سيد الأحجار السبعة
عابر الزمن الثالث
الزئبق
Mercury
Mercury
يختص الزئبق بين المعادن بأنه يكون سائلاً في درجات الحرارة الاعتيادية ، تتحرك جزيئاته سريعا بأقل تأثير خارجي. تم تمثيل سرعة قطراته وكذلك سرعة كوكب عطارد من خلال الأجنحة الموجودة على قدمي هذا الرسول الإلهي القديم.
اسكب القليل من الزئبق في المختبر وسترى قطراته منتشرة في كل مكان، غير قابلة للامساك بها، سريعة الحركة، ذات بريق أبيض فضي لامع.
عطارد هو كوكب العقل، والزئبق هو معدن الذكاء المدهش. تجد قطراته بسهولة منافذ للعبور من خلال المواد المنيعة أمام المعادن الأخرى. ويمكن أن تعبر قطراته جلد الغزال، أو حتى حقيبة من جلد الشامواه، والنقاط الدقيقة المنفصلة ستتحد فوراً مرة أخرى؛ فحتى عندما تخترق أفكار الإنسان أعماق الطبيعة، وبعد أن تعمل كل فكرة على نحو منفصل في استكشافها، تتجمع مرة أخرى لتصبح معتقداً عقلياً Conviction .
إن إدراكات الإنسان العقلية هي حبات عديدة ومتنوعة من الزئبق النفسي، والتي عندما يتم دمجها معاً تتحد في مفهوم شمولي Concept واحد مضيء.
الزئبق أكثر المعادن عدم استقرار، ويتطاير عند درجة حرارة منخفضة جدًا متحولا إلى أبخرة بيضاء. وبالمثل، تتسارع أفكار الإنسان بسرعة بسبب نيران الحماس، لتحلق عاليًا إلى عوالم أكثر لطافة، تاركة وراءها هموم الأرض المملة. وهكذا أيضًا، تحت حرارة المثالية العاطفية، يرتقي الناس إلى مستوى البلاغة.
الزئبق معدن متطاير ، متغير ، متحول ، متقنّع. ولكونه سائلاً، فهو يتآلف مع كل سطح يرتكز عليه ، ويتكيف بسهولة مع كل ظروف الحياة. كما أن هذا التعبير لا يتوقف عند حد التطابق مع البيئة، بل إنه يتمتع بخاصية مميزة تعبر عن نفسها مادياً في تكوين مزيج مع أية معادن أخرى. لذلك عند تمازجه مع بقية المعادن يأخذ على عاتقه تمثيل خصائص وصفات أي معدن يتحد معه. كذلك هو عقل الإنسان يتلوّن ويتأثر باتصالاته مع العالم الخارجي. توجه الزئبق يكون في أي لحظة معطاة من مسار الزمن منقادا بالاتصالات الناقلة ( المعلوماتية ) التي يعمل الزئبق وفق قاعدتها من خلال قوانين الارتباط المنطقي المعروفة.
يتمتع عطارد بقدرة رائعة على عكس الضوء؛ ولهذا السبب يستخدم كطلاء للمرايا. يمتلك العقل مثله ، القدرة العاكسة للعالم ، ويعكس على سطحه المرآتي تصورات وخيالاً عن كل ما يدركه عبر اتصاله بالعالم.
عند تسخينه، يتحول المعدن إلى غاز أبيض له عدد من الاستخدامات في الكيمياء الشائعة؛ كما هو حال الكثيرين الذين لديهم أفكار مستوحاة من لهيب الحماس ، حسب خيمياء الكون. لكن هذه الأبخرة عند استنشاقها تنتج في الجسم البشري اسودادًا غريبًا يصيب اللثة يسمى سيلان اللعاب؛ يرافقه سقوط الأسنان.
الأسنان والبنية العظمية للجسم تخضع لسيادة الرصاص. أنها تتوافق مع ما هو عملي وحاسم. العقل، أو الزئبق الذي تهيمن عليه عاطفة الحماسة الدينية، أو الغيرة الصوفية، أحيانًا يصبح محمومًا وتتطاير الأفكار إلى بخار خيالي. هذه الأبخرة العقلية تهاجم البنية الاجتماعية وتؤدي إلى فقدان التطبيق العملي للحياة.
ولا ينبغي للإنسان أن ينسى أنه ما دام هناك جسد مادي يريد الغذاء، فإنه يحتاج إلى أسنان يمضغ بها الطعام الجسدي. إن استنشاق أبخرة الخيال والتصور الذهني المتقلبة بكميات كبيرة جدًا يعني الابتعاد كثيرًا عن الأرض؛ هذا هو أن تصبح معاقًا وعبئًا على المجموع من خلال أسر تفتعلك بلزوجة اللعاب . أي أنه عندما تفقد الرؤية البعيدة الناحية العملية ، يصبح صاحب الرؤية رومانسياً، ويفتقر إلى الأسنان التي يمكنه من خلالها مواجهة المشكلات الأساسية للحياة اليومية.
تُستخدم القوى الانعكاسية للزئبق في الطب لإزالة الشوائب من الجسم، تمامًا كما يتم استخدامها خيميائيا لتنقية العقل. وأشير إلى ذلك المسهل، الكالوميل Calomel ، وهو مركب من "الزئبق والكلور". الكلور هو حمض يؤذي بسهولة جميع المعادن. لذلك يمكن أن يشترك الزئبق مع الكلور في طبيعته ويهاجم ويزيل من النظام كل ما يتصل به مباشرة.
الكالوميل هو المسهل الأكثر استخدامًا من قبل أطباء مدرسة الطب الألوباتشيك القديمة، وهي الطريقة المستخدمة بشكل حصري تقريبًا من قبل علماء هذه المدرسة الأسلاف. على المستوى العقلي، إنها قوة النقد المدمر. لقد توصل عديد من الباحثين المعاصرين إلى استنتاج أنه في كثير من الحالات يكون ضرر الكالوميل أكثر من نفعه، حيث يحقن الجسد بسم أكثر فتكًا من الذي يزيله. وهذا صحيح في العلم كما في الطب؛ لأن الانتقادات في كثير من الأحيان لا تميز بين النفايات التي يجب إزالتها من التكوين الجسدي والعقلي وبين تلك الأنسجة القيمة التي تعتمد عليها الحياة نفسها.
يستخدم الخيميائي الروحي كلا من قدرات الزئبق الاختراقية Penetrative Qualities ( التأمل الموجه ) أو الإدراكية Perceptive Qualities ( التأمل العاكس). فيتعلم طبيعة ونقاء وقيمة المعادن الأخرى من خلال توحيدها بالزئبق. السبائك المنتجة مع معادن أخرى ليست شوائب. لكن كل العناصر القابلة للفناء، التي لا تنبعث من حقيقة الأشياء، هي شوائب. يمكن إذابة مادة الزئبق بسهولة في المادة الأولى في الفرن العاكس؛ ولكن يجب أولا أن تكون خالية من الشوائب.
التعديل الأخير:
