مشاريع تخرّج. هذا النظام التعليمي هو الذي مكننا من اختراع الأشياء والسفر في الفضاء. نحن نبني حياتنا بالاعتماد عليه وبالتوافق معه، وبمساعدته نسعى جاهدين لإيجاد بعض السعادة في نفوسنا. نسعى جاهدين لاستيعاب الكون والذرة، بالإضافة إلى كافة الظواهر الغريبة الأخرى. نحب ان نناقش ونوصف هذه الظواهر بالتفصيل وعبر الرواياد الشيّقة في أجهزتنا الإعلامية ومنشوراتنا العلمية المنهجية.لكن يوجد ظاهرة واحدة لازلنا نحاول جاهدين ولسبب ما تجنبها، حتى أننا نسعى بكل ما نمتلك إلى تجنبها! وقد يتكون الانطباع لدى الفرد بأننا نخاف الحديث عنها. أقول نخاف لأن هذا الموضوع سوف ينسف كامل منظومتنا التعليمية ومسلماتنا العلمية وتجعل طريقة حياتنا العصرية مجرد مسخرة! ورغم ذلك كله لازلنا نتظاهر بأن تلك الظاهرة غير موجودة أصلاً، لكنها موجودة! وسوف تبقى موجودة مهما حاولنا تجاهلها أو تجنبها. ألم يحين الوقت لإلقاء نظرة متفصّصة وربما، فقط ربما، يمكننا عبر المجهود الجماعي لعقولنا البشرية المجتمعة إيجاد جواب واضح وصريح للسؤال التالي: إذا نظرت إلى المفكرين والحكماء العظماء، دون استثناء، وهم الذين أوجدوا الأديان العظمى والمنظومات الفلسفية والروحية الكبرى التي تتبعها أعداد هائلة من البشر، ما هو العامل المشترك الذي يجمعهم؟ لماذا نجد أنه قبل الخروج بتعاليمهم الكبرى كانوا يعيشون في عزلة تامة، الاختلاء في البرية، وفي معظم الحالات في الغابات؟!لماذا؟ من أو ماذا مكن هؤلاء الأشخاص من إحراز حكمتهم؟ من منحهم المعرفة؟ ومن قربهم أكثر إلى فهم جوهر الحياة؟ كيف عاشوا، وماذا فعلوا وبماذا فكروا خلال اختلاءهم في البرية أو الغابة؟ هذه الأسئلة واجهتني لبعض الوقت بعد حواراتي مع أناساتازيا وبعد البدء بقراءة كل شيء أستطيع الحصول عليه بخصوص موضوع الخلوات والتنسك والانعزال، لكن حتى اليوم لم أجد أجوبة. لماذا لم يتم الكتابة عن خبرتهم خلال تنسكهم واختلائهم؟

سلسة من نحن الجزء 12

علاء الحلبي
 

خلال مكوثه مع هذه الشابة العجيبة في الغابة السيبيرية، اكتشف فلاديمير بان ما ظنها في البداية مجرّد فتاة ريفية بسيطة كانت في الحقيقة تتمتع بمعرفة عميقة وقدرات عقلية مذهلة تفوق الخيال لكن رغم ذلك فهي تظهر البساطة والمحبة البريئة والأفكار النقية مع نظرة حكيمة مختلفة تماماً للعالم من حولها وهذه الأمور تركت أثراً كبيراً على حياتهلاحقاً. كتب فلاديمير معلقاً:
".. هي صبية يافعة، ولدت وتعيش في عزلة تامة في غابات سيبيريا العميقة، تم تبنيها بعد موت والداها من قبل جدها ووالد جدها والذين يعيشان أيضاً في عزلتهما الخاصة في الغابة. .. لو أنكم تتصورون إخلاص الحيوانات البرية لها فهذا أمر غير عادي.. لكن رغم ذلك فلدينا ظاهرة مشابهة نعتبرها عادية وهي العلاقة الحميمة بين حيوانات المزارع وأصحابها حيث نجد تلك الحيوانات تعامل أسيادها بمودة واحترام. .لكن في الحقيقة لا يمكن تشبيه تلك العلاقة القائمة في المزارع مع هذه التي تجري في الغابة بين أناستازيا والحيوانات التي بعضها يكون مفترساً ورغم ذلك نجدها تامر الحيوانات فتنفّذ أوامرها فوراً، وبالتالي هذا ليس بالبساطة التي نلاحظها في المزارع.فمثلاً، خلال جلوسها مع فلاديمير والحديث معه، كانت أكثر من مرّة مجرّد أن تشير بيدها ياتي سنجاب ويضع حبة من البندق أو الكستناء البري في فمها! وهذه الحبة تكون مقشرة وجاهزة للأكل! وتعاملها مع النقاب والدببة يكون بنفس الطريقة، فقط الإشارة باليد (ربما مصحوباً بالتخاطر العقلي) فنجد أوامرها تُنفذ في الحال.

النوم مع الدب

في ليلة اليوم الأول حان موعد النوم وفلاديمير لم يكن مجهزاً للنوم في الغابة لذلك لم يجلب معه أي من التجهيزات اللازمة. لذلك قادته أناستازيا إلى حفرة في الأرض . تحت إحدى الأشجار وتشبه المغارة الصغيرة، كانت أرضيتها مفروشة بالأعشاب والزهور اليابسة بحيث كانت رائحة الحفرة جميلة ومحببة. كان فلاديمير متعباً جداً لذلك لم يعلّق على الموضوع فغرق في النوم مباشرة. وعندما استيقظ في اليوم التالي كان يشعر بالراحة والنعيم كما لو أنه كان يستلقي على سرير ملكي مريح. وخلال مد يديه ورجليه لمست إحدى يديه ما يشبه قطعة من الفرو خلفه فظن مباشرة بأنه لا بدّ من أن أناستازيا كانت صيادة حيوانات وتسلخ جلودها وغيرها من تصورات مشابهة، مع تقريب ظهره من قطعة الفرو بحيث تلاصق مباشرة به شعر بالحرارة المنبعثة منها، لكنه لم يتصور أي شيء غير أنها قطعة فرو دافئة فقرر أن يغط . مرة أخرى في النوم. كانت أناستازيا واقفة على باب الحفرة من الخارج ملاحظة أنه قد استيقظ من النوم فقالت له: فليأتيك هذا اليوم بركاته يا فلاديمير. وعليك بدورك مبادلة هذا اليوم بالمباركة، لكن أرجوك لا تخاف مما استراه الآن. صفقت بيديها وبعدها مباشرة راحت تلك القطعة من الفرو تتحرّك وراء ظهر فلاديمير.. فاصيب بالرعب الشديد بعد معرفته أن ما يقبع وراءه الم يكن قطعة فرو، راح يزحف دب ضخم إلى خارج الحفرة، فتلقى طبطبة رضى من أناستازيا وبعد لعق يدها قليلاً توجه نحو الغابة بهدوء. تبين أنها استدعت الدب لكي يستلقي بجانب فلاديمير خلال نومه العميق فيبقى دافاً في الليل، بينما هي استلقت على باب الحفرة ونامت حتى الصباح. أما فلاديمير فكاد يفقد عقله بعد ما شاهده يخرج من الحفرة! فصرخ قائلاً: ..كيف يمكنك فعل ذلك . بي؟.. كان بإمكانه أن يقطعني إرباً أو يطحنني حتى الموت!..فاجابته: ". أولاً، هو ليس دب بل دبة.. ومن المستحيل أن تفعل شيئاً يؤذيك.. هي مطيعة جداً وتستمتع عندما أوكلها بمهمات مختلفة. . حتى أنها لم تتحرك طوال الليل لكي لا تزعجك.. فقط اشخرت قليلاً تعبيراً عن تذمرها منك لأن يدك كان تصفع ظهرها دائماً خلال تحريكها أثناء نومك.. لكن رغم ذلك فقد كانت سعيدة

سلسة من نحن الجزء 12
علاء الحلبي
 
قدرة أناستازيا على الرؤية البعيدة والتأثير عن بعد

المهمة الأصعب بالنسبة لفلاديمير هي وصف وتفسير الآلية التي تتمكن من خلالها رؤية أشياء عبر مسافة بعيدة ومعرفة تفاصيل دقيقة عن أحداث متنوعة، حتى تلك التي حصلت قبل آلاف السنين، كما أنها أظهرت إلماماً واسعاً ومفصلاً عن الحياة العصرية رغم أنها لم تختلط مع سكان المدن مثلاً. تشرح هذه القدرة العجيبة لديها مستخدمة مصطلح الأشعة" التي تنبعث منها إلى الشيء المستهدف، لكن كيف تعمل هذه الأشعة خلال رؤيتها الأحداث البعيدة وكذلك في علاج الأشخاص عبر مسافة بعيدة، بالإضافة إلى ذلك، كيف تتجاوز هذه الأشعة حاجز الزمن بحيث يمكنها رؤية الماضي البعيد وكذلك المستقبل البعيد؟! تقول أناستازيا: ". كل إنسان لديه هذه القدرة، الأمر يعتمد على قوة المشاعر لديه. .وتقول أيضاً: ".. الإنسان لم يخترع أي شيء لم يكن موجوداً أصلاً في الطبيعة.التكنولوجيا وراء جهاز التلفزيون هي مجرّد تقليد ضعيف لإمكانيات هذه الأشعة التي يملكها الإنسان ."
كتب فلاديمير ميغري يقول حول هذا الموضوع
أظن بأن الظاهرة الروحية الأكثر غرابة والتي شهدت عليها خلال فترة مكوثي في الغابة هي قدرة أناستازيا على رؤية – ليس فقط الأفراد عبر مسافات بعيدة - بل ما كان يحصل معهم في حياتهم أيضاً. فعلت ذلك بمساعدة أشعة خفية. زعمت بأن هذه قدرة موجودة لدى كل الناس، لكن الجميع يجهل وجودها وبالتالي هم محرومين من إمكانية استخدامها لكن طالما أن هذه الأشعة غير مرئية فأنا شخصياً لم أؤمن بها في البداية..رغم محاولاتها المتكررة لاستعراض وتفسير آلية عملها، لكن في يوم من الأيام وخلال إحدى حواراتنا حصل ما يلي...سألتني أناستازيا: .. قل لي يا فلاديمير، ما هو تعريفك الأحلام اليقظة؟ وهل يحلم الكثير من الناس بالمستقبل…فأجبتها متسائلاً: ".. أحلام اليقظة».. أعتقد بأن الكثير من الناس قادرين على فعل ذلك.هي تلك الحالة التي يتصوّر فيها الناس المستقبل الذي يرغبون به...قالت: .. جيد. إذاً أنت لا تنكر بأن الإنسان لديه استطاعة تصور مستقبله أو تصور مواقف وظروف محدد ومتنوعة...أجبتها: "..لا أنكر هذا....قالت: ".. وماذا عن البديهة أو الحدس؟ ...قلت: ".. الحدس؟.. ربما هو الشعور الذي ينتاب الفرد بدلاً من إشغال تفكيره في تحليل ماذا يمكن أن يحصل أو لماذا. إنه نوع من الشعور الذي يفترض ما هو الصواب الذي وجب فعله...قالت: ".. إذاً أنت لا تنكر حقيقة أنه في الإنسان، إلى جانب عقله التحليلي العادي يوجد شيء يساعده على توجيه سلوكه وسلوك الآخرين؟..قلت: ".. حسناً، لنفترض بأن هذا صحيح...صاحت قائلة: .. رائعا جيد!. . والآن، الأحلام الليلية.. ما هي؟ أقصد تلك التي تراود جميع الناس تقريباً أثناء نومهم ؟...قلت متسائلاً: ".. الأحلام الليلية؟ .. هي.. في الحقيقة لا أعلم ما هي بالضبط، عندما تنامين.. الحلم هو مجرد حلم..قالت: ".. حسناً، حسناً.. دعنا نسميه حلم فحسب. لكنك لا تنكر وجوده؟ أنت وغيركمن الناس تدركون بأنه إذا كان أحدهم في حالة الحلم، وعندما يكون . جسمه خارج سيطرة الجانب الواعي من عقله، يستطيع رؤية أفراد وأمور مختلفة تجري في أماكن مختلفة.....قلت: .. حسناً، أعتقد بأن هذا أمر لا ينكره أحد..قالت: ".. وحتى أنه في الأحلام يستطيع الناس التواصل مع الآخرين وإقامة الحوارات ويتحمسون ويبدون كافة انواع المشاعر؟..قلت: ".. نعم، يستطيعون فعل ذلك...قالت: ".. وما هو رأيك، هل يستطيع الإنسان التحكم بحلمه؟ أي يستطيع استحضار الصور والأحداث التي : يرغب في رؤيتها؟ كما هي حالة التلفزيون العادي مثلاً؟...قلت: ".. لا أعتقد بأن هذه إمكانية ، موجودة عند الجميع.. الحلم، بطريقة ما، يأتي تلقائياً....قالت: .. أنت مخطئ، يستطيع الإنسان التحكم بكل شيء لقد خُلق الإنسان لكي يتحكم بكل شيء..وتابعت قائلة: ".. الإشعاع الذي أكلمك عنه يحتوي على كل المعلومات والمفاهيم والبديهيات والمشاعر العاطفية التي يحوزها الفرد، وبالتالي هذا الإشعاع يحتوي على رؤيا وتصورات حلمية يمكن التحكم بها وفق إرادة الإنسان...قلت متسائلاً: ".. كيف يمكن التحكم بالحلم خلال الحلم؟...فاجابت موضحة: ".. ليس خلال الحلم، بل خلال الصحوة التامة! وبدقة الامتناهية!. . الناس الآن يختبرون هذه القدرة في الأحلام لكنها تكون في الحالة العادية عشوائية وفوضوية.. لقد فقد الإنسان قدرته على التحكم.. التحكم بالظواهر الطبيعية وكذلك التحكم بنفسه.. لذلك قرر بأن يعتبر الحلم الليلي مجرّد منتوج عفوي لدماغه المتعب. بينما في الحقيقة كل إنسان تقريباً على وجه الأرض يستطيع. . فالتفتت إليه وأكملت قائلة: .. حسناً، إذا كنت ترغب، أستطيع مساعدتك في رؤية شيئاً عبر مسافة بعيدة من هنا والآن.....فقلت: ".. هيا، افعلي…قالت: ".. استلقي على العشب واسترخي.. سلم تماماً بحيث يتوقف جسدك من سحب كمية كبيرة من الطاقة الحيوية . من المهم جداً أن تكون مرتاح ومسترخي. هل من شيء يعيق سبيلك؟ والآن فكّر بالشخص من الذي تعرفه جيداً. . زوجتك مثلاً. تذكر عاداتها، كيف تمشي، ملابسها، أين يمكن أن تكون الآن، وحوّل كامل الأمرىإلى خيالك نفذ فلاديمير كامل التعليمات، إذ الصور زوجته وهو يعلم أنها سوف تكون في الوقت الحالي في المنزل الريفي، تصوّر فلاديمير أيضاً ذلك المنزل وبعض مفروشاته ومحتويات أخرى، تذكر أشياء كثيرة وبالتفصيل، لكنه لم يرى شيئاً. أخبر أناستازيا عن ذلك فأجابت:
.. أنت لم تستطع أن تسترخي بالكامل كما لو أنك تغطس في النوم. . دعني أساعدك أغمض عينيك ومدّ يديك باتجاهاتها المعاكسة..بعد أن أغمض فلاديمير عينيه شعر بأصابعها تلمس أصابعه.. فبدأ يستغرق بنوع من الحلم أو نوع من الدوار الصاحي. وبعدها بلحظات. . بدأ يرى.. ها هي زوجته واقفة وسط مطبخ المنزل الريفي. فوق فستانها المعتاد لبست بلوزة صوف مما يعني أن المنزل كان بارداً، يبدو أنه يوجد مشكلة في نظام التدفئة. كانت زوجته تصنع القهوة على مدفئة الغاز، وهناك شيء آخر موضوع في صحن الكلب. كان وجه زوجته عابس وغير سعيد. كانت حركاتها متلكّئة. لكن فجأة، أدارت رأسها وتوجهت مسرعة إلى النافذة ونظرت إلى المطر في الخارج وابتسمت. كانت القهوة على المدفئة تغلي وتفور. لكنها هرعت إلى غلاية القهوة ورفعتها دون أن تتذمر أو تغضب كما هي العادة، بدأت تخلع بلوزة الصوف...لكن فلاديمير استيقظ حينها ولم يعلم ماذا حصل. سألته أناستازيا: ".. حسناً، هل رأيت شيئاً؟. . أجابها: .. نعم فعلت، وقد رأيتها.. لكن أين البرهان على أن ما شاهدته قد حصل فعلاً، أي كيف أعرف أن زوجتي كانت فعلاً هناك في المطبخ عندما رأيتها في حلمي؟ ... فاجابت واثقة: ".. تذكر هذا اليوم وهذه الساعة يا فلاديمير.. إذا أردت فعلاً البرهان ما عليك سوى سؤالها بعد عودتك إلى المنزل.. لكن ألم تلاحظ شيئاً آخر غير عادي في حلمك..قال: ".. لا أفكر بشيء له أهمية...قالت: ".. تقصد بالقول أنك لم تلاحظ الابتسامة على وجه زوجتك عندما اقتربت من النافذة؟.. كانت تبتسم، ولم تغضب عندما فارت القهوة وانكبت على الأرض...قال: ".. صحيح أنني لاحظت ذلك. . ربما رأت شيئاً منيرا خارج النافذة مما جعلها تشعر بشكل جيد....قالت: ". كل ما رأته في الخارج هو المطر الذي لم تحبه يوماً...فقال سائلاً: ".. لماذا إذا كانت تبتسم...قالت: أنا أيضاً كنت أشاهد زوجتك عبر إشعاعي الخاص، لكنني قمت بتدفئتها قليلاً....فقال: ".إذا إشعاعك قام بتدفقتها، لكن ماذا عن إشعاعي؟ هل هو بارد عديم الجدوى؟...قالت: ".. أنت كنت تشاهد بدافع الفضول فقط، لكنك لم تدخل المشاعر في العملية. ....قال: .. إذاً، إشعاعك يستطيع تدفئة الناس عبر مسافة بعيدة؟.....قالت: .. نعم، يستطيع فعل ذلك...قال متسائلاً: ".. وماذا يستطيع فعله أيضاً....قالت: .. يمكنه جمع أنواع معينة من المعلومات أو إرسالها.. يستطيع إبهاج مزاج الشخص ويزيل المرض منه.. يوجد الكثير من الأمور التي يمكنه فعلها، فهذا يعتمد على الطاقة المتوفرة لدي.........ودرجة المشاعر وبالإضافة إلى الإرادة والرغبة....قال: ".. هذا مثير فعلاً.. تقولين أن كل شخص يمكنه الحيازة على إشعاع كهذا؟. .قالت: ".. طبعاً كل فرد يستطيع. حتى اليوم لازال الناس يملكون المشاعر والحدس والقدرة على الحلم بامور مستقبلية، كما يستطيعون تصوّر مواقف معينة وكذلك الأحلام العادية التي تأتيهم في النوم. لكن كل هذه الأمور تبقى فوضوية وتلقائية وغير مسيطر عليها....قال فلاديمير متسائلا: ".. ربما نوع....معين من التدريب ضروري.. نوع من التمرين ربما؟....لكن أناستازيا أشارت إلى شروط أخرى غير التمرين والتدريب، وتتعلق غالباً بطريقة الحياة وطريقة التفكير التي : يتصف بها الإنسان العصري. المشكلة بكاملها تبدأ منذ ولادة الطفل

سلسة من نحن الجزء 12
علاء الحلبي
 
علاج الناس من المشاكل الصحية والحياتية بحاجة إلى تأنى وحكمة،وليس هناك أعلى من الحكمة الإلهية

في مكان آخر من الكتاب، من بين المواضيع التي طرحها فلاديمير خلال محاولة إغراء أناستازيا بالمرابح الهائلة التي يمكن كسبها من مواهبها الاستثنائية كان موضوع العلاج الذي زعم بأنه سوف يدر عليهما الملايين. وجرى بينهما الحوار التالي:قال فلاديمير: ".. حسناً يا أناستازيا، ليس مهماً كيف تتجلى هذه القدرة لديك، المهم هو التنيجة وما يمكن أن تجلب لنا من فوائد.. قولي لي، هل تقبلين أن ترافقيني وتعملي في علاج الناس؟. . أجاببته أناستازيا: ".. يا فلاديمير، كما ترى، منزلي هو هنا. . هذا هو موطنى واليه أنتمي.. فقط من خلال بقائي هنا يمكنني تحقيق الغاية من وجودي.. لا شيء يمنح الإنسان قوة أكثر من موطنه، فسحة الحب التي خلقها والداها. . أما بخصوص علاج الناس وتخليصهم من أمراضهم فأستطيع فعل ذلك من هنا بمساعدة إشعاعي.." قال فلاديمير: ".. حسناً إذاً.. إذا لم ترغبي في السفر، يمكنك أن تقومي بالعلاج من هنا.. يمكننا أن نجري بعض الترتيبات لتحديد زمان ومكان إرسال قوة العلاج. سوف يدفعون المال وأنتِ سوف تعالجينهم في وقت محدد. سوف نضع جدولاً خاصاً لعمليات العلاج. هل توافقي على ذلك؟.." قالت : ". يا فلاديمير، أنا أعلم أنك تريد كسب الكثير من المال.. سوف تحصل عليه. أنا سوف أساعدك.. لكن هذه ليست الطريقة المناسبة للكسب.. في عالمك يطلبون المال مقابل العلاج، إذ ليس هناك أي طريقة أخرى في عالمكم.. لكنني أفضل أن أعالج دون طلب المال.. بالإضافة إلى ذلك، أنا لا أستطيع علاج الجميع بشكل عشوائي، إذ أنني لم أكسب الحكمة الكافية التي تمكنني من معرفة أي حالات علاجية تكون نافعة وأيها تكون ضارة ومؤذية. لكني سأحاول أن أكسب الحكمة في ذلك، إذ وجب الحذر والتفهَم أكثر في هذا الموضوع. ومجرّد ان أقدر معرفة. قاطعها فلاديمير قائلاً: ".. أي كلام سخيف هذا؟.. كيف يمكن للعلاج أو الشفاء أن يكون ضاراً؟.. أو هل تقصدين أنه ضاراً بالنسبة لك؟. ."
قالت موضحة: ".. إن علاج الأمراض الجسدية قد يجلب الأذى للشخص الذي عولج. . قال فلاديمير: .. يبدو يا أناستازيا بأن حنكتك الزائدة كونت لديكِ مفهوم خاطئ بخصوص الخير والشرّ.. لطاما كان الأطباء محط احترام من قبل المجتمع، حتى لو لم يخدموا الناس مجاناً.. وبما أنك تقتبسين من الكتاب المقدس دائماً فسوف تجدين بأن هذا العمل ليس محرماً فيه. لذلك عليك التخلّص من هذه الشكوك من رأسك.. لطالما اعتبر علاج الناس أمراً جيدا .. "
قالت : ".. يا فلاديمير، أنا أعرف هذه الحقيقة من خلال خبرة سابقة.. علمني جدّي مثالاً على الأذى الذي قد يجلبه العلاج عندما لم يتم التفكير جيداً بالأمر ،إذا لم يساهم المريض ذاته في عملية العلاج "

قال فلاديمير: .. اي نوع من الفلسفة لديكِ هنا! أنا أعرض عليكِ مشروع شراكة في عمل مربح. . ما علاقة هكذا أمثلة بالموضوع؟ ..راحت أناستازيا تروي ما اختبرته في إحدى الحالات.. في احد الأيام رأيت من خلال إشعاعي مرأة عجوز تعمل في حديقتها الصغيرة.كانت نحيفة ومبتهجة دائماً. جذبت اهتمامي مباشرة. كان لديها قطعة أرض صغيرة لكن هناك الكثير من المزوعات المختلفة التي تنمو فيها، وكانت تنمو بشكل جيد لأنها كانت ترعاها بمحبة. ."
ثم عرفت لاحقا بأن هذه المرأة العجوز تضع كل ما زرعته في سلة ثم تأخذه إلى البلدة لبيعها. حاولت أن لا تأكل من المنتوجات المبكرة لحديقتها بل باعتها لكى تحصل على سعر أعلى. كانت بحاجة إلى المال لكى تساعد ابنها. لقد ولدته في سن متاخرة وبعدها بقليل صارت أرملة. أقربائها لم يتصلوا بها أبدا. كان ابنها يحب الرسم منذ طفولته وكان لها أحلام مستقبلية ترى فيها ابنها فنانا ناجحا.." حاول عدة مرات أن يلتحق بمدرسة مناسبة لكى يكمل دراسته وقد نجح في النهاية. وكان يأتي مرة أو مرتين فى السنة لزيارة والدته العجوز. كانت هذه الزيارات أجمل المناسبات في حياتها، وفي كل مرة كانت تجمع المال الذي كسبته من زراعتها وتخبئه جانبا من أجل ابنها، ذلك مع بعض المؤن الغذائية التى سوف يأخذها معه عند رحيله. ومع اقتراب موعد عودته تقوم بوضع بعض الخضروات في المرطبانات الزجاجية وتحكم إغلاقيا وتعطيه كامل ما جمعته عندما يصل... كانت تحبه كثيرا، وتستمر فى الحلم دائما كيف سيصيح ابنها فنانا مشهورا. كانت تعيش على ذلك الحلم. كانت المرأة كريمة ومبتهجة دائما.." . ثم لفترة من الوقت لم أعد أراقبها حيث انشغلت بمواضيع أخرى، لكن فى المرة التالية التي رأيتها فيها كانت مريضة جدا. كانت تواجه صعوبة فى الإنحناء والعمل على مزروعاتها ف الحديقة. كلما كانت تنحنى كان يصيبها ألم شديد فى جسدها بالكامل.. لكن تبين أنها واسعة الحيلة، حيث جعلت المساكب طويلة وضيقة. وكل مرة ذهبت إلى الحديقة أخذت معها مقعد خالى من الأرجل بحيث يمكنها الجلوس عليها خلال العمل على زرع المساكب. وبهذه الطريقة أصبح بإمكانها العمل فى كافة أنحاء الحديقة دون حاجة للانحناء. كانت تسحب السلة بواسطة حبل رفيع. وكانت تتوقع حصاد . ييدو فعلا وكأن الحصاد سيكون وخيرا فى تلك السنة، لأن النباتات شعرت بحالتها العقلية فاستجابت وفقا لذلك. شعرت المرأة بأنها ستموت قريبا، ولكى تسهل الأمور على ابنها، اشترت تابوت وكفن ورتبت كافة إجراءات الجنازة.." .. لكن رغم ذلك أصزت على الحصول على الحصاد الأخير من حديقتها لكى تحضر مونة الطعام الشتوي لابنها قبل أن تموت.وتابعت أناستازيا قائلة لم ألقي أي انتباه للسبب الذى جعلها تمرض رغم تواصلها القريب مع النباتات. ظننت ريما لأنها لم تأكل كثيرا حصاد الحديقة. كانت تبيع كل ما حصدته لأنها بحاجة إلى المال لشراء ما تحتاجه أساسيات.."
. قررت مساعدتها، وفى أحد الليالى عندما استلقت فى الفراش للنوم بدأت التأثير عليها بواسطة إشعاعي كنت أشعر بعض المقاومة أمام إشعاعي لكن رغم ذلك كررت المحاولة. استمرت العملية مدة عشر دقائق إلى أن نجحت أخيراً في شفاء جسدها بالكامل." ".. رحت أطلب من جدّي أن يشرح لماذا. في البداية لم يتكلم. ثم قال: لقد شفيتي الجسد..فقط. ."

تنهدت أناستازيا ثم تابعت روايتها:

".. لقد تحسنت صحة المرأة ولم تمت. جاء ابنها لرؤيتها في فترى أبكر من المعتاد. هذه المرة جاء لمدة يومين فقط، وقال لوالدته بأنه ترك دراسته ولم يعد رغب في أن يصبح فنان. هو الآن يعمل في مجال مردوده المالي أكبر. .لقد تزوج والان سوف يكون لديه الكثير من المال كما أنه لم يعد يحتاج من والدته أن تحضر له تلك المرطبانات التافهة لأن نقلها سوف يكلفه مالا إضافياً الان تستطعين أكل المزيد من الطعام يا أمي.. رحل دون أن يأخذ شيئاً. وفي ذلك الصباح جلست المرأة في الشرفة ونظرت إلى حديقتها وكانت عيناها مليئتان بالإحباط والفراغ.. بدا واضحاً أنها لم تعد ترغب العيش.فجسدها كان سليماً معافى، لكن يبدو كأنه مفرغ من الروح والحيوية. رأيت، أو شعرت،ذلك الفراغ وفقدان الأمل في قلبها... لو أنني لم أشفي جسمها، لكانت هذه المرأة العجوز ماتت في موعدها الصحيح،لكانت ماتت بسلام وبقي أملها وحلمها الجميل قائماً. ها هي الآن، لازالت على قيد الحياة، لكن في حالة إحباط كبير، وكان هذا أكثر معاناة من الموت الجسدي... بعدها بأسبوعين توفيت

سلسة من نحن الجزء 12
علاء الحلبي
 
سبب اهتمام اناستازيا بفلاديمير وجذبه إليها

خلال إحدى الحوارات، سألته أناستازيا إذا كان يتذكر شيئا من الماضي بحيث يمثل نقطة مهمة في حياته، فتذكر كيف تضمن قارب سياحي في أحد الأنهار الروسية وكيف قرر إغراء المرأة الجميلة التي طالما كان يحبها مع أنها لم تهتم لأمره أبدا، لكن عندما استأجر القارب لفت نظرها واهتمامها ودعاها في إحدى الليالي إلى القارب فأمضى سهرة من العمر معها. قالت له أناستازيا بأن تلك المرأة الجميلة خلال وجودها معه لم تفكر به بل كان فكرها مشغولا بعشيقها الحقيقي وكم تمنت لو أنه واقفا أمامها بدلا من فلاديمير، وهذه الملاحظة أزعجته لأنه كان يعلم بذلك ولم يود تذكر تلك الفترة الحزينة بالنسبة له. لكن أناستازيا لفتت انتباهه إلى أمر مهم وهو أن القارب ومغامراته خلال استئجاره لا يشكل أي أهمية بل شيء أخر لم يفطن به فلاديمير وهو شجرة الكرز الصغيرة التي زرعها في حديقة منزله الريفي. لكن قبل الحديث عن شجرة الكرز، ذكرته أناستازيا بإحدى المناسبات حين كان فلاديمير يدير قاربه السياحي في أحد الأنهار حين زارته فتاة غريبة، وبدأ فلاديمير يروي متذكرا تلك الفتاة الغريبة التي زارته يوما في قاربه في أحد الأيام وخلال رسو القارب السياحي على ضفاف أحد البلدات، كنت جالسا في حجرتي أستمع إلى الموسيقى التي كانت تصدح من مطعم القارب، وكنت أحاول إجراء تعديلات في مسار الرحلة القادمة عبر النهر، لكن فجأة انتابني شعور بأن أحدهم يحدق إلي.. التفتت إليها مباشرة ولمحت عينيها على الجانب الآخر من زجاج النافذة هذا لم يكن أمرا غير عادية، حيث طالما أحب الزوار النظر عبر النافذة لاستكشاف محتويات حجرات القارب.... نهضث من مكاني وفتحت النافذة لم تبارح مكانها بل استمرت في النظر إلي مع بعض من الحياء والخجل، شعرت بأنه على أن أفعل شيئا لهذه المرأة الواققة وحيدة هناك في الخارج أمام حجرتي. رحت أتساءل لماذا لم تكن ترقص وتمرح مع باقي الفتيات في باحة القارب. ربما هي حزينة؟ عرضت عليها أن أريها المكان في القارب فهزت رأسها بصمت إشارة لموافقتها. أخذتها إلى كافة أنحاء القارب وأريتها المكتب الرئيسي الذي طالما كان يبهر الزوار بمفروشاته ومقتنياته الفاخرة. ثم دعوتها للدخول إلى حجرتي التي كانت مفروشاتها فاخرة أيضا. ربما كنت مسرورة لإبهار فتاة ريفية بسيطة من خلال استعراض إنجازات عالمنا المتحضر.. فتحت لها علبة حلويات وسكبت كأسين من الشمبانيا، ولكي أضيف لمسة مكملة الإثارة الأجواء مما يزيد من انبهارها شغلت شريط فيديو يعرض أغاني جميلة. أما الفتاة، فبالكاد لمست الكأس شفتيها ثم نظرت إلي بقوة ثم سألت: .. إنه تحدي كبير أليس كذلك؟... لقد توقعت كافة أنواع الأسئلة ما عدا هذا السؤال. هذه الرحلة تواجه فعلا تحدي كبير بسبب سوء ظروف الإبحار في النهر بالإضافة إلى أن معظم طاقم القارب يدخنون المخدرات ويسرقون البضاعة من المخزن، وأيضا لقد تأخرنا عن المواعيد المحددة للرحلة.. وغيرها من مصاعب ومشاكل أخرى سرقت مني حتى الراحة والنوم العميق..".. تمتمت كلمات عديمة المعنى، لكنها تشبه عبارات مثل: هذا أمر عادي.. سوف نتمكن من النفاذ عبر هذه المرحلة، ثم التفت ونظرت إلى النافذة ورحت أمسح كأس الشمبانيا بيدي... رحنا نتحدث عن هذا وذاك من الأمور العادية، ثم نستمع إلى الموسيقى الصادرة من الفيديو الذي شغلته. استمر حديثنا إلى أن توقف القارب مرة أخرى في الموقف التالي. ثم رافقتها إلى مخرج القارب. لكن مع عودتي إلى حجرتي خطر في ذهني ملاحظة مهمة، هناك شيء غريب جدا وغير طبيعي بخصوص هذه المرأة. لكنني شعرت بعد هذا اللقاء بالتفاؤل وراحة البال. وفي تلك الليلة نمت نوم عميقة وهنيئا لم أشعر به منذ أيام عديدة.. وأخيرا عرفت لماذا. تلك المرأة التي زارتني في القارب كانت أناستازيا ..قالها كما لو أنه اكتشف شيئا مهما: ".. إذا كنت أنت يا آناستازیا ؟!.."
قالت .. نعم، هذاك، في حجرتك قمت بتسجيل كل تلك الأغاني التي سمعناها في ذاكرتي، وهي ذاتها الأغاني التي غنيتها لك الليلة الماضية في الغابة. كانت الأغنيات تصدح بينما نحن كنا نتكلم ومع ذلك حفظتها جميعا.. هل رأيت كم هي العملية بسيطة؟..سألها متعجبا: ".. كيف استطعت المجيء إلى متن القارب؟.."
قالت: ".. كنت مهتمة في معرفة كيف تجري الأمور هناك وكيف كنتم تعيشون. فكما تعلم يا فلاديمير، لقد أمضيت عمري كله أهتم برعاية المزارع الريفية.."
فتابعت أناستازيا في رواية قصتها حول موضوع القارب .. في ذلك اليوم أسرعت إلى القرية وبعت الفطر المجفف الذي جمعته لي السناجب، ثم اشتريت بطاقة صعود إلى القارب والاشتراك بالحفلة الجارية على متنه. الآن أصبحت أعلم المزيد بخصوص المقاولين أمثالك، وأنا أعلم الكثير عنك أيضا.. ثم قالت: ".. أشعر بانني مدينة لك باعتذار كبير . لا أعلم كيف يمكن للأمور أن تنتهي، حيث تمت دون قصد بتحويل قدرك ومصيرك. لكنني لا أستطيع فعل شيء حول الأمر . من الأن سوف تواجه مع أسرتك بعض المصاعب البعض من الوقت، لكنها سوف تمر بسلام

سلسلة من نحن الجزء 12
علاء الحلبى
 
شجرة الكرز

قالت أناستازيا. إن كل ما يحصل من أحداث في الحاضر هو نتيجة دوافع ومشاعر سابقة للروح، وهي فقط التي تحدد المستقبل. وأنه فقط قوتها الدافعة (زخمها)، فقط رفرفة جوانحها، هي التي تنعكس بوضوح في مرايا السماء، وفقط نبضاتها وإلهاماتها سوف تنعكس في الأحداث الحاصلة هنا على الأرض..سأل فلاديمير محتارة.. ماذا تقصدين بذلك؟..قالت. قد يكون لقائنا ناتج من تراكم الكثير من غايات الروح في كلانا.. أو ربما أيضا نابع من روح أسلافنا القريبين أو البعيدين. أو ربما قد يكون نتيجة نبضة صغيرة من شجرة الكرز التي تنمو في حديقة منزلك الريفي. لكن بكل تأكيد ليس من قاربك السياحي..قال فلاديمير. وما علاقة شجرة الكرز التي في حديقتي بالموضوع؟..قالت: ".. عندما سألتك أن تتذكر شيئا في الماضي بحيث يمثل نقطة مهمة في حياتك، في كافة تأملاتك إلى الماضي لم تنتبه أبدأ لتلك الشجرة ولمشاعرك المرتبطة بها، مع أن هذه المشاعر لعبت دورا رئيسيا في حياتك بالسنوات القليلة الماضية. الكون لم يتفاعل مع قاربك الذي أنت مبهور به. فقط فكر في الموضوع، ماذا يمكن لآلة مادية عاجزة عن التفكير أن تعنيه بالنسبة للكون؟. لكن شجرة الكرز .. تلك الشجرة السيبيرية الصغيرة، والتي لم تستطع حتى خلق مكان لها في ذاكرتك، قامت باستثارة الامتداد الكوني وغيرت مسار الزمن والتاريخ.. وليس فقط قدرك وقدري. لأنها كائن حي، وكما الكائنات الحية الأخرى، لديها تواصل دائم غير منقطع مع الخلق ككل.. حاول أن تتذكر يا فلاديمير كل شيء يتعلق بتلك الشجرة. عد بذاكرتك إلى البداية حيث أجريت أول تواصل معها..قال فلاديمير سوف أحاول التذكر، إذا كنت تظنين بأنه أمر مهم..قالت: .. نعم، هو أمر مهم.قال فلاديمير متذكرة كنت في سيارتي ولم أتذكر إلى أين كنت متوجهة. توقفنا بالقرب من السوق المركزية، طلبت من سائقي أن ينزل ويشتري بعض الفواكه. بقيت في السيارة ورحت أشاهد الناس يخرجون من السوق حاملين كافة أنواع الشجيرات الصغيرة..سألته أناستازيا . شاهدتهم وكنت متفاجئة.. لماذا؟..أجاب فلاديمير كانت وجوههم سعيدة وراضية.. بالرغم. من ان الجو كان باردة وماطرة في الخارج.. كانوا يحملون نوع من الشجيرات التي كانت جذورها مغطات بالقماش.. تلك الشجيرات كانت ثقيلة، لكن رغم ذلك كانت وجوه الناس راضية، بينما أنا رغم جلوسي في سيارتي الدافئة كنت حزينة.عندما عاد السائق، خرجت أنا من السيارة وتوجهت بنفسي إلى السوق المركزية.رحت أسير ذهابا إيابا بين الأشجار التي يبعيها التجار إلى أن اشتريت ثلاثة شجيرات کرز. وخلال رمي تلك الشجيرات في صندوق السيارة، قال لي السائق بأن إحدى الشجيرات لن تعيش لأن جذورها قد تم قصها بحيث صارت قصيرة وبالتالي على رميها والتخلص منها، لكنني رفضت وقررت الإبقاء عليها. كانت هذه الشجيرة الأكثر جمالا بين الثلاثة. فذهبت بعدها وزرعت الشجيرات في منزلي الريفي.. بعد زرعها جميعا قمت بإضافة نسبة أكبر من السماد للشجيرة ذات الجذور القصيرة كما وضعت المزيد من كمية التربة فوق كعبها..قالت أناستازيا تذكره.. من خلال محاولتك مساعدتها قمت بحرق المزيد من الجذور الصغيرة لهذه الشجيرة بواسطة السماد الإضافي..قال فلاديمير:.. لكنها عاشت !.. في الربيع، عندما راحت البراعم تنمو في الشجيرات بدأت أغصان هذه الشجيرة تحيا أيضا.. كما بدأت تظهر الوريقات الجديدة الصغيرة..بعدها مباشرة انطلقت في رحلتي التجارية التي انشغلت بها في تلك الفترة..قالت أناستازيا لكن قبل ذلك، لمدة أكثر من شهرين، كنت تذهب بسيارتك يومية إلى المنزل الريفي وأول شيء تفعله هناك هو التوجه نحو تلك الشجيرة الصغيرة لترى كيف تجري الأمور معها.. وبعض المرات كنت تملس أغصانها وتلاطفها .. كنت سعيدة جدا الرؤية الوريقات الجديدة، وداومت باستمرار في سقي تلك الشجيرة.. كما غرست عودة فى الأرض بقربها وربطها بجذع الشجيرة لكي لا يكسرها الريح الشديد..أضافت أناستازيا '. قل لي يا فلاديمير، هل تؤمن بقدرة النباتات على الاستجابة لمزاج الناس تجاهها؟.. هل تعتقد بأنها تشعر بالأفكار السيئة أو الجيدة؟..أجابها فلاديمير لقد سمعت أو قرأت في مكان ما بأن النباتات المنزلية والزهور تستجيب وتتفاعل بهذه الطريقة.. حتى أنها تذبل عندما يغيب الذين يعتنون بها.. سمعت عن تجارب علمية قاموا خلالها بوصل مجسات بنباتات متنوعة وكان مؤشر الجهاز يتصرف بطريقة معينة إذا تم الاقتراب من النباتات بأفكار عدوانية، وبطريقة مختلفة إذا تم الاقتراب منها بأفكار ودودة..قالت أناستازياء .. إذا يا فلاديمير أنت سمعت بإمكانية تفاعل النباتات مع التعبيرات المختلفة للعواطف الإنسانية.. بالإضافة إلى ذلك، وفقا لتصميم الخالق الأعظم، هذه النباتات تتوق بكل ما عندها من قوة لفعل ما بوسعها لتلبية حاجات الإنسان.. هي تنتج الفاكهة، وتحاول استنهاض المشاعر الإيجابية في الإنسان من خلال استعراض زهورها الجميلة والمحببة.. كما أنها تساهم في إنتاج الأوكسيجين لكي نتمكن من التنفس والحياة...لكن النباتات منحت أيضا وظيفة أخرى لا تقل أهمية.. النباتات التي تكون على اتصال مباشر مع فرد معين تقوم بخلق فسحة حب حقيقي خاصة لذلك الفرد. إنه ذلك النوع من الحب الذي في غيابه تكون حياة العرق البشري مستحيلة.... الكثير من أصحاب المزارع الريفية يتلهفون للذهاب إلى مزارعهم لأنه هناك يتم خلق فسحات الحب هذه من أجلهم. وشجيرة الكرز الصغيرة هذه والتي قررت زرعها، والتي قمت برعايتها بنفسك، حاولت أن تقوم بواجبها ووظيفتها التي خلقت من أجلها كما كل النباتات.... إذا كان عددها كبيرة، يمكن للنباتات أن تخلق للإنسان فسحة حب هائلة، خصوصا إذا كانت مختلفة الأنواع وراح الإنسان يتواصل معها ويعاملها بمحبة.. يمكن للنباتات المتنوعة أو المجتمعة أن تخلق للإنسان فسحة حب تعمل على تعزيز الروح وتجعل الجسد كامل وسليم ومعافی..كما ترى يا فلاديمير، لكي تتشكل فسحة حب هائلة فالأمر بحاجة إلى مجموعة متنوعة من النباتات، لكنك أنت لم ترعى سوى نبتة واحدة بين مجموعة النباتات الأخرى، وبالتالي شجيرة الكرز هذه بدأت تطمح إلى تحقيق ما لا يمكن تحقيقه سوی من قبل مجموعة نباتات مجتمعة.... طموح هذه الشجيرة تم استثارته من قبل علاقتك الخاصة بها دون غيرها. وهو شيئا لم تدركه أنت سوى بديهية، إذ من بين كل محيطيك لا يوجد سوى هذه الشجيرة التي لا تطلب منك شيئا، هي لم تكن منافقة، بل فقط تطمح لتمنح من ذاتها .. ثم جئت في يوم من الأيام وكنت متعبة جدا بعد يوم صاخب بالعمل، وتوجهت إلى تلك الشجيرة ووقفت وتأملت. لقد نظرت إليها وهي استجابت لك دون أن تشعر.. قررت فعل شيئا من أجلك... قبل أن يظهر ويكتمل أول إشعاع في فجر الصباح، حاولت أوراق الشجيرة التقاط انعكاس ذلك الإشعاع في السماء الساطعة.. وعندما غربت الشمس بعيدة حاولت الشجرة استخدام نور أحد النجوم الساطعة.. ومع إصرارها أكثر، شيئا ما تجلى رويدا رويدا، كان شيئا دقيق تجلی.. راحت جذور الشجيرة تلتف حول موقع السماد الحارق وتمكنت أخيرا من أخذ ما تطلبت من تربية الأرض .. وبدأت عصائر التربة تجري عبر عروق الشجيرة بوتيرة أسرع من المعتاد.. وبعدها، في أحد الأيام، في ساعة باكرة صباحا، جئت ورأيت الزهور الصغيرة التي ولدتها الأغصان الطرية للشجيرة. الشجيرات الأخرى لم تنتج أي أزهار. لكن هذه الشجيرة، والفضل يعود إلى اهتمامك بها، قد أزهرت. وأنت كنت مبتهجة.. كانت روحك عالية، ومن ثم... هل تتذكر ماذا فعلت يا فلاديمير بعد رؤية الأزهار؟.. قال فلاديمير كنت فعلا مسرورة بشكل كبير. كان مزاجي لسبب ما مرتفعة، شعرت بالخقة في رأسي،، توجهت إلى الشجيرة ولاطفت أغصانها بيدي..حسنا يا جميلتي، يبدو أني تابعت أناستازيا لقد ملست أغصانها بلطف، وقلت أزهرتي.. أنت ترى الأشجار يا فلاديمير وترى أوراقها والفاكهة التي تثمرها.. لكن يوجد أكثر من ذلك، هذه الأشجار تخلق فسحة حب. تلك الشجيرة الصغيرة أرادت كثيرة أن يكون لك فسحة الحب هذه. لكن أين هو المكان الذي تجد فيه تلك الشجيرة القوة اللازمة لمبادلة الإنسان ما تلقته منه؟.. لقد حاولت وحاولت وقد سبق ومنحت كل ما لديها من قوة، وهاقد تلقت شيئة استثنائية إضافية.. وهو مبادرة لطيفة تجاهها وتجاه الزهور التي ولدتها. فتولدت لديها الرغبة لفعل المزيد ! ولوحدها ! بعدها ذهبت في رحلتك التجارية الطويلة، وبعد إنجاز رحلتك وعودتك أول شيء فعلته هو التوجه إلى الحديقة وإلقاء نظرة على شجيرة الكرز الصغيرة.. لكن مع سيرك باتجاهها كنت تأكل الكرز الذي اشتريته من السوق. ومع اقترابك من الشجيرة لاحظت وجود ثلاثة حبات كرز حمراء نامية على أغصانها، وقفت هناك بجانبها وكنت متعبة لكنك استمريت في أكل الكرز الذي اشتريته وتبصق بذوره. ثم قطفت إحدى حبات الكرز النامية على الشجيرة وأكلتها متذوق طعمها. وكان بالفعل طعمها مر وأقل حلاوة من تلك التي اشتريتها من السوق. أما الحبتين الباقيتين على الشجيرة فتركتهما..قال فلاديمير.. لقد شبعت من أكل الكرز. وهذه الحبة التي للشجيرة كانت أكثر مرارة بالفعل..قالت أناستازيا. آه، لو كنت تعلم يا فلاديمير كم من القوة كانت تحتويه تلك الكرزات الثلاثة والنافعة جدا لك!.. كم من الطاقة والمحبة!.. من أعماق الأرض وامتداد الكون..وأكثر بكثير .. جمعت الشجيرة كل شيء مفيد ومساعد لك وراكمتها جميعا في هذه الحبات الثلاثة، حتى أنها سمحت لإحدى أغصانها أن تذبل وتموت فقط من أجل أن تجعل هذه الحبات الثلاثة تنضج.. وقد تذوقت واحدة منها فقط، وتركت الحبتين الباقيتين تموتان على الشجرة..قال فلاديمير لم يكن لدي أي فكرة. لكن مع ذلك كنت سعيدة لأنها تمكنت من حمل الثمار..قالت نعم كنت سعيدة. لكن بعدها.. هل تتذكر ماذا فعلت هذه المرة؟..قال. أنا؟.. حسنا، لأطفت أغصان الشجيرة أكثر..قالت. لم تلاطفها فحسب، بل أنك انحنيت وقبلت الأوراق على الغصن الملقى على كف يدك..قال نعم، فعلت.. لأنني كنت في مزاج جيد جدا..قالت أناستازيا.. لكن بعدها، شيئا عظيما حصل للشجرة.. بدأت تتساءل، ماذا يمكنها أن تفعله أكثر من أجلك طالما أنك لم تقطف باقي الحبات التي تمتها بكل ذلك الحب من أجلك؟.. ماذا باستطاعتها فعله؟.. لقد ارتجفت من قبلة الإنسان، والأفكار والمشاعر التي هي تابعة حصرأ للإنسان قد تجلت في هذه الشجيرة، ثم انبعثت منها نحو الفضاء الكوني المشع.. وذلك من أجل أن تعيد للإنسان ما تلقته منه،، من أجل أن تبادل قبلة الإنسان بقبلة مفعمة بالحب.. أن يشعر بالدفء بها .. يحس بالمشاعر الساطعة، بفسحة الحب.. وضد كل القوانين الكونية التي مرت عبرها الأمنية في رحاب الكون إلا أنها لم تجد مكانا للمكوث.. لم تجد وسيلة التجسد الشجيرة نفسها وروحها.. لأنه، عدم إيجاد مكانا للمكوث يعني الموت.. ثم أعادت قوى النور إلى الشجرة تلك الأمنية المشعة التي أرسلتها نحو الكون.. وذلك لكي تتخلص منها بداخلها لكي لا تموت.. لكن الشجرة عاندت ولم تقبل التقاطها!.. لقد استمرت رغبتها المتوهجة النقية لتحقيق تلك الأمنية..كانت قوى النور حائرة بحيث لم تعد تعلم ماذا تفعل. قالت للشجرة الخالق الأعظم غير مستعد لتغيير القوانين الثابتة من أجلك. لكن شجرة الكرز لم تموت.. بل تمكنت من التحمل والاستمرار، لأن فكرها وطموحها ومشاعرها كانت نقية جدا، ووفقا لقوانين الخلق ككل، لا شيء يمكنه تدمير الحب النقي.. راحت الأفكار النقية لهذه الشجيرة تدور حول روحك يا فلاديمير وحلمت أن تجد مكانا للمكوث، مكانا للازدهار. كانت وحدها في الكون، تحاول البقاء والازدهار، تطمح في أن تخلق لك فسحة حب خاصة بك.. فجئت أنا إلى القارب في تلك الليلة محاولة أن أساعد وأحقق رغبة شجيرة الكرز فى إيجاد مكان لمكوث محبتها، مكانا لتجسيد تلك المحبة. رغم أنني لم أكن أعلم حينها إلى من بالضبط كانت موجهة.. حتى وجدت هناك على القارب..سال فلاديمير متعجبا.. تقصدين القول أن علاقتك معي بدأت من رغبتك في مساعدة الشجرة؟..أجابت أناستازيا.. علاقتي معك يا فلاديمير هي مجرد.. علاقتي، من الصعب تحديد من يساعد من، أنا للشجرة أو الشجرة لي.. كل شيء في الكون متداخل ومتشابك. لا يمكنك فهم واستيعاب ما يحصل في الكون سوى من خلال ما يمكن استيعابه من أمور تجري في نفسك.. لكن الآن، مع وجودك هنا بجانبي، سوف أقوم بتجسيد رغبة الشجرة أخيرة.. هل يمكنني تقبيلك بالنيابة عن الشجرة؟..قال فلاديمير. طبعا يمكنك ذلك. طالما أنها تمثل الأمر الصائب الذي وجب فعله..وعندما أعود للمنزل سوف آكل من ثمارها..أغمضت أناستازيا عينيها وضغطت بيديها على صدرها وهمست قائلة: ".. أشعري بهذا یا شجيرة الكرز الصغيرة.. أنا أعلم أنك تستطيعين الشعور به.. سوف أفعل الآن ما تمنيت أنت فعله.. هذه ستكون فعلا قبلك أيتها الشجرة..فوضعت أناستازيا يديها على كتفي فلاديمير وبدون فتح عينيها اقتربت نحوه ولامست خده بشفتيها وثبت هكذا لفترة، وصفها فلاديمير بأنها قبلة غريبة، فقط ملامسة الخد. لكنها لم تكن كاي قبلة تلقاها من قبل. لقد استنهضت إحساس محبب بشكل استثنائى

سلسة من نحن الجزء 12

علاء الحلبى
 

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى