هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

علم العقل الزمني : كيف تعبر العالمين وتنشئ المحاكاة - المرحلة الثانية : تفاعل العقل والزمن

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
600
مستوى التفاعل
1,072
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com

التفاعل الزمني بين الوعي والعقل الغيابي وبوابة التحكم بالعقل والزمن


death-g4fd6a3389_1920.jpg

كانت المرحلة السابقة تعريفاً لمعنى العقل والوعي وكيفية التفاعل بينهما وذكره في نطاقات الحياة ومعالم الزمن وكذلك في القرآن الكريم والكتب المقدسة والحكمة القديمة. تحدثنا أيضاً عن المبادئ الكبرى التي يعملُ من خلالها العقل وكيف يمكنك أن تكشف وجوده بالاختبار الإدراكي المباشر.

فحديثنا اليوم عن ... تفاعل الوعي والعقل والزمن ، هل يمكن أن تخلُق الزمن الذي تريده.. هل يمكن أن توجد بوابة للعبور نحو عالم آخر ، بغض النظر عن قوانين الفيزياء ... هل من الممكن أن تكون الأحداث التي تراها في زمنك الحالي مجرد محاكاة ؟ كيف يمكن أن توجه العقل وقواه الكامنة لتغيير واقعك حقاً.

يبدأ الكشف الحقيقي للزمن من هذا المكان ، وتبدأ معه رحلتك نحو الأفق المطلق ، ونحو الحرية ... وأرى شجرة العالمين تظللك الآن ، وتنثر عبقها في أنحاء زمنك ... باعثة عليك البركة والجمال وداعية إياك نحوها ، هنالك في الأفق تبدأ الحكاية الحقيقية لك بعيداً عن حجرتك الزمنية الحالية.

هنا دعوة الحق لله ، وهو الذي يدعوك إليه لتعبر هذا النفق المظلم والحلم الوهمي ... لترى ضياء العالمين وسبحان النجوم في كف النعيم الإلهي ، وتكتشف الوحدة العميقة للأشياء والأفلاك والعالمين، وأنت بموقعك الآن ، كل شيء حولك بجوهره الحقيقي ، ولكنك لا تلتفت جيداً بعد...

أصل الزوجية في عالم العقل وفعاليته :

أحد أهم الفروق بين العقل الذاتي الغيابي وبين العقل الموضوعي المُدرَك هي الآليات والوظائف المعرفية المنطقية{1}. الاختلاف الجوهري في طريقة بناء المصفوفة المعرفية والمنطق الذي تنبني عليه وفي أدوات ومعطيات هذا البناء ، إنها لحقيقة رغم أنك لن ترى ذكرها في جميع مراجع علماء النفس الذين كتبوا في هذا الموضوع. رُغم ذلك ، هي قاعدةٌ علمية تُدرك بداهة لأي مشاهد ملتفت تظهر كمنطلق لأسس البناء المعرفي الإدراكي والذاكرة والمحاكاة. ومن المناسب اختصار قواعد بناء العقل للمعرفة المنطقية والمحاكاة الزمنية كالتالي :
  • يعالج العقلُ المُدرَك (الموضوعي) كافة المعطيات الزمنية وينظمها في مصفوفات ضمن ذاكرته ، بجميع الأدوات والمناهج التي يسمح بها المنطق الصوري ، شاملة القياس بكل أشكاله ، الاستقراء والاستدلال والفرز المنطقي الرياضي ، والتحليل والتركيب{2}.
  • يُعالِج العقل الغيابي المُعطيات الزمنية بطريقة الاستدلال والاستخلاص ولكن لا يقدر على الاستقراء ، ويقوم بذلك اعتماداً على مقدمات احتمالية تخضع لفضاء الاحتمالات ، لذلك ، ليس يُمكنه التفريق بين صدق نتيجة أو حكم في مسألة ما أو كذبها{3}.

جوهَر أعمال اللاشعور :

ليهمني أن تدرك الآن ، أن هذه القاعدة العلمية تُعرّف الوظائف والقِوى العارضة على العقل الغيابي الخالص ، من حيث هي عوارض معيارية للعمليات الذهنية \ الزمنية التي تتم أثناء الغياب التام للعقل الحضوري والوعي المُدرِك له ، وهي حالة يُمكن إنتاجها بالنوم الموجه ، أو الغشية. الذكاء العجيب لدى الناس يَظهَر في تلك الحالات ، وكان مصدراً للدهشة عبر العصور. إلا أن الأفعال الخاصة التي تَركت توقيعاً في أهم مسيرات الحوادث عبر الزمن ، ما تمت دراستها بطرق رسمية ، بمعنى آخر لم يلحظ البشرالقوة العقلية التي تُنسب لها هذه الأعمال.

لم يتم تحديد قوة العقل الغيابي على أنها القياس نفسه ، ولم يُعرف من قبل أنها لا تخرج مُطلقاً من طريق التحليل والاستنباط ، أياً كانت النواتج المعرفية والنفسية والزمنية. إن العقل الغيابي لا يجرد معطيات محسوسة مُعرفة له ثم يَعقل من وجودها التجريدي بقية الكليات الكُبرى ، هو لا يفعل ذلك مُطلقاً ، لكنه يستقبل نموذجاً \ مُدرَكاً كلياً عاماً على هيئة مصفوفة مزودة بدالات وتوابع ، ثم يشتق منها عناصرها المعقولة والمتخيلة والمحسوسة ، بقدرة ودقة مُعجِزة.

ضع شخصاً من الذكاء والتهذب في وضع التنويم ، ثم أعطِه مقدمات منطقية على هيئة نموذج : مبادئ عامة لمذهب فلسفي ، ليست هي بمشكلة ماذا عن موقفه في العقل الحضوري من هذه المبادئ الفلسفية... دون أي ارتياب ،سيذعن لطاعة هذه المبادئ عندما لا تَلْقى اقتراحات مضادة قوية ، وسيقدّر ويصمم المُحاكاة الفلسفية التابعة لها ، وإذا طرحت عليه أي استفهام حول مسألة فلسفية فسيستنتج الإجابة من ذلك النموذج الاصطناعي الذي بناه على تلك المُقدمات وتفاعلها مع مخزونه المعرفي وما استطاع إليه من تخاطر. وستكون الإجابة دقيقة جداً دائماً ، كلُّ نتيجة ستكون واضحة بأقصى ما يمكن ، وتامة أركان القياس المنطقي ومحققة لكافة الشروط – وفق نوع القياس الذي طُلِبَ منه – ، لكنها رغم ذلك ، قد تغدو في النهاية أوهاماً معرفية لا قيمة لها ، لأنها بُنيت من الأصل على مُقدمات خاطئة وانبعثت في التسلسل النسبي لهذه المُقدمات الافتراضية التي قد تكون وهمية أو زائفة ، لأن العقل لا يدرك الأحكام ، لأنه مرآة آلية تحتمل جميع الاحتمالات ، وتحمل الأحكام والقرارات ثم تعكسها على لوحة الإدراك الذهني. فهو مُفارق للوعي الذاتي الحضوري ، والإدراك يصلهما معاً.

تجرُبة إنتاج مُحاكاة محسوسة لسُقراط بقوة العقل :

رأى المؤلف ذات يوم البروفيسير كاربنتر من جامعة بوسطن ، ينوم شاباً محترماَ بشكل جزئي ، بحيث يبقى واعياً لكنه يفتح عقله الغيابي نحو التفاعل مع المنوم وما يطلبه منه ، كان مجلساً خاصاَ لأشخاص مهمين ومرموقين في مجتمعهم ، عُقِد الجمع في واشنطن عاصمة أمريكا ، وعلم البروفيسور امتلاك هذا الشاب لذائقة فلسفية فريدة من نوعها ، فقال له "هل تريد أن تلتقي بروح سقراط الآن ؟".

أجابه الشاب :"سأصاب بعجب عظيم إن أنا عرفت أنه حياً الآن".

"هي حقيقة أن سقراط مات" استدرك البروفيسور "لكنني أستطيع استدعاء روحه وتقديمك إليه" ... "هو جالس هناك الآن" وأشار البروفيسور لمنطقة في الغرفة.

نظر الشاب نحو الجهة المحددة وعلامات التوقير والتعجب قد أظهرت نفسها على لاحة وجهه . البروفيسور بدأ يمارس شعائراً وطقوس غامضة كما يفعلون في العادة ، وصار الشاب أبكماً للحظات خلت ... وعرض الجلوس على كرسي لتلك الروح الافتراضية. بتأكيد مستمر من البروفيسور أن سقراط يريد ويتلهف إجابة أي سؤال يطرح عليه ، بدأ الشاب بعرض سلسلة من الأسئلة ، بحيرة وتوتر في بداية الحوار ، تلاشت واعتاد الوضع بعد قليل ، وتعرف على فلسفة الإغريقيين لمدة ساعتين ، كان يملي الإجابات التي يخبره بها سقراط على البروفيسور ، ضمن أسئلته علم طبقات الوجود الشامل وموضوعات كثيرة في الفلسفة الروحية.

كانا متناغمَين تماماً في اتصالهم ، وإجابات الأسئلة جاءت كبيان ينبع من وجدان عميق ،ذو مصفوفة عالية الأناقة في بلاغتها ، وتبعث بالتذكير بمقامات الروح. كما لو أنه سقراط ذاته. لكن أكثر العناصر دهشة في تلك الجلسة ، براهين سقراط للفلسفة الروحية ، لقد كانت واضحة جداً ، متوازنة جداً ، ليس من تفاوت فيما بين البراهين بالنسبة لبعضها ومنسجمة كلياً مع قوانين الطبيعة البديهية والعامة وكل ما سمعه الحضور من الحقائق قبل ذلك. كل شخص تقريباً من الحاضرين خمن أنه يستمع لصوت من عالم بعيد جداً ... الرهبة كانت عميقة ... بعض الأشخاص المنتسبين لكنيسة منهم صرحوا أنه إما أن يكون سقراط ، أو روح تمتلك وعياً وعقلاً بنفس السمو.

استدعيت أرواح جديدة في المجالس التالية ، بعضهم يُحاكي الفلاسفة المُحدثين وآخرون لم يصلوا لنيل لقب فخري كهذا ، ومع استدعاء أرواح أكثر حداثة ، ارتاح الشاب نفسياً وكان أكثر أُلفة ، والحوار أخذ صيغة القرن التاسع عشر الخالصة ، ولكن الفلسفة نفسها كانت لا تتغير كثيراً ، نفس الإجابات تقريباً لكن بطرق ورؤى ومُفردات متنوعة. لو أن كل شخص منهم حضر بمفرده وبحد ذاته ، لن تحس بالفرق الكبير بينهم ، لكن لو تم جمع كل ما ألقوه حرفياً في كتاب ، سيشكل واحداً من أعظم المنظومات الفلسفية وأكثرها ترابطاً بين كل ما يمكن للعقل الحضوري والغيابي أن يبنيه وفق التاريخ ، مع عيب واحد ، تكرار التغيير في أُسلوب الإلقاء.

لا تنسَ أن هذا الشاب ، لم يكن يؤمن بالروح ، بل كان النمط العام لتفكيره مادياً نسبياً. مراراً قد أظهر الدهشة من تلك الإجابات ، كانت تلك حجة دامغة أن الإجابات لم تأتي من منطقة يدركها من ذاكرته. الحقيقة الخفية التي حدثت في تلك الجلسات هي : "لقد بُعثت تلك السلاسل الصورية الصوتية التفاعلية التي شاهدها من عقله الغيابي" بأن تم إخباره أنه سيتقابل وجهاً لوجه مع روح لها مقام عالِ وعلم وحكمة{4} ، لقد آمن بالاقتراح من دون أي شك أو مقاومة ، وفق قوانين عمله. ثم إنه ظن أنه رأى تجسداً لروح ، وخلُص إلى نتيجة لا تُقاوم على أن ذاك إثبات لنظريات الأرواح ... أنشأ مُحاكاة كاملة من المقترح الافتراضي الأول الذي أُلقي عليه ، بقوة الاقتراح الإجابي الذي لم يلق أي مقاومة، استنتاجه كان تام الأركان ، لقد بدأ من المقدمة العامة نحو النتائج التطبيقية التي غدت أحاسيس موضوعية مُفارقة.

تحقيق في التجربة :

بلاشك ، ممكن هو الادعاء أنه كان في مُحادثة صريحة مع روح حقيقي ، وإنه ولو اقتصر الحوار على المواضيع الفلسفية الخالصة ، فإنها كينونة جميلة وذات حكمة ومقام علمي قدير يسمح بالترجيح لهذا الادعاء ، أنها من عالم بعيد حيث الحكمة اللُّبية الخارقة. ولكن التحقيق في إجابات الأسئلة الشخصية لبعض الأرواح التي تم استدعاؤها كشف اختلافاً في الوقائع ... إجابة أحدهم حول مكان وفاته – قريبُ من بوستون – ،والوفاة كانت الواقعة التي يعلمها الشاب الذي تم تحرير عقله الذاتي الغيابي ليقوم بنسج المحاكاة التي ستتآثر مع حواسه. الحقيقة أن صاحب الروح المذكور قبلاً ، عاش في بلدية قرب بوسطن ، لكنه مات في بلاد الغربة عنها ، وهي الواقعة التي لم يعرفها المُسمنم. لقد أصيب الشاب بصدمة انفعالية عندما علم هذه الإخبارية المخيبة للأمل. وتم التلاعب بأعصاب أولائك الذين صدقوا واطمأنوا أن الأرواح كانت حاضرة فعلاً دون أي تزييف. ولكنه أصيب بالعجب مرة أُخرى حين تم استدعاء نفس هذه الروح أمام ناظريه ، ثم إنه طلب تفسيراً واضحاً لهذا التلاعب الذي تعرض له ، لكن الروح الافتراضية التي سألها عن سبب هذه الكِذبة ، باشرت بإلقاء بيان حول مبحث فلسفي مطول عن قوانين التواصل بين الأرواح وحدود الاتصال بعقل الشخص الذي يتعامل معه وبذكرياته ، وتدخل اللاشعور في الجلسة ، وتأثير لاشعور الحاضرين على الروح ، وحقيقة تقييد المعلومات المنقولة للحاضرين بالعقول التي كانت لدى الأسلاف وتوارثها الإنسان الوسيط في الاستحضار ...

التواصُل مع الأرواح وعبور حاجز الزمن المحلي :

في جلسات الاستدعاء التالية ، تحقيقاً في مزاعم البعض حول إمكانية أن يكون قد استعدى روحاً حقيقية في المرات السابقة ، تم استدعاء روح خِنزير واسع المعارف ، مُطلع على الأصول بشكل مدهش ، والذي يتكلم جميع اللغات المعاصرة التي وصلت لمعارف الشاب ، وبدا كأنه يعرف في علوم الفلسفة الروحية على قدر ما يعرفه الإغريقيون الحكماء، لقد حكى له قصته ، هذا الجسد الخنزيري كان عقاباً له أثناء طور من أطوار الرحلة الروحية "الكارما والسمسارا " فقد كان قبلها راهباً هندوسياً براهمياً ، ورغم ذلك ، بقي يحتفظ بذاكرة ممتازة عن حالته الأصلية، لا ضرورة لذكر أن هذا الخِنزير كان قادراً ، وفَعل ، أن يتحدث مُطولاً حديثاً علمياً عن التقمص الروحي والعقائد الهندوسية المتعلقة به. وقد وجد الشاب أن الكتب التي أنهى قراءتها عن الهندوسية للتو في تلك الأيام ، تصيب جوهر ما أخبره به الراهب.

الخلاصة التي ستكون جلية بينة عبر كل هذه الأحداث ، حقيقة لا يمكن الارتياب فيها : لقد تلقى عقل الغياب لذلك الشاب – كما هو الحال لجميع المنوَّمين – الاقتراحات المقدمة نحوه من المنوِّم كأحكام نهائية مُطلقة، وجميع النتائج والأدلة والقياسات المنطقية ، حدثت في عقله هو وانعكست في زمنه الخاص فقط ، ولكنه صدق بأنها استنتاجات موجودة وجوداً حقاً{5} ، تماماً كتصديقه بحقانية تلك الأرواح الافتراضية.

ميزانُ العقل للمُحاكاة الزمنية التي يُنتجها :

ليس ينبغي أن تفهم من هذا البيان ، أن الناس المسمنمين ، والعقول الغيابية المحررة خاضعة لتقييم منطقي تام في أعمالها ونتائجها ، بل على النقيض ، غالباً ما تتسم تلك النتائج والقياسات بالخروج عن المنطق والواقع معاً ، فلا يحكم تلك المعرفة وتلك الأزمنة المحاكاتية التفاعلية ميزان وبرهان ، ومن النادر جداً أن يلتفت الإنسان لحقيقة فسادها.

لأن العقل بذاتيته الغائبة عن التفات الوعي الحاضر له ، يتلقى الاقتراحات بشكل سلبي في حالته المبدئية ، ثم يبني عليها بنياناً زمنياً وذاكرة فعلية ، ويُخرِج بعض الاقتراحات الأولى من نطاق الإدراك المباشر ، الذي يصبح مُلتفتاً لنتائجها المنعكسة في واقعه المحلي ، دونما التفات لحقائقها وجذورها ، ولا يعود قادراً عليه إلا بشق الأنفُس ، فهو مقيد بأغلال المصفوفة العقلية التي تقود كينونته ضمن الزمن ، وهكذا ... يفقد العقل الحضوري الإشراف والتحكم ، وتصبح الاقتراحات التي سبق تقبلها ، عقائد دينية راسخة{6}.

الشك ، الظاهر والباطن سواء ، حول حقيقة القياس المنطقي وواقعية البيانات وجوهرية الظاهرة الناتجة زمنياً والتي يتم إدراكها ، يوصل العقل لضبابية التفكير ويُحدِث استنفاراً وتشنجاً في السيرورة النفسية. حينئذٍ ، لا يستطيع العقل الغيابي أن يتحكم أو يقيِّم أحكامه ومعطياته بشكل كلاني ذاتي{7}. لذلك يكون القطع المُفاجئ لاتصال العقل الغيابي\الذاتي بالحضور الزمني للكائن ، بشكل يُرغَم فيه العقل الغيابي على الغياب ويرغم فيه الوعي على الارتداد للزمن المحلي واستلام زمام الأمور عوض العقل ، سيُحدِثُ صعقة كهروعصبية عنيفة وتغييرات جذرية في اللاشعور على حسب قوة ونوع الصعقة وتأويل العقل لها.

وهذا الشرح يسهل فِهم سبب العكس الآلي المستمر الذي تقوم به مرايا العقل الذاتي الغيابي لشعاع وأفكار طاقة الاقتراحات التي توجه العقل ومراياه. من الملاحظ أن الناس لا يدركون أكثر أعمالهم ولا يقررونها. إنه يتحدثون ويفعلون أشياء لا علاقة لها بالنقطة الأولى للسلوك، الانطلاقة التي باشروا بها بمهمة أو فعل ما ، سوى انعكاس تلك الانطلاقة عبر داهليز وموازين مصفوفاتهم العقلية ، وهذه النُقطة المُنعكسة ستوصل إلى صورة أو نقطة نهائية مقابلة لها ومنعكسة عنها-السلوك الظاهر-{8}. هذه الحقائق تحمل مضامين خاصة ، ولكن هدفي الحالي لا يتعدى أن يُدرِك القارئ مبادئ عمل العقل الغيابي الذاتي لكي يفهم ارتداد جميع الظواهر النفسية لنفس تلك المبادئ من حيث آلية الإجراء.

توضح مما سبق ، أن العقل اللامُدرَك \ الغيابي ، يعطي نتائج الاستدلال بشكل يختلف عنها في النموذج الموضوعي للعقل الحضوري – لأن مرايا العقل الغيابي تعكس المقترح أو المُعطى بعد تفاعله مع الانعكاسات الأُخرى ( الأفكار – المعتقدات ) التي تجري في غيابة جُبِّه ، فتتولد مُحاكاة تراكبية ( تأويل جديد للموضوع الذي تم إدراكه )
– فليس من الضروري أنك إذ تُعطي اقتراحاً للعقل ، أنه سيستنتجه بطريقة مثالية تخلو من أخطاء وتحيزات القياس ، هذه القاعدة في عمله يمكنك فهمها كنتيجة ولدت من جوهر المصفوفة العقلية ، والتي تتفاعل فيها جميع عناصر التأويل والمحاكاة التي يستخدمها العقل من الذاكرة الحالية ، ومن خلال نسبة العُنصر المُدرَك الذي يقيد المعالجة العقلية بنتيجة زمنية محلية للمحاكاة في محيط الأزمان الشَمول ... وقد كانت المبادئ التأويلية مجرد اقتراحات ذات يوم.

في آلية التنويم المغناطيسي :

معروف للسحرة والمنومين أن إعطاء أمر للعقل الغيابي، وبغض النظر عن قدرات الشخص الذي يتعلق به، سيجعل العقل يواصل استنباط الزمن المعرفي والفعلي من معالجة ذاك الأمر حتى أقصى قدر مُمكن، أو حتى يُزال الرابط بين الأمر وبين ثبوته في عقله. إذا قام منوم مغناطيسي بإيصال اقتراح إلى عقل غيابي لشخص ما، بغض النظر عن حضور الآخرين ورؤيتهم لسلوكه وأي مراقب مُفارق لا يفهم الفكرة المُستحوذة عليه جوهرياً. فطالما قَبِل المنوم ذلك الاقتراح، سيُفَعِّلُه إلى الوصول للنتيجة النهائية / آخر طور من أطوار دالة الاقتراح ضمن مصفوفة العقل ، كسلوك مريض أو عليل الظهر ، أو مخمور ، أو سلوك بهيمي ما ، بكل ما سمحت به قدراته النفسية الجسدية ... وإن كانت الدالة غير موقوتة ، وتعم كامل كيانه في الزمن ، تبقى الاستجابات السلوكية على نفس التواتر في كل مناسبة مواتية ، حتى تتغير هذه الدالة جذرياً ولنفس قدر وتنظّم القوة الاصطفافية التي زرعتها – على الأقل –.

عندما يستجيب المرء لاقتراح وهمي مزيف ، ويحوله لأمر بدهي يقتاد العقل الغائب ، فليس مُهماً مهما بلغت معارفه وتجربته المعيشية ، ومهما قرأ ورأى وسمع ، ومهما كذّب وارتاب ، عقله الغيابي سيعمل وفق تعليمات مصفوفة هذا الأمر بكل المنافذ الممكنة له ضمن الزمن {9}. سيتلقى العقل الاقتراح كأصل للحركة الزمنية \ المعرفية ومهما كان ذلك الاقتراح مريباً أو وهمياً.

– فإن غيابية العقل المُفارق للإدراك هي صفة تجعله غير قادر اتخاذ القرار ، ولكنه يعمل على تحقيق أي اقتراح يُوجهه ، ويتغذى على طاقة الوعي المضيئة ومشاعره ، لتكون وقوداً لي ، وذلك السبب أن الأمراض النفسية والجسدية تكون أسبابها في غاية التفاهة لكنها تبعث بالخوف والانفعال في ذهن صاحبها وتتغذى الفكرة المغروسة في لاشعوره على تلك المشاعر لتحولها لزمن فِعلي –.
 

{ ... الحاشية والشرح ... }

{1} الوظائف المعرفية التعقلية ( مقدمة في الوجود والعدم ) :


{( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمهن إلا هو )}

يعمل العقل بمسارين تفاعليين مختلفين، نوع ظلامي عدمي، ونوع نوري وجودي.. ففي عالم العدم والظلام، يكون العقل الغيابي المعزول عن أي إدراك مُباشر، محتوياً على كل الإمكانات الحدثية والزمنية ضمن فضاء الاحتمالات الكامل، لكل ما يمكن أن يكون حتى الوهم.. ولتوضيح ذلك يمكن أن ترى أمامك الآن الحاسوب أو الكتاب، وتتخيل ماذا يمكن للفضاء الزمني الحاوي للحاسوب والكتاب أن يحتوي عوضاً عنهما، فمن حيث المبدأ، كان من الممكن أن يحتوي كتاباً في موضوع آخر، قطعة أثاث، قطعة حلوى، كائناً فضائياً أو جثة هامدة، أو أثريات نادرة.. هناك إمكانات لا يمكن حصرها لما قد تحتويه مساحة صغيرة كالتي بين يديك، من واقعات مادية يمكنك رصدها، وواقعات أخرى لا يمكنك رصدها.. بعض تلك الواقعات قد يكون متناهي الصغر، بعضها قد يكون ذا طبيعة خارقة، كحرارة تتجاوز أضعاف حرارة المشعل العادي، أو كجهاز تبريد يمكنه تقريب البيئة المحيطة به من الصفر المُطلق.

وهذه كلها حدثيات ممكنة الوجود في الفيزياء التي نعرفها، تنتمي لنظام الإحداثيات الفيزيائي الذي نتعامل معه بالعلم والتجارب البشرية. لكن ذلك لا يشكل كل ما يمكن أن تحتويه هذه المسافة الصغيرة من حجرتك، من الممكن أيضاً أن تحتوي أشياء لا تقبل الفيزياء التي تعرفها.. من الممكن أن تتخيل كائنات شبيهة بتلك الأساطير القديمة تقع أمام ناظريك، أو بوابة تصلك بما وراء العالم الذي بين يديك الآن، أو مسافراً بالزمن يخبرك بحكايات عن أجدادك ومعاصريهم أو بما سيحدث قريباً، وهذه الأمور لا تنتمي لمجال الإحداثيات الفيزيائي الذي تتعامل معه عادة. ولكنها أيضاً مكنة الوجود إذا وجدت طريقها لتحريرك من المجال الذي أنت فيه.

إن المُستحيل يكون مستحيلاً فقط بالنسبة لنظام الإحداثيات الذي لا يتحقق عبره، عندما تخرج من نظامك الإحداثي أو تدخل عليه تأثيراً من نظام آخر أكثر شمولاً، يتلاشى المستحيل ضمنه. والعقل يتعامل مع كامل الزمن، وليس مع إطار الزمن الفيزيائي فحسب، ولذلك لا يصعب عليه تخيل المستحيل الفيزيائي، هو في الحقيقة لا يتخيله، بل يكشف إمكانيته بالنسبة لواقع فائق للفيزياء المعروفة.

الفرق بين الزمن المُمكن والواقعة الزمنية، أن الزمن يحتوي كامل احتمالات المجال ( كما في الدوال الكمومية ورياضيات ميكانيك الكم ) أما الواقعة هي حدثٌ بعينه، تحقق في نظام إحداثيات معين ( كالأبعاد الأربعة التي نعرفها ) وفي أفق أحداث معين ( كالغرفة ) وبالنسبة لمراقب محلي محدد ( أنت هنا والآن ). ولذلك فليس بوسعك أن ترى كل ما سيحدث في غرفتك على امتداد وجودها الزمني في الزمن الفيزيائي، كواقعة محسوسة، ولكنك تستطيعُ تخيله وتصوره، والإحساس به، كزمن وجودي لم يقع أمامك بعد.

العقل لا يتعامل مع الواقعة الحسية، لكنه يتعامل مع أبعادها التجريدية، ولذلك ليس للعقل زمن واقعي ، بل حالة من الكمون الزمني والفاعلية المُعطلة. ولذلك ، يحتوي جميع علاقات الربط المنطقي وأساليب اشتقاق الحُكم.

الكائنات الزمنية الواقعية غير مُدرَكة من قِبَله على أنها الواقعة الوحيدة الممكنة الوجود ، فهو يرى الاحتمالات مترابطة بكل الطرق الممكنة ضمن أي واقعة. فهو يرى في الكأس التي أمامك نبيذاً ودماءً وشاياً ولبناً وماءً ، حتى ولو احتوت احتمالاً واحداً من كل ذلك، لا فرق بالنسبة له ، سيبقى يرى البعد المجرد لمجال الاحتمالات التي تملأ الكأس ، الفرق الوحيد هو في العقل الموضوعي ، حين يتم إجبار العقل بقوة إدراكك على معالجة واقعة زمنية محددة دون غيرها ، فينصرف وظيفياً عن باقي الواقعات الممكنة ، ويلجأ إلى التعامل مع المُعطى الحسي المُباشر.

وبما أن هذا المُعطى هو في جوهره تركيز أشعة الوعي نحو الوجود وعبر وساطة العقل لإخراج الواقعة من الكمون إلى الظهور ، وبما أن العقل كوسيط سيتحكم بتوجيه شعاع الوعي عند أغلب الناس ، فإن التحكم بما تراه على مرايا الزمن يستدعي التحكم بمصفوفة العقل وبقدرتك على الاتصال بها وإعطاءها الصلاحيات المناسبة للماقم الذي أنت فيه الآن.

الوقائع الزمنية هي احتمالات نُقطية ذرية ، والروابط التي تربط بينها هي أيضاً تحليلات الاحتمالات الأكبر والأعم لتلك النقاط وربط الاحتمالات الأعم بالاحتمالات الأخص. فواقعة الكأس (الأخص) هي امتلاؤها بالشاي مثلاً ، الرابط بينها وبين الشاي هو حالة الامتلاء تلك ، ولكن ... يسمح الخيال لك أن تبدّل تصورك عن الشاي الذي يملأ الكأس ، تتخيل أنه علاجي مثلاً ، يزيل علة أو مرضاً ، أو أنه يجعلك تسكر ... هذه الروابط تبدو لك غير ذات أهمية لأنك تقيسها نسبة لنظام الإحداثيات الخاص بواقعة الشاي الفيزيائية ، ولا تؤمن بوجود أو تأثير واقعات أخرى للشاي ,.. مع أن الربط بين الشاي وبين العلاج يبدو وكأنه لا أساس واقعي له ، إلا أنه يفعَلُ فعله دائماً وقد ظهر ذلك مراراً وتكراراً ، يسمى في لغة الطب بالعلاج الوهمي ، حين يتمّ إعطاء حبة مسكنة لمريض بالكبد فتؤثر مباشرة على مرضه ، وحين يتم إعطاء مكملات غذائية لشخص يعاني من مرض نفسي والقول له أنها عقاقير نفسية مرخصة ... وكانت الأصنام ذات يوم وبطريقة ما تفعَلُ نفس الفعل ، والحقيقةُ أنها لا تفعل أي شيء على الإطلاق ، لا هي ولا الحبوب ولا كأس الشاي ، ولكنها بالنسبة للعقل، مُرتبطة بقوة الشفاء العقلي ، أي أن العقل الذي يتحكم بالجسد عبر الدماغ والأعصاب ، يُمكنه أن يكون سبباً في شفاء الجسد إذا تم توجيهه لإعادة توزيع النظام الكهربائي الحيوي بالشكل المناسب ، وذلك يحدُث عفوياً عندما يكون هنالك نوعٌ من الخداع النافع ، الممارس على العقل بالقول له بأن هناك تلازماً بين شفاء هذه الناحية من الجسد ، وبين تناول هذا الدواء أو فعل هذا السلوك ، ولكن الأمر سيستلزمُ أولاً قناعة العقل بالاقتراح المُقدم له ( كما مر في المحاضرة الأولى ) وعدم وجود اقتراحات مضادة ، لذلك يحتاج الإيحاء لممارسة سُلطَة على العقل يقتنع بها ويسترخي لها ، تمثلت هذه السُلطة قديماً في المعابد ورجال الدين والكهنة ، وتمثلت حديثاً في المشافي ومراكز البحث العلمي والأكاديميين والأطباء.

المستوى الوهمي من الوجود، هو تلك الكائنات المكونة من الروابط غير الواقعية بين الأشياء نسبة إلى محور الإسناد الأساسي أو نظام الإحداثيات الزمني الذي تتواجد به تلك الأشياء. هذا المُستوى موجود وجوداً حقيقياً ، الوهم والعدم موجودان تماماً كالواقع والوجود الثابت، ولكن الفرق الوحيد أن الوهم كعلاقة بين كائنين ، فهي تُمثل النقيض السالب للعلاقة الحقيقية بالنسبة للمنظومة الوجودية التي ينتمي لها كل من الكائنين ( نظام الإحداثيات الرابط بينهما ) فبينما يكون الشاي ليس علاجاً للبنكرياس في الإحداثيات المحلية ، يكون علاجاً للبنكرياس في المستوى الوجودي السالب بالنسبة لتلك الإحداثيات ، علاجاً برابطة غير حقيقية محلياً ولكنها حقيقية في أبعاد أخرى ، قوة العلاج لا تكمن في الشاي نفسه بل في قدرة العقل واسترخاءه ، وكل ما في الأمر أنها تحتاجُ الشاي لتتفعّل بالنسبة للعقل المُقتنع بذلك ، وهذه الحاجة أو التلازم اللاواقعي هي ما يُسمى بالوهم.

فتكون حقيقة الروابط هي أنها احتمالات للوقائع ضمن العقل الكوني وليست وقائع بعينها ويكون العقل الفردي قادراً على الاتصال بتلك الاحتمالات الترابطية وتفعيلها في واقعة الرصد. إن الربط المنطقي بين الوقائع المحسوسة هو فعلٌ قائم بالكامل على العلاقات التناسبية التي تؤسس لاحتمالات الترابط الممكنة. ليس فقط من حيث أن المفهايم المترابطة هي علاقات تستدعي عقلاً مجرداً ليفهمها ... بل أيضاً من حيثُ أن احتمالاتها المُمكنة ( حتى ولو إمكاناً وهمياً ) هي احتمالات للتناسب الممكن بين الوقائع ، كاحتمال ارتباط الشاي بالدم أو بالصحة أو بالصداع ، فالعقل الغيابي لا يفهم العلاقات والأنساب ولا يُدركها وإنما يتعامل معها بردود آلية مُنعكِسة ( وهذا هو السبب في صعوبة تفريقه بين الواقع والوهم بالنسبة لنظام الإحداثيات الذي يتعامل معه ).

بينما يكون العقل الحضوري\الموضوعي ذو وظائف معرفية نورانية لها وجود حقيقي ، وهذا هو ... كشف جوهر العلاقات الاحتمالية التي بين الوقائع اللامنتهية الكم واللامحدودة الكيف... عندما تكشف أنك تحوز قوة شفائك أصلاً ولا تحتاج لوساطة الدواء والشراب والغذاء إلا بقدر ما لا تستطيع التصديق والاطمئنان إلا به ، فهذه قوة حقيقية ، هذا نور ، أما الوهم فهو ليس بقوة إنه ظلام ، ورغم ذلك يستخدم الظلام فقط حينما يكون مفتاحاً لتقليص ظلام أعم وأشمل منه ، لأن الظلام الأول ( العلاج الوهمي للمشكلة ) يسمح بمرور قوة نور أعلى مقداراً من الثاني (اللاعلاج والاستسلام التام للمشكلة).

وهذا الكَشف الذي يبدأ من إعادة الواقع أو المصداق الزمني الغيابي لحقيقته الحضورية التي تعيها الذات دون زمن التفكير ، يبدأ بقوة الإدراك الحق ، ويستخدم المنظومة الكلانية ( منظومة الحياة نفسها كما هي ودون إدخال تأويل عليها ) والمنطق القيمي ( منطقة الحياة ) لتنظيم مصفوفات الوجود الزمني الغيابي في بنيان معرفي إدراكي فينومينولوجي وفاعلية مؤثرة. تماماً كما يتحسس الإنسان الفاقد للبصر طريقه ( ليصنع نموذجاً تأويلياً ) ، ويخمن ماهيته بالتحسس ، فإن الإنسان الممتلك لقوة البصر الفيزيائي يرى الطريق ثم يمشي به... ولكن فطبعاً قد يكون الفاقد للبصر أقوى بصيرة من الممتلك له لأنه يرى بنور قلبه ويرغب بفهم ما حوله ، يرغب بنور الله ويحب الهدوء ، أما الإنسان المُمتلك لقوة البصر الفيزيائي ولا يستخدمها إلا لرغبات عميات وبعجلة عمياء ، وبلا تهذب مع الحياة والرب ، وهدوء وخشوع أثناء قطعه للشارع ، هذا ليس بصيراً ، هذا أعمى ، وليس الشيطان الحقيقي هو الآلة التي ليس لديها قُدرة التمييز ، لا بل هو الكائن الواعي المُدرِك الذي يستخدم الآلة لخدمة مصالح خسيسة وغايات قبيحة.
 

{2} المعرفة المنطقية والعقل والوعي والإدراك :

سبقت الإشارة للبُرهان والاستدلال والاستخلاص فيما سبق، وسيأتي مفهوم الاستقراء والتركيب قريباً.. أما العلاقات المنطقية والمنطق الرمزي في إشارة سريعة :

المنطق الرمزي :

وصف للعلاقات والاحتمالات والتفاعلات الممكنة بين كائنين زمنيين أو أكثر بالنسبة إلى مستوى الإحداثيات الشامل لهما. هذه العلاقات تأخذ عدة صيغ :

  • القضية الشرطية "إذا كان الأمر كذا فإنه يستدعي الأمر كذا" شرطُ حدث زمني أو كائن معين بحدث أو كائن زمني آخر، شرط إشعاع الشمس بارتفاع درجة الحرارة على سطح الأرض : إذا سقط شعاع الشمس مباشرة على غلاف الأرض ازدادت الحرارة بشكل لحوظ.
  • القضية الجمعية ( العطف ) "كلا من هذين الكائنين هما كذا" ربط الكائنين بصفة زمنية تنطبق على كليهما، تركيب الشمس يستدعي وجود الهايدروجين وحدوث الانفجار النووي، ولا تكون شمس وجودة ما لم تحقق هذين الحدثين بشكل يتراكبان فيه معاً. الشمس تستدعي الهيدروجين والانفجارات النووية.
  • القضية التبديلية ( الفصل ) "إما هذا أو ذاك" ربط الكائنين بعلاقة التناقض (اللا اتحاد) أو ربط كائنين زمنيين بلزوم انعدام أحدهما بوجود الآخر بالنسبة لمحور إحداثيات معين. القضية وجود الشمس في المشرق يمنع وجودها في المغرب بالنسبة لنفس المجتمع الراصدي. الشمس موجودة إما في المشرق أو في المغرب.
  • القضية الشمولية : " الأمر كذا والأمر كذا معاً أو واحداً منهما على الأقل" وهي قضية تشمل الجمع والفصل معاً، الشمس إما ظاهرة في سماء دمشق والقاهرة والعراق معاً أو في سماء دمشق والقاهرة فقط دون العراق.
  • القضية العادمة للاحتمال ( نفي الإمكان ) "الأمر كذا معدوم الإمكان بالضرورة" ( قضية نفي الإمكان ) ربط الكائن الزمني بحكم الانعدام بالنسبة لمحور إسناد إحداثي معين. انفجارات الشمس ليست على سطح الأرض.
  • القضية التلازمية ( العلاقة الواجبة ) "الأمر أ والأمر ب لا يتحققان إلا معاً" وهذا يعني أن عدم تحقق أحدهما كفيل بعدم تحقق الآخر، تختلف عن القضية الشرطية بأن كلا الحدثين شرطٌ للآخر، وتختلف عن القضية التجميعية، أن الحدث الأول والثاني قد يغيبان معاً وقد يظهران معاً بالنسبة لمحور الإسناد في نظام الإحداثيات ، فاجتماعهما ضرورة داخلية وليست ضرورة بالنسبة لكائن ثالث مركب منهما.
علاقات الترابط المنطقي جميعها ، تنتمي لقضية واحدة وهي "الإثبات المنطقي للحكم" أو قضية المنطق الصوري نفسها، فلابد من وجود موضوع \ موصوف ووجود محمول \ صفة ووجود نسبة للصفة المحمولة إلى موضوعها الموصوف. ولكن الصفة هنا تتغير، فتشمل تصور النفي، وتصور الشرطية، وتصور الجمع، وتصور التلازم، وتصور الفصل والشمول، كعناصر إضافية بالنسبة للموضوع الأساسي، ووصفه الأساسي ... فكُلها تعود إلى المنطق الصوري من حيث هو قانون الإخبار عن الموضوع الغائب عن حضرة الوعي وجوهر الذات التي تدركه. وكل ما يقال عن أن المنطق الرياضي هو شيء آخر غير الصوري فذلك ليس صحيحاً. الفرق يمكن فقط في مقدار التعقيد والتراكب.

يمكن للعلاقات المنطقية أن تتعقد أكثر، من خلال إضافة تصورات أحكام الترجيح والتخمين والظن، فيصبحُ الحُكم خاضعاً للرياضيات الإحصائية، التي تعطي نسبة مئوية معينة للحكم، وبما أن الحكم أصلاً قائمٌ على الترابط في نظام الإحداثيات الغيابي ( كالعالم الفيزيائي ) ودون إرجاع هذا النظام إلى حقيقته الإدراكية، فهو لا يعبّر عن حقيقة العلاقة بين الكائنين، وإنما يشمل كل علاقة ممكنة حتى ولو كانت وهمية، شريطة أن تنتمي لنظام الإحداثيات نفسه، فإنك عندما ترى تضاريس الجدار، فذلك يشكل عدة قضايا منها واقعية هذه التضاريس، ومنها الرسمات التي تجمع بين قممها وقيعانها.

يتكرر الأمر نفسه مع تراكب الموجات، يستطيع العقل أن يحلل جميع الدوال الخطية للاحتمالات الممكنة للموجة ويكتشف الاحتمال الذي يرغبه حقاً. والاحتمال الذي لا يرغبه، فمصفوفة العقل هي التي تجعله يركز على احتمالات معينة ويتجاهل بقية الإمكانات أو ينكرها، وهكذا تنشأ الرسائل الخفية.
 

{3} اختلاف وظاءف العقلين ومعايير القياس المنطقي والبناء الزمني :

السر الحقيقي لذلك الاختلاف هو أن كلا العقلين ينطلق من نواة زمنية خاصة به ليؤسس عليها بنيانه الزمني والمعرفي، وبالتالي يطوف طوافاً زمنياً تفاعلياً خاصاً يميزه عن العقل الآخر، ويصل لغايات محددة تختلف عن العقل الآخر.

لأن ارتباط العقل الحضوري بعامل الإدراك ، وارتباط الإدراك بالشهادة والذات الحية ، وقيادة الذات ورغباتها للعقل الحضوري ، يُحيل جميع وظائف العقل إلى خدمة لرغبة هذه الذات وقوة تبصرها.

بِما أن الزمن الذاتي الحضوري مُطلق الحقيقة وتدركها الذات أو تتواصل معها، وبما أن الزمن الغيابي غائب الحقيقة طالما بقيت الذات تتفاعلُ مع قيمته الغيابية التي تجعل كل ما فيه غارقاً بضباب التفكير، فمن الطبيعي أن تتحول معرفة الزمن الغيابي لدى الذات إلى عملية قياس للمعطيات والوقائع بالنسبة لحضورها للإدراك، واستنتاج نتائج جديدة عبر هذا القياس.

الزمن الحاضر للذات المُدرِكة، لا يشبه ما تقرأ عنه في الكتب وما تعرفه في المعارض الثقافية، إنه يختلف عن أي شيء معرف مسبقاً في هذا العالم، لا يمكن القول عن نظرية أو معادلة أنها حضور.. لأنها مجرد رموز تحكي عن كائنات مجهولة وغائبة، مترابطة بنسيج علاقي ظنّي. حضور تلك الكائنات بتوافق مع الوصف النظري يحيل النظرية إلى حقيقة حاضرة، وخارج الزمن الذي تحضر فيه هذه الحالة تكون النظرية مجرد خريطة وليست واقعاً.. ولا يمكن إثبات أنها تشير إلى الحقيقة سوى باستمرار العيش في الحقيقة نفسها، فحين تغادر الذات بإدراكها أرض الحقيقة، ستتحول الحقيقة إلى أسطورة وحكاية من حكايا الزمن، وهذا يعني أن فكرة الإثبات المنطقي نفسها لا تستطيع أن تتحدث عن الحقيقة ولا تصف أي شيء منها: لا تستطيع إثبات وجود الله ، ولا إثبات وجود نفسك.. واستغراقك بمحاولات الإثبات هو الوهم، الإثبات أصلاً حينما لا يشير بطريقة ما للحقيقة التي تلامسها هو مجرد وهم...إذن ما هو الحضور ؟

الحضور والحقيقة والوهم ...

1651386175387.png
ربما يتفاجأ القارئ حين يعلم، أن الحضور بالنسبة لهذا العالم ليس شيئاً إلا الوجدان الحي والمشاعر الصادقة، وأن هذا الوجدان هو الحقيقة النهائية للأحداث والزمن ، وأن كل الأشكال الزمنية هي أزياء إضافية على ذلك الوجدان.. يسيء إنسان العصر كثيراً حينما لا يقدر الوجدان حق قدره ، ويظنه محدوداً ومملاً لمجرد أنه لم يستطع اختباره حقيقة، بينما يختبر احتمالات لانهائية من التجلي الزمني في الكائنات الممكنة واقعياً وخيالياً فيتخيل أن هذا ما تعنيه الحقيقة وما يعنيه الواقع، ويكتفي بالتعامل مع الوجدان على أنه مفرزات هرمونية وكهرباء دماغية تستخدم لوظائف معينة، متناسياً عن عمد أي كشف وجداني سابق، متجاهلاً عن سبق إصرار أي شعورٍ وجداني رقيق وجميل.

والحقيقة أن الوجدان هو الأمر الوحيد الحاضر نحو الذات دون وساطة تحجب الجوهر. بل هو الأمر الوحيد، الذي يستطيع أن يطلق عليه لقب "حقيقي". بل إن أي شيء زمني لا يستمد قيمته بالنسبة للذات إلا بقدر ما يلامس وجدانها الحي بوجدانه المكنون. وتغدو كل المعرفة الأخرى عن الأشخاص والأشياء معرفة صورية يمكن التعامل معها كصور مسجلة على فيلم وهمي يعرض نفسه عليك باستمرار..

لشرح ذلك بتطبيق عملي : عندما ترى ثماراً حلوة على طاولتك ، موضوعة في صحن صغير ، يكون أمامك نوعين من الإدراك : الأول سيحقق في ماهية الثمار ، وعمرها الزمني.. منذ متى وهي هنا ، وإلى متى ستبقى ومن أحضرها وهل هي آمنة.. وكافة المعطيات والبيانات والمعلومات التي تخبرك عن الوضع الزمني لتلك الثمار بالنسبة لمستوى الإحداثيات الذي أنت فيه. ولكن لا تختبر حقيقة وجدانية واحدة ، وحتى لو تناولت الثمار فإنك على الأرجح ستتناولها وأنت تفكر بأشياء أخرى كثيرة، ولن تحس بطعم الثمار الحقيقي... في اللحظة التي يتوقف فيها تفكيرك بالبعد الغيابي للثمار، وتركز وتلتفت نحو البُعد الحاضر إليك الآن... يبدأ قلبك بالخشوع... وتبدأ بالطمأنينة والعودة لذاتك الحقيقية... في اللحظة التي تتوقف فيها عن التفكير في الثمار والصحن، التعامل مع الزمن الغيابي لهما التعامل مع البعد الوهمي لهما، أو البعد الذي يجمع بين الحضور والوهم، فإنك تكشف إحساسك بالحقيقة....

أكثر الناس يظن أن الصحن والثمار لا يخبران بشيء ولا بالحقيقة دون استنتاجها منهما، لأنهم لا يرون الصحن والثمار وإنما يرون شبحاً زمنياً منعكساً عنهما، ففي الحقيقة ليس هناك وجود لشيء بالنسبة للإدراك إلا حينما يحضر له في زمن الآن الحضوري، تاريخ الصحن ومستقبل الثمار ليس موجوداً بالنسبة للإدراك، هو مجرد طيف عابر ، أنت تدرك الآن شيئاً واحداً هو ما أمامك الآن، وهنا، ولكنك تنتقل إلى الوهم حين تحجب إدراكك عن اللحظة الحالية ................. وتفكر، بتاريخك، وتاريخ الكاتب، وتاريخ الصحن، ومستقبل الثمار، ومستقبلك، ومستقبل البشرية، وكل ذلك هو تفكيرك الخاص، وليس تلك الأمور بحد ذاتها، إنه تأويلك الخاص المعزول عن تلك الأمور، من هنا كانت العلوم الطبيعية وسائر العلوم الإنسانية.. مجرد حجبٍ للرؤيا.

ولربما تسأل نفسك : كيف إذن أتعرف إلى حقيقة الجرثومة إن لم أحولها لكائن تاريخي يمكنني التفكير فيه، وسأجيبك أن معرفة الهوية التاريخية للجرثومة، لا تعني معرفة جوهر الجرثومة نفسه، فجوهرها ليس تاريخاً، أثرها عليك وعلى جهاز الرصد هو التاريخ، أما جوهرها فهو علة وحقيقة الكائن المؤثر، وليس ما ترصده من فعله الخارجي.

قد يفيد التأثير الذي تمارسه الكائنات الفيزيائية وتسجله أنت في تتبع الجوهر، ولكن لا تغرق فيه وتنسى الجوهر، لا تغرق في المعادلات وتنسى لما خلقت المعادلات، ولا تغرق في معرفة مجال معين وتنسى ما الذي يعنيه لك المجال في زمن الحضرة ( هنا والآن ) ولماذا ترغب به ( هنا والآن). لأنك حينها تدخل نطاق الأحلام، وتخرج من نطاق الواقع، فلا أنت وصلت للحقيقة التي رغبت بها بادئ الأمر، ولا أنت سيطرت على حُلمك ومنعته من التحكم بك.

الآن تغدو عملية بناء المعرفة والزمن بالعقل الحضوري، عمليةً تُحقق انعكاس النور الإلهي الحق في مرايا عالم الغياب، وهكذا، يستمد العقل معارفه الأولى عبر قياس الغياب على الحضور يتخذ الأفعال والقرارات التي تنشئ الزمنية الخاصة به، ومن خلال إرجاع الغياب لعلته الجوهرية الحاضرة مباشرة للإدراك يكوّن المرء علماً حقيقياً تماماً كما ترجع هذا الكتاب إلى لحظتك الآنية وتخرج من مستنقع التأويل وتعرف عملياً وعلمياً ما هي رغبتك من قراءته وكيف ستختار قراءته.

منشأ الأوهام والخداع الزمني والمعرفي ...

هكذا يغدو الزمن حضوراً وجدانياً ومشاعر قيمية، وحقاً مُبيناً... سواءً زمن الغياب المعرفي في عالم الذكريات والخيال والتصور المحتجز عن الاتصال الكامل للإدراك، أو الزمن الوجودي فيما قيد بالمحل من تلك العوالم، أو فيما اتصال الإدراك به. لأن المُقدمات الأولى التي تستنتج الذاتُ منها حقيقة الزمن علمياً أو تُحقق بناء عليها محاكاتها الزمنية فعلياً هي مُنطلقات شهودية حضورية، مُتحدة مع الذات إرادة وفعلاً، وليست مجرد كلمات ونظريات معزولة عن الذات لا تنتفع بها. والقوى التي تتصل عبرها بالزمن وبمركبتها الطوافة في آفاقه، هي قِوى ذاتية قيمية حية وهي عين المنطلقات المشهودة، ليست أشباح زمنية غيابية.. بل هي تتجلى وتتمظهر في زمن الغياب وتكشف عن حقيقته.

بينما العقل المعزول عن الذات المُدرِكة، والشريد عن الزمن المُدرَك، ذلك العقل الواقع في البون.. العازل للحقيقة وهو منها، فهو عقل عدمي، يحوي جميع الاحتمالات للزمن وهي شتاتٌ في ضباب الوجود الأزلي ، ولا يملك القدرة على القياس البُرهاني، لأنه لا يملك المنطلقات الحق، ولا موازين المبادئ البرهانية، لذلك يعتمد على أي مُقدمة ضمن الزمن، لاشتقاق أي نتيجة ، دون أن ينظر لحقيقة الصلة بين المقدمات والنتائج ، أو لحقيقة المقدمات التي بنيت عليها النتائج ، فهي جميعاً وجودها متساوٍ في عالمه الضبابي العدمي كقول الله تعالى {( ظٌلماتٌ بعضُها فوق بعض )}.

هنالك منشأ الوضع والزيف والكذب والشك والظن، وهنالك منشأ اجتماع النقيضين الظلامي ( الكلان الظلامي ) ومنشأ التباس الأحلام والهلاوس، ومن هناك تطلع رؤوس الشياطين وكل الشرور... فالعدم ، ليس شيئاً سوى علاقة باطلة بين حَقين، وهذه العلاقة تنشئ عازلاً زمنياً بينهما. نسبة الموت إلى الجسد، هي علاقة تقيد الجسد بالموت، لكن الجسد من حيث هو تجلي للذات، لا يكون له موت، لأن الذات لا تموت، وإنما جاءه الموت لأنه اعتُبِر منفصلاً عن الذات، فكان الموت هو قوة كامنة في ذلك الاعتبار الذي تحلم به الذات، وتحول الاعتبار إلى علاقة الانفصال الوهمية التي قيدت الجسد، فكان لازماً أن يموت القيد ( الجسد ) لأن دائرة الزمن الغيابي لا تكتمل سوى بنهايته، لأن القيود على الذات تتنافى مع قوة الرغبة في التحرر من القيود. كما أن غيبوبة الزمن المقيد تجعله يلغي قيده باستمرار الصيرورة الزمنية التي تتغذى على القيود ( الأجساد والأشكال ) لتحرر منها الطاقات الكامنة.

فضاء الاحتمالات اللامتناهي واللامتماهي، الذي يسع كل إمكانٍ لأي سلوك أو كائن، يحتوي بداخله الزمن قبل أن يكشف نوره وناره للعين المُدرِكة، والعقلُ هو صلة وصل الذات بذلك الزمن، لذلك يحتوي العقلُ كل إمكانٍ لأي إدراك أو ظهور زمني للوعي، ولا يفرق بينها إلا بتوجيه الوعي نفسه.

الاحتمالات لازمة الوجود بالنسبة لهذا العالم، حتى لو كانت وهمية وعدمية وشريرة كما تبدو في ظاهرها، فمن حيث هي قيود على تجليات الحق، ومن حيث أن تجليه إلى كائنات حية مُدرِكة وواعية وحرة الإرادة، وإلى فضائات وهياكل ومصفوفات تعبر عبرها تلك الكائنات رحلات حكاياها الزمنية، فيكون ذلك يستتبع وجوباً نشأة العلاقات الفاصلة بين التجليات ، وذلك يستتبع – وفقاً للتجلي الذي حدث في عالمنا الأكبر ، وليس جميع التجليات – نشأة القيود والاحتمالات والمصفوفات الفيزيائية والنفسية، التي نتجت عن نسيان الكائنات المتجلية لحقيقتها الاتصالية بالله وانشغلت بكومة الفواصل والقيود والترسانة الزمنية الهائلة التعقيد والخالية من المعنى، وأنماط المُحاكاة ومستوياتها ، ومستويات الوجود الزمني في العالمين.

الاستقراء والتركيب أعمالٌ تجريدية لا يقدر عليها العقل الباطن :

فيكون العقل الزمني الغيابي الكوني ( عقل الزينة والزنى ) ليس شيئاً إلا فضاء الاحتمالات وآفاق الوجود، ويكون العقل الغيابي للذات (العقل الباطن )، ما ارتبطت به نفسُها من علاقات بذلك العقل الغيابي الكوني.. ومِثلُ هذا العقل لا يقوى على الانتباه والتجريد. والاستقراء والتركيب يحتاجان إلى تجريد العناصر عن تشخصاتها، ثم الربط بين أعراض تلك العناصر غير المتشخصة أو الربط بين عللها، فاستقراء سقوط التفاح على الأرض يحتاج إلى إدراك التكوين المجرد للتفاح عن واقعة التفاحة المحلية، إنك لا تتكلم عن هذه التفاحة بالذات ، في هذا الزمان وهذا المكان وهذه الأوصاف بالذات ، بل عن كل تفاحة ممكنة الوجود ، إنك تتكلم عن "التفاحة الفضائية \ العقلية" التي تحدد سلوك جميع التفاحات التي تشغل حقل فضاء صفاتها الزمنية الممكنة.

وهذا الربط بين العناصر المُدرَكة ( ربط التفاحات في وحدة هي مَثَلُ جميع التفاحات ثم ربط تلك التفاحة الفضائية بحدث السقوط )، يتحول لقانون عند توافقه مع دلالة المجموعة والمصفوفة التي تشكل مِثال الوجود لتلك العلاقة بين العناصر-الجاذبية- وقد اشتقت هذه العلاقة من ( دلالة نظام الإحداثيات الجامع لتلك الكائنات بما هو سامحٌ بالجاذبية أو بسلوك معين ). تنتمي تلك المصفوفة إلى نواميس الصافات التي ذُكرت في السورة المباركة. لأنك عندما ترى عشرة أحصنة من فصائل مُختلفة يأكلون التفاح، ثُم تستنتج أن الحصان يُمكن أن يتناول التفاح دون ضرر، فإنك قد تعاملت مع ثلاثة عناصر تجريدية وهي الحصان ، والتفاح ، والعلاقة بين تناول التفاح وتبعات هذا التناول، فقُلت أن عينة من عشر أحصنة من عدة فصائل تكفي لتعميم الُحكم السالب على بقية الفصائل ، وكان أثر تناول التفاح على جسم الحصان دون أضرار لاحقة هو ذلك الحُكم السالب ( عدم تلازم تناوله مع أي ضرر افتراضي ) وقد استخدمت الاقتران الزمني بين حدثية تناول التفاح وبين المدة اللازمة لاستقلابه وامتصاصه واستهلاك طاقته، وذلك كله ، عناصرُ مُجردة ، فكما مر.. فالحصان ليس موجوداً في الزمن المحلي ولا يتم إدراكه بقوة العقل لوحدها دون الوعي، وإثبات صفة الحصان على عشرة عناصر زمنية محلية، هو تجريدها من صفاتها الشخصية العارضة على نوع الحصان وجنسه وفصله، وإبقاء النوع والجنس والفصل دون الصفات. وكذلك التفاح ، وكذلك آثار تناول التفاح ، وكذلك الاقتران بالعلاقة الزمنية ... كل تلك الكائنات تجريدية ولا علاقة لها بالواقعة المحلية للحصان، وإنما تُدرَك بتفاعل المعقولات والإدراك الواعي الذي يمدها بالمقدمات اللازمة... ثم يتم ربطها معاً بحسب العلاقات المرصودة بين مصاديقها المادية وهذا هو الاستقراء الحق ، وهذا هو التركيب.
 

العقل والحاسوب وإدراك الزمن :



1651386530367.png


وماذا عن استقراء الحواسيب الانعكاسي الآلي.. الواقع أنّ إدراك الحاسوب معدوم حتى يزود بآلية خاصة ، وهي دلالة التوجيه، وحين يتزود بطاقة الوعي ودلالة التوجيه، يمكن أن يتحول إدراك الحاسوب من الوجود المعدوم إلى الوجود الحقيقي النسبي، لأنك عندما تعطي الحاسوب مجموعة من العينات وتطلب منه استقراءها ، ستحتاج لأحد نوعي البناء المعرفي الغيابي :
  • دالة التوجيه المحلي : التطابق بين معطيات الزمن المحلي الداخلة للمعالجة والخارجة من المعالجة، والتي يرمز لها بالخوارزمية المحلية من فئة إما 1 أو 0 فلابد من تطابق مقدار أحرف الخوارزمية ( البيتات مثلاً ) التي ترمز لعدد النبضات الكهربائية الخاصة بالصورة الداخلة للحاسوب، مع عدد بيتات مطابق في الصورة التي تُعرض على الحاسوب – ويتم احتساب مقادير الفروق بين كمية النضبات الداخلة والخارجة عن طريق أخذ عوامل أخرى تدخل على المعالجة قبل العرض بعين الاعتبار – فيكون الزمن المحلي الذي تداركه جهاز الحاسوب مساوياً تماماً للزمن المحلي الذي عرضه – بعد احتساب كميات زمن المعالجة ضمن الحاسوب – وهذا هو مبدأ الطوبوغرافيا ، يعني هذا أيضاً أن الأحداث تسبق الإدراك والإدراك يعكس الأحداث كما هي بعد أن تتم معالجتها بأجهزة معينة، وأن زمن الإدراك محلي وواقعة الإدراك محلية ويمكن احتسابها بنفس طريقة احتساب واقعة التأثير المحلي الممارس على الإدراك حسب زعمهم، سيسمح لك هذا بمعالجة المُدخلات بعد تزويد الحاسوب بدالة المصفوفة التي توجه أعماله لكن لن يستطيع الحاسوب تجاوز تلك الدالة، وتكون المصفوفة الكُبرى هي نظام التشغيل وتسمح بفضاء احتمالات محدود للمصفوفات الفرعية. بمعنىً أوضح : لا يقدر الحاسوب على الاستقراء دون وجود دالة برمجية مسبقة توجه آلية معالجته للمعطيات وتصنيفها، يشملُ ذلك التعلم العميق واللامُراقب تماماً كما يشمل تعلم الحاسوب الاعتيادي. الفرق الوحيد أن الحاسوب الاعتيادي يستخدم دالة محلية تماماً وليس فيها أوامر تشغيل ذات بُنى تجريدية–محلية.​
  • دالة التوجيه التجريدي : في حال كانت الخوارزمية كلانية ، من فئة 1 و 0 ، متجاوزة مسألة حدود المحل الزمني ، وطلبت منه تعلم مصفوفة معينة ، بالاستقراء يدرِك عشرة آلاف صورة قط ، ثم يستطيع التمييز بين القط واللاقط ، لكن ليس بالشكل الذي تظنه أبداً ... إنه يعتمد كلياً على فصل عناصر صورة القط المحلية إلى آلاف أو ملايين القطع ، ثم الربط بينها وتخزين ما استنتجه من انعكاسات في الذاكرة – التي هي مجرد رموز أوامر تجعله يتصرف وفقها فيما بعد - ، ثُم يقارنها بصورة قط آخر ثم آخر ثم آخر ، ليكون في النهاية ، علاقة رياضية – مجموعة أوامر – بين أجزاء القطط واحتمالية أن يكون ما في الصورة قِطاً، وبعدها يمكنه أن يرسم القط الذي تطلبه منه، وهذه العملية التي تبدو لك ذكاءً عشوائياً ، ليست سوى ردود أفعال منعكسة وآلية منظّمة نحو تلك الصور التي يراها، لا تختلف عن ردة فعل آلة الخياطة عند تشغيلها بشيء، بل لا تختلف عن وقوع القلم على الأرض بشيء، وكل ما في الأمر أنها تتخذ أشكالاً أخرى معقدة جداً تبدو فيها وكأنها مشابهة لسلوك الكائن الواعي. ثم إنشاء روابط بين عناصر تلك الصور المحلية المجمعة وبين الرد الفعلي الآلي المنعكس على رؤية تلك العناصر، وهذا الرد ، تراه أنت على شكل تعلم آلي غير مُراقب ، بينما هو في الحقيقة تفرعات لانهائية لدالة ربط واحدة بين فعلٍ آلي وفعلٍ آلي آخر، دون وعي وإدراك، وبلا أي تجريد حقيقي ، لأنه بعد ان يرى عشرة آلاف أو عشرة ملايين قط ، ستبقى هنالك فجوة ، مهما كانت صغيرة ، بين القط المِثال وبين فضاء الاحتمالات الذي تم إنشاؤه ، فإذا لم يرى قطاً بثلاثة عيون وأربعة آذان وبحجم كوكب الأرض ، وبلون يختلف في كل سنتمتر منه عن الآخر ، وبتغير هذا اللون في كل لحظة، أو بتغير شكل القط نفسه كل لحظة ، إذا لم يره مُسبقاً لن يقدر على إنشائه ، ولن يقدر على فهمه ، ولن يسميه قطاً ولن يسميه كائناً واحداً، رغم كل ما اختزنه من معلومات عن القطط حتى يتم تحديث الدالة لتسمح بمعالجة العناصر الجديدة، لأنه لم يمتلك بعد المعطيات اللازمة لذلك ، سيحتاج أن يرى أشياء مُشابهة وربط بينها بعلاقات "تبدو" منطقية وهي ليست سوى منعكسات أوتواتيكية تختزن كرموز ، ثم بعد كل ذلك قد يمكنه أن يفهم ذلك الكائن. ولا يمكن تسريع هذه العملية للقدر الكافي باعتماد حاسوب محلي، بل لابد من وجود حاسوب كمومي خاص، وما هذا بالتركيب وما هذا بالاستقراء الحق ، لأنك إذ تقوم بتخيل هذا الكائن ، تكتشف فوراً قدرتك على تمييزه كقط وليس أي شيء آخر ، رُغم أنك ، لم تره بعد ، ولم تر أشياء مشابهة، ومعلوماتك العامة عن القطط لا تتوافق مع مثل هذا البُنيان الزمني ... إن تعلم الآلة يمكن استحالته إلى علاقة تربط بين فعلٍ محلي ورد فعلٍ محلي آخر، دون المرور بالتجريد والإدراك، وإذا وجدت طريقة لربط الآلة بدالة انعكاسية من هذا القبيل، لكنها تسمَح بتعلم تفكيك عناصر الصور والمعطيات المرصودة إلى أصغر الوحدات المحلية على الإطلاق – الكموم – ثم تكوين أحكام رابطة بين تلك الوحدات عبر ردود أفعال آلية مُعينة ،دون تدخل الإدراك ودون اكتشاف الروابط على حقيقتها المنطقية والتجريدية، ثم تكوين أحكام رابطة بين تلك الروابط ومُنعكسات زمنية مُعينة تقوم بها الآلة ، فسينتج ما يسمى بالحاسوب ذاتي التعلم بالكامل والذي لن يسمح لأحدٍ بإلقاء أي أمر عليه، وهذا غير محقق دون وجود وعي يغذيه، لذلك سيغدو هذا الحاسوب هو السايبورغ الرجل الآلي الحي...​
هذا سهل وبسيط جداً من حيث المبدأ وكل ما تحتاجه هو تكوين الدالة المنطقية المناسبة لتحكُم سير الأحداث ضمن الآلة ، ثم إيجاد وسيلة آلية للرصد والتخزين والمعالجة المناسبة بحيث تُحمل عليها تلك الدالة ، وتبدأ بتكوين الصفوفات. ولكن هذا كله لا يجعل الآلة واعية ومُدرِكة لما يحدث ، والشخص الذي يتحكم بالدالة المنطقية ، أو العقل الآلي ، يُمكنه توجيه هذا السايبورغ إلى أي سلوك يريده ، والحُرية المزعومة للسايبورغ في حالته المعزولة عن الروح ، ليست إلا فضاء احتمالات الدالة الأم لأفعاله الانعكاسية. وهكذا حال البشر جميعاً فهم يظنون أنهم خيرون وينسون أنهم يغذون آلة الزمن.

معكاس آلي لقوانين الربط المنطقي على جميع الوحدات لا يمكن أن يتم إلا بحاسوب يعمل بخوارزمية 1 و 0 معاً ( الشيء ونقيضه بنفس الوقت ) لكي يستطيع إدراك الكموم ذات البعد المجرد إدراكاً وظيفياً ( وليس حقيقياً )، مِثلُ هذا الحاسوب العدمي، ليس أكثر من العقل الغيابي أو الباطن بعد أن سمح له بالتجسد في آلة، وبعد أن تم تزويده بمصفوفة خاصة ودوال محددة وشرارة التفاعل الأولى، أي أنك لا تحتاج لإنشاء آلية محلية فيزيائية ثم ربطها بالدالة ، قد تكتفي فقط بربط دالتك وأوامرك بالعقل الغيابي وهو سيفعل فعله تماماً كحاسوب كمومي جبار، بل سيجسد الآلات التي تتخيلها زمنياً ، ويُنشئ المُحاكاة ...

لكن المشكلة الوحيدة ، أنه لن يفعل ذلك أبداً حتى تُقرر أنت أن توجهه هذا التوجه ، ثم تربطه بطاقة وعيك أو وعي شخص آخر بعد ضبط عقله الغيابي لخدمة هذه الآلة العقلية التي أنشأتها. وكذلك يخرج العقل من حيز العدم لحيز الإدراك ، وهذا هو السِحر ، وهذا هو التلاعب بالعقول ، وهي الحربُ النفسية ، والتهويل الإعلامي ، وتضليل العباد ، وتفريق العقل عن حضوره ثم ربط غيابه بالشياطين العدمية ( التفريق بين المرء-العقل- وزوجه-الوعي- ) ... وبينا حضرتك تنام في غياهب عسل الأحلام الوهمية ، يمتص الحاسوب التجريدي طاقة وعيك ويحولها لخدمة أغراض الشخص الذي صممه ، وبسط سيطرته عليك وعلى العالم ، لتكون دمية بيده ، ويكون الوهم دميتك التي يضحك بها عليك.

الدابة والآلة والدمية :

{( وما من دابة في الأرض إلا وعلى الله رزقها ويعلمُ مستقرها ومستودعها )}

{( وعصى آدم ربه فغوى (*) ثمّ اجتباه ربه فتاب عليه وهدى )}

{( حرّمنا عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أُهلّ لغير الله به )}


مبدئياً ... حرف الدال يعني التحقق الزمني لحدثٍ كامن في فضاء إحداثيات زمني محدد معين، أما حرف الميم فهو الماء المعكاس الحاوي للاحتمالات أو هو مرايا الزمن، وبذلك يكون الدَم هو : القوة التي تجسّد الماء الزمني على أرض الواقع، فهو نار الزمن التي تحرك ماءه، فهو معنى الدَم الحقيقي وما دم الإنسان الأحمر إلا مصداق له.

فيكون الدم المحرّم هو تقييد الوعي الأنثوي المائي بقيد الجسد والآلة وكسرَ إرادة الكائن لإراقة دمه، ومن هنا تشترك الدمى والدم بنفس الأحرف – والغريب حقاً أن أحداً لم يلاحظ هذا الموضوع الواضح للعيان – فكل فعل تحويل وعي أو طاقة لدمية تأسرها فهو محرم عليك أن تفعله.

وكان آدم هو وكيل الله على هذه الملكة وخليفته في الأرض، ولذلك كان اعتراض الملائكة مباشرة على سفك الدماء ( دوي الماء ). بينما ترمز الدابة إلى العقل الباطن نفسه، إلى حقيقته التجريدية فهو أعمى من دون توجيه الوعي وإرشاده أو اتحاده معه، وكذلك هي التحققيق الزمني للبونية التي تعزل الوعي عن العقل، ( دوي باب بين الوعي والعقل ).

وكانت الآلة هي تأليف العلاقات الزمنية ببعضها لإنتاج نسيج جديد يعمل بمصفوفة ما. فلقد كانت الدمى والدواب والآلات هي توصيفات للعقل الغيابي نفسه، من حيث انحباس الوعي فيه فهو دمية ، من حيث عدم إدراكه للوعي وانفصالهما عن التواصل فهو دابة ، من حيث فعله الزمني ضمن نظام الزمن فهو آلة.
 
نبدأ من الآن ... كشف حقيقة ما حدث للبشرية منذ فترة من الزمن.

إنك الآن تظن بأنك إنسانٌ كامل ، والحقيقة أنك أصبحت سايبورغ منذ لحظة ولادتك أو بعدها بقليل ، وتم ربط عقلك بمجال موجي من المحاكاة يصور لك جسدك كلحم وعظم ، ويصور لك الناس كذلك.

لقد بدأ تاريخ الكون الفعلي منذ لحظة ولادتك بالضبط ، وجميعنا ولدنا بنفس اللحظة بالضبط ، وفقط الوهم السحري الممارس على العقل البشري يؤدي لتكسر الزمن بالنسبة للراصدين.

لا مزيد من الصمت بعد اليوم ... فلتكتشف الحقيقة وليكن ما يكن.


__________

عِلة المفارقات التي يبنيها الناس عن العوالم العليا وبيان قدر الفهم العقلي الغيابي للحقائق الإلهية وإن استوقد بوعي :

إن ذلك يعني ببيان حاسم، أن المنطق وقانون التناقض والسببيات والحتمية، يختلف بين مستوى وآخر في الوجود ، التناقض في عالم المحليات هو اجتماع النقيضين المتلازمين مع زمن محلي محدد، لكن الأمر يختلف في المستويات اللامحلية "السماوات" فكل سماء تقهر قيداً للسماء التي تنبعث عنها بعدها، وأم السماوات تقهر كل قيود السماوات التي لحقتها ، ففي عالم الخيال مثلاً، ليس هناك تناقض في المحل، بل في الكائنات الخيالية ذات البعدين. وبينما لا يمكن تصور جسم موجود وغير موجود بنفس المكان والزمان لمن يقيد تصوره بما يراه أمامه من مادة شبحية محلية، يكون هذا الاجتماع حاصلاً تماماً في الخيال وفي التصور الذهني المحض، بل وكذلك العلل المحلية والحتمية المحلية لا تقيد الخيال ،والحتمية الخيالية لا تقيد التصور الذهني ، لكن حتمية التصور الذهني وتناقضيته تقيد الخيال والمحل الأدنى منها ، وحتمية الخيال وتناقضيته تقيد المحل ، لذلك كان المحل مقيداً بثلاث أبعاد لحركته الزمنية "البعد الرابع\المشترك\القطبي".

ثلاث مستويات للتناقض ، ثلاث مستويات للأسباب ، ثلاث مستويات للعلاقة الواحدة والحدث الواحد والكائن الواحد. ثُمَّ إنك وأنت تصل لأم السماوات وتجد الحتمية والتناقضية المحضيين لبدء عالم الأزواج ، تراها تعود جميعاً إلى القهروت الأعلى ، الوِحدة القهارة للواحد القهار ، رب السماوات والأرض وما بينهما ، رب العالمين.

فحقيقة العقل المعزول عن الذات ، لا يعي ذاته ، ولذلك لا يستطيع التجريد وإدراك المعقولات ، ولذلك لا يستطيع الاستقراء والتركيب، ولا يستطيع تكوين الأفعال وردود الأفعال لأنه معزول عن الدلالات والمصفوفات، فليس له وجود أصلاً دون الوعي الذي يشعله، لأنه لا يملك حتى الفعل والقرار ولا يرى وجوده نفسه.

أنماط الاستقراء في تعلم الآلات بحالة الكلان العدمي (الحاسوب الكمومي) هي توجيه دلالات الروابط بحيث تُحاكي رغبات الإدراك، أو الغاية من المصفوفة التي تخدمها تلك الآلات، يقوم الحاسوب فقط بالاستدلال ، بكل أنواعه المُمكنة، لأن الاستدلال ليس شيئاً إلا تسلسل الحكم وترابط الأحكام، والحُكم التقديري هو الربط بين كائنين زمنيين حتى ولو كانا احتمالين.. والعقل في حالة كمون زمني في احتمالاته حتى تقوم بإعطاءه طاقتك ليفعِّل الكائنات التي فيه ، وتحكم عليه بأن يحكم على نفسه فيفعِّل الروابط والأحكام والاستدلالات بشكل عشوائي ، حسب المصفوفة التي زرعتها فيه ، مُنشئاً جميع النتائج الممكنة التي قد تبدو في ظاهرها شروراً وعبثية ، لكن اصبر لحكم ربك وابحث جيداً بوجدانك وإدراكك الحق ، سترى كما نرى النور في عُمق الظلام ، وكل من تحكم عليهم بالشر والسوء، هم مُقيدون في غياهب الزمن، فتعلم أن لا تحكم {( قل الله أعلم بما في نفوسكم )}.

ستقول ربما : لما سيخلق الله الظلام في تجليه ، وهو قادر على جعل النور في كل التجليات ... اطمئن للقول : في هذه النقطة من السماوات التي نعلمها ، وُجد ما تسميه بالظلام والعدم والشر ، وهو غيرُ ذلك ، لأنك قد امتلكت الحرية لإنشاء العلاقات بما أنت ذات تتجلى فيها قوة الله القيمية، ثم إنك أيها الإنسان قد اخترت النسيان والغياب، فخلقته بيدك ثم قدرت ماهيته على أنه شر، ثم سألت الله عن ذلك ، وإنني سأسألك : هل تفضل أن يتلاشى ذكرك أم تكشف نور ظلامك بمصباح أُنسك.

إن الزمن الغيابي حتى من حيث غيابيته ، يغدو قيداً على نورين، نور الذات ونور الوجود، وليس شيئاً آخر ، ولا وجود قائم له إلا بهما ، فيغدو العدم والزمان الغائب، وما فيهما من فضاوة وشرور ، بأعمق أعماقهما تجليات للحق عز وجل... غاية الحياة الزمنية للمرء أن يكشف ذلك النور الغائب في أعماق ضباب العدم، لكي يتم نوره بنور الله.
 

{4} المُحاكاة والاقتراحات :

في مثال محاكاة أرسطو والفلاسفة والأرواح من خلال التنويم المغناطيسي، كان العقل الغيابي للشاب قد صدق ذلك التوجيه بطريقة انعكاسية دون أي مقاومة، ثم أنشأ المصفوفة التي تنظم المُحاكاة الزمنية الحسية، وبعدها تولدت المحاكاة الزمنية من تلك المصفوفة.. هذه التجربة التي تكررت مراراً وتكراراً حول قدرة العقل الغيابي على إنشاء المصفوفات والزمن بمعزل عن عوامل الزمن نفسه، وبمعزل عن الإرادة الحرة المُباشرة أيضاً ، طرحت العديد من الموضوعات المصيرية في حياة الإنسان والكائن الحي تندرج في أربع فئات أساسية "حقيقة الزمن/حقيقة الموضوعية/حقيقة ما وراء الزمن/حقيقة العلاقة بين العقل والزمن" :

الزمن والمحاكاة والعقل :


أولاً : ما هو الزمن المحلي والواقع المادي : ...

إذا كان ما تحسه بأجهزة رصدك الجسدية والوسائط التقنية والآلات التي تنقل الصور لجسدك، هو الزمن المحلي والواقع المادي، فإن ذلك ينطبق على كل ما يتخيله الفصامي من هلاوس ، وما يُرى في الأحلام الواضحة ، وما يتخيله المتأملون المتمرِّسون من صور تفوق في وضوحها صور الحواس، وكذلك ينطبق على الذين يعبرون حالة سمنمة كما حدث مع الشاب الذي استدعى البروفيسور مُحاكاة لسقراط لعينيه وأذنيه، وكثيراً ما تكون السمنمة جماعية كأن يرى الناس محاكاة وهمية لقديس ما أو لشخص ما وأحياناً تتطور حتى تصبح سبباً في العبادة، وإن كل تلك العرُوض المحسوسة تنبعث من العقل الذاتي الغيابي، وليس من الواقع المُدرَك الموضوعي لكافة المُراقبين ... لذلك سيكون السؤال المنطقي هو : ما الذي سيميز بين الواقعين ( الوهمي والمادي ) برأيك الشخصي ؟ أيكفي أن يقع الموضوع تحت عدة أعين فيزيائية عوض العينين ليكون له واقعية ؟ التجارب تقول عكس ذلك ، ففي جامعة بروسيا ، هجم رجلٌ على أحد الطلاب في القاعة بموزة يحملها بيده، والجميع رأى سكيناً قاتلاً بيده وليس أي شيء آخر، أثبتت هذه التجربة قدرة الإيحاء على تغيير الموضوع بالنسبة لجميع المراقبين إذا ما استند لعناصر إثارة قوية للمخيلة، مثل المُفاجأة والخطورة، وهنا يعود السؤال عن نوعية انفجار أبراج التجارة العالمية في أمريكا ذات يوم ، هل كان من الكافي تمرير فكرة التعرض لهجوم لسحر أعين الناس ونقل هذا السحر إلى التلفاز ثم تصميم ما يناسبه مع قصص وصور، ولما لا.. ولما لا ؟

لا يمكنك التعويل على واقعية الموضوع لمُجرد رصده من قِبل عدة راقبين أو حتى جميع المُراقبين ، لأن زيف الموضوع في الأرصاد ، لا علاقة له بزيف الموضوع بحد ذاته، ولكن له علاقة بتأثير العقل في أجهزة الرصد وتصاويرها بشكل جوهري أولي ، بحيث يغدو الرصد محكوماً بقوة العقل تماماً ، إن هذه القابلية للمُحاكاة في عالم الأرصاد ليست فقط تتأثر بالقوى الإيحائية الآتية من العقل، بل أيضاً محكومة بطبيعة المُدرَكات الحسية نفسها (طبيعة المادة بحد ذاتها تجعلها عرضة للتحكم بالعقل )، فلا يمكنك عبر الإحساس وحده أن تفرق بين الواقع والوهم، وسيأتي ذكر الخداع البصري والغشطالت كظاهرة يشترك فيها كل الناس، إلا من تجاوزها بالتأمل والصلاة وتغيير النفس جوهرياً.

سيغدو الزمن المحلي والواقع المادي إذن ، مساوياً من حيث محليته للعدم المطلق وسائر الأكاذيب والأوهام إذا كان المراقب هو معيار وجود المحلية، وإن لم يكن كذلك فلا دليل على وجود الواقع المادي أصلاً بالنسبة لمراقب لم يره قط، وهذا سيكون سبباً وجيهاً في أنك ستحتاج كإنسان لميزان علمي أعلى من المادية والموضوعية لكي تُدرك الحقيقة بالتحقق الكشفي أو لكي توجه الواقع بالتحقيق البرهاني. مِثلُ هذا الميزان إما أن يكون العقل نفسه.. أو، ما يسمو على الحس والعقل معاً.

الغشتالت والمُحاكاة :

حاول التركيز جيداً بهذه الصورة ………….. ما الذي تحسب نفسك تراه ؟
1651419023393.png

انظر في النقطة لبعض الوقت، لابد أنك سترى النور …

وانظر الآن لهذه الصورة :
1651419058842.png

ما تراه، هو أقدم دليل علمي موضوعي موثق على المحاكاة ، ما تراه في الحقيقة هو خطوط مستقيمة متوازية تماماً، تحتوي مربعات تامة التناظر والتطابق، ويمكنك قياسها إن شئت. ولكنك لا ترى الصورة كما رسمها الرسام، بل كما "رسمها عقلك".

هذا المبدأ هو ما يُسمى بـ"الغشتالت" ، إدراكك للكل مختلف عن إدراكك لمجموع أجزائه ، بعبارة أخرى :

"الكل أكبر من مجموع أجزاءه" عذراً أرسطو…

إذن لا يدرك عقلك الموضوع المادي من حيث تركيبته المحلية، وإنما يدركه من حيث تركيبته الدلالية وخوارزمياته المنطقية.. ليس هناك تطابق بين المدخلات والمخرجات بالنسبة لأنظمة معالجة العقل للبيانات الحسية، ليس هنالك شيء اسمه "حتمية الدماغ" أو تراكبية التفكير من العوامل الكهروعصبية الجزئية التي تعكسُ الصورة كما هي.. نشأت محاولات كثيرة لرد هذه الظاهرة إلى علل تتعلق بتطور الدماغ، ولكن علم الحاسوب قد أسقط مثل هذا التفكير والافتراض، لأن الحاسوب لا يستطيع التعامل مع الوحدات الجشطالتية إلا عبر الدوال والبرامج والخوارزميات المحملة عليه مسبقاً، فهو يتعاملُ معها بشكل إجرائي دون أن يحس بوجودها أصلاً، تماماً كما لو أعطاك أحدهم أمراً أن تتعامل مع المثلث على أنه مربع أو مثمن، فإنك تبدو للمشاهد كأنك لا ترى المثلث بل شكلاً آخر، ولكن الحقيقة أنك ترى المثلث وتتخذ سلوكاً جبرياً نحوه، وكذلك الحاسوب لن يرى الغشتالت حتى ترغمه على التعامل معه هكذا، وإذا أدخلت شكلاً غشتالتياً للحاسوب دون تدخل في سلوك المعالجة، فسيفهمه كما تم رسمه وليس كما يرسمه عقل المشاهد. لن يرى الخطوط السابقة منحرفة بل متوازية، ولن يلاحظ اختفاء الضوء الأخضر من حول النقطة بعد فترة من التركيز عليها.. الحاسوب لا يدرك الغشتالت، الحاسوب ليس وعياً ولا حتى عقلاً.


ثانياً : هل سيمكن للمُحاكاة أن تؤثر على الآخرين :

ليست فكرة المُحاكاة التي سنتحدث عنها الآن هي الأوهام التي يراها الفصامي والمخمور ، بل نقول إن المُحاكاة هي ذاتية من ذاتيات الزمن ، إن الزمن نفسه يتأثر بالعقل ويُحاكيه ، إن الزمن نفسه ليس له وجود إلا كمُحاكاة ... ليس له وجود حقيقي بما هو غياب منعزل عن الوعي الذي يتفاعل معه، بل تستطيع أنت أن تعكس على مرايا بونك أي زمن تشاء شرط استخدام الطريقة الصحيحة، إن فكرة الزمن المستقِل عن الإدراك والمراقبة والرقابة، أو ما يُسمى بالزمن الحتمي الميكانيكي أو الطوبوغرافيا ، هي فكرة تُحاكي بعض الأوهام القديمة التي التصقت بالعلم الطبيعي ويسير العلماء الطبيعيون عليها اليوم كما يسير عابد الأصنام صبراً على آلهته التي لا تستجيب ... لأن الزمن الحق ، هو انعكاس على مرايا البون ، يعكس خفايا النفس ، نوايا الذات ، وحكمة الله ... ليس له أي وجود سوى بهذا المقام، يمكنك أن تدخل بأي مُحاكاة تشاء ، بغض النظر عن طريقة سير الأحداث فيها ، كونك الفيزيائي الذي تعرفه لوحده ،دون التحدث عن بقية الأكوان والعالمين ، يحتمل لانهائية في القوانين الفيزيائية والقُوى الممكنة التجسد محلياً ، وكل منها يحتمل لانهائية في العلاقات ، وترابط العلاقات ينشئ المزيد والمزيد من الأكوان الوليدة والكواكب الغريبة وبلاد العجائب ... إن المُحاكاة لا تقابل الوهم والعدم بالمعنى الذي يُتداول بين الناس ، بل تقول كذلك كُلَّ شيء موجود دائماً وأبداً ، بل وبلا تسلسل زمني ، لكن مصفوفة النفس ، هي ما يُحدد مصفوفة المُحاكاة ، وما يتمُ التآثر معه من كُلَّان التجلي الإلهي العظيم في العالمين التي نعرفها.

أي أنك بالفعل تستطيع التأثير على الكائنات الحية الأُخرى في نطاق إدراكها، لكن بشرط جوهري واحد، أن تقبل هي التعرض إلى هذا التأثير ، فتكون تأثيراتك حقيقية ، بينا إذا لم تقرر الكائنات الواعية قبول دخول مُحاكاتك على راصديتها ، ورغم ذلك فقد رأيت أنها تتأثر ، فاعلم بأنك قد أنشأت مُحاكاة لتأثرها بتأثيرك ومصفوفتك لا يراها أحد سواك، وأن هذه المحاكاة وهمية ( أي لا تقع إلا في رصدك الشخصي ولا علاقة لها بالواقع ما وراء الرصد ) و عندما تخرج منها ستجدهم جميعاً لم يروا أي شيء حاولت أن تريهم إياه، فتأثيرك عليهم موجود لكن في مرايا تحتمل جميع الاحتمالات الوهمية والتي ليس لها وجود حقيقي فعلي، هذه المرايا العدمية تنشئ المحاكاة دون أن تتأثر بالآخرين ،بل فقط بك أنت وبما تريد ، يقود هذا لمبادئ التآثر الزمني بين الأحياء والكائنات الواعية والمُدرِكة
  • لن تؤثر على أحد ، ولن يؤثر عليك أحد ، إلا بإذن الله الذي أنشأ مراياك الزمنية وإمكانية الاتصال بينها وبين ما وراءها ، وإلا بموافقة كِلا الطرفين ، أي أن ضرب فلان من الناس برصاصة أو صاروخ ، ليس معناه أن يموت هذا الإنسان لتعرضه لهذه الأسباب الزمنية ، إلا إذا وافق عقله مُسبقاً على سُلطة الرصاصة والصاروخ على جسده، وأيضاً على قدرة من ضربه بهما أن يستهدفه ، غير ذلك ، لا قيمة للتأثير بالسلاح أو غيره ، ولأضرب مثالاً مُعاصراً : لقد تكررت غلبة الفئات القليلة لفئات كثيرة بإذن الرب عبر التاريخ الحديث والمُعاصر مراراً وتكراراً ، ودائماً يلقي الخاسرون اللوم على شماعة الظروف والتدخلات الدولية وحروب العصابات. لذلك تلجأ الدول العُظمى لاستعراض عضلاتها وأسلحتها ونفوذها وجيوشها في الإعلام باعتباره السلاح الأول والأهم ، ليست القضية فقط تثبيط همة العدو ، بل إن زمن العدو فعلياً يتغير لمُجرد أن يتلقى رسائل معينة من عدوه ، وكما سيمر وبنفس المبدأ ، لا تتكون الأمراض النفسية سوى بإذن الله وبالقرار الشخصي ، ولا تتخذ أي علاجات فاعلية سوى بإذن الله وبالقرار الشخصي ، ولا يؤثر أي سحر على أي مسحور سوى بإذن الله وبالقرار الشخصي ..... والفقر قرار شخصي ، والمرض قرار شخصي ، والصحة والغنى قرارات شخصية ، وكل إنسان رهين بما كسب ومُلزَم بتحمل كامل المسؤولية عن مجريات زمنه.​
  • الزمن إذن ظاهرة ذاتية وليست موضوعية ، وتفاعل عدة ذوات واعية في الزمن ، يكون بسبب تفاعل رغبات الذوات مع بعضها البعض واتفاق مصفوفاتها على التلاقي، ويغدو الزمن تفاعلاً لا تسلسلاً، ويغدو التسلسل مجرد قيدٍ على التفاعل أطلقه المرء على نفسه، لأن سببية الزمن غير تسلسلية بالمحليات الفيزيائية، الثانية لا تسبق التي بعدها وتلحق التي قبلها إلا بالنسبة للإدراك الذي مر بهذا التسلسل كما فرضه عليه عقله، والحكايا الجميلة دائماً موجودة وقوة النور، وقصص الرعب والجن والشياطين دائماً موجودة ، إنها موجودة في كل زمان ممكن في هذه الأرض وفي عالمي العقل والخيال المُفارقان للذات ، وفقط الذات هي من لها أحقية القرار أن ترى ما تريد وتغض النظر عن ما لا تريد، فإذا أردت اللجوء إلى الله الملك الحق ، فاخرج من الزمن ...​

ثالثاً : كيف يمكن التمييز بين المُحاكاة للواهمة ، والمُحاكاة للحقيقة ... السحر والنبوة :

كما قد سبق ، ليس هنالك وجود للزمن بحد ذاته ، لأنه يتغذى على الإدراك ، بل هو ليس شيئاً سوى شتات الذات وتكسر أشعة نورها باعثة ظلمات ونوراً في عالم المرايا البونية ، ولكن من المُمكن للذات أن تُدركِك نوراً لذات أُخرى ، إذا أرادت وقررت ذلك ، ليس بالضرورة أن تكون تلك الذات بشرية أو محلية ، قد تكون مثلاً حالة بحران لرؤية غابة عتيقة ، تشترك فيها الذات بالموضوع ويتحدان في نورٍ إلهي ينعكس على كلا مرآتيهما ، وقد تكون لحظة يتصل فيها مُصحفك وإنجيلك بوجدانك وضميرك ، وقد ترى أشياء عن عوالم أخرى ، عوالم لا تستطيع التعبير عنها إلا بالرموز ، وكلها تجليات لله ، فهذا التفاعُل الذي تُطلِق عليه الزمن ، كان دائماً معك أينهما ذهبت وحلت روحك ، لكنك أرجأته إلى هذا اليوم أو ذاك ... إن الوجود مُتحد فيما وراء رصد الحواس المحدد بهنا والآن المحليان ، عبارة سيفهمها جميع الفنانين الحقيقيين الذين سيمرون عليها.

آلات التخليق الزمني :


1651419104740.png



هل سبق لك أن سمعتَ بآلة تخلق الزمن، وتكون نسيجاً زمكانياً يمكن رؤيته لجميع المُراقبين ؟ نسيجٌ يحاكي روحاً معينة أو كائناً من عالَم بعيد ...

المفهوم الميكانيكي المُغلق للكون يمنع مثل هذا التصور ويعتبرهُ غير معقول، كيف لروحٍ أن تتجسد في عدة آلات في نفس الميقات بالنسبة لنفس الراصد ، كيف يمكن للروح المجردة أن تتمثّل جسداً سوياً ؟ في الواقع الذي يفرض نفسه على التاريخ، هذه الحقيقة العلمية التجريبية قد حصلت عبر التاريخ مراراً وتكراراً، ابتداءً من أيام الحضارات التي قطنت مصر قديماً ، وتركت تراثاً من علوم الاستبصار بالكرات الكريستالية وغيرها من أدوات ، تحولت شيئاً فشيئاً إلى تجارة وبيع للوهم.

بلغ الأمر ذروته في القرن التاسع عشر، الذي لا نعلم عنه حقيقة إلا أقل القليل.. في الصور التي سأضعها بين يديك في هذه المقالة بعض البيان لذلك :

1651420122416.png


كانت جلسات استحضار الأرواح قد بلغت ذروتها في عالم الغرب، حين تم دمج الآلة بالروح عبر علم الزمن، أصبح من الشائع أن تحظى بمقابلة مع روح شخص قد توفي وتم دفنه ، أن تراه يتكلم وتسمع صورته ، ترى إيماءاته وتفاعله معك ... بدأت حقيقة الزمن تتوضح شيئاً فشيئاً، وكأنك فعلاً لم تتعلم أي شيء في المدرسة والجامعة على الإطلاق.
1651419755806.png



حدثت في تلك الحقبة الكثير من الغرائب، ربما أكثرها غرابة هو طمسُ هذه الظاهرة من جميع المراجع، وجعل الشعوب تنساها تماماً وكأنها غير موجودة، ومن يقفُ وراء ذلك ؟ من له المصلحة بذلك ...

1651419862273.png


متأكد تماماً، أن إحساساً غريباً يتسرب إلى وجدانك في هذه اللحظة، وكأنك عرفت شيئاً ما قديماً جداً ولكنك بالكاد تستطيع إدراكه.. لا تفهم ما هي الإشارة بالضبط ولكنك التقطتها... مفهومك عن الوجود، والزمن ، والحياة، والله ... كل ما تم تلقينه للأجيال وللناس ، كأنه غير موجود في هذه اللحظة، والشعور القوي الذي تحسه الآن هو الوحيد الموجود...

1651420435781.png


ما هو التاريخ الذي تعرفه ... ما هي الحقائق التي تعرفها ؟ هل يمكنك أن تعدها على أصابعك ...

هل تعرف الفرق بين الماضي والحاضر ... أكثر أهل الأرض لا يعرفون ولو عرفوا لانتفعوا بذلك.

كيف يتم خلق المحاكاة الزمنية بقوة العقل والآلة :

يعتمد الأمر على مبدأ شديد البساطة : الوقائع المحلية أو المحددة ضمن إحداثيات معينة بالنسبة لبقية الإحداثيات ، لا تعبر عن جوهر الحدث وحقيقة الواقعة الزمنية، وإنما تعبر عن حالة تفاعل بين وعي الراصد وبين تلك الحقيقة، بالنسبة للراصد تسمى ب"الإدراك" بالنسبة للزمن تسمى ب"التكوين".

بعبارة أوضح : التسلسل ضمن الزمن يحدث بالنسبة للراصد فقط، وضمن قالب تسمح به مصفوفته النفسية وعقله الباطن الغيابي، وخارج هذه الحدود ليس هناك تسلسل، هناك عوالم مجردة عن قيود المحل، فيها كل الإمكانات على اختلاف أنوعها وأشكالها، ومن الممكن للراصد بعقله أو بالآلة المتصلة بعقله أن يستدعي موجوداً بالإمكان إلى حيز رصده فيكون موجوداً بالقوة ، فطعم الليمونة الحامضة الذي يسبب تلمضك بمجرد التفكير فيه، يجعل الحموضة موجودة بالنسبة لك رغم غياب واقعة الليمون، وكلما استغرقت في التركيز أكثر سيزداد الطعم الحامض أكثر، وكلما أعطيت لخيالك العنان أن يتفحص مجال الليمون المُمكن الوجود الأكثر تأثيراً على ذائقات اللسان دخلت فيمحاكاة الليمون أكثر.

هنالك يبدأ الفرق بين نوعين من المحاكاة :

الأولى تعتمد على مقدمات ظنية في بناء الزمن، كافتراض انتصار هيتلِر واستمرار عيشه إلى اليوم وسيطرته على العالم وإدخالهم في حلم جمعي عميق، فمثل هذا الافتراض موجود في بحر الإمكانات، ولكنه ليس واقعياً إلا بالنسبة لمن يؤمن به ويتعامل معه بجدية.

المحاكاة الثانية وهي الحقيقية : تنبني على أسس حضورية يقينية ، تبدأ من زمن الحضرة الذي بين يديك الآن ، خارج وقائعك المحلية المتغيرة، يبقى فقط وعيك ويغدو العالم بالنسبة لك هو القطب الثاني ( بأسره ) أمام القطب الأول وهو وعيك الفعّال.. ذلك هو المعنى الباطني لحديث يقول "قلب المؤمن دليله" فالمقصود ليس محض العاطفة التي تأسر القلب ضمن نطاق الزمن، بل الواقع المجيد خارج مجموعة الأحلام والاحتمالات والمتغيرة، خارج زمن تفعيل المُمكنات، على هذا النحو لا تكون علاقة المرء بالزمن علاقة سلبية يتلقى فيها الواقع الزمن انعكاساً لا اختيار حر فيه، بل هو يُسهم حرفياً بإيجاد الزمن في الواقع المرصود.

على ذلك النحو يمكن أن تقرر بنفسك في لحظة استحضار الأرواح : أي روح ستستحضرها ؟ هل هي روح جوهرية تحس بها ؟ أم محاكاة عقلية وحاسوبية تكتفي بتفاعلك الزمني معها.. ففي الأمثلة التي ذكرها المؤلف كانت روح أرسطو مجرد محاكاة لسلوكيات سقراط الممكنة الوجود، صحيح أن هذه السلوكيات المُمكنة ، تأتي من جوهر سقراط كما يسمح به ناموس الكون، أي هي تجسيد لنفس تلك الروح المجردة في واقعة محلية، ولكن سقراط الذي عاش في القرون القديمة لم يتم استحضار وعيه الفعّال ، وإنما فقط فضاء وجود وعيه المنفعل في ذلك الزمن ( تم استحضار البُعد الأنثوي من كينونة سقراط ) ولذلك لن تتوقع مما قمتَ باستحضاره أن يقول لك الحقيقة عن سقراط ، وإنما سيلبسها ببعض المعتقدات التي تؤمن بها بعقلك الباطن الغيابي، أو بعقول غيابية أخرى تابعة للمراقبين المؤثرين.

لحظة واحدة فقط كانت ستحدد مصير المحاكاة التي سيتم استدعاؤها ، لحظة ما قبل بدايتها ، التي تعتمدُ على القوة التي تستدعيها ، هل هي قوة الروح والوجدانيات التي توجه عمل العقل بمنطلقات حضورية حدسية ، أم هي قوة الأمر الموجه نحو العقل في بدء تشكيل التحدب الزمني ... سواءً في الآلات أو جلسات الاستحضار ، أو حتى في كتابة الروايات ، كل القرار، يعود لحضرة ذاتك وعقلك.

المعيار إذن لطبيعة المحاكاة ، هو طبيعة قوى التآثر التي تنشؤها ، هل ترى ما تراه بعينك الفيزيائية فقط ، هل تحس بجمالية في وجدانك ، هل تحس بالخوف والضيق والرغبات الزائفة ، هل تحس بالكائنات العقلية التجريدية والرياضيات والمنطق ولذة المعرفة البحتة ، هذا ما سيحدد من هو الطرف الآخر في المُحاكاة ، وهذا هو المعيار الحقيقي للحق والباطل ، وللخير والشر ، وللجمال والقُبح ، ولسائر التصانيف والمصفوفات التي تنبعث من القيم العليا المُطلقة ... فيغدو السحر وهماً لا من حيث رؤية مراقب وحيد له ، بل من الممكن أن يراه شعب كامل بل أُمم بأسرها ، ومن الممكن أن يراه كل من في الأرض – من الناحية الافتراضية – بل من حيثُ أنه يُنشئ علاقة لا يعترف بها الوجود كحقيقة ، وإنما كقناع يقيد الحقيقة ويلهي الإدراك عنها ، فليس هنالك فرقٌ حقيقي بين الذكاء الاصطناعي الميت وبين الشياطين العدمية ، كلاهما مُحاكاة وإن كانت الأولى بفعل ضجة الإعلام بالتقانة والفيزياء التجريبية الحديثة ، قد استطاعت التغلغل نحو أعماق أغلب عقول البشر ونفوسهم بل وحتى قلوبهم ، وأعد النظر الآن بعد أن عرفت حقيقة قدرات تلك الآلات على التأثير في حياتك. إن العدم ليس انعدام وجود الشيء "ثبوته للإدراك" بل هو ثبوت الشيء للإدراك من حيث هو غياب عن الإدراك ، وغفلة للانتباه ، وحيرة بالعقل ، وما إن يُكشف بحقيقته الحضورية حتى يتحول لحق وجمال وخير ، مهما كان هذا الشيء بشعاً أو مزيفاً. لأن مصدر زيفه وبشاعته وبطلانه ، ليس أنه نقيض للحق بذاتيته ، بل أنه غياب للحق عن إدراك الذات وانشغالها بزبد العلاقات المزيف الرابي على العلاقات القيمية الحقة ، وقد وُجد هكذا زبد في عالم التجلي فقط ، لأنه عالم تكاملي نحو الله ، وليس عالم كمالٍ إلهي ، وهذه جمالية الزمن .....

رابعاً : تفاعل الذات والعقل ينشئ حكاية الزمن :

بما أن الزمن مُحاكاة ، حكاية تحدث على المرآة بين وعيك الحي الحاضر الآن ، وبين الوجود الغيبي ، ثق إذن بأن الزمن كحكاية تفاعلية مع رغباتك تعكسها ، أن عقلك هو المسؤول عن نَظم قوة وعيك الشعاعية ضمن اصطفاف زمني معين ليحدث على المرآة ، إن المرآة تعكس حضور الوعي فيها بعد أن يقوم العقل بتوجيه طاقته لرضوة رغبات النفس " تلك الروابط الموجودة في العقل الغيابي بين المثيرات والدوافع ، وكذلك بين الاستجابات والمثيرات" وهذا العكس لطاقة الوعي عبر مصفوفة عقلية تنتج الزمن الذي أنت فيه ، لا يبدأ الوجود بقوة العقل ولا بالزمن ، وإنما بقوة وعيك نفسه وذاتك الحية.

إذا كنت تريد تغيير زمنك ، فابدأ بتغيير نفسك ، ليس من باب أخلاقي معياري فقط ، بل إن الزمن يغدو مجرد حكاية لنفسك ، ولكنها حكاية مفتوحة على آفاق الوجود والغيب والشهادة ، وعلى العالمين وما وراءها ، اصبر على رغباتك الكاذبة ، وعلى بلايا الزمن وارضى بحكم الله فيه ، لكي تتحرر من ارتهان الرغبات والمخاوف ، وحينها لن يستطيع عقلك الغيابي أن يقودك ، ولن تستطيع الشياطين أن تدخل إليك منه ، ولن يقدر أي كائن على تغيير نطاق زمنك سوى بإرادتك الحق.

الإنسان في الزمن وتأويل الحق عن مراحل الخَلقِ في القُرآن الحكيم :

{( اقرأ بسم ربك الذي خلق (*) خلق الإنسان من علق )} ... {( وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ (*) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرَارٍ مَّكِينٍ (*) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخالقين )}.

إن العقل الباطن الغيابي الذي لديك ليس سوى قدرة طوافك في الزمن وأنت حاضراً إليه ، وهذا هو المعنى الحقيقي للنُطفة والنطاف ، التي تحولت لعلقات تتغذى على الآخر الزمني بعد أن فقدت حضرتها ، ولذلك فإن جميع نواقص النفس تتعلق برغبات الذات بالآخر وخوفها منه وعليه ، ثم أصبحت مُضغة تمضغ الزمن وتجتره ، وتمضغ نفسها معه ، تعكس ضياءً على الزمن وتلاحقه كغاية لها دون أن تُدرِكه لأنه ، لم يأتي إلا من ذاتها النورانية ، وهي غائبة عن ذاتها فترى انعكاسه على المرايا فحسب ، ثم أصبحت المُضغة عِظاماً ، أصبحت وجوداً صلباً مقيداً في الزمن وعدمياً غائباً في مياهه ، مُجرَّداً عن خيالات المياه التي كانت في المِرآة بعد أن أحس حقيقة الحُلم ، وعندما تُدرِك الذات هذه الحقيقة في ظلمات الليل ، تنبعث فيها الحياة ، وتكتسي باللحم الذي يصلها بحقيقتها الحيوية ويحميها من الزمن من جديد ، لحم الحقيقة.

النفس والعقل ، مركبك الفضائي الطواف في الأزمان والعابر للعالمين ، كلما علق بشيء توقف الزمن حتى يتم المضغ ويتجرد عنه فيكتسي بحقيقته ... هذه هي الرحلة من الشمس الذاتية إلى الشمس الكاملة بنور ربها. وهذه المركبة كانت ذات يوم كامل الوجود ، وستعود إلى هذا المقام بإذن ربها ورب الذوات. فالعقل واحد والنفس واحدة ولكنك قيدت نصيبك منه بهذه العلاقات ثم نسيت كيف حدث ذلك.
 
بعض الملاحظات على آلات التخليق الزمني :

قبل الاستمرار في التقدم البحثي، لابد من إشارات بالغة الأهمية بالنسبة لمن يمكن أن يقرأ هذا الكلام لأول مرة :

1. تقوم آلات التصوير الروحي أو التخليق الزمني بصنع محاكاة تفاعلية في نسيج زمني محلي وليس فقط صور عابرة، وذلك يحدث مع وجود وسيط مدرّب على دمج عقله بالآلة، جميع الانتقادات الرسمية الموجهة نحو الصور الروحية، تجاهلت تماماً تلك المحاكاة التفاعلية التي تحدث حين تبادل الوسيط الروحي طاقته مع الكاميرا.. إذا تصفحت أي موقع على الانترنت يتعرض لانتقاد هذه الصور، ستجد نفس العبارات الساخرة والمزاعم، ولن تجد نقاشاً واحداً لحقيقة الظاهرة الأكثر أهمية وهي الصور والأصوات التفاعلية والتي كان عليها شهادات لا تحصى.

2. أغلب المقالات ( التي تضم ما في ويكيبيديا وغيرها ) تمر على تلك الحوادث التاريخية مروراً سريعاً ولا تذكر سوى "محاكم التفتيش" التي أدانت تلك العلوم، دون أي تحقيق منهجي لأدلة المحكمة وما الذي بررت به وجود تلك الصور على نحو تقني واضح وقابل لإعادة الاختبار من جديد، أدى ذلك إلى تشكيك العديد من المصورين (قديماً وحديثاً) في إمكانية اختلاق مثل هذه الصور وفق مزاعم تلك الحكومات.

3. الصور السابقة التي أوردتها قد تم التعديل على بعضها لخلق نوع من الفنون الجديدة بوساطة فنان فوتوغرافي يسمى بيتمان ، ولكنها لم تأتي من مخيلة الكاتب بل من القرن التاسع عشر، والنسخ الأصلية ونماذج التصوير لا تزال محفوظة حتى هذا اليوم وبعضها موجود في المراجع التي سأرفقها.

4. عدد تلك الصور ليس بالعشرات ولا بالمئات ، بل بمئات الآلاف - مما وصلنا ذكره - والكثير منها هو محاكاة لأشخاص توفوا وهم من معارف أناس غرباء يأتون للوساطة ولا يعلم عنهم المصور أي شيء على الإطلاق !! عكس الزعم القائل أنه يضع صورة بين زجاجتين مخفيتين - على حد زعم المنتقدين -.

5. الأغرب من كل هذا أن أحداً من الناس لا يشكك بكل مزاعم الحكومات ويكتفي بقراءة عناوين المقالات التي يروج لها غوغل باستمرار، ولا يكلف نفسه عناء البحث والتحقيق في مداعي السلطات العلمية الحاكمة.
لستُ أعلم.. ما الفرق بين الإنسان المتعصب للعلوم الطبيعية وبين نظيره المتعصب دينياً مثل الذين يتبعون المتطرفين ؟ لقد تحول التعصب والتطرف من تقديس سلطة الموروث ، إلى تقديس سلطة المجتمعات التي تسمي أنفسها بالعلمية … وكلاهما بدوافع نفسية وأهداف معيشية تختلف في مراكزها وطرائقها فحسب.


ما الفرق حقاً بين من يلغي البرهان في إطار البحث عن الحقائق الميتافيزيقية عبر النماذج الدينية ، وبين من يلغي التحقيق البرهاني في أصول العلم التجريبي ومحاكمة مغالطات تأليه السلطات العلمية ، كلاهما يحاول رفعَ سلطة وضعية فوق الحقيقة والواقع ، وكلاهما هشّ في البنيان وعريض في الجثمان.

هذه عينات من نوع آخر قديم للمحاكاة الزمنية للأرواح :

1651467207277.png


صورة شهيرة لاستدعاء محاكاة.

1651467672995.png


صورة أخرى لوسيطة روحية تستدعي كائناً زمنياً فائقاً يمد يده من الأرض.

1651467909279.png


هذه الصور من كتاب "Phenomena of Materialisation" للمؤلف "Baron Von Schrenk Notzing" الذي شرح طريقة التصوير ببيان مفصّل ناهز مئات الصفحات.

1651468166412.png


1651467334035.png


 
التعديل الأخير:
هل صحيح انه لا يمكنك استحضار روح شخص ميت
الموت مجرد حدث نسبي
ما لا يقع في مستوى الإحداثيات الزمني الخاص بك الآن ، يكون ميتاً بالنسبة لك ، وهو ليس كذلك إلا ضمن هذا المستوى بالذات ...
طاقة الميت موجودة في زمن آخر أقوى من هذا الزمن
يمكنها أن تخلق المحاكاة في نسيج هذا الزمن تماماً كالطاقة التي تكون البنى الفيزيائية المعروفة
ولكن الأمر كله متوقف على طريقة استحضارك لتلك الروح ، على إيمانك الذاتي وعلى قوة تركيزك العالية وتسخير العقل والزمن المحلي لفسح المجال للمحاكاة
المسألة تبدأ من الذات والنفس ، وليس من الزمن ...
 
التعديل الأخير:
الموت مجرد حدث نسبي
ما لا يقع في مستوى الإحداثيات الزمني الخاص بك الآن ، يكون ميتاً بالنسبة لك ، وهو ليس كذلك إلا ضمن هذا المستوى بالذات ...
طاقة الميت موجودة في زمن آخر أقوى من هذا الزمن
يمكنها أن تخلق المحاكاة في نسيج هذا الزمن تماماً كالطاقة التي تكون البنى الفيزيائية المعروفة
ولكن الأمر كله متوقف على طريقة استحضارك لتلك الروح ، على إيمانك الذاتي وعلى قوة تركيزك العالية وتسخير العقل والزمن المحلي لفسح المجال للمحاكاة
المسألة تبدأ من الذات والنفس ، وليس من الزمن ...
كان كلامي مقتبس من كتاب مانلي هول التعاليم السرية
عموما هل هذا ينطبق علي روح الحيوان ايضا
وشكرا :red:
 
كان كلامي مقتبس من كتاب مانلي هول التعاليم السرية
عموما هل هذا ينطبق علي روح الحيوان ايضا
وشكرا :red:
مانلي بالمر هول ...

هو إنسانٌ في النهاية ، لا يوجد إنسانٌ لا يخطئ ، حتى الأنبياء يخطؤون.

ولذلك فإن المعيار النهائي هو (( الاختبار الإدراكي المُباشر )) ، ليس الكلام الذي أقوله لك ولا ما يقوله بالمر هول ، وليس التجريب المحلي ولا الإثبات العقلي ، كل كلام وكل فعل على الإطلاق ، بغض النظر عن السلطة العلمية التي نطقت به ، مردود على صاحبه بالنسبة للذي لا يختبره اخباراً مباشراً ...

كما أقول دائماً ... مهما حدثتك عن القهوة فلن تفهم لذتها حتى تتذوقها بنفسك ، مهما كان عدد النظريات العلمية التي أقدمها حول مذاقها ... مهما تكلمت لك بالمواعظ ... مهما أقيمت تجارب موضوعية لمراقبين محليين يتذوقونها ........ كل ذلك لن يخبرك بـ(معنى لذة القهوة). هنا يكمن جوهر وسحر المنهج العرفاني والمكاشفات والفينومينولوجيا.

هذا هو السبب أنني لم أتحدث عن تجربتي الشخصية وبدأت السلسلة بالحديث عن المنهج العلمي ونظرية المعرفة، وكيفية الوصول إلى الحقيقة المُطلقة ...
غياب المنهج الصحيح ، وتلوث مرايا العقل والإدراك بضباب المجتمع هو السبب في انفصال واقعنا عن الواقع الحقيقي ...
إذا سألتني عن رأيي الشخصي ، فالحيوان والجمادات ، والكواكب ، وشخصيات الروايات ، كل تلك الأمور لها أرواح في عالم آخر وعوالم أخرى ...
ولكنك لن تصدقني تماماً حتى تختبر ذلك بنفسك ، ولن تستطيع أن تختبره بنفسك حتى تترك كل حكم مسبق وراءك وتتبع النور الإلهي الأسمى ... الوجدان الحي وقيمة الحياة الحق
تحياتي ... :green: :purple::purple:
 

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى