مؤامرة الطاقة ولعنة البترول
صدرت منذ عدة سنوات وثيقة موقعة من قبل ألف وسبع مئة فيزيائي وعالم مرموق، منهم حائزين على جوائز نوبل في العلوم، تقول هذه الوثيقة أنه إذا استمرّ العالم في هذه الطريقة التي يتبعها في استهلاك الوقود سيعيش على الكرة الأرضية من جيل إلى ثلاثة أجيال فقط قبل أن تظهر كارثة بيئية شاملة ومحققة يستحيل الإفلات منها!. لكن رغم ذلك كله، فلازلنا غير مكترثين لهذه التحذيرات ونتابع عيش حياتنا اليومية كما المعتاد، دون حتى النظر في مدى أهمية القضية المطروحة ودرجة خطورتها على حياتنا ومستقبلنا وأولادنا وأحفادنا... ويبدو أن هذا طبيعي بالنسبة للشعوب. فطالما تجاهلت الجماهير قدوم كوارث محققة رغم التحذيرات المسبقة، فيبقون على حالهم إلى أن تأتي ساعة الصفر.. المصير المحتّم الذي يستحيل منه الخلاص! فتقع الصدمة!... هكذا علمنا التاريخ دوماً.
منذ أن تمت السيطرة على إحدى أشكال الطاقة المستهلكة (البترول) من قبل الحكومات والمؤسسات الخاصة، وفرضت دون غيرها على الشعوب، عجز بعدها الإنسان عن السيطرة على وتيرة استهلاكها أو كلفة استثمارها أو على مدى تأثيرها على حياته اليومية.. فأصبحت حالتنا كما حالة مدمن المخدرات الذي يحتاج لهذه المادة المدمّرة بشكل دائم لكي يستمر في الحياة. فنحن نحتاج الطاقة لنعيش ولإنتاج الحرارة وإضاءة بيوتنا و تشغيل سياراتنا.. إلى آخره، وندفع المال من أجل الحصول عليها، مهما كانت التكاليف، ليس لدينا خيار.. السؤال الذي يطرح نفسه في هذه المناسبة دائماً هو:
هل يوجد هناك بديل للطاقة التقليدية التي تسبب كل هذه المشاكل البيئية الخطيرة؟.. هل يوجد تقنيات بديلة تمكّن الإنسان من الحصول على الطاقة؟.. هل يوجد هناك خيارات تكنولوجية وعلمية أخرى مطروحة على الساحة لكننا نجهلها؟. الجواب هو نعم!.. نعم يا سيدي هناك مصادر طاقة هائلة لا تنضب أبداً! و يمكن استخلاصها بسهولة كبيرة! وبكلفة أقلّ بكثير، إن لم نقل كلفة معدومة!. فلقد تم تطوير تقنيات مذهلة للطاقة البديلة.. تطوّرت جنباً إلى جنب مع تطورات التقنيات الأخرى.. لكن للأسف الشديد، هذه التقنيات والوسائل هي مقموعة تماماً! تم إخمادها بالكامل ومن ثم حجبها عن الشعوب، حيث أنها لم تتمكن من الوصول إلى الأسواق الاستهلاكية المفتوحة.
طبعاً، وبطبيعة الحال، أوّل ما تُطرح أمامكم هذه الفكرة سوف تبادرون مباشرة بالقول: ".. إنها مجرّد خزعبلات.. هذا مستحيل علمياً... لو أن هناك شيئاً من هذا القبيل لأعلن العلماء عنه مباشرة.. لو أن هذه التقنيات موجودة فعلاً لكانت الحكومات هي أوّل من بادر باستخدامها لاستخلاص الطاقة. فتزيل عن كاهلها عبئاً ثقيلاً، بالإضافة إلى الخلاص من عقدة النقص في الطاقة التي تعاني منها دائماً.."
هذا هو الجواب التلقائي على فكرة الطاقة البديلة، وهكذا سيكون دائماً طالما بقينا جاهلين عن الحقيقة. هذا الجهل الذي يسود حتى بين المثقفين والمتعلمين!.. فهذا الجواب العفوي على فكرة الطاقة البديلة يعتبر صحيحاً فقط من الناحية النظرية... أي طالما بقينا ننظر إلى مجريات الأحداث بنظرة سطحية خالية من العمق. لكن الواقع الحقيقي هو مختلف تماماً! وبعد أن تتعرّف على بعض تفاصيله سوف تكتشف مدى سطحية تفكيرنا.. وكم نحن مغفّلين.. وكم هي الحقيقة قاسية ومريرة.
إننا يا سيدي نعيش في واقع مزوّر.. عالم من الأحلام تصنعه لنا وسائل الإعلام والمؤسسات العلمية والجهات السياسية النافذة.. وجميعها في الحقيقة تخضع لسلطة واحدة.. حكومة عالمية خفية.. هذه الحكومة هي المتحكّم الأساسي والوحيد بمجريات هذا الواقع العالمي المصطنع. وبما أننا في موضوع الطاقة، دعونا نتعرّف على المسرحيات التمثيلية التي تجري حولها على الساحة الدولية، والتي تعمل على خداعنا باستمرار:
إننا نشاهد ونسمع من حين لآخر كيف أن زعماء الدول المتقدمة يوعدون شعوبهم بتكنولوجيات جديدة سيتم التوصّل إليها قريباً حيث ستقضي على مصادر الطاقة التقليدية .لكن معظم هذه الوعود تطلق في فترة الانتخابات فقط.
أما شركات الطاقة العملاقة (البترول)، فتظهر على أجهزة الإعلام بصورة الملائكة، لتعلن عن تمويل أبحاث علمية كبيرة تهدف إلى التوصل لوقود نظيف يمكن استبداله بالوقود التقليدي وأنها قد رصدت أموال طائلة في هذا التوجّه النبيل. لكنها في الحقيقة رصدت أموالاً أكثر فيالإعلان عن هذا التوجه النبيل، فقط من أجل تلميع صورتها القبيحة .أما وسائل الإعلام العالمية، السلاح العصري الأكثر فتكاً في تدمير العقول، فتبشّرنا من حين لآخر بظهور وقود جديد يتم التوصّل إليه وسيغزو الأسواق قريباً! وتوصف لنا مستقبل البشرية الجديد المتحرر من التلوّث وكل ما له صلة بدمار البيئة. تصف لنا هذا الواقع الخيالي بإخراج بارع يصعب تفادي سحره المقنع.. ورغم بداية ظهور هذه البشائر منذ السبعينات من القرن الماضي، إلا أننا لازلنا نختنق في جحيم الوقود التقليدي حتى الآن !
أما المؤسسات العلمية الأكاديمية في الدول المتقدمة، المعيار الأساسي للمناهج التعليمية في العالم أجمع، فلا زالت تستبعد فكرة الطاقة البديلة الممكن إنتاجها بكميات كبيرة لتكفي الأسواق. فيدّعون بأن النظريات والقوانين العلمية المتوفّرة حالياً لا تدعم هذا التوجّه .لكن.. لا تيأسوا... فهناك أمل.. أمل قريب جداً!.. هكذا يختمون تصريحاتهم الكاذبة دوماً !..
جميعهم يتحدثون عن أمل في المستقبل القريب.. لكن يبدو أن هذا المستقبل القريب سوف لن يأتي أبداً! إن ما يفعلونه هو عمليات تخدير فقط! إنهم يمتصون نقمة الشعوب! فقط لا غير.. إن هذه الأخبار والبشائر التي نسمعها من حين لآخر هي عبارة عن إبر "بنج".. مورفين.. يتم حقنها للجماهير من حين لآخر.. فقط لكي يحافظوا على استمرارية هذا الاقتصاد القاتل المميت. وإذا تعمّقنا أكثر في مجريات الأمور وتمكنّا من اختراق الواجهة الجميلة البرّاقة للمؤسسات المذكورة، هذا الحاجز الوهمي الذي يحجبنا عن الحقيقة، فسوف نكتشف أن الواقع هو أقبح من الشيطان! إذا بدأنا بالمؤسسات العلمية والأكاديمية الغربية، المصدر الوحيد للعلوم والتقنيات المعترف عليها عالمياً، فيكفي أن نعلم بأن الشركات الاقتصادية العملاقة هي المسؤول الرئيسي عن تمويلها، وبالتالي فالقائمين على هذه المؤسسات يعتمدون اعتماداً كبيراً على تلك الشركات الاقتصادية في سبيل المحافظة على مناصبهم، وبالتالي، فإن مسألة تحديد "ما هو ممكن و ما هو مستحيل علمياً" يتماشى حصراً مع مصلحة الشركات الممولة وليس المنطق العلمي الأصيل!.. أما بالنسبة لحكومات الدول الغربية التي تسودها الأنظمة الديمقراطية (أنجح الأنظمة في خداع الجماهير لصالح طبقات الصفوة)، فمعروف عنها أن القوانين والمراسيم التنفيذية والفتاوى السياسية تصدر من البرلمانات أو مجالس الشيوخ أو غيرها من مجالس تمثيلية منتخبة، وجميع هذه القوانين والمراسيم تصدر دائماً تحت العنوان الكبير: "من أجل المصلحة العامة"، أو "من أجل مصلحة الشعب"! لكننا لم نفطن أبداً إلى حقيقة أن هذه القوانين مهما كانت مصيرية، فهي تحت تأثير مباشر من قبل المؤسسات الاقتصادية العملاقة التي لها الفضل الأوّل في حصول أعضاء هذه المجالس على مناصبهم! وبالتالي، فأي ترخيص أو منع لصناعة معيّنة هي تحت السيطرة المستمرّة و المباشرة لهذه المؤسسات التي وجب أن تبقى هي المتحكمة دائماً بالمجريات الاقتصادية.
ونتيجة للوضع المذكور أعلاه ، نتوصّل إلى الحقيقة الأكثر إيلاماً التي تخص مكاتب براءات الاختراع الغربية، المعيار الأساسي للتراخيص الصناعية والتقنية في العالم، إذا قمنا بالتدقيق أكثر على المجريات الحاصلة في هذه المكاتب، نكتشف أنها تمثّل صمّام أمان يعمل لصالح المؤسسات الصناعية الكبرى! فأي اختراع يمكن أن يهدد مصالح تلك المؤسسات يتم قمعه في الحال! والطريقة سهلة جداً، كل ما في الأمر هو أن تحكم اللجنة الفاحصة (القسم العسكري) على هذا الاختراع بأنه "يمسّ بالأمن القومي"! فيوضع على الرف ويذهب إلى غياهب النسيان! وهناك خدعة أخرى يتم تنفيذها بالتعاون مع اللجنة الفاحصة (القسم العلمي)، فيحكمون على الاختراع بأنه غير موافق للشروط والقوانين العلمية الرسمية!. هناك تبريرات كثيرة يمكن اللجوء إليها عند الحاجة، و قد اعترف أحد الأعضاء السابقين في لجنة فحص الاختراعات في الولايات المتحدة بأنه هناك أكثر من أربعة آلاف اختراع محجوب بهذه الطريقة! لكن إذا فرض الاختراع نفسه بقوة الحجة والبرهان العلمي الأصيل، وتسرب بالخطأ إلى مسامع الجماهير، مما يجعلهم عاجزين عن إخماده بالوسائل القانونية المبتكرة، يلجأ رجال الظلام إلى أساليب وإجراءات أخرى هي من اختصاص رجال العصابات والإجرام المنظم !.
لقد استعان بارونات المؤسسات المالية العملاقة بأسلحة ووسائل كثيرة ساعدتهم على تأجيل ظهور تكنولوجيات كثيرة تساعد على استخلاص الطاقة البديلة. أما الأساليب التي استعانوا بها من أجل ترسيخ هذا التأجيل و استمراره, فكانت تتراوح بين الإكراه بالتهديد, الاستعانةبمتخصصين ورجال أكاديميين (محترمين) من أجل إيجاد ثغرات وزيف في هذه التقنيات المقموعة ودحضها علمياً, شراء تقنيات مبتكرة وتصاميم ومن ثم حفظها بعيداً عن العالم, قتل ومحاولة قتل مخترعين, اغتيال شخصيات, إحراق المباني عمداً, توفير مجموعة واسعة ومتنوعة من الحوافز المالية تارة, والتهديد والإكراه تارةً أخرى, والتآمر على الأشخاص الذين يدعمون نظرية الطاقة الحرة والمؤسسات الممولة لهذا التوجه, كما أنهم صرفوا المليارات من الدولارات للترويج لنظرية علمية زائفة تقول بأن الطاقة الحرة مستحيلة من حيث قوانين الطاقة الديناموحرارية Laws of Thermodynamics.
كل هذا ولم نذكر الحروب العديدة التي اشتعلت فقط من أجل المحافظة على استمرارية الطاقة التقليدية (البترول), وما زالت مستمرة حتى الآن!.. المؤامرات الدولية.. السياسة العالمية الحالية.. جميعها تتمحور حول البترول.. النفط! إن البترول بالإضافة لمساهمته في خلخلة استقرار العالم سياسياً واقتصاديا, واجتماعياً، وأخلاقيا هو مصدر رئيسي للتلوث الذي سيجعل الأرض على حافة كارثة بيئية محققة!. ما الذي أدخلنا في هذا الوضع البائس؟ من الذي جعل البترول مصدر الطاقة الوحيدة الذي التزمنا باستخدامه لسياراتنا وصناعاتنا ومطابخنا..إلخ ... لماذا..؟ من المسؤول؟. ومن هو المستفيد؟. اعتقد بأن هذا القسم يحمل الإجابة الوافية على كافة التساؤلات.
علاء الحلبي