هناك عدد محدود للقراءات المسموح بها للزوار

[2] هو عدد القراءات المتبقية

[ 1 ] [سلسلة الادراك] نظرة جديدة للكون و للعالم المادي [الحقيقة العظمى]

ملاك النور

مريد جديد
المشاركات
71
مستوى التفاعل
223
((سلسلة الادراك)) نظرة جديدة للكون و للعالم المادي ((الحقيقة العظمى)) رقم 1

الادراك ... العد التنازلي لبدء النظام العالمي الجديد .... ماذا نحن فاعلون...؟؟
غلاف جديد.jpg



(مقدمة)

بعد تردد طويل مني في استجماع طاقتي و بعد تشجيع و استشارة من اشخاص هم لي اخوة في الانسانية في موقع سايكوجين المحترم ... قررت كتابة بحث مطول عميق لموضوع ((الادراك)) و على شكل حلقات متتالية مع مساعدة من موقع سايكوجين باغلاقهم باب التعليقات على النشر بعد كل حلقة من السلسلة ...

((سبب اقفال باب التعليقات هو انني قد قمت بالتشاور مع ادارة الموقع و قد عرفوا مني ان النقاش سيكون مفتوحاً بعد اكتمال السلسلة بكل حلقاتها لغرض ان تكتمل الرؤية العامة و الدقيقة و المبسطة و الشاملة في موضوع الادراك ؟))>>>>> في الوقت المناسب سيعرف القاريء ما اقصده عندما جمعت هذه الكلمات المتناقضة معاً!

ملاحظة: (( ليست المشكلة في الاسئلة بل في نوعها .. و حتى يتغير نوع و نمط الاسئلة يحتاج القاريء ان اضعه امام الصورة الشاملة للموضوع..و لاجل ان يتم وضعه امام هذه الصورة الشاملة نحتاج الى اقفال التعليقات ...لمصلحة القاريء و الكاتب و الموضوع))

سوف ابتدأ كل حلقة اقوم بنشرها من هذه السلسلة بهذه المقدمة المكررة :

مرحباً بكم اخوتي في الانسانية في موضوع ((سلسلة الادراك)) و هذه الحلقة تحمل الرقم (1) من ضمن السلسلة و من اراد فهمها فأرجوا منه ان يمتلك القدرة الكافية من الارادة الحرة للتفضل عليي بالرجوع الى الحلقات الماضية في الموقع و الاطلاع عليها و فهمها لاجل فهم باقي الحلقات الحالية لارتباطهم مع بعض..على الاقل سأكتب في كل شهر حلقة واحدة و أرجوا من المستقبل ان لا يحمل لي مفاجئات مثل الموت او المرض او عوائق حياتية تمنعني عن تلك الغاية....اعدكم ان اجعل الادلة الحيادية ترافق كل حلقة منشورة تصل بين ايديكم...الحيادية و الموضوعية و الاحترام لكل الافكار و العقائد و الديانات هو اساس الطرح و اعتذر مقدماً عن اي اساءة غير متعمدة او مقصودة اذا حصلت و لن تحصل.....لن اطرح ما أؤمن به انا بل ما وصلت اليه من حقائق قابلة للنقاش فيما بعد اكتمال هذه السلسلة لانني ان طرحت أرائي و ما اؤمن به سوف يؤدي هذا الى :

اولاً/ ظلم للقاريء / لكونه سيتأثر بأسلوب السرد و سيكون قرار القاريء فيما بعد لا أرادي منجذباً مع أسلوب الكاتب و هذا يعاكس حرية الارادة....

ثانياً/ ظلم بحق الموضوع نفسه/ لكون الموقع يمثل قاعة المحاكمة للموضوع المطروح نفسه ....و الموضوع هو المتهم و الكاتب حيادي يعلن الموضوع و ينشره فقط مدعماً بالادلة و القاريء هو القاضي و في نفس الوقت هو المحلفين و(( القاريء)) هو الذي سوف يقرر في وقت ما بعد انتهاء الحلقات قرار

مذنب /غير مذنب ...........بحق الموضوع

شكري الى طاقم الادارة و الى المساهمين و القارئين في تشجيعي و ارجوا ان اكون عند حسن ظن الجميع و ارجوا ان يعلم القاريء انني لست من طاقم ادارة سايكوجين و هم غرباء عني بالاجساد و اعرفهم بنقاء طباعهم و اخلاقهم بتكرمهم عليي بالنشر و اتشرف بهم...سلامي اليهم جميعاً و الان نبتدأ هذه الحلقة))

((تـــــمـــــهيـــــــد))

نشأت في حي بسيط من احياء احد العواصم العربية في عائلة علمانية بلا شعائر دينية تتخذ من الدين اعتقاداً لها فقط في الشكل و الهوية التعريفية للحكومة في ذلك البلد ...حتى انني لم اعرف ان هناك الهاً او خالقاً في طفولتي تلك و ذلك قبل ان اقوم بالتسجيل في المدرسة الابتدائية ...

(( حين اكتب هذا فليس معناه انني اؤمن بوجود اله او خالق و لا معناه انني اؤمن بعدم وجوده ..فمسألة الاله تلك تخصني و قرار الحادك او ايمانك يخصك أنت فقط ....وعليك ان تختار قرارك النهائي بعد هذه السلسلة و على اساس قرارك ستتحمل تداعيات النتائج الروحية و العقلية و الجسدية عليك لاختيار نوع قرارك))

و في احد الايام الشتوية من طفولتي البريئة في منزل العائلة استيقظت من النوم صباحاً لاجد جدتي قد زارتنا ,, و لاراها تقوم امامي ببعض الحركات العجيبة..تعجبت من تلك الحركات و ما ان اكملت هي ما تفعل حتى بدأت بسؤالها :

-ماذا تفعلين يا جدتي..؟

-انني اقوم بالصلاة في بيتكم يا غالي؟؟

-وماهي الصلاة...؟؟؟

-هي عبادة لله...اجبتها بسرعة : و ما الله ؟؟

قالت : هو خالق كل شيء خالقك و خالقي و خالق كل هذه الدنيا التي تراها .....؟؟

كنت امام جدتي كمثل حي ابن يقظان في قصة ابن طفيل متحيراً مما يقال لي ما بين مصدق و مكذب.... و منذ تلك اللحظة بدأت علاقتي مع ذلك الموضوع تدخل سنة بعد سنة منحنى اخر اقوى من الذي قبله ((و لا اقصد هنا زيادة الايمان او زيادة الالحاد))

البـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدايـــــــــــــــــــــــــــــة

تراودني منذ ان فتحت عيناي على هذه الدنيا افكار و اسئلة كثيرة ...:

الله .. الرب .. الاله .. الغير متأثر بالزمكان و هو المؤثر عليه ...هذا الكائن المتفرد بهذه الصفات هل هو فعلاً موجود..

هل هو كائن خالد ابدي فعلي بهذه الصفات او هل يوجد غيره

و اذا لم يكن موجوداً فما هو سر وجودنا المادي...

...من نحن...سبب وجودنا

هل نحن فعلا نعيش على كوكب أو يوجد شيء اخر لا نعلمه..؟

و اذا كنا على كوكب فهل ارضنا مسطحة او كروية..؟

هل يوجد كائنات عاقلة غيرنا في هذا الكون السحيق ..و ماذا عن الصحون الطائرة (UFO)...؟

الماسونية..ما غايتها و ما دوافع هذه الحركة......؟

مثلث برمودا ماذا يخفي...؟

ما سر الاهرامات المتواجدة على كوكب الارض (( في الصين و مصر و الانكا و اوربا و حتى تحت البحر توجد اهرامات))...؟

الالحادية ...الدينية...اللاهوتية.. الحركات السرية و الحكومة العالمية السرية..ماهو سر كل هذا التكتم..؟

العقل ....الجسد.....الروح.......كيف نوازن بينهم و ماهي افضل طرق تلك الموازنة و ما علاقة هذه العناصر الثلاث بما اكتب عنه فوق...؟

التخاطر...الباراسايكولوجي....علوم الورائيات...الخيمياء....ما الذي يربط بينهم...؟

بل ما الذي يربط بين كل تلك المفردات اعلاه ((الصورة الاشمل و الحقيقة الكبرى))

قد يظن البعض أنني اضع عناويناً تجلب الانتباه لزيادة القارئين .. لكن ..اقول لكم .... كنت مثلكم ابحث في المكان الخاطيء عن اسئلة خاطئة و ما علمته بالدلائل اكون كاذباً اذا قلت لكم انني الان مقتنع و لا تأتيني هواجس و شكوك التكذيب لما علمته بين فينة و اخرى ؟؟ فكل ما ذكرته اعلاه متصل بصورة او اخرى ببعض بطريقة تحتاج رؤية ذات مدى بعيد .. و كل ما سوف اذكره لاحقاً فيه الذي انا شخصياً اشك في مصداقيته رغم الادلة...

لكل تلك الاسباب و العلل قررت اخيراً الكتابة في موضوع (( الادراك))

ولكن كان ينبغي عليي قبل الكتابة ان اقوم بتجهيز نفسي ((الكاتب)) لهذا الموضوع بواسطة الاساسيات الاتية:

اولاً/ عندما اكتب و اطرح الادلة في الموضوع يجب أن اراعي حيادية الطرح فلا اكون مسيحياً و لا مسلما ًو لا يهودياً و لا ملحداً و لا دينياً و في نفس الوقت كان ينبغي عليي عند الكتابة ان ادافع عن الاديان تلك باعتبار تلك العقائد و الاديان لا تجد من يدافع عنها في الموضوع الا اذا اختار الكاتب ان يكون لسان المدافع عن تلك الاديان و في نفس الوقت ان يكون ضدها (( للتبسيط مثل لاعب الشطرنج يلعب اللعبة مع نفسه و يكون نزيهاً في اللعب مع ذاته))

ثانياً/ عند نشر موضوع السلسلة من الحلقات سوف لن اطرح اعتقادي الشخصي و لا ما اؤمن به من دين او عقيدة الى القارئين فمن المعيب على أي كاتب ان يقوم بتسريب مباديء دينه او اعتقاده على القارئين اثناء قراءة نفس الموضوع و هذا يعتبر ظلماً لتفكير القاريء و ظلماً للموضوع نفسه ((كما اسلفنا))

ثالثاً/ يكون الدليل العلمي او العقلي او المنطقي او الرياضي هو الدليل المقبول و الذي يوحد بين الاراء فهو محايد وسطي مقبول عند الجميع ....لان الذي سوف يقرأ ما كتبت سيكون من قراء العلم و البحث متعددي الافكار و المعتقدات...فلا يصح مثلاً أن اكتب في الموضوع بواسطة ادلة انجيلية او قرأنية او من التوراة او من كتاب الكنز ربا للصابئة او من الكتب الزرداشتية الخ الخ الخ ...و هنا اقصد بالقول ان الدلائل يجب ان تكون علمية او عقلية منطقية خالصة

الا أذا....؟؟ و لكل قاعدة شواذ..؟ ...الا أذا

الا أذا تم الاثبات بالدليل العلمي و المنطقي ان الدليل يجب ان ياتي من الكتب الدينية او الاعتقادية الالهية

او اذا تم اثبات العكس و هو ان يثبت الدليل العلمي و المنطقي ان الكتب المقدسة بأنواع ديانتها لا نحتاج منها الادلة

القصد : اذا تم اثبات ان العلم يكفي و ان عقولنا تكفي للاستدلال على ما نريد..

طيب .. طيب.. هل نستطيع افتراض شيْ يساعدنا هنا على فهم و توضيح العلاقة بين ذلك كله بأبسط الكلمات

نعم .. نستطيع ..فنقول عند ذلك...؟!

فلنبدأ من أبسط سؤال فطري يتبادر الى ذهن العالم و البسيط من الناس في نفس الوقت

هل يوجد اله

هل يوجد كيان خارق كوني يسمى خالق او رب او اله و من هذه المسميات او هو اصلا غير موجود

هل نحن مخلوقات تم صنعنا بيد اله خالق

ام كائنات نشأت بالتطور و الترقي و انتخاب النسل الافضل

و اذا كان هذا الخالق موجودا لماذا هذا التعقيد و لماذا يطلب عبادتنا و هو اصلاً لا يحتاج اليها على افتراض انه اله موجود

و اذا كان هذا الاله غير موجود هل نحن في حالة حياة حقيقية ام في حالة وهم ((محاكاة)) نسميها حياة

هل نحن في محاكاة الاهية ....تقتضي

وجود كائن أزلي خالد منفرد بذاته و صفاته لا يؤثر عليه الزمان و المكان بل هو له التصرف فيهم بما يشاء

ام نحن في محاكاة الحادية علمية ....

طيب...هل هذه المحاكاة موجودة فعلاً و حقيقية

و عند الموت ننتقل الى جسد أخر (( في هذه الحالة سوف نفتح على ابواب عقولنا مسالة الوجود الروحي...و الذي لا يمكن اثباته علمياً))

...ام ان هذه المحاكاة غير موجودة و نحن نعيش في عالم مادي نعيش و نموت ؟؟



اسئلة تطرح نفسها علينا و على الانسانية منذ فجر تاريخ نشوء البشرية .. جعلتني هذه الاسئلة اقرر ان اقوم برحلة استكشافية عقلية منذ الطفولة فأقلب كتب ابي و جدي و اشتري الكتب و اتابع الوثائق و المصادر حتى بلوغي.... مثل سفينة تشق محيطات و بحار الكتب و العلم و الفرضيات و النظريات و ادلتها حتى اصل الى بر الامان و الاطمئنان للحقيقة ..؟؟

كان على قبل ان انطلق في رحلة الاستكشاف هذه ان اجعل عقلي محايداً و مفرغاً من كل العواطف الدينية و المذهبية و الانسانية و هو امر صعب فعلاً و لكن من يريد الخوض في هذا العلم في عصر الجهل المتعمد هذا يجب عليه ان يفعل ما فعلت لان الهدف المنشود و المطلوب هو الحقيقة الخالصة حتى لو كانت ضد ما اؤمن به..

كان علي ان اتخلص من ديني طيلة فترة البحث و اقوم بتمثيل دور العابد المؤمن بالخالق امام الناس نفاقاً..لانهم سوف يرمونني بالزندقة و الكفر و الالحاد و الهرطقة كما فعلوا مع غيري من اصحاب الاسئلة نفسها على مر العصور..

و لكن اعتقد انني اصلا محظوظ لان ولادتي كانت في بيئة علمانية ظاهرها التدين الزائف و تطبيق اقل الشعائر الدينية التي تخص دين العائلة و هكذا تجاوزت اول مصاعب طريق البحث بيسر و بسهولة

و من المضحك هنا انني حاولت قدر الامكان ان احافظ بكل جبن مضحك على حياتي حتى استطيع اكمال البحث ...كنت في كل يوم اقضيه مابين العمل و البحث الخاص بي احاول المحافظة على حياتي خوفاً من ان ياتيني الموت و انا بلا عقيدة دينية و لا مذهبية فيكون بذلك عقابي الخلود في العذاب المؤلم الذي تقول به كافة ديانات البشر ....

ثم بعد هذه التغييرات الفكرية كان علي ان اقوم بتزويد عقلي بأساسيات التحرك العلمي الصحيحة .. وهو ان اقرأ في الافكار التي تخص الدين و اللادين أو:

الالحاديات و اللاهوتيات

((الالحاد/هو بالمعنى المختصر عدم الايمان بوجود الهة او اله على الاقل))

((علم اللاهوت/هو علم دراسة و مقارنة الاديان و الالهيات دراسة منطقية و علمية ))

كان عليي أن أقرأ في التاريخ الذي تم تلقينه الينا في الكتب المنهجية و الغير منهجية الممنوعة و الغير ممنوعة في التأريخ المحرم المخفي عنا و الحضارات و الامبراطوريات التي اندثرت قديماً و عمل المقارنات مع الانتباه الى التركيز على الادلة اصلاً ومصداقيتها و التاكد من كل دليل بحيادية التفكير وفق الشروط اعلاه

من ضمن العناوين الرئيسية التي افادتني قرائتها في اساسيات البحث الذي انا بصدده :

علم اللاهوت /علم اصول الدين/علم الكلام/الفلك /الكيمياء و الخيمياء و الفيزياء/النظريات الحديثة و القديمة في علوم الانسان المتنوعة/البناء و الانشاءات الهندسية و المعمارية/الفنون/علم الحروف و الاوفاق والتنجيم و السحر((قراءة و فهم لا عملاً به))/التشريح و علوم الجسد البشري/التوراة/ الانجيل/ القرأن/ عقائد و مذاهب المسيحيين و اختلافاتهم/ عقائد و مذاهب المسلمين و اختلافاتهم / الكتب الاربعة للامامية/ الصحاح الست لاهل السنة و الجماعة/ الفقه المقارن/ كتب الالباني في اصول سند الحديث/ علم الرجال للامامية و اهل السنة/ كتب متنوعة عن الديانات البشرية المختلفة و طقوسها/الاسرائيليات/ الفلسفة و المنطق/ تاريخ الحضارات القديمة/الاساطير المختلفة للحضارات القديمة/ كتب مختلفة عن التصوف الديني و الالحادي/اليوغا/ علم النفس/علم الاجتماع/الباراسايكولجي/الماورائيات/سيرة وشخصيات/سياسة/اقتصاد/لغة/عادات الشعوب/ كتب الباحث علاء الحلبي/موقع سايكوجين/

و هكذا بدأت رحلة البحث عن الحقيقة و انا احمل عتادي لها...المعرفة

((الاســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاس))

لكل موضوع اساس و لكل اساس نقطة بداية و اذا لم يعرف الباحث عن الحقيقة نقطة البداية التي يجب ان يبتدأ بها البحث فلربما يفقد طريقه اثناء التوغل عميقاً داخل كم الحقائق و المعلومات التي سوف يراها..

نقطة البداية لاي بحث هي التي سوف تنير له هذا الطريق و تجعله يسير في الامان مطمئناً من كل الخطوات التي تلي الخطوة الاولى و هي الاصل...

فما هي نقطة البداية هذه... و من أين ابتدأ بحثي ........

فانا امامي العديد من العناوين التي يجب ان ابحث فيها و اضع لها النتائج التي توصلت اليها

((الاسقاط النجمي/ الارض المسطحة و الكروية/ هل نحن لوحدنا/ هل يوجد اله/ هل نحن في محاكاة نعيش وهمها/ألخ الخ ألخ

الاجابة التي وجدتها مناسبة لسؤالي هو ان احاول الرد على ابسط سؤال يمر على ذهن اي انسان واع ٍ.. و منها انطلق و اتفرع نحو باقي المواضيع و ستكون هذه الاجابة هي نقطة البداية و التي سوف ترشدني الى بر الامان و السؤال البديهي هو :

هل يوجد كيان اسمه اله ام لا يوجد؟؟؟

اذا استطعت ان اجد بعض الادلة على وجوده او عدم وجوده فعندها نستطيع البدء من نقطة البداية لكل المواضيع

عندها اكمل البحث بافتراضية عدم وجود اله

او اكمل البحث بافتراضية وجود اله

و هذا ما سوف نفعله خلال السطور القادمة لهذه الحلقة

اثبات وجود اله او عدم وجوده ؟؟

فلنبدأ:

أدلة وجود اله

استدل المتكلمون على وجود الاله في هذا الكون بأدلة كثيرة نذكر اهم ثمانية دلائل و هي فيما ياتي :

1/دليل ((الحدوث و القدم))

2/ دليل ((الوجوب))

3/ دليل ((العناية و الاختراع))

4/ دليل((البرهان العلمي))

5/ الدليل الوجودي

6/ الدليل الاخلاقي

7/ دليل بطلان الصدفة

8/ دليل الحواس و العقل

و الان فلنتبدأ مع اول دليل:

الدَلِيـــــــــــــــــل الاول / دليل"الْحُــــــــــــــــــــدُوث والقدم" :

وَهُوَ الاستدلال على وجود اله بِأَن.. الْكَوْن حَادث، وكل حَادث فلا بد من مُحدث قديم.......و على هذا القول تم بناء على المقدمتين الاتيتين :

المقدمة الاولى )) العالم حادث ))

المقدمة الثانية : ((كل حادث لابد له من محدث ))

النتيجة : العالم لابد له من محدث يحدثه . اي يرجح وجوده على عدمه .... و هو وجود الاله .... و لكي تظهر لنا صحة هذه النتيجة علينا ان نقيم الدليل على صحة كل من المقدمتين السابقتين .



الدليل على المقدمة الاولى =((العالم حادث ))

يمكن صياغة دليل حدوث العالم بالدليلين الاتيين:

اولهما : العالم متغير.

و كل متغير حادث .

فـ ((العالم حادث))

ثانيهما : العالم جسم متركب من جواهر و اعراض

الجواهــــــــر/ هو ما قام بنفسه و هو الذي له حيز – مكان – وله قيام بذاته، ويقبل من كل جنس من أجناس الأعراض عرضاً واحداً فقط ؛ فلا يقبل من الألوان: البياض والسواد معاً في زمان ومكان واحد، ولا الحياة والموت

العــــــــــــرض/ هو ما قام بغيره كالالوان و الحركة و السكون

مثال: جسم الحجر يتكون من جوهر و عرض , فمادته جوهر الشيء و و الوانه أو حركته او سكونه هو العرض

و على هذا يقال:

لا وجود لجسم الشيء بلا جوهره و لا وجود لجوهره بلا عرضه

اذن كل من الجواهر و الاعراض متغير.

فالعالم متغير.

و الاعراض حادثة بدليل :

-مشاهدة تغيرها من وجود الى عدم , و من عدم الى وجود , و من سكون الى حركة , و من حركة الى سكون. و التغير علامة الحدوث

-احتياجها الى مخصص بوقت حدوثها , دون ما قبله و ما بعده , فلابد من مرجح لوقوعها في ذلك الوقت , لان الترجيح من دون مرجح محال.

-افتقارها الى جسم يقوم بها .

و الجواهر حادثة ايضاً , و ذلك :

لانها ملازمة للاعراض لا تنفصل عنها . فهي لا تخلو عن الحركة و السكون و الالوان , و الاعراض حادثة كما تقدم , و ملازم الحادث حادث.

فأذا ثبت أن الجواهر و الاعراض حادثة , لزم ان يكون العالَمٌ الـمكون منهما حادثاً .

و بذلك تثبت المقدمة الاولى و هي ((العالم حادث))



الدليل على المقدمة الثانية =((كل حادث لابد من محدث ))

هو الاتي: ((لو حدث حادث بلا محدث , للزم ان يترجح وجوده على عدمه بلا مرجح و هو مستحيل منطقياً))

و معنى الرجحان بلا مرجح هو : أن يكون الشيء جارياً على نسق معين , ثم يتغير عن نسقه , و يتحول عنه بدون وجود أي مغير.

و هذا الامر واضح البطلان , لان جميع العقلاء يعلمون ان لابد لتحويل الشيء عن حاله السابقة من محول و مؤثر , يفرض عليه هذا الوضع الجديد , و ينسخ حاله القديمة.

فأنك لو تركت كفتي ميزان متساويتين , لا ثقل في احدهما , و زعمت أن احداهما قد ترجحت , من دون مؤثر خارجي , كنفحة هواء أو حجر .....الخ الخ

و لو زعمت للناس أن جهاز المذياع أوصل اليك أخبار العالم من دون ان تدير صمام الفتح و الاغلاق فيه لضحكوا منك و اشفقوا عليك.

و على ذلك يتم القول :

>>كـــــان ((العدم)) هو المنبسط محل العالم قبل ((وجوده )), فالعدم أكثر احتمالاً من الوجود لسبقه , و لكن حين خلق هذا العالم , ترجح ((الوجود)) على العدم ...فالوجود و العدم أمران متساويان , و ترجيح أحد الامرين المتساويين على الاخر بالافضلية و السبق مستحيل و باطل بالبداهة<<

فالقول بأن ((العدم)) قد تحول الى ((وجود العالم)) دون مسبب لهذا الوجود باطل و مستحيل , استحالة دعوى صاحب الميزان و المذياع

و بذلك تثبت المقدمة الثانية و هي : ((ان كل حادث لابد له من محدث))

الــدلــــــــــــــيـــــــــــــــل الثاني : دليـــــــــــــــــــــــــــــــل الـــــــــوجـــــــــــــــــــــــوب :

موجد هذا الكون أما ان يكون :

واجب/ هو الشيء الذي يكون موجوداً بذاته، ولا يفتقر في وجوده إلي غيره، ولا يتوقّف وجوده علي وجود موجود آخر

مستحيل/ عبارة عن صفة للشيء الذي يحكم العقل باستحالة وجوده الخارجي.

ممكن/ و هو الذي يقبل الثبوت تارة و النفي تارة اخرى على التعاقب ..اي يمكن وجوده اذا وجد السبب الذي يرجح وجوده

و لان كل أمر لابد أن يتصف بواحد من الامور الثلاثة السابقة و لا رابع لها , فهي اقسام الحكم العقلي في اتخاذ القرار..

و على هذا فيقال:

لا يجوز أن يكون موجد العالم ((مستحيل)).....لان المستحيل لا يُتَصَوَّرُ وجوده مطلقاً , فهو عدم محض , فلا يمكن أن يوجد غيره , إذ إن (( فاقد الشيء لا يعطيه )) فكيف يكون المستحيل مصدراً للوجود .

كما لا يجوز أن يكون موجد العالم ((ممكن)) لان الممكن لا يوجد الا اذا وجد سبب وجوده , و هذا السبب ان كان ممكناً فعندئذ يحتاج الى سبب أخر ثم هذا السبب الاخر يحتاج الى سبب غيره ...الخ الخ الخ و هكذا ,, و هذا يلزم منه ...الاتي:

اما (( الــــــــدور )) و هو باطل لا صحة له حسب الاسطر القادمة

او ((التسلســـل )) , و هو كذلك باطل كما سيأتي في الاسطر القادمة

النتيجة : ما أدى الى الدور او التسلسل هو باطل فلزم الا يكون موجد الكون ممكناً ..

3/و لما ثبت ان موجد العالم ليس بمستحيل و لا بممكن , وجب أن يكون موجد العالم ((واجب الوجود)) .. فلا يحتاج وجوده الى سبب , بل هو علة العلل و سبب وجود العالم

توضيح معنى الدور و توضيح سبب بطلان الدور:

الدور : هو ان يكون شيئان كل منهما علة للاخرى

كقولك : (( زيدٌ أوجد عمراً و عَمرٌ أوجد زيداً ))

فكل من زيد و عمر يتوقف وجودهما على الاخر و هو الدور الباطل , و كل منهما يظل معدوماً حتى يأتي مؤثر خارجي.

و سبب بطلان الدور :

هو أن يستلزم ان يكون كل واحد منهما , سابقاً صاحبه , متاخراً عنه , في وقت واحد ...و هذا يعني استلزام تقدم الشيء على نفسه و هو تناقض , فعمر يتوقف على زيد , و زيد يتوقف على عمر .

و هذا يعني ان عمر متوقف على عمر , بعد حذف الحد الاوسط ( زيد) و هذا يستلزم تقدم الشيء على نفسه أي : يلزم ان يتقدم عمر على عمر لانه خالق و مخلوق أو سابق و مسبوق , فيلزم ان يكون عمر موجوداً قبل ان يوجد و هذا باطل ..

و كـ مثال لبطلان الدور //وجود البيض متوقف على وجود الدجاج , و وجود الدجاج متوقف على وجود البيض .................فلو فرضنا أن لا وسيلة الى وجود هذا و لا ذاك الا عن هذا الطريق فأن من البديهي ان كلا من الامرين يظلان معدومين لا وجود لهما , حتى يأتي مؤثر خارجي , يوجد البيض و يوجد الدجاج , فينتهي الدور عندئذ ...................فأذا قيل :

أن سبب حدوث العالم هو التفاعل الذاتي المجرد في الموجودات , بتأثير الضغط و الحرارة و البرودة بمرور الزمان

الجواب :

أن هذا الدور الباطل نفسه الذي تم التوضيح عنه اعلاه, لانه يعني ان وجود العالم متوقف على بعضه ((الضغط و الحرارة و البرودة ....الخ الخ)) و بعضه متوقف على العالم , و هذا يعني تقدم الشيء على نفسه و هو باطل كما تقدم .

معنى التسلسل و بطلانه :

التسلسل : هو أن يستند الممكن في وجوده الى علة مؤثرة فيه , و تستند تلك العلة المؤثرة الى علة اخرى مؤثرة فيها , و هلم جرا الا مالا نهاية

فالتسلسل يعني : أن المخلوقات متوالدة عن بعضها , الى مالا نهاية بحيث يكون كل واحد منها معلولاً لما قبله , و علة لما بعده ان تنبع هذه السلسلة من علة واجبه الوجود

دليل بطلان التسلسل:

1 / ان يؤدي الى وجود الهة لا نهاية لها كل منها متصف بالحدوث و الافتقار و العجز و هو باطل لانه منافٍ لمقام الالوهية من القدرة و الغنى المطلق اذ العاجز الفقير لا يصح ان يكون خالقاً للعالم البديع الاتقان

2/ التسلسل منقوض بالحس و المشاهدة و ذلك لان هناك مخلوقات انقرضت فلو صح ان الموجودات تتسلسل الى ما لا نهاية بأن تكون كل حلقة فيها معلول لما قبلها و علة تامة لما بعدها لما انقرضت هذه الموجودات لان الحلقة الاخيرة فيها معلولة فقط و ليست بـ علة كسابقتها.

3/برهان التطبيق و هو اشهر ادلة المتكلمين :

انك لو فرضت سلسلتين و جعلت احداهما من الان الى ما لا نهاية

فكلما طرحت من الانية (( نسبة الى الان/ اي : الوقت الحاضر)) حلقة واحدة , طرحت في مقابلها من الطوفانية

(( نسبة الى الطوفان التأريخي المعروف )) واحدة وهكذا ...

فلا يخلو : اما ان يفرغا معاً فيكون كل منهما له نهاية وهو خلاف الفرض

وان لم يفرغا (( كما فرضنا)) لزم مساواة الناقص للكامل

وان فرغت الطوفانية دون الانية كانت الطوفانية متناهية والانية ايضا كذلك لانها انما زادت على الطوفانية بقدر متناه وهو ما من الطوفان الى الان ,ومن المعلوم ان الزائد على شيء متناه بقدر متناه يكون متناهياً بالضرورة

توضيح اخر:

في محاضرة مشهورة له بعنوان [لماذا لست مسيحيا] يقول برتراند راسل الفيلسوف والعالم المنطقي و الرياضي والمؤرخ و الناقد الاجتماعي: ((لقد قبلت لوقت طويل بفرضية المسبب الأول ، حتى جاء اليوم الذي تخليت فيه عن هذه الفرضية ، وذلك بعد قراءتي لسيرة حياة جون ستيوارت ميل ، حيث قال فيها: (لقد علمني والدي إجابة السؤال عمّن خلقني . وبعدها مباشرة طرحت سؤالاً أبعد من هذا ، من خلق الإله؟.. إن هذه الجملة القصيرة، علمتني، إلى الآن، كيف أن مبدأ المسبب الأول هو مبدأ مغالط ومسفسط . فإذا كان لكل شيء مسبب، فيجب أن يكون لذلك الاله مسبب أيضاً. وإذا كان كل شيء بلا مسبب، فسيكون العالم هو الاله ! لهذا وجدت أنه لا مصداقية في هذه الفرضية))

و قد عم الهرج و المرج في وقت تلك المحاضرة لكون مكانته العلمية و الاجتماعية بارزة و كبيرة و اتخذ الناس من كلامه بعدها دليلاً على صحة الالحاد ... بينما فيما بعد عقب على كلامه هذا فئة من الناس تم التكتيم الاعلامي حول ماقالوه و من ضمنها الاتي :



سؤال / (( لو دخلت إلى مكتبك ووجدت كتابا على الطاولة.. ووجدت في نفس الوقت رجل جالسا على كرسي، ثم خرجت ورجعت، فوجدت الكتاب الذي كان على الطاولة داخل الدرج ، و وجدت الرجل جالس على البساط))

فلا شك أنك ستسأل ((من نقل الكتاب إلى الدرج؟)).. دون أن تسأل عمن نقل الرجل إلى البساط.

قلت: أجل.. ذلك صحيح.

قال: أتدري لماذا؟

قلت: أجل.. فالكتاب ليس له إرادة، ويحتاج إلى من ينقله، ولا يتحرك بذاته، فلذلك كان السؤال منطقيًا و واقعيًا..

بخلاف السؤال عن الرجل، ذلك أن لديه قوة وطاقة واختياراً وارادة يستطيع بها أن ينتقل بنفسه من غير أن ينقله أحد..

المعلومة المستخلصة:

يفترض الانسان أن الاله مثله.. أي له مادة مثل مادة الكون، مما يمكن سحب القياس عليه، وهذا غير صحيح.. فالاله لا يشبه مخلوقاً في شيء.. ولهذا لا يصح أن نخضع الاله لتصوراتنا المادية ، لأنه ليس شبيهاً بشئ نعرفه حتى نقيسه عليه.. فإذا كان فوق تصوراتنا ومعارفنا ، بل فوق قدرات عقولنا مهما تضخمت ملايين المرات ، فإن هذا السؤال يعد مستحيلاً اصلاً فى حقه ، بل وغير منطقي أيضاً...ذلك أن جميع المخلوقات يصح فى حقها هذا السؤال ، لأنها تتحرك وفق قوانين نكاد نعرفها جميعاً ، ويمكن إخضاعها للتجربة والقياس والحسابات الرياضية ، لكن الاله ليس خاضعاً لكل هذا، لأنه فوق علمنا وتصوراتنا ، وما يمكن أن نقترحه على مانعرفه لايمكن اقتراحه على ماهو فوق معارفنا وتصوراتنا .. بل أنه الوحيد الذى نتأكد منه أنه ليس مشابها لكل مانعرف وما نتوقع معرفته، ولا يمكن أن تسرى عليه تخيلاتنا.

نعود الى السؤال الذي اثاره برتراند راسل : ((لقد علمني والدي إجابة السؤال عمّن خلقني . وبعدها مباشرة طرحت سؤالاً أبعد من هذا ، من خلق الإله؟..)

و يكون جوابه /

وفق أى قانون يمكن أن نسأل هذا السؤال، وهل يمكن للعقل البشرى أن يجعل الاله مادة لمعرفته فى ذاته.. إن معنى ذلك هو أن هذا العقل البشرى بلغ من القدرة و الكمال أن يكون إلهاً.. ولكن الثابت أن هذا العقل بكل وسائله، وبكل معارفة الحديثة لايزال عاجزاً عن تفسير أشياء كثيرة فى عالم الماديات ، ورغم كل معارفه فلا يزال الكون مجهولاً بالنسبة اليه ، وهو مازال يطور ويصحح في معلوماته كل يوم ، ومع كل كشف جديد.. فإذا كان العقل ومقاييسه ومعارفه لا يمكنه إدراك أغلبية الحقائق المخلوقة ، فكيف في وثبة من الغرور يريد أن يخضع خالقه وخالق معارفه ومقاييسه لأدواته البدائية هذه..



((إن المنطق لا يقبل أن يكون الطفل الذى يحبو، ويستطلع الأشياء من حوله قادراً على فهم ما يفهمه الشيخ المجرب العالم))



كما إن ما ذكره برتراند راسل ينطبق عليه ما يطلق عليه الحكماء [التسلسل] المذكور سابقاً في الموضوع ، وهو باطل عقلاً عند جميع العقلاء كما تم اثباته .

و للتذكير و انعاش المعلومة من جديد فهذا تبسيط لها ((على قدر الامكان))

لقد نص اغلب الحكماء و العقلاء و العلماء على أن عالمنا الذي نعيش فيه غني بمجموعة من الظواهر الطبيعية.. وكلّ ظاهرة إمّا أن تكون علّة أو معلولة ، فهي علّة للظاهرة التي تليها، ومعلولةً لظاهرة قبلها.. ولولا وجود العلّة لم يحدث المعلول ، وبانعدام العلّة ينعدم المعلول.. وهكذا يتحقّق وجوده بوجودها. و هذا الامر لا ينكره أي عاقل مدرك

وفي هذه الحالة نحن في العلل التي نشأت بها الظواهر الكونية بين أمرين:

إما أن نصل بها في التسلسل إلى علة نهائية هي العلّة الموجدة للكون.. وهي الاله الغني بذاته ، ويعتبر هو الخالق لهذه السلسلة.

وإما أن نستمر في التسلسل إلى ما لا نهاية له من العلل.. وهذا مستحيل عقلاً.

قد يقول قائل : كيف يكون مستحيلاً؟

الجواب // كيف يمكننا أن نتصوّر مجموعة من الكائنات الحيّة ـ والتي كانت فاقدة للحياة يوماً ما، ثم أصبحت فجأة قادرة عليها ـ أنها أوجدت نفسها من العدم من دون أن يكون هناك طرف خارجي صاحب قدرة مطلقة هو الذي أوجدها؟

ذلك أن كلّ كائن في هذا العالم يشهد بصدق بأنّه لم يكن صانع نفسه، بل يعترف بوجود علة موجدة له.. وجميعهم يشهدون بأنّ وجودهم وحقيقتهم لم تكن من ذات أنفسهم.. إذن من أين أتى وجودهم وخلقهم، وكيف؟

ليس أمامنا إلاّ طريق واحد، وهو الاعتراف بأن كلّ موجود ((حادث)) وناتج عن ((موجود)) غني بالذّات، وعنده يتوقّف التسلسل، إذ يعتبر هو العلّة الرئيسية لجميع المعلولات ، وهو الاله الرب القدير.

إن من يدّعي بأنّ الكائنات قد أوجدت نفسها من العدم دون استعانة بكائن خارجي ، يشابه من يدعي بأننا يمكن أن نحصل على عدد صحيح عند اجتماع ما لا نهاية له من الأصفار، أو يمكننا الحصول على الوجود أو الحياة عندما تتراكم ما لا نهاية من العدوم.

أذن ...لابد لكلّ متفكّر عاقل أن يعترف بأنّ وجود هذه المخلوقات قد ارتبط بوجود كائن حي غني على الإطلاق ، إذ يعتبر نهاية للتسلسل ، ومنبعاً للكائنات جميعاً.. وأنه هو العلّة المطلقة.. وما دام كذلك، فهو ليس بمعلول.. فيستحيل على العلة المطلقة أن تكون معلولة.. ذلك أن وجودها ينبع من نفسها ، وهي غير محتاجة إلى سواها.

و قد يسأل سائل:
(إذا كان كلّ موجود معلول لعلّة ، والعلّة له هي المادّة ، فما هي إذن العلّة الموجدة للمادة؟)

سبب السؤال:

بما اٍن الله غير معلول الوجود.. و بما ان الأمر كذلك ، فلماذا يتوقف مبدأ السببية و يتم تعطيله عندما يتعلق الأمر بالاله ؟

ولماذا لا نفترض أن المادة الأولى غير معلولة الوجود؟!

الجواب: ثبت بمقدمات عقلية كثيرة أن الأصل في الخالق الوجودُ .. إذ لو كان الأصل فيه العدم لَمَا أوجد الكون .. ففاقد الشيء لا يعطيه ، وإذا كان وجود الاله هو الأصل ، فهذا يستلزم أنه لا يحتاج إلى موجِدٍ يوجده ، ولا علة لوجوده .. إذ لا يُبحَث عن علةِ وجودِ ما الأصلُ فيه الوجود

ولهذا ، فإن قول القائل: إن خالق الكون بحاجة إلى خالق ، رغم أنه خالق، قريب من قول القائل: إن المِلح يحتاج إلى ملح كي يكون مالحًا رغم أنه مالح.. وإن السكر يحتاج إلى سكر حتى يكون حلوًا رغم أنه سكر.. وإن الأحمر يحتاج إلى اللون الأحمر كي يكون أحمرَ رغم أنه أحمر.

وهكذا، فإن قول القائل: (من خلق الاله ؟) يساوي قوله:

ما الذي سبق الشيء الذي لا شيء قبله؟.. ويساوي قوله: ما بداية الشيء الذي لا بداية له؟.. ويساوي قوله: ما بداية وجود الشيء الذي لا بداية لوجوده؟.. وهذه الأقوال جميعا غير عقلية و غير منطقية لمن يتكلم بالعقل و المنطق .

و اذا قيل : إن القول بأن الله لا علة لوجوده ، يستلزم أن الله توقف في وجوده على نفسه , أي: إن الله هو الذي أوجد نفسه بنفسه، وهذا يستلزم أن الله علة لنفسه.

يكون الجواب: إن هذا الكلام هذا يمكن قبوله لو كان الله ((ممكن الوجود)) إذ ممكن الوجود هو ما كان حادثًا بعد عدم .. أي: وجوده له بداية ، فيتصور العقل وجوده وعدم وجوده ، فيمكن أن يوجد ، ويمكن ألا يوجد ، وهذا الحادث بعد عدم لا بد له من موجد يوجده ، ومحدثٍ يُحدِثه.. ولكن الاله ((واجب الوجود)) كما ثبت في دليل الحدوث و القدم ... أي أن وجوده ذاتي لا ينفصل عنه ، فلم يكُنْ في زمن من الأزمان بمفتقرٍ إلى الوجود.. ولم يكن في زمن من الأزمان معدومًا حتى يحتاج إلى من يخرجه من العدم إلى حَيِّز الوجود.. ، فهو خالق الزمان والمكان، وعليه فإن الاله لا يصح عليه القول أنه مخلوق ومعلول حتى نسأل عن خالقه وعلته، أو أن نقول بأنه خلَق نفسه بنفسه.

فاذا قيل: لماذا يتم ايقاف مبدأ السببية و يتم تعطيله عندما يتعلق الأمر بالاله؟

الجواب :

أولاً /أن الأصل في الخالق الوجود؛ إذ لو كان الأصل فيه العدم لما أوجد الكون .. لأن فاقد الشيء الذي لا يملِكه ولا يملِك سببًا لإعطائه لا يعطيه ، وإذا كان الأصل في الخالق الوجود ، فلا يصح أن نسأل عن سبب وجوده.

ثانياً/إن الاله ـ كما تدل عليه الأدلة العقلية الكثيرة ـ أزليٌّ ... فوجوده ذاتي لا ينفصل عنه ، فلا يصح أن نسأل عن سبب وجوده ، و ((وجوده ليس له بداية))

ثالثاً/ إن الاله له الكمال المطلق .. و هو واهبُ الكمال لمخلوقاته .. فهو أحق بالاتصاف به من الموهوب ، وكل كمالٍ ثبت للمخلوق الممكن، فإنه يكون ثابتًا للخالق من باب أَوْلى.. وإذا كان الكمال المطلق لله ، والاحتياج يناقض الكمال المطلق، فالكامل المطلَق لا يحتاج إلى غيره ، وعليه فالخالق لا يحتاج إلى غيره ، وإذا لم يحتَجْ إلى غيره فهو غير معلول ، وإذا كان غير معلول فلا يصح أن نسأل عن علته.

رابعاً/إن السؤال عن سبب وجود شيء يصح اذا كان اصل الشيء فيه الحدوث ، وأنه لم يكن موجودًا ثم أصبح موجودًا بعد عدم، والله قديم وليس حادثًا.

خامساً/لو قلنا بأن كلَّ خالق له مَن خلَقه , أي: خالق الكون له مَن خلقه ، ومَن خلَق خالقَ الكون له مَن خلَقه ، ومَن خلَق خالقَ خالقِ الكون له مَن خلَقه ، وهكذا إلى ما لا نهاية ، فإن هذا يستلزم أنْ لا خالقَ للكون ، وهذا باطل لوجود الكون , فوجود الكون يستلزم عدم تسلسل الفاعلين إلى ما لا نهاية ؛ إذ لا بد أن تصل سلسلة الفاعلين إلى علة غير معلولة ، ولا بد مِن سبب تنتهي إليه الأسباب، وليس هناك أسباب لا تنتهي إلى شيء... وإلا لم يكن هناك شيء .... أي أن :

((إن التسلسل في الفاعلين ممنوع عقلياً و منطقياً و بالبديهة، بل لا بد أن نصل إلى نهاية ، وهذه النهاية في الفاعلين أو المؤثرين هي إلى الاله نفسه..))

وهذا ما نصت عليه اغلب الكتب المقدسة فنجد مثلاً ان :

الكتاب المقدس ((العهد الجديد)) للمسيحيين يقول : ((كل عطية صالحة و كل موهبة تامة . نازلة من عند ابي الانوار . الذي ليس عنده تغيير و لا ظل دوران))— رسالة يعقوب 17:1

القرأن الكريم للمسلمين يقول : {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النجم: 42

التوراة عند اليهود ((العهد القديم)) تقول : ״كل شيء بمقدور السماء ما عدا أن تبجل السماء״ ((برخوت 33 ب)) التوراة ((العهد القديم))

أي أن كل شيء ينتهي إلى الاله الخالق.

و قد يقول قائل:

نحن نطلب الدليل على وجود الاله.. وهنا يتم ذكر كلام من تصفونه بالاله ليتم الاستدلال به على وجوده فكيف يصح هذا..؟؟

الجواب:

((لم يتم هنا ذكركلام الاله كـ ((دليل عليه)) ، وإنما تم ذكره لأنه يحوي ((الدليل)).. فالاله أخبر أن نهاية كل شيء إليه، كما أن بداية كل شيء منه))

توضيح اكثر بالـمثال الاخير و هو // لا شك أن فيكم من خدم في يوم من الأيام الخدمة العسكرية و لو أنكم تدبرتم نظام الجندية وقوانينها لوصلتم إلى الاله بسهولة.

سائل : كيف ذلك؟

مجيب : ألستم ترون أن هناك مراتب في القيادة في النظام العسكري ، حتى أنه لا يطلق جندي رصاصة إلا بعد أمر القائد له بذلك؟

سائل: اكيد

مجيب: فلنفرض أن هذا النظام لا نهاية لتسلسله.. أي أن الجندي قبل أن يرمي الرصاصة يستأذن من المجند الذي فوقه مرتبة، وهو كذلك لا يعطي الإذن حتى يستأذن ممن فوقه، وهكذا إلى ما لا نهاية.... هل يمكن في هذه الحالة أن يطلق الجندي النار؟

سائل : لا يمكن أن يطلق الرصاصة في هذه الحالة ، لأن الاذن بالاطلاق لن يصل إلى الجندي الذي تكون مهمته إطلاق النار.

الخلاصة:

إذن لابد من انتهاء السلسلة إلى شخص لا يوجد فوقه أحد ليعطيه الإذن بإطلاق النار، حينها ستنطلق الرصاصة.. وبدون هذا الشخص، ومهما كثُر عدد الأشخاص، لن تنطلق الرصاصة...

لأن الجنود مثلهم حينها كالأصفار إذا وضعتهم بجانب بعضهم البعض، فمهما كثرت الاصفار وبلغت حدًّا لا نهاية له ، فستظل لا تساوي شيئًا ، إلا أن يوضع قبلها رقم : 1 فأكثر.. حينها يصبح لها وجود واعتبار.

الدروس المستخلصة :

أ/ اذا رايت رقماً حسابياً طويلاً يتراصف الى جانبه عدد كبير من الاصفار فانك تسرع لتنظر قبل كل شيء الى الرقم العددي الاول وما لم تقع عيناك على ذلك الرقم فانك لا تعطي قيمه للاصفار الكثيرة ما لم تستند الى رقم ذاتي قبلها لان الرقم الذي يملك قيمة ذاتية في داخله هو الذي يضفي الحياة والقيمة على الاصفار المتسلسلة التي عن يمينه فسلسلة الاصفار التي لم تنته الى رقم عددي هي خالية عن اية قيمه وافتراض التسلسل اللانهائي فيها لا يخلق لها اية قيمة

ب/ لو ادعيت امامك حقيقة علمية , وحين سألتني عن الدليل اجبتك ببرهان يتوقف على برهان اخر وحين سألتني عن برهان أجبتك ببرهان يتوقف على برهان اخر...الخ الخ الخ ...و هكذا فانك تكذبني في دعواي ..بل تكذب وجودها اصلاً

فكل من هذه البراهين المتسلسلة؛ التى فرضنا أنه لا نهاية لهاء ليست إلا ظلالا تنتظر أصلها الأول. فإك لم يوجد ذلك الأصل. فهذه الظلال نفسها غير موجوده . ومن ثم فإن الحقيقة المدعاة أيضاً تكون غير موجودة.

وإذا بطل الدور والتسلسل.؛ بطل ما أَدى إليهما. وهو كون موجد العالم ممكناً و عندئذ وجب أن يكونَ الموجد واجبّ الوجود . ولا يخرج عن هذين الدليلين الدليل الذي ذكره بعض فلاسفة الغرب وهو أقوى الأدلة وأبسطها لديهم. المسمى ببرهان الخلق . أو الدليل الكوني و هذا ما سيتم نشره في الحلقة المقبلة.....شكراً للجميع
 

أداب الحوار

المرجو إتباع أداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، في حال كانت هناك مضايقة من شخص ما إستخدم زر الإبلاغ تحت المشاركة وسنحقق بالأمر ونتخذ الإجراء المناسب، يتم حظر كل من يقوم بما من شأنه تعكير الجو الهادئ والأخوي لسايكوجين، يمكنك الإطلاع على قوانين الموقع من خلال موضوع [ قوانين وسياسة الموقع ] وأيضا يمكنك ان تجد تعريف عن الموقع من خلال موضوع [ ماهو سايكوجين ]

الذين يشاهدون هذا الموضوع الان (الأعضاء: 0 | الزوار: 1)

أعلى