هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[4] هو عدد القراءات المتبقية

الكينياء الكمية: تأويل الفيزياء من منطلق البحث العلمي الحيوي الكلاني وعلم حقيقة الوجود - النموذج الكينيائي لميكانيكا الكموم || الكينياء Alkynilogy

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
575
مستوى التفاعل
1,019
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com

مصدر المعرفة والوجود ... الفاصل الحقيقي بين الرؤية الوجودية لكل من الفيزياء والفلسفة والإيزوتيريك (علم الوجود الإدراكي)

ff8eo597fmwpjutwcm.jpg

عند دراسة الواقع المادي المحلي، فإن كلاً من الفيزيائي والإيزوتيريكي والفيلسوف يتعاملون مع نفس المعطيات تقريباً، لكن رؤية كل منهم تختلف جوهرياً عن الرؤيتين الباقيتين.

ينظر الفيزيائي إلى الواقع المادي كواقع أعزل مكتفي بذاته تفسيرياً ولا يحتاج إلى افتراض ما يسميه ب"الخوارق" والكائنات الغيبية حتى يعمل.

تماماً كساعة هائلة مصممة بدقة لا متناهية، الفرق الوحيد بينها وبين مكوناتها أنها تكون بلا مصدر لانوجادها، فقد وجدت من العدم، الفوضى والشواش. وهكذا ساعة الكون بكل ما تعرضه من الدقة تنشأ من العدم ، الفوضى، والشواش .. الفيزياء تحتم على الفيزيائي أن يفكر بهذه الطريقة حتى وإن كان بينه وبين نفسه مؤمناً، لأن إدخال مجال للغيبيات على علوم الفيزياء النظرية سيسمح بتحولها إلى ميتافيزيقا غير قابلة للبرهان التجريبي، لذلك هو يفترض مسبقاً أن الكون نظام مغلق على نفسه، ونعني بالكون أي الواقع المادي، سواء كان كوناً واحداً أو عدة أكوان، وسواء كان يظهر بنوسان أعظم أو حتى كان أزلياً فهو دائماً نظام مغلق بإحكام، لا تدخله قوى تتحكم به من خارجه أبداً.

بينما يرى الفيلسوف الكونَ نظاماً غير مغلق، فهو يحتاج إلى حد أدنى من العلل العالية لكي يتم له الوجود، ويتخذ طريق معرفة معقولاً كما هو محسوس، فالفيلسوف يختلف عن العالم بأنه لا يصغي لحواسه وتجاربه فقط، ودائماً يشك في كل شيء قابل للتغير والتشكيك، والواقع المادي أقرب الاشياء لتشكيك الفيلسوف. ويرى أن التعامل مع ناحيته المحسوسة دون المعقولة سيسبب الفوضى في بنا التصور العلمي الصحيح، وسيحول دون اكتشاف ما هية الواقع حقاً، ولذلك هناك "عالم مرصود" يسمى بالمواد والطبيعة، و"عالم مجرد" يسمى بالميتافيزيقا.

أما الإيزوتيريكي ، وهو الباحث العلمي الذي لا يتقيد بمنهج عقلي ولا حسي وإنما يرد المعطيات إلى أصولها، فهو ينحو منحىً آخر تماماً ... سنكتشفه معاً في هذا البحث، لكن قبل ذلك لابد من التعقيب بمسألة مهمة جداً بالنسبة لك كباحث حر أو أكاديمي، وهي أن اختلاف رؤية الباحثين تتنوع حسب طرائق المعرفة التي يستخدمونها في معالجة الواقع بأسره ومن حيثيته الكلانية.

إذن، الخلاف حول مادية الوجود أو تجرده أو حقيقته المطلقة الروحية، ليس خلافاً على تفرعات الفيزياء أو على بعض قوانينها الثانوية، أو على ظاهرة فيزيائية بعينها أو تفسير فيزيائي بحد ذاته، وإنما هو خلاف في "الرؤية الكونية والمعرفية والعقائدية" لكل واحد من هؤلاء الثلاث، بمعنى آخر، لا فائدة من محاولة إثبات تجرد الحقيقة عن المادة عبر النظريات الفيزيائية نفسها، كذلك لن تثبت للفيلسوف مادية الكون بمحض التجارب التي تذكرها له، فهو يرى كامل هذه التجارب وعلوم الفيزياء موجودة في مستوى محدد من مستويات الوجود، أي أنها بالنسبة له تخضع جميعها لنفس النوع من الإدراك، وبما أن الإدراك هو مصدر المعرفة بالعالم بأسره، فهو الذي يقرر ما وراء الكيان الكوني المحسوس والمادي، وهذا الإدراك هو ما يخبر بالمعقولات وميتافيزيقا الوجود.
وهو أيضاً ما يخبر بالحقائق العليا الروحية ... كيف ذلك ؟

رد الواقع المادي إلى معرفتك الخاصة عنه كذات، يعني استغناءك عن البحث في معارف الآخرين، وهذا هو السبب في أن مثل ذلك الرد المعرفي يجعل الواقع الموضوعي المفارق لإدراكك نوعاً من المعرفة المظنونة، ووجوداً افتراضياً غير جوهري ولا أصيل.

بينما المادي يريد فقط أن "يحجب" هذا الإدراك وينشغل ويشغلك بالواقع الموضوعي نفسه ... الرؤية المادية أصلاً لا تبيح التعمق كثيراً في المنطلقات الإدراكية للكون المنظور، وتحب أن تعامله هكذا دون اعتبار للمراقب والذات التي تدركه بوعي.


إذن هي مسألة تتعلق بالرغبات والتكوين النفسي التفاعلي أكثر من تعلقها بالمعطيات العلمية والمعرفية، فلا تتوقع أن تكفي علومك ومعارفك لإثبات وجهة نظر معينة للآخر، والأهم من ذلك، لا تتوقع أنها تكفي لإيصالك للحقيقة وحدها من دون تغيير ما في النفوس.​

الدراسة الكُمّية للفراغ


من المعروف في تجارب فيزياء الكموم والجسيمات دون الذرية، أن تفريغ موقع مكاني معين من كل الحقول المؤثرة عليه بطريقة شبه تامة، توصل هذا الفراغ الناشئ إلى نقطة قريبة من "صفر طاقة" بالنسبة لكل القوى المعروفة، ويبقى تأثير شبه مهمل لا يمكن إزالته لأنه ناتج عن ارتباط هذا المكان بالرصد، والذي يحتاج إلى تسليط ضوء أو تأثير فيزيائي ما على هذا المكان الخالي لكي يتم رصد ما يحدث فيه عبر طاقة الارتداد للضوء، والتي تخبر بحسب تغيرات عن ذلك الشيء الذي أصابه.

الأمر المثير للدهشة بالنسبة للفيزيائيين ، أن القوى التي يتم رصدها في مثل هذه الحالة لا تعتمد فقط على المجال الكهروضوئي الذي يعبر ذلك الفراغ ، فهناك شيء آخر يحدث تغييراً في بنية الضوء، إذ أن هذا المجال يتآثر مع قوى أخرى، ولكن هذه القوى لا تأتي من عامل خارجي، فقيمتها أكبر بكثير من التأثيرات التي تأتي من المحيط والتي تم عزلها بشكل تام تقريباً عن المكان الفارغ المرصود، والذي يتم قياسه، بكلمة أكثر دقة : إنها لا تأتي من الفيزياء ، وتواجدها في هذا الفراغ ينبع من الفراغ نفسه...

وهناك ملاحظة أخرى لابد من ذكرها ، فهذه القوى تقع في تأرجح مستمر ، فتارة يكون لها وجود فيزيائي مؤثر على الرصد ، وتارة تكون صفراً تقريباً وينخفض تأثيرها بشكل كبير جداً، وتارة تؤثر تأثيراً "عكسياً" أي أن وجودها الفيزيائي يصبح سالباً، فبدل أن يتم رصد تآثرها مع حقل الضوء العابر للفراغ ، يتم رصد إلغائها للوجود الموضوعي لذلك الضوء الذي عبر ، وعوضاً عن دالة تشير إلى قيم رياضية موجبة لوجود تأثير متبادل مع الحقل الكهروضوئي ، هناك دالة ذات قيم رياضية سالبة ، أي أن التآثر لا يختفي فقط وإنما يصبح امتصاصياً لوجود الضوء المؤثر على الفراغ ، بحيث أن الفوتونات العابرة للفراغ تفنى من الوجود الموضوعي فجأة ثم تعود بعد فترة بطريقة تنتمي لمبدأ اللاتحديد.
إذن ما هي خواص الفراغ في مستواه الكمومي ؟
1. الفراغ يخضع لمبدأ حفظ الطاقة في حالته الكلية، أي خلال كامل الزمان والمكان الذي يتأرجح فيه، فإنه يبدي سلوكاً تكون فيه كمية الفوضى فراغية في محصلتها وتساوي الصفر، هذا لم يتم اكتشافه على نحو حاسم بالتجربة ولكنه مجمع من نتائج الإحصاء الدقيق.
2. خلال زمن التفاعل وقبل انقضاءه يحدث نوع من "ضباب الواقع" في الفراغ فتظهر قوى تفاعلية تؤثر على الأشياء والحقول التي تعبره أحياناً، وأحياناً أخرى تختفي هذه القوى، وتفاعلاته في ذلك الزمن يمكن أن تغير الوجود الموضوعي سلباً أو إيجاباً، أي أن تؤثر به دون أن يفقد وجوده، أو أن تمتصه إلى حيز ما.
3. الصفر الحراري المُطلق ضمن الفراغ لا يمكن تحقيقه، هناك دائماً تفاعلات، لذا هناك دائماً حركة ونتيجة هذه الحركة والتفاعلات هو "الحرارة" وهي طاقة تنبعث من تحرير المُتفاعلات الكمومية لمجالات التآثر فيما بينها، لكن المحصلة النهائية لحرارة الفراغ هي مجموع الحرارة السالبة والموجبة بالمعنى المطلق ولذلك هي حرارة صفرية ( نتحدث عن الفراغ التام ).

هذه الصفات أصبحت خاصية جوهرية في الفراغ الفيزيائي، إنه ليس خالياً من التآثرات في أي لحظة من الزمن، هناك دائماً تموجات تخلق الحقول من العدم الفيزيائي وتفني حقولاً أخرى بشكل نهائي ثم تعيدها. السؤال الذي يطرح نفسه هو : ما مصدر انوجاد هذه الحقول والأمواج الفراغية وكيف يمكن فهم ماهيتها ؟ لتقريب الأمر يمكنك أن تتخيل أن لديك قلنسوة قديمة فارغة ، وجاء ساحرٌ شاب وأخرج منها أرنباً حياً، ولقد رأيت الأرنب بأم عينك ، ولقد رأيت يد الساحر وهي تدخل خالية إلى عمق القلنسوة التي فحصتها للتو ، من أين يأتي الأرنب ؟

إحدى النظريات الخاصة بالخداع البصري تحاول تفسير هذه الظاهرة بأن الساحر تدرب على خفة حركة اليد بشكل لا تلاحظه العيون التي تحاول ملاحقتها ، ولكن ماذا لو قمت بوضع جهاز تسجيل يحسب 3000 صورة في الثانية ؟ من غير المعقول أن يستطيع الساحر التحايل على جهاز رصد دقيق كهذا ... ثم إنك تستطيع مثلاً تفتيش الساحر أو حساب وزنه قبل وبعد الألعوبة ، ولكنه يستطيع دائماً أن يظهر الأرانب من القلنسوات السوداء، وأن يخفي الأرانب أيضاً بإعادتها إلى تلك القلنسوة.

وإذا كنت باحثاً في المخابر الفيزيائية الذرية ، فستقدر على ضبط التجربة بشكل تتأكد فيه من خلو الغرفة الحاوية للساحر وللقلنسوة من أي أثر ثقالي أو كهربي لأي جسد أرنب مشاكس، ورغم ذلك ، بطريقة ما ، يظهر الأرنب مرة أخرى ويختفي ، ثم يظهر ويختفي ...

هذا بالضبط ما يحدث في الفراغ على المستوي الذي يقاس بالوحدات المتناهية الصغر للطول والثقل والكميات الفيزيائية الأخرى، ومن الواضح أن الأمر مخالف للمنطق الذي اعتاده الناس، ، إذ أنه يضع المرء أمام خيارين :
  • إما أن الفيزياء ليست نظاماً وجودياً مستقلاً بذاته، وهناك "قوى ماورائية تؤثر فيها بطريقة لا يمكن إدراكها حسابياً بالطرق البشرية".
  • وإما أن الفيزياء لا تصغي لقوانين المنطق وأوامره ، فهي لا تخضع لقوانين مثل السببية ، فتحدث الأحداث الفيزيائية دون أسباب فيزيائية ولا حتى غير فيزيائية ، ويمكن أيضاً أن يكون الشيء ولا يكون ، وينعدم من الوجود ويستحدث مرة أخرى ، دون أي انضباط منطقي، بعبارة أخرى فإن الوجود الفيزيائي هو "لاحتمي بطبيعته" و"غير قابل للاتساق مع التفكير المنطقي السليم".

بالنظر إلى النتائج التجريبية المتعاقبة للفيزياء فقد ثبت أن النموذج المنطقي الفيزيائي الموحد الذي كان أيام نيوتن وصولاً إلى ماكسويل أصبح نموذجاً غير مجدي في تصور العالم الفيزيائي... يمكن للجسيم أن يتصرف كموجة كمومية ، ليس لها أي وجود محدد بخصائص محلية ، مثل أن يكون له موقع معين في الفراغ ، موقع معين في مداره الذري ، اتجاه محدد لحركته ، قيمة محددة لدورانه حول نفسه.. وهذه الموجة هي الأصل في العالم الفيزيائي، ولكن لا أحد من الفيزيائيين تقريباً يفهم بالضبط ما هي هذه الموجة ؟ إنها مجردة من أي قيود محلية ، بعبارة أخرى ليس لها وجود محلي تام ، يوجد فقط "نطاق واسع" من العالم المحلي تملؤه هذه الموجة، وضمن هذا النطاق لا يمكن أن تحدد أي صفة فيزيائية لها ، لكن النطاق نفسه له خصائص فيزيائية بالنسبة لنطاقات موجية أخرى.


يتّبع ...​
 
التعاقب الزمني المحلي والتسلسل في المكان هما مجرد وهم على الإدراك ولا وجود له في مستوى الكموم

مفارقات زينون الثلاثة ومعانيها الباطنية :

[1] مفارقة الوقت المنقسم والمسافة المنقسمة :

لكي تعبر من نقطة إلى أخرى عبر الزمان أو عبر المكان، تحتاج إلى المرور بنصف المسافة، ولتمر بنصف المسافة يجب أن تمر بربعها وللمرور بالربع يجب أولاً المرور بالثمن وللمرور بالثمن يجب أولاً المرور ب1\16 .... ينطبق الأمر على كلا الزمان والمكان، فقبل أن تمضي الثانية يجب أن تمضي نصفها وقبل أن يمضي النصف يجب أن يمضي نصف نصف وهكذا يكون لدينا معادلة هي : الوقت الفاصل بين زمنين يساوي نصف قيمة الوقت الواصل بينهما مضاعفاً على اللانهاية (أي نقسم قيمة الوقت على النصف بشكل لا نهائي وكذلك قيمة المسافة) وإذا لم تكن هناك قيمة رياضية بدئية فلن يكون هناك نهاية للتقسيم، فلن يكون هناك نهاية للوقت الفاصل بين حدثين مهما كانا سريعين، ولا نهاية للمسافة الفاصلة بين موقعين مهما كانا متقاربين.

وبما أننا نستطيع الإحساس بالوقت وهو ينقضي فإنه لا يمر بلانهايات، وبما أننا نستطيع الإحساس بالمسافة وهي تنتهي فإن هذه المسافة قد كانت محدودة التقسيم.

مفارقة السلحفاة وأخيل أو المقارنة غير العادلة :
السلحفاة أبطأ من أخيل، لكنها من الناحية الموضوعية المحلية، يجب أن تكون أسرع منه إذا هو كان قبلها بقليل ...
1669076924743.png
يمكن للسلحفاة أن تكون أسرع من أخيل الما تسبقه ولو بمتر واحد، لأنه سيحتاج مثلاً إلى نصف ثانية لعيبر المتر الواحد، ولكنها ستكون قد عبرت ربع متر خلال هذه الثانية وهي تستنزف طاقتها كلها، بينما يحتاج أخيل إلى مرور ربع ثانية ليعبر الربع متر الذي قطعته السلحفاة، وحين انقضاء الربع ثانية سيكون للسلحفاة تجاوز لأخيل بمقدار 1\16 من المتر وسيحتاج أخير إلى 1\16 من الثانية لاجتيازه أولاً ... ودائما فأخيل ستأخر عن السلحفاة، إنه أسرع منها وهذا صحيح موضوعياً، ولكن المسافة لا تنتهي أبداً في انقسامها والزمن كذلك، وبالتالي فحتى عند تعيين سرعة موضوعية ما (كالمتر مثلاً خلال ثانية واحدة) فإن هذه السرعة ستستمر بالانقسام مع انقسام المسافة المستقبلية التي عليها أن تقطعها خاصة مع وجود خصم في الحركة والسباق.. يساعد على التعيين بنسبة التغير إليه.. وبالتالي فإن تفاعله الزمني وإن كان غير سريع كما هو الحال عند أخيل، فإن هذا التفاعل سيبقى متقدماً على تفاعل أخيل، الذي يحاول أن يلحق به.. في الحقيقة إن رصد أخيل لهذا التفاعل هو صلب المشكلة.
1669076963532.png

مفارقة السهم الممتنع عن الوصول :
أطلق رامي يوناني ذات يوم سهماً في الفضاء ، وفي لحظة ما ، أدك هذا الرامي شيئاً عجيباً ! لقد توقف السهم فجأة في الفضاء وهو يطير ... وبدأ يرصد حركته فوجد أنه لكي يقطع السهم مسافة إضافية يجب أن تمر ثانية إضافية ولكن قبل أن تمر هذه الثانية يجب أن يمر وقت لانهاية له من التقسيم، وهذا الوقت قد لا ترصده ولكنه موجود على نحو تجريدي وواقعي في آن معاً.

...........................
مفارقات زينون المستوى المتقدم

الفكرة بشكل أعمق أن كل قطعة من أقسام المسافة الحقيقية ستحتاج إلى "قطعة من الزمن للعبور" وإلى "قطعة من المكان للوصول" فإذا كانت المسافة محدودة بينما قطعها لا نهائية، وكانت لهذه القطع أي قيمة رياضية مهما غدت ضعيفة، فإن مجموعها يكون لا نهائياً تماماً كمسافة الكون نفسه، والزمن التكويني بأسره، حتى ولو كانت إنشاً واحداً أو ثانية واحدة.

أما إذا لم يكن لتلك القطع اللامتناهية قيمة رياضية موجبة بالنسبة للواقع ( أي تشكل حيزاً حقيقياً من الواقع المحلي ) فإن مجموعها سيكون صفراً بالمعنى المعدوم، ستكون هذه القطع ذات عدد لانهائي ولكن ليس له وجود محلي، وبكل الأحوال فإن المفارقة تنبني على ثلاثة معطيات :

(1) وجود تقطع لانهائي للزمن والمكان، وبالتالي وجود تقطع لا نهائي لأي مجموعة جزئية في الزمان والمكان.
(2) هذه القطع الغير منتهية ذات قيمة بالنسبة للواقع المحلي، إما أن تكون صفرية معدومة بالنسبة له أو أن تكون موجبة وحقيقية.
(3) مجموع القطع لانهائي لأي مسافة أو فترة، فيمنع الرصد الموضوعي لتحقق الحدث الذي يعقبها لأنه سيمر بلانهائية زمنية ومكانية قبل تحققه، بينما نحن نرصد في عالمنا الواقعي تلك الأحداث، وهنا تكمن المفارقة ...

طالما أنه يمكن تقسيم الوقت والمسافة إلى عدد لا نهائي من الأقسام لكل منها قيمة موجبة، فإن مجموع اللانهاية أياً كانت قيمة الأعداد التي تم جمعها هو لانهائي.

يفرق علماء الرياضيات عادة بين اللانهائيات القسموية واللانهايات المجموعاتية، أي أن العدد 2 بينه وبين العدد 1 عدد لانهائي من الأقسام، ولكن مجموعها يجب أن يبقى واحداً فكيف ذلك ؟ هذه اللانهاية تختلف عن لانهاية الأعداد الطبيعية، أو الحقيقية، التي تتسم بأنها متتالية عددية ل"نوع" من الأفراد وليس ل"أجزاء" فرد واحد منهم.

هذه خطوة جيدة ولكنها ليست بكافية على الإطلاق، إنها تقول :

"حسناً ... اللانهاية في التقسيم لا تعني توحيداً للعناصر غير المنتهية في المجموع، لأن التقسيم مشروط بالشيء الذي يتم قسمته بينما المجموع الذي يضم الأقسام لا يتعدى حدود هذا الشيء وهذا ما يسمى ب"اللامتناهية القسمة أو اللامتناهيات الصغر".

إذا طبقت هذا الكلام بحذافيره على واقعك المحلي، يمكنك تقسيم الكأس أمامك إلى عدد غير منتهي من الذرات مثلاً، ربما جوجل جوجل ذرة، ولكن هذا العدد لن يقوم بتشكيل أكثر من الكأس نفسها بينما الكون قد يحتوي عدد ذرات أقل بكثير من الناحية التنظيرية، ولكنه كمجموع أكبر من ذريرات الكأس ... هذا الموضوع يذكرنا بقضية الجشطالت والإدراك.

ما هو الغشتالت بالضبط ؟ هل حقاً وجوده ذهني فقط ؟

يتعلق الأمر بطبيعة الإجابة نفسها، وببيعة المعطيات المستخدمة فيها ... الغشتالت هو إدراك للأبعاد التجريدية للموضوع الذي يتم رصده، وهي أبعاد قد تكون هندسية أو فلسفية أو نفسية، باختصار هي معقولات وتخيلات، المعقولات منها إما أن تكون أحكاماً منطقية أو ماهيات غير مفهومة، مثل تصور انعدام الوجود، أو انعدام الحقيقة والواقع، إنها فكرة منطقية، لا يمكن اختبار ما تخبر عنه لأنها في الحقيقة لا تخبر عن شيء، هي تخبر عن أبعاد علاقية وهمية نشأت من ترابط غير دقيق للأفكار ... مثل تصور الإله الشخص الذي يحكم العالم وهو يشبهه له جسد وله يان موضوعي مادي وسلوك شبه بشري، هذا الكيان قد يكون موجوداً، ولكن ربطه بفكرة سبب خلق الكون هي التي ليست واقعية، نشأ عن تراب الفكرتين مركب وهمي ماهوي، ماهيات غير واقعية.

والخيالات تنشأ عن صور الخداع البصري وعن سلوكيات الإكمال الهندسي اللاواقعي ، مثل إكمال صورة الهرم في مصر، رغم أنه بحقيقته ليس له قبوع هرمي (رأس الهرم مفقود!) وهذا الكائن يتعامل معه سائر الناس حين يستحضرون صورة الأهرام، وهو أصلاً شيء لا وجود له أبداً فمن أين جاء ! ربما لأن الهرم يجب أن يكون مكتملاً والناس لم تركز جيداً في صورة الهرم الحقيقي وترى النقص في رائسته.

1669073369172.png


لاحظ أن رأس الهرم (القبعة المثلثية ثلاثية الأبعاد) غير موجودة في حقيقة الأمر، والصور الأصلية القديمة تثبت هذا الموضوع، من الغريب أنك لن تجد الكثير منها اليوم بالمجان.

ولكن هذه الكيانات الوهمية ليست كل معيات الغشتالت، إنها منوطة بجزء معين من الغشتالت يتعلق بالهندسة التوهمية للواقع، وسبب بروز هذا المبحث في علوم النفس أن الهندسة التوهمية لا وجود موضوعي لها، ولذلك من الطبيعي أن تشير إلى الاختلاف الجوهري بين ما يدركه العقل، وما تدركه الحواس.

وحقيقة أن لفظة توهمية فيها نوع من التضليل هنا، هي صحيحة من جانب أن هذه الكائنات الهندسية المحسوسة لا تنتمي لعالم المادة، إلا أنك لو راجعت الموضوع بدقة أكبر، ستجد أنها لا تنتمي لعالم المادة ولذلك من الوهمي ربطها بهذا العالم، ولكنها مُدركة مثلها مثل المواد، والجميع يدركها بصرياً، والفرق الوحيد ليس في عدم موضوعيتها من جهة المراقبين، وإنما في عدم موضوعيتها من جهة التطابق بين التصور والواقع البصري، حينما يتم قياس هذا الواقع بطريقة رياضية دقيقة أو حينما يتم معالجته ورده إلى أحكامه التي يمكن إقامة البرهان المنطقي عليها.

ما الفرق بين الواقع والغشتالت الوهمي ؟ إجابة السؤال تعتمد على تعريفك للواقع والوهم، الواقع هو المحسوس ؟ إذن الغشتالت حقيقة أيضاً ...
إذا كان الواقع شيئاً غير ما تدركه الحواس، حتى ولو كانت موضوعية، بمعنى آخر، إذا كان الواقع له معيار أعلى من معايير خلق المادة وتكوينها وله براهين هيكلية ترد فيها معطياته إلى حقيقتها الوجودية، فحينها نقول : إن الربط بين الواقع الغشتالتي والواقع البرهاني هو ما ينشئ الوهم.
بالعودة إلى موضوع الغشتالت "الحقيقي" وواقعية التجريدات

جرت العادة أن تتم معاملة النماذج والقوالب على أنها موجودة في الذهن فقط دون العالم الحقيقي، وهذا الشيء تسبب في العديد من المشاكل عبر العصور، فالعقليون والفلاسفة يرفضون مسبقاً وبشكل قاطع هذا المبدأ المحتكر للواقع ضمن حدوده المادية الكمية، لأنه برؤيتهم مجرد مصادرة على الواقع لا تعتمد على شيء، فالواقع بحد ذاته لا يخبرك شيئاً، حتى الواقع المادي وقد رأيت في مثال الغشتالت ذلك، والبرهان وحده فقط الكفيل بالتفريق بين الحقيقة والخيال الوهمي - وهو ما لا يوفره المذهب الحسي - ويقولون لك أن "النوعيات والماهيات" ليست وهماً أو محصورة في الذهن أو بين الذهن والوجود، وكل شيء مجردة هي موجودة في الواقع مثلها مثل بقية المواد، والفرق الوحيد بينهما أنها مجردة عن المادة ... فلا قوام مادي لها، لكنها "متخلخلة في أعماق المادة" ولا يمكن للمادة وحدها أن تتهيكل هكذا دون ماهيات ، ولتتصور معي مثلاً مادة لا تربطها علاقات بأي مواد أخرى، تقريباً نقول إنها غير متعلقة بالكائنات الموضوعية نهائياً، فلا لون لها ولا شكل لها، وليس ذلك فحسب، بل ليس لها أي تفاعل ولا أي تأثير على هذا الوجود أو ذاك ... أين هي المادة في الموضوع كله ؟

هذا ما يمكن تسميته ب"الهيولى" التي لم تأخذ قالباً مادياً هيكلياً بعد ... وهي نفسها شيء مجرد ولا يمكن رصده واقعياً وموضوعياً، لأنك لو رصدتها فستقيسها في مكان معين وزمان محدد وإذن ستكون لها علاقات، والعلاقات تستدعي وجود ماهية للشيء تحكم علاقاته، فعلاقات الطاولة بالغرفة ناشئة عن الماهيتين، فالطاولة نقول عنها سطح مستوي له قوائم ترفعه عن الأرض وتثبته عليها، والغرفة هي مكان منعزل عن البيئة الخارجية بجدران متراصة وسقف وباب ونافذة. هذه الكائنات لها أبعاد هندسية، ودون أبعاد هندسية لا يمكن انوجادها في المكان المحلي، وبالتالي ستغدوا تجريداً بحتاً، وهذه الأبعاد الهندسية أيضاً لا وجود لها في المكان المحلي، لأنك لا تستطيع أن تقول : إن ماهية الطاولة موجودة هنا والآن" فأنت ترى طاولة، ولكن ليس بحواسك المادية فقط، إنك تراها بحواسك وعقلك، ولو استخدمت الكاميرا أو استخدمت حواسك من غير وعي وتعقيل فلن ترى ماهية الاولة، سترى ذرات مادية لانهائية وترى انطباعات (على حد تعبير هيوم) أو لنقل ذرات لا منطقية (حسب مذهب الذرية المنطقية) أي ليس لها أحكام أو خصائص، لأن الخصائص والأحكام أشياء تجريدية بحتة وإن ارتبطت بالواقع المحسوس مادياً.


فهذا الكيان المادي الموضوعي الذي تراه تجريدياً بشكل هندسي وعلاقي ، وتضرب له الاسماء والرموز، هو في الحقيقة وجود مجرد مقترن بعلاقة تحقيق، و يسمى ب"الماهية+الهيولى = المادة المحسوسة" وبالطبع هذا تبسيط لما قاله السيد أرسطو منذ بداية رسالته العلمية إلى العالم، فهناك أيضاً "الطاقة أو الفعل الممارس على الشيء" والذي يتم توجيهه "غاية" ومجموع هذه العلل الأربعة يعطي الواقع الذي ترصده أياً كان (الطاقة+الماهية أو الهيكل+الهيولى+التوجيه أو الغاية النهائية من التفاعل يعطي = الواقع المرصود).​

...............​
إذن ما طبيعة اللانهايات بالتحديد ؟

تخيل ماهية إنسان ، وتخيل معها كم إنساناً فرداً سيحقق هذه الماهية ... لا تتعب نفسك بالحساب والجمع، من الناحية النظرية، يمكن لآلاف الكواكب التي نعرفها والتي لا نعرفها أن تحتوي أشخاصاً مثلنا، وربما يمكن لو تم تصميم الكون بطريقة مختلفة أن يكون هناك تريليونات الكواكب فيها تريلوينات البشر، وأظن أن هذا محقق واقعياً على شرط تعدد الأكوان، لأن الكون الواحد قد يحتوي عدداً منتهياً من البشر ولكن لانهاية للأكوان ستحتوي لانهاية للبشريين. هذا يشير إلى صلب الموضوع ... إذا كانت الماهية واحدة، فليس مهماً عدد الأفراد النظري والواقعي، يمكن للماهية أن تنقسم إلى لانهائية اللانهايات، وأن تحقق احتمالات لا حصر لها ولكنها ستبقى ماهية واحدة، هذا يعني في إطار الوجود، أن التفاعل لا يتم بين أفراد ولكن بين ماهيات بأسرها، فماهية الإنسان تحدد علاقاته بماهيات أخرى كالكوكب والفاكة، ولكي يتغير الفرد عليه أن يغير من ماهيته، لا أن يغير من فرديته ضمن الماهية.

وكذلك العدد، من الناحية النظرية فماهية الرقم 1 هي هي ذاتها، وقسمته على النصف إلى اللانهاية لا تغير ماهيته، ومهما بلغت حشود الأعداد الناتجة، فإن الواحد في تفاعلاته، مستقل عن الأعداد العُشرية في تفاعلاتها الخاصة.

وكذلك هو الأمر مع مفارقات زينون، الواقع ليس مفردات، ولو كان كذلك لتحققت المفارقة، لأنه لو تعدد الواقع إلى اللانهاية في المسافة والزمن لما أمكن رصد شيء بالنسبة لكائن موضوعي محلي، ولما أمكن وجود علاقات بيننا وبين الأحداث، لأن جميع الأحداث تحدث في الخيال والوهم، ولا يمكننا الانتقال إلى حقيقتها المجردة، فهي مسبوقة دائماً بأحداث تفصل بيننا وبينها وبالتالي لا وجود لا للزمن الموضوعي بالنسبة للإدراك المحلي، ولا للزمن الموضوعي بالنسبة للتحقق المحلي، وليس هناك كائنات محلية ولا وجود لحدث بادئ للكون أصلاً.

ولو كانت المفردات الواقعية منتهية، فإن الحدث الأبسطي الذي يعقبه حدث واحد فقط، ويسبقه حدث واحد فقط، هو في الحقيقة يحدث بنفس الزمن بالنسبة للحدثين. إذ ليس هناك فار زمني يفصل بين حدث وآخر، فلا معنى للقول "هذا يسبق ذاك" فكلاهما أبسطي، أي أنك لن تحس بانقضاء وقت حينما تعبر من حدث لآخر لأنك لن ترصد أي تغيير في البيئة المحيطة بالأحداث، فهي أقل من أن يكون لها نسيج زمكاني وعلاقات معقدة، ولو كان لها نسيج زمكاني لحال بين الحدث وتاليه.

وكما أن الماهيات متصلة منطقياً عبر علاقة الشمول والعموم مقابل التخصيص والتحديد، كذلك الواقع متصل زمانياً وفقاً لماهياته وليس وفقاً لتعاقبه الزمني ... أي وكما قال آينشتاين ذات يوم في نظريته : "إن التعاقب الزني ناشئ عن التفاعلات، وليس منشئاً للزمن".

إذن ما الواقع ؟ إنه تفاعلات بين الماهيات في حالتها المحلية ... وأنت كراصد لهذا التفاعل يمكنك العبور عبر الماهيات والتحقق الزمني فيها، لكن لا يمكنك النفاذ من ماهية لأخرى إلا إذا تفاعلت ماهيتك الخاصة معها. واللانهاية هي في الحقيقة تعدد لعناصر ماهية واحدة، مجموع العناصر هو مجموعة المصاديق والتحققات الممكنة لهذه الماهية، لذلك الأعداد ماهيات منفردة وكل منها ينقسم إلى لانهايات في الماهيات المصدقة للماهية الأم للعدد، وكل فئة من الأعداد تنتمي لماهية معينة تسمى بالمجموعات، وكل مجموعة لها مصاديق لا تنتهي من الأعداد بينما تشكل واقعياً مادياً وتجريدياً شيئاً واحداً.

أنت تحدد إلام تنظر ؟ إلى الجزئات أم إلى الكليات ...

فأخيل لم يسبق السلحفاة لأنه قطع مسافة أطول بقدر ما سبقها لأنه يشغر ماهية تتفاعل مع البيئة الموضوعية بشكل سريع نسبة لماهية السلحفاة، أي أن تجريداته التي تخرج عن نطاق المادة وعلاقاته بالوجود المجرد، تسمح له بأن يتفاعل مع المادة بشكل مختلف عن السلحفاة وعن الأرنب وعن القيصر.

عُد إلى بلانك

فلنفرض أن عدد القطع منتهي من حيث الزمان والمكان، فعلى أي شكل سيكون ؟

إذا كان ثمة نهاية محددة لتناهي القطع المحلية، فإن القطعة الزمكانية المتناهية تعقبها قطعة متناهية أخرى، والسؤال هو : كيف تتصل هذه القطع ببعضها ؟ وكيف يعبر الحدث أو الشيء من واحدة إلى أخرى ؟

لنفرض أن O هو حدث محلي أولي، أي أنه الحدث الزمني الذي تتركب منه بقية الأحداث وتتكون الكائنات عبره، ولنفرض أن X هو الحدث المحلي الثاني الذي يعقب O ، فما المسافة الزمنية الفاصلة بالضبط بين O و X ؟

إذا كان X كائناً محلياً أو حدثاً قابل للرصد فعلاً ، وكان O يسبقه ويسببه ، فلابد أن X : إما سيَلي O مباشرة أو بعد توسط سلسلة منتهية من الأحداث المحلية ، وذلك لأن وجود سلسلة لا تنتهي من الأحداث بين X و O يعني وجود زمنٍ لا نهاية له يفصل بينهما وبالتالي يستحيل أن يتحقق الحدث X موضوعياً في أي وقت من الأوقات، كما يستحيل أن يكون له أي تأثير فعلي على العالم الخارجي وبالتالي لا يكون له في العالم الفيزيائي المركب أي وجود.

وطالما أننا نرصد في عالمنا المحلي أحداثاً محققة وموضوعية ، فلابد إذن من وجود نقطة بداية لكل سلسلة من الأحداث ، ماذا لو كان هناك سلسلة منتهية من الأحداث بين الحدثين ؟ سيكون هناك إذن (حدث وسطي) يعقب O مباشرة بحيث لا مجال لوجود فاصل زمني بينهما ، وسنرمز لهذا الحدث بـ " Z ".

إذا كان هنالك فاصل زمني فلابد أنه يوجد أحداث محلية أخرى بين الحدث Z والحدث O، وهذا يعني أن شرط المعادلة غير محقق ، أي أنه لا وجود لحدث مباشر Z يعقب O مباشرة ودون فواصل ، ونحن نعلم أنه في حالة وجود فاصل زمني بين البداية O والنهاية X، فلابد من وجود حدث Z يعقب O مباشرة كي يتسنى الوصول للحدث X الذي هو ختام السلسلة [ X ← O ].

وإذا لم يكن هنالك فاصل زمني بين الحدثين الأوليين المتعاقبين ، فهذا يعني أن لا مجال أصلاً للتفريق بينهما من وجهة نظر فيزيائية محلية ، لا يمكنك أن تقول "إن الحدث O يسبق الحدث X محلياً" أو "إن X يمكن رصده محلياً بعد أن تمر بالحدث O" ، لأن انعدام وجود فاصل زمني بينهما يعني أيضاً انعدام وجود علاقات نسبية تدخل عليهما وتفصلهما عن بعضهما زمنياً.

وكذلك الأمر بالنسبة للمسافة ، طالما أن الحدثين لا فاصل مكاني بينهما فمن الطبيعي أن لا يكون هنالك مسافة بينية تفرقهما أيضاً، يمكن أن تقول : إنهما متحدان أو شيء واحد بالنسبة لراصد محلي ، والتعاقب بينهما لا يعتمد على التعاقب الزمني النسبي بين المحليات كما نعرفه في عالمنا.

ماذا يعني ذلك :
الانتقالُ مِن حدثٍ محلي إلى حدثٍ آخر ، إذا كاناَ مُتناهيا الصغر وكميان ، سيَعني انعدامَ المسافة بينهما ، وسيعني انعدام الفترة الزمنية اللازمة لقَطع المسافة ، أي ليسَ هُنالِكَ وجودٌ للمسافة والفترة في زمن الحركة الكمومية ، فلا معنى للحواجز بين الكائنات الكمومية ، وإذا كان الواقع الذي أمام ناظريك الآن ، مكوّناً من الكموم ، فكيفَ لها أن تنشئ الأبعاد المكانية والفترات الزمانية النسبية من تراكُب تلك الكموم ، لماذا عليك أن تمشي دقيقتين لتصل إلى الشارع ، بينما تصِلُ الكائنات الكمية المكوّنة لجسَدك إليه في زمنٍ صفري تماماً ، بل إنّها لا تقطَعُ الدّرج أصلاً لأنّه بطريقة معينة "مُتّحدٌ معها" محلياً. إن قطع الجسيم لزمن بمقدار بلانك وكون هذا الزمن أصغر زمن مُمكن ، يعني استحالة مرور الجسيم بسلسلة من الأحداث بين موضعه الابتدائي والانتهائي ، بالنسبة لجميع المراقبين في الكون ( لأن الزمن الأصغر ثابت كوني فلا يتغير ، لأن النسبية تقتضي التركيب والتركيب يقتضي التجزء ).

ولكن أنت ترصد في عالمك أحداثاً متعاقبة ومسافات فاصلة بين الأحداث، ما القضية إذن ؟ هنا تجد الجواب في ميكانيك الكم :

يسمى الحدث الأولي في لغة الفيزيائيين بـ"ثابت بلانك الزمني" وهو أصغر حدث محلي زمني على الإطلاق، فأقل من هذا الثابت لا يعود هنالك أحداث قابلة للوصف بلغة الفيزياء المحلية ، لأنه لا يوجد زمن محلي أصلاً فهذا الثابت هو ما يُنشئ الزمن من علاقات مصاديقه المتعاقبة والمتراكبة.

فبين زمن بلانك وزمن بلانك آخر فلا يوجد زمن وسيط، ولا يوجد زمن يمكننا التعرف عليه بوسائلنا ، ولكن الزمن النسبي الذي نعرفه ، إنما ينشأ من اتحاد زمني بلانك أو أكثر معاً، أما قبل ذلك ، فيوجد الأزل والأبد ، ويوجد كل المكان والزمان الفيزيائي في وحدة واحدة كُبرى غير قابلة للتجزيء المحلي.

أي أن المادة لا تنطبق شروطها التي تحددها الفيزياء ، مثل المحلية والموضوعية والتعاقب والجبرية في الرصد على إحداثيات المستوى الوجودي الذي تقع فيه الأوليات والكموم والأحداث الزمنية الأبسط.

هذا يعني أن الزمن الموضوعي غير حقيقي وانه نتج عن تراكب "تقييدي" من عالم الكموم، وهذا ما نقصده حين نقول إن المادة وهم، نحن لا نقصد أن المادة بحد ذاتها ليست موجودة، ولكن هذه المادة لها مصدر غير مادي، أي أنها ليست نظاماً عزولاً عن الحقيقة المُطلقة، وأن هذا النظام يمتد بجذوره إلى عالم التجريد، وعالم التجريد ينبعث عبر القيم، وأنت بالفيزياء تُدرك أن عالم التجريد أصل لا مندوحة عنه لأجل إدراك ظواهر ميكانيك الكم المجهرية والميكروية، أو أصولها التي تحكم واقعك وتثبت نفسها لك عبره، ولذلك يجب أن يكون لديك وسيلة معرفة فائقة للحدود المادية حتى تدرك فيزياء العالم الباطنية …

إذا عَبَرَ تأثير فيزيائي محلي ، خلال أصغر حاملٍ مكاني للتأثير ، نحو حاملٍ آخر …

فإنّه لن يمُرّ بمسافة بين الحاملين ، لذلك لن يَمُرَّ بفترة زمنية في حركته ، لأنّ الفترة التأثيرية تحتاجُ لمسافة تشغلُها.

إنّ ذلك يعني انعدام الزّمن في الحدثيات الأصغرية ، لأن التسلسُل منعدم ، وانعدام المسافة لنفس السبب.

لِماذا إذاً في عالم الأحداث المُتراكبة يوجد زَمنٌ ومسافة …

لماذا ؟ لأن التأثير في عالمك ، يمرُّ بطاقات وتأثيرات تحجز بين نقطة انطلاقه ونقطة استقراره … لأنّه ليسَ تأثيراً وحيداً بل مجموعة علاقات شبكية تُنتجه … لأن مرور السيارة ب2 ميل عبر 10 دقائق ، تعني كسرها للطاقات العازلة بين نقطة الانطلاق ونقطة الوصول ، تُقدر هذه الطاقات عند تحويلها لمسافة إلى 2 ميل ، ولكنها ليست إلا طاقات تتكاثف على شكل القطع الأرضية التي مَرّت سيارتك بها ، وتفعَلُ فِعلاً مُضاداً لسيرها …

الحركة المتقطعة ذات القطع متناهية الصغر هي حركة مستحيلة ، لأن قطعتين متناهيتين لا يوجد مسافة بينهما ، أي لا يوجد فترة زمنية فاصلة للحركة ، على الحاسوب تكون الحركة كذلك بالنسبة لإدراكك لأنه يقطُن في عالم مركب ، وليس في عالم الكموم البسيط ، في العالم المركب يمكن تقطيع الحركة المحلية لأنها مجموعة قوى يمكن عزلها عن بعض وإبقاء القيمة المرادة ضمن السبب ، وربطها مع قيم أخرى ، ثم انبعاث حدثٍ مركب فجأة منها "مثل الحركة التي تراها في الحاسوب".

يتبع ...

 
التعديل الأخير:

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى