دراسة رمزيات ريزيدنت إيفل - الأموات ويوم القيامة

سيد الأحجار السبعة

عابر الزمن الثالث
المشاركات
673
مستوى التفاعل
1,385
الموقع الالكتروني
alkynilogy.blogspot.com
{( وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ يَوۡمَ يَأۡتِيهِمُ ٱلۡعَذَابُ فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ رَبَّنَآ أَخِّرۡنَآ إِلَىٰٓ أَجَلٖ قَرِيبٖ نُّجِبۡ دَعۡوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَۗ أَوَ لَمۡ تَكُونُوٓاْ أَقۡسَمۡتُم مِّن قَبۡلُ مَا لَكُم مِّن زَوَالٖ (44) وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ )}​

1727647706266.png

{( لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (*)
لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (*)
إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ (*)
وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ (*)
وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ (*)
إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ (*)
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ )}


(1) ما هو الموت ؟

"الموت" عرفياً هو ظاهرة توقف الجسم عن التفاعل حيوياً وأداء وظائفه البايولوجية، مما يعني توقف الحركة الجسمانية الإنسانية المتسمة بمعالم الذكاء والتعقيد، وهذه الحركة هي مؤشر "تواصل الحياة مع البيئة" ، هذا يجعل توقفها يدل على أن الوعي منقطع أو معزول عن العالم المادي، أو عن الزمن الذي حل فيه.

"الموت" جوهرياً هو انقطاع الوعي عن التواصل الحيوي مع الزمن والوجود، مما يعني أن الموت ظاهرة نسبية، لأن طبيعة اتصال الوعي مع الوجود والزمن نسبية ومقيدة، فكل فرد يتواصل مع مكان محدد وزمن محدد، وخارج هذا المكان والزمان ليس بينه وبين بقية الوجود اتصال مباشر.. وكما أن الوعي يتصل دائماً بالزمكان جزئياً فإن انفصاله عن الزمكان نتيجة الموت جزئي أيضاً، ومن الممكن أن يتصل بزمان ومكان بعيدين عن واقعة موته.. انتقال الوعي من زمن إلى زمن آخر أو من عالم إلى عالم آخر يعني أن الوعي بحد ذاته لم يمت، إلا بالنسبة للزمن الذي رَحل عنه.

ما يحدث مع الوعي بعد الموت فعلياً يكون من الغيب ...

إذا كان وعي الكائن لا يزال قادراً على الاتصال مع حالات كونية بعيدة أو مع زمن كوني مختلف فإن انقطاعه عن الحياة كان "نسبياً" متوقفاً على لحظة وفاته، بينما لا يزال قادراً على التواصل مع الوجود، حتى ولو لم يكن نفس الوجود القديم.

أي وعي فارق هذا العالم في زمن سابق يكون ميتاً (بالنسبة) لهذا العالم، لا بالنسبة للوجود بكلانيته. كما أن أي وعي لم يدخل بعد في هذا العالم يكون ميتاً بالنسبة له لأنه لا يزال (غير متصل به) وهذا يعني أن الولادة في العالم هي "إحياء" لاتصال الوعي المفرد به، إذ هذه الصلة هي ما يحيا ويموت.

{( كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ۖ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )}

مفهوم الموت في علم المغناطيسية الحيوية Animal Magnetism واضح ومحدد : على أنه "انقطاع التواصل بين الوعي والعالم" ذلك أنه في حالة إدخال النموَّم بمستوى "السمنمة-المشي نائماً" فإن وعيه لا يدرك، لا يفعل، ولا يقرر أي شيء... ولا يعلم أي شيء. بينما يتصرف الجسد تلقائياً تماماً كالروبوتات، بناءً على المعتقدات الموجودة في العقل، وبناء على توجيهات المنوِّم.. إن المسمنمين أشبه ب"الموتى الماشين".

يبقى الجسد والعقل ، ولكن لا يوجد أي اتصال حقيقي بين "الوعي الذي تم تنويمه" وبين العالم الذي بقي العقل والجسد فيه، هناك انفصال بين الكينونة والروح الحية، الكينونة الزمنية عقلاً وجسداً تحت سيطرة اللاشعور، كأنها "آلة متحركة" أكثر منها "كائناً حياً".

الفرق بين المسمنم والميّت بايولوجياً هو أن الأخير لا يستطيع العودة مرة أخرى إلى الاتصال الحيوي مع العالم الذي فارقه، لكن المسمنم قد يعود، غالباً يعود ... ولنقل إن السمنمة هي موت مؤقت بينما الموت البايولوجي يكون نهائياً بالنسبة للكينونة، حتى ولو لم يكن كذلك بالنسبة للوعي (روحها).

الموت إذن هو "انفصال الوعي عن الوجود" ولا يستدعي بالضرورة توقف الجسم عن التفاعل مع الحياة، بل على العكس ، الجسم لا يمثل أي عنصر مختلف جوهرياً عن التراب والمادة الميتة عندما يدخل الوعي في سبات أو تنويم.

(2) من هم الموتى ؟

{( فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ )}

إن الأجساد التي في المقابر المادية فقدت أرواحها ولم تعد تمثل إلا الذكرى والعبر، لا يمكن أن يقال عن شخص فارق هذا العالم إنه "ميّت" بينما الحقيقة أنه "غائب" عن هذا العالم، أو عن هذا الزمن.

إن الموتى ًواقعياً هم الذين لا يستطيعون التواصل مع الحياة بالوعي الخاص بهم، سواء كانت أجسادهم متوقفة أو لا تزال تعمل، لكن وعيهم منفصل عن حياتهم، لذلك هم فاقدون للاتصال الحيوي مع الوجود، لذلك هم ميتون.

على هذا النحو، قد يكون وعي المتوفى حياً لأنه يتصل مع الوجود ولو في عالم آخر أو زمن آخر، ولكن بعض أو أكثر الناس الذين يعيشون فعلياً في هذا العالم قد يكونون أمواتاً، فما يعيش فيهم هو برامج العقل ووظائف الجسم، ووعيهم بالكاد يحس بأي شيء على الإطلاق.

إنهم ظاهرياً يعيشون، باطنياً لا يعيشون أكثر مما تعيش الباكتيريا، فاللاشعور هو ما يوجههم وهو يمثل "مقبرة زمنية" تأسر وعي كل واحد منهم في إطار معين من حدود الإدراك ونمطية الأحاسيس والتفاعلات ومجال المعرفة، وتبدو لهم المعاني الحيوية مثل "القيم والوجدانيات والرحمة والجمال والعِظم والرهبة والحقيقة" كأنها أشباح تلقي ظلالها على العالم الموضوعي، أو استعارات أدبية أو أوهام، لأن الوعي لا يستطيع حقاً الاتصال حيوياً بهذه المعاني، ولذلك تبدو له أسماؤها غير قابلة ل"التحديد".
 
التعديل الأخير:
(3) من هو الزومبي :

مفهوم الزومبي عميق وحزين، يختلف عن ما يبدو عليه ظاهرياً ..

أسئلة مشروعة ..

الزومبي "الميّت الذي يتحرّك"، ما هي القوة التي يمكن أن تحرّك الأنسجة الميّتة...

ما مصدر "غرائز" الزومبي ؟ لماذا يحاول حفظ البقاء البايولوجي، تماماً كالبكتيرياً ؟ من أين يصدر السلوك الواعي والعاقل للزومبي ؟ كيف يمكنه تمييز فرائسه، والمشي نحوها وفتح الأبواب وتسلق الجدران والسلالم ؟ هذه الأفعال تشير إلى استخدام الملكات العقلية والوظائف المعرفية، إذا كان الزومبي مجرد جسم ميّت سيطرت عليه الباكتيريا إذن ليس من الصحيح أن يمتلكها.

في النسخ المطورة من الزومبي يبدو ذلك واضحاً أكثر، لقد أصبحوا قادرين على استخدام الأسلحة والحيل، وإعطاء كلمات وأحاديث تحمل معاني محددة.

طريقة عمل الدماغ تعتمد على وجود الوعي والعقل حتى يتمكن الدماغ من التعرف على بعض المفاهيم الأولية، من دون الوعي المراقب والمدرِك ومن دون العقل القادر على تحليل وتركيب المعطيات، الدماغ لا فائدة منه من أجل تكوين أوامر أو تصرفات ذكائية، مهما كانت بسيطة وبدائية.

ولذلك يحتاج الزومبي إلى بقاء الوعي في الجسد، لكن مع نزع قدرة هذا الوعي على إبداء أي مقاومة أو إرادة أو اختيار.. فتصبح وظيفة الوعي كوظيفة نواة التغذية الكهربائية بالنسبة للآلات.

الزومي لا يعيش إذا مات الوعي تماماً ... أو حين ينقطع الاتصال بين العي والجسد على نحو مطلق .. وهذه الحقيقة ربما تكون مرعبة لأغلب القارئين ... لكن الزومبي هو "كائن يسيطر لاشعوره على الموقف، لكن وعيه لا يزال باقياً في جسده".

ماذا عن من لا يستطيع أن يوقف قدميه عن الاهتزاز، أو يده عن تحريك المفاتيح، أو لا يستطيع السيطرة على غريزة الجنس والطعام ؟ هذه صور بسيطة، ولكن ماذا لو اتسعت رقعة سيطرة اللاشعور إلى الحد الذي تتلاشى فيه معالم سلطة الوعي مطلقاً في الاتصال الحيوي بين الكينونة والوجود ؟
هذا ما سيحدث ..
سيولد كائن جديد، لديه وعي .. ولكن ليس لديه قدرة على "تحرير الوعي" من الدوافع والانفعالات، وعيه "مصلوب-مقيد" في الجسد، لكن القيادة بالكامل للاشعور.

هل الزومبي فعلاً ميت ؟ أم أنه "وعي غير قادر على الحياة ..." ؟

هذا هو السؤال الخطير ...

ما رايك بإدراك الأمور جيداً مرة أخرى بعد أكثر من عشرين سنة ؟

تذكر كيف يمر الكيان البايولوجي بمراحل التحول إلى "الزومبي" ...

فأول مرحلة هي "انتقال العدوى إليه" ، وبعد لحظات قليلة تبدأ أعراض الحمى والإرهاق والشحوب والهذيان، ولكنه لا يفقد الوعي و"لا يموت" على عكس الشائع...

بعد فترة من الزمن (ساعات أو أيام) يبدأ بالتصرف بشكل متناقض وكأنه شخصان أو كائنان يتنازعان على تملّك الكينونة ، أحدهما هو الشخص الأول الواعي والثاني هو "الزومبي".

وكأن الزومبي هو "برنامج" يحاول أن يسيطر على الكينونة ويزيل عنها حُكم الوعي، لكنه (لا يقتل) الوعي ، بل يأسره ... فيصبح هذا الوعي الأسير غير قادر على مقاومة تعليمات برنامج الزومبي ، غير قادر على قول "لا" ... ولكن ، لم يختفي هذا الوعي من الكينونة، فقط تم توجيهه بطريقة مختلفة، بطريقة الزومبي، أي بعبارة أدق: يفقد الوعي القدرة على التحكم في "النزعات" و"الغرائز" و"الاستجابات" و"الأفكار" و"الخيال" و"الإدراك" ، ولكنه لا يزال موجوداً في الجسد، بحيث يستخدمه برنامج الزومبي اللاشعوري من أجل وظائف معينة.

لعل هذا يفسر ثلاثة مفارقات يطرحها سلوك الزومبي : لماذا الزومبي يصرخ وكأنه يحاول مقاومة شيء ما، ولماذا الزومبي يموت عندما يتم ضرب رأسه بقوة، وكيف يمكنه أن يبدي سلوكيات ذكائية من حين لآخر.

تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

{( إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَىٰ )}

{( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ )}

{( وَمَا ظَلَمۡنَٰهُمۡ وَلَٰكِن كَانُواْ هُمُ ٱلظَّٰلِمِينَ (76) وَنَادَوۡاْ يَٰمَٰلِكُ لِيَقۡضِ عَلَيۡنَا رَبُّكَۖ قَالَ إِنَّكُم مَّٰكِثُونَ (77) )}


هب أنك تريد إيصال معلومات مصيرية للعالم فماذا ستفعل ؟

لم يعد الناس يثقون بالنبوة والرسل، استخدام الفن والرموز أكثر كفاءة، يوصل المعنى لمن يبحث عن الحقيقة، بإطار يجعل المعاني "غير صريحة جداً".

أحياناً تعلم الحقيقة دون أن تكون قديساً ... حتى العلوم التجريبية وصلت إلى نفس ما بلغته الكتب السماوية.​
 
(3) هل يمكن أن يتحول إنسان إلى وعي عُضوي ...

المسافة الفاصلة بين الوعي العضوي (الزومبي) والإنسان :

أدعو أن الاختلاف بين الإنسان الحالي وبين الوعي العضوي يكمن في "درجة النسيان" لا في نوعية الوجود.

لا يزال الوعي الإنساني يمتلك القدرة على الإدراك والتفاعل الذاتي (باستقلال عن المؤثرات الموضوعية) ولا يزال يمكنه إدراك حياته وشخصيته والعالم والوجود على نحو مستقل عن الآخرين، والظروف، والعواطف، والانفعالات، والضغوط .. وسائر الأفكار والاقتراحات والموضوعات المنفصلة عن الذات الحقيقية ...

ربما يكون ذلك صعباً جداً ولكنه لا يزال ممكناً، وهذا الإمكان للعودة إلى وعي الذات الحقيقية هو ما يجعل الإنسان مختلفاً عن البهائم والآلات، وهو ما يسمح للناس أن يغيروا ما في انفسهم ، قيمهم ودوافعهم وآراءهم ومعتقداتهم وعاداتهم من حين لآخر.

هناك وعي عند الزومبي، لكنه غير قادر على "الاستقلال-الخلاص من الصليب" المتمثل بالارتباطات مع المثيرات الموضوعية والعالم الخارجي ولو للحظة واحدة أو بطريقة واحدة، إنه غير قادر على اتخاذ مواقف معرفية أو تفاعلية على الإطلاق، كل الموافق والسلوكيات مقررة بالكامل لاشعورياً، الوعي ذائب في العالم الموضوعي إلى درجة الغياب عن إدراك ذاته أو الزمن أو المكان أو الوجود أو أي معنىً خارج الانطباعات الحسية المباشرة، التفاعل نارياً مع هذا العالم.. يُحدث زمن النار.

قد ينسى الإنسان وجوده الذاتي المفارق للعالم (بكل ما يحمله العالم من معاني وكائنات)، ويتماهى مع موضوعات محددة في العالم الخارجي (العائلة والعمل والدراسة والترفيه...)، ويعتمد الإنسان في إثبات وجوده على رصد تفاعلاته مع تلك الموضوعات وتأثيره عليها.

لكن الوعي العُضوي توقف حتى عن الإحساس بوجوده الذاتي، على الإطلاق، سواء كوجود يفارق العالم (وعي خالص) أو يتماهى معه (وعي إنساني)، وبينما لا يزال وعي الإنسان قادراً على تكوين الشخصية التي تفصله عن العالم، فإن الوعي في الحالة العضوية ليس له وظيفة إدراكية إلا الانشغال المفتوح باختبار سائر الانطباعات المادية ( حدثية التفاعل والافتراس ).

إذا أخذت اللاشعور وقمت بتحليل طبيعته ستجده مكوَّناً من نظام علاقات وترابطات ليس لها قوام مادي، الأحكام منطقية والارتباطات المحفوظة في الذاكرة هي طبيعة اللاشعور، وليست صفة أو خاصية من خصائص وجوده، إن اللاشعور هو اللاشيء في مجال فردي، نوعية وجود اللاشعور العدمية هي أيضاً (غير مادية-غير صُلبة) وهذا ما يسمح له بحمل البيانات والمعلومات دون الحاجة إلى وجود إطار مادي يحفظها (خلايا-وحدات تخزين)، لأنه ليس "شيئاً بحد ذاته" بل شبكة من العلاقات الرابطة بين الوعي الذاتي وبين الأشياء.

وظيفة اللاشعور الأصلية هي أن ينوب عن الوعي الفردي في تفاعلات الغير مركزية مع العالم. إنه يعطي الوعي فسحة للراحة والتركيز على أمور محددة دون أن يحمل هم باقي الأمور، وهذا يجعل صلاحيات اللاشعور شاملة كلَّ ما لا يركز الوعي عليه في اللحظة الراهنة. يحدد اللاشعور الموقف من الأشخاص والأحداث والموضوعات الجزئية أثناء انشغال الوعي بموضوع معين يمنع التفكير بالمحيط- يحدد اللاشعور علاقة الكائن مع الأمور التي لا يتواصل الوعي معها لأنه لا يملك وقتاً أو قدرة أو رغبة للتعامل مع كل واحدة منها بمفردها، يحدد اللاشعور أنواع الانفعالات والسلوكيات التلقائية (ما الذي تخاف منه-ما الذي ترغبه ...).

لكن الأهم هو أنه النظام الحقيقي الذي يوجه التفاعلات والعلاقات بين الوعي وبين معظم مجال الوجود، الذي لا يتواصل الوعي معه مباشرة (مثل الأزمنة والأماكن ومستويات الوجود التي لا يتواصل الوعي معها في لحظة الآن).

اللاشعور هو النظام الذي يمنع اتصال الوعي مع الحقائق والوجودات الغائبة عن رؤيته وتفاعله، ويمنع عنه ملكات أو قدرات معينة، وأن يحيا الحياة التي يريد أن يحياها. اللاشعور هو العلاقات بين الوعي والوجود، وحين تكون هذه العلاقات فاعلة فإنها تعبير عن طريقة ارتباط الوعي مع الكون، حسب ما يرغب به الوعي نفسه، وحسب ما يحتويه العقل من المعتقدات، وهذا ما يقطع الاتصال مع المجالات البعيدة عن اهتمام الوعي، من أجل الإبقاء على تركيزه في نفس المسار.
تركيز الوعي في مسار محدد في العالم سيؤدي إلى استقرار مؤقتاً، ولكنه سيؤدي إلى حجب تجليات الوجود الكلاني والحقيقة المطلقة، إن ضريبة الاستقرار في العالم المادي هي خسارة الحقيقة والمطلق، إن الاستقرار يعطي الراحة والأمان كما يتسبب في السجن والتقييد.. إن الأمان الناتج عن الحياة الروتينية هو نفس الأمان الناتج عن جدران السجن التي تعزل ما في داخله عن ما في خارجه.​

الوعي العضوي (الزومبي) هو من تمت سمنمته فأصبح اللاشعور يتحكم بتفاعله الحيوي كلياً، وفي نفس الوقت يكون نظام العلاقات بين الوعي والكون مبنياً على دائرة التفاعل البهيمي التي يكون مركزها هو "الانطباع المادي الجسمي" ومحيطها هو الاستجابات الانعكاسية المباشرة للغريزة، ويكون الهدف من التفاعل هو اختبار الانطباعات الجسمية (الفيزيولوجية-اللذة والألم على المستوى الفيزيائي)، مما يلغي الحاجة إلى وجود فاصل فكري (ذهني) بين المثير والاستجابة. بركز الوعي العضوي فقط على نوعية الانطباع المقدم من الواقع الموضوعي (رغبات الزواحف كما تسمى في الثيوصوفيا) وتقود سلوكه الدوافع البايولوجية.

إذن، وعي الزومبي مقيد مباشرة بالبُعد الانطباعي المادي، دون وجود هرم معقد من المعتقدات أو شبكة من الافتراضات والأفكار كما في حالة الإنسان، إذ أن استسلام الوعي للانطباع الحسي المادي والمتعة الغريزية تماماً لا يبقي حاجة ولا مكاناً من أجل تأويل العالم أو فهم الوجود. يتطلب اختبار الانطباعات المستمر تركيزاً على البيئة المادية ضمن حدود بُعدها المادي ، المعزول عن كل ما وراءه..

الوعي العضوي غير قادر على الاهتمام بالأمور التي تتجاوز الانطباع، فهو مقيد بالكامل بعلاقة "المثير-الاستجابة" نتيجة نسيانه واستسلامه، وأقصى ما سيطلبه الزومبي هو حاجاته الغذائية.

الزومبي هو إنسان تقدم خطوة أكبر من المعتاد في المضي قدماً نحو الاستسلام الكامل للطبيعة المادي وسلطة اللاشعور، وما يجعله كذلك هو ضئالة الموضوع الذي يركز عليه (الفريسة\الاختبار المادي المحدود والمتعة الدوبامينية المحضة)، وهو ما ألغى دور الذهن تماماً، وجعل عقلانيته تموت ، وحلت محلها دوافع غريزية مباشرة.. لأن الوعي لم يعد له حضور حقيقي في الحياة، لم يعد حتى يفكر أو يمر بمراحل ذهنية أو تأملية قبل الاستجابة، أصبح مجرد مصدر دفع واستغلال، ووصل الذهن إلى نهايته وانتصر الوجود البهائمي على الإنسان.

حالة الزومبي هي نوع من "السمنمة المستدامة"، السمنمة المزمنة. يمكن توجيه المسمنم ببرنامج تعليمات معقد حتى يؤدي نمطاً سلوكياً خاصاً ويحقق هدفاً محدداً جداً، وتنتهي السمنمة عندما يتحقق الهدف.

ما يركز المسمنَم عليه هو "الأوامر العقلية" والوعي يكون غائباً عن الكينونة.
ما يركز الوعي المتعضي عليه هو "الانطباعات المادية الحسية" والوعي يكون "مضمحلاً ومقيداً" ولكن ليس غائباً وهذا فرق مهم جداً بين حالتي السمنمة والزومبي.

السمنمة تشمل حالة الزومبي كنوع خاص من سيادة اللاشعور على الوعي الفردي، وبما أن أي اتصال بين الذات والوجود لا يحكمه الشعور سوف يحكمه اللاشعور سواء كان اتصالاً ذهنياً أو جسدياً، فإن حالة الوعي المتعضي تنتمي إلى دائرة سيادة اللاشعور، لكن ما يميز نمط تفاعلات الزومبي هو أن"نظام توجيه التفاعل-نظام العلاقات" معتمد بالكامل على المستوى المادي الظاهري، وبقية اللاشعور الذي يقيد الوعي ليس له خصائص فردية (لاشعور خاص بالوعي نفسه). فيستحيل اللاشعور الفردي إلى لاشعور كوني، وهذا ما يسبب ذلك الانطباع بالمادية المطلقة.. حتى ولو لم يكن للذهن دور في بناءه نظراً لكونه مجرد استجابة مباشرة.

فإذا كان الزومبي هو حالة من السمنمة، وكان يمكن إدخال الإنسان عموماً في حالة سمنمة بسهولة، فيمكن أيضاً أن يتحول هذا الإنسان إلى زومبي بنفس درجة السهولة.

لن أتحدث بلغة اللباقة وأقول أن ذلك "صعب أو معقد أو مستحيل" ولكن الحقيقة أن تحويل الإنسان إلى زومبي بسيط من حيث التقنية، وتكمن الصعوبة في الإجراءات.

إن خاصية النسيان عند الإنسان تعطي مفتاحاً لأي عملية تنويم أو تحكم ذهني مظلم، بمجرد أن يتخلى الوعي عن الإشراف والرقابة على جانب معين من جوانب كينونته أو الحياة فسيصبح هذا الجانب تحت سلطة أنظمة اللاشعور، وبمجرد أن يرفع الوعي الدرع النفسي عن مجاله اللاشعوري فسيتمكن الآخر من التفاعل مع علاقاته ومحاولة إعادة تشكيلها من جديد، واللاشعور قابل للحقن بجميع الاقتراحات التي يقدمها المنوِّم المغناطيسي.

فإذا كان الأمر كذلك فإن تحويل الإنسان إلى وعي متعضي (زومبي) مسألة ممكنة بحدود إجراءات التنوم المغناطيسي.. وهذا يعني ، في النهاية، أنه يمكن أن يتحول الإنسان إلى الزومبي دون حتى أي تدخل خارجي، بمجرد استمراره في سلوك بهائمي أو مادي محض أو متعضي.

هذا يجعل حالة الزومبي هي المصير الحتمي لكل إنسان وكائن يستمر في الحياة بنمط عبثي وغريزي ، ينسى فيه القيم ويعرض عن ذكر الله ، ويركز على الانطباعات الحسية المادية والتفاعلات العبثية والعلاقات الأنانية-الافتراسية والتعضي مع المجتمع والذوبان في الآخر الزمني-الاغتراب.​
 
"أتابع مقالاتك منذ فترة وأشعر أنني كنت أعيش في وهم كبير
على الرغم من أن كل شيء كان يقودني إلى المعرفة إلى أنني تجاهلت ذلك دائما
ولكن أعتقد أنني بدأت أحيا فلقد كنت ميتة منذ وقت طويل
 
(4) قصة ريزيدينت إيفل 1 :

يهبط من الجو (الذي يرمز للسماء) على الأرض أربعة عملاء من فريق S.T.A.R.S (النجوم)
ليجدوا أن العالم يمتلئ بالزومبي (الموتى) الذين يسعون لافتراسهم، ثم يدخلون قصراً (في إشارة إلى المصفوفة) حتى يستطيعوا فهم الموقف هيكلياً ويتمكنوا من التصرف بطريقة صحيحة.

1728442770800.png

القصر يرمز إلى "النظام" الذي يعطي نقطة ارتكاز في عالم الفوضى (الغابة)، إن ما يميز القصر عن الغابة هو أنه (يمنع انصهار النور والظلام وضياع الوعي في الغياب (الغابة هي ما تضيع فيه الحقائق - المعالم منصهرة ببعضها مما يجعل الحقائق تصبح غائبة "أسرار")
1728442929181.png

تذكر دائماً : اينما وجدت صورة الرقعة فهي ترمز إلى مثنوية النور والظلام لكن في "حدود وانتظام-مصفوفة" بحيث تحمي من يلتزم بها من ضياع معالم الطريق.

إن المصفوفة وفقاً لريزيدنت إيفل لها معنىً عميق جداً، ذلك أنه ((لم يتم تصميمها لتعذيب الناس))، بل، لتجنيب الأرواح النجومية خطر العالم بصورته الحقيقية (الغابة ما وراء القصر) فبمجرد فتح باب القصر (محاولة التمرد على المصفوفة) يظهر كلاب يحاولون افتراسك ، ولهذا السبب كان على الأنبياء والأولياء أن يحترموا قوانين العالم رغم أنهم يعلمون أنها مزيفة، فهذه القوانين مصممة فقط من أجل حف سلامتهم وتعزيز مهمتهم.

تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط

إن ما يميز الأرواح النجومية حقاً ويمنعها من الموت في وباء الزومبي هو أنها "مخلِصة للقيم" ولا تمتلك دوافع أنانية أصيلة، وحتى حين تتصرف ببعض الأنانية (مثل ألبيرت ويسكر) فذلك يكون بنية غير أنانية (يريد إعادة تشكيل عالم أفضل) على عكس الزومبي الذين يسعون فقط للافتراس.

لماذا لا يلتهم الزومبي بعضهم البعض ؟

لأن الزومبي يبحثون عن الحياة من أجل أن يقضوا عليها، وهذا هو أساس برنامجهم العقلي-الوراثي، فاللاشعور لا يلتهم لاشعوراً آخر، بل يفعلها فقط مع الوعي.

تذكر أن لا "تتمرد" على الأنظمة، بل أن تتفهمها وتتفهم سبب وجودها، وعندما يحين الوقت المناسب فسيوحي الله إليك أن حان الوقت لكسر جدار المصفوفة، لكن لا تكسرها من تلقاء نفسك ومن دون تعليل حقيقي وقيمة حقيقية، هذا الدرس للأسف ، كلفني الكثير حتى تعلمته، وأقدمه إليك بصورة بينة حتى تتجنب أخطاء ومعاناة لا داعي لها.

المصفوفة ليست عدواً لك، المصفوفة هي طريقة لتنظيم العالم الممتلئ بفوضى أعمال البشر ونزوات الشياطين وغياهب اللاشعور فيزيائياً ونفسياً، المصفوفة ليست سجناً بل على العكس، إنها مُعين ومعزز لك، حاول أن تستخدمها وتستفيد منها، لأنك حين تكسرها ستتعرض لمواجهة "الغابة" وما لم تكن قوياً وعليماً وملتزماً على نحو مطلق فلن تستطيع مواجهتها.

وإذا انطلقت في كسر المصفوفة من محاولة إظهار قوتك أو علمك، فإنك تسير في طريق مناقض للقيم، وهذا ما سيسبب في النهاية انكسار روحك أمام الواقع.

{( قٰالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (*) إِلاّٰ عِبٰادَكَ مِنْهُمُ اَلْمُخْلَصِينَ )}

{(
تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
(
تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
)
تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
(
تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
)
تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
(
تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
)
تسجيل الدخول أو تسجيل لمشاهدة الروابط
)}​
 
التعديل الأخير:
اشكرك على الطرح، إنه ينم عن نظرة عميقة ثاقبة فاحصة للألة الإنسانية ومختلف النشاطات التي تدور بها، شيء قلما نجده هذه الأيام..


دعني أضف ما في جعبتي حول هذا الموضوع:

حسب العلوم الإزوتيريكية الباطنية وحسب تجربتي الشخصية ايضا وعكس الفهم المنتشر فالإنسان ليس كائنا وحيدا بل يتضمن عدة أوعية -جمع وعي- في أن واحد

واحد فقط من هذه الأوعية هو الإنسان الحق والباقي هي اوعية منبثقة عن باقي الأجساد، فالجسد يعطينا الوعي العضوي وهو ما نسميه بالغرائز البيولوجية إلخ..أقرب للحيوان
والجسد النجمي يعطي الوعي المشاعري وهذه هي الاحاسيس غضب حزن فرح إلخ بتفرعاتها اللانهائية
والجسد العقلي يعطي الوعي العقلي وهذا هو التفكير والتحليل والإستنتاج والتركيب والربط إلخ

الإنسان كوعي خلال حياته يتماهى مع أحد هاته الأوعية ويظن انها هو، فمثلا إذا شعر بالجوع فهو أنذاك متماهي مع الجسد البيولوجي وهكذا

هذا التماهي يبعدنا عن حقيقتنا وما نحن عليه، هذه الاجساد تجذبنا أسفل نحو وحل المادة الكثيفة، إلى الجحيم..إلى اللاوعي..

وكلما تماهى الإنسان معها كلما إكتسبت قوة وزادة سيطرة وصعب الإنفكاك منها

اوعية هذه الاجساد تشتغل بشكل أوتوماتيكي وذكي وهي محترفة لجذب إنتباه الإنسان ودمجه معها ليحقق رغباتها

ومن خلال هذا يتبين أن معظم البشرية زومبي..

لكن المجتمع الإنساني يتعامل مع الفرد كأنه كامل وغير خاضع لأي تأثيرات خارجية أو داخلية ويحمله المسؤولية الكاملة لأفعاله والتي هي مجرد أفعال نابعة عن الأوعية الدنيا، كل الشر قادم منها وكل الخير قادم من أعلى


الإستيقاظ والإستنارة هي التخلص من هذه القيود، وعندما يحدث ذلك سيكون أشبه بالإستيقاظ من إغمائة عميقة، عالم جديد غير محدود سيفتح أمام المستنير ويقول يا ويلي أين كنت!
 
اشكرك على الطرح، إنه ينم عن نظرة عميقة ثاقبة فاحصة للألة الإنسانية ومختلف النشاطات التي تدور بها، شيء قلما نجده هذه الأيام..​
أشكرك سيدة أنجيل ...

المشاهد تضيء الذكريات ، والتفاعل مع الذكريات يفتح الباب أمام إدراك "الزمن" و"البعد الزمني" للموضوعات التي نشاهدها.

الوجدان دون العلم لا يسير إلى الحقيقة، والعلم دون الوجدان لا يبحث عن الحقيقة.

الذكريات تقودني إلى ما لا يمكن الوصول إليه من جانب العقل، كذلك كان تتبع شريط الذكريات يسمح بالمراقبة الصامتة...
حسب العلوم الإزوتيريكية الباطنية وحسب تجربتي الشخصية ايضا وعكس الفهم المنتشر فالإنسان ليس كائنا وحيدا بل يتضمن عدة أوعية -جمع وعي- في أن واحد

الإنسان كوعي خلال حياته يتماهى مع أحد هاته الأوعية ويظن انها هو، فمثلا إذا شعر بالجوع فهو أنذاك متماهي مع الجسد البيولوجي وهكذا

هذا التماهي يبعدنا عن حقيقتنا وما نحن عليه، هذه الاجساد تجذبنا أسفل نحو وحل المادة الكثيفة، إلى الجحيم..إلى اللاوعي..

وكلما تماهى الإنسان معها كلما إكتسبت قوة وزادة يبطرة وصعب الإنفكاك منها​

"الوعي" هو "فعل" تمارسه الذات الحية بالنسبة للموضوعات التي تحضر إليها شعورياً.

وعندما يتم توجيه الإدراك نحو الفعل، لا يتجلى ككائن بحد ذاته، بل كعلاقة بين كائنين، أحدهما (الفاعل) يمارس الفعل والآخر (المنفعل) يمارس الانفعال أو "الفعل السلبي".

الأفعال لا تمثّل "معاني يمكن إدراكها" بل تمثل "علاقات ناشئة بين المعاني" لأن المعنى هو كائن بحد ذاته، والفعل يحتاج إلى غيره ليكون له وجود.

في القرن الماضي كانت المعاني التي تشير إلى الأفعال تسمى ب"المعاني الوظيفية" والمعاني التي تشير إلى الكائنات ذاتية الوجود تسمى بالمعاني البنائية او الهيكلية.

إدراك الجانب الوظيفي هو إدراك "الفعل" الذي يمارسه الكائن، ضمن الوجود المفارق له.

والوعي هو "فعل سلبي" يمثل العلاقة بين الذات والوجود.

هذا يعني أن إدراك حقيقة الوعي سيوصل إلى تحديد حالة زمنية (تفاعل-فعالية) لا إلى إدراك كينونة ذاتية.

والمعاني الوظيفية هي معاني "تعددية" بطبيعتها ، لأن الوظيفة هي علاقة خاصة بين كائن فاعل وكائن منفعل، وعلى هذا النحو، يمكن أن تؤدى نفس الوظيفة من قبل نفس الكائن إلى عدد لانهائي من الكائنات الأخرى.

وبقدر ما يكون عدد الموضوعات القابلة لممارسة الوظيفة عليها كبيراً بقدر ما يكون للوظيفة أنواع.

وهذا ما يجعل "معنى الوعي كفعل سلبي" يقبل القسمة على عدد لانهائي من المجالات :

من حيث المستوى الوجودي الذي يتوجه نحوه (وعي روحي - عقلي - جسدي) والطريقة التي يتوجه بها (وعي سالب قمري - موجب شمسي) والمصدر الذي يتوجه منه (فردي - جمعي - كوني) ومستوى الذكاء الذي يتسم به (وعي سطحي - متوسط - عميق - فائق) ومدى استمراريته (حالة دائمة-مؤقتة) ومدى شدته (مثالي- بالغ -طفولي) ومن هذا الطريق يمكن أن تنشأ أشكال لا حصر لها للوعي، مثل الوعي الروحي المثالي القمري، والوعي الجسدي الفائق الشمسي،يمكن تقسيم المجال المادي أيضاً إلى (تاريخي-جغرافي-رياضي...).

وعلى هذا النحو، الإنسان هو Multi-consciousness.

لكن ما يجمع كل أنواع الوعي السابقة، التي يعبر كل منها عن حالة من حالات حياة الإنسان الممكنة، هي أنها أنواع وظيفية، "جدلية"، فالوعي يحتاج إلى موضوع مفارق له غائب عنه \ آخر - وجود موضوعي يمكنه أن يسلط الضوء عليه، فيأخذ هذا الوعي الخام والذي هو "وظيفة الإحاطة الشعورية بالموضوع الحاضر للذات"، صيغة جديدة "مُركّبة" من الوعي (فعل الذات السلبي) + النقيض الموضوعي (الفاعل) الذي يكون موضوعاً يحاول الوعي نفيه (الاتحاد معه).

من جهة الذات الحية ، فهناك "نواة حقيقية" تؤدي وظيفة الوعي كفعل، وهذه النواة هي الروح...

فإذا كانت وظيفة القلب هي النبض، ولكن القلب ليس هو النبض، ووظيفة الكهرباء هي إنشاء التيار، ولكن الكهرباء ليست هي الحقل الكهرطيسي، ووظيفة العقل هي المنطق والحساب، ولكن العقل ليس هو المنطق والحساب، ووظيفة الشمس هي الإشراق، ولكن الشمس ليست هي الإشراق، فإن وظيفة الروح هي الوعي، ولكنها ليست الوعي، إنها كيان محدد، أما الوعي، هو "علاقة بين الروح والعالم" الروح هي النواة التي تؤدي "دور الوعي في الوجود".

أحب الإشارة إلى أن مفهوم "الوعي العضوي" والذي أقصد به الوعي القائم على "التعضي مع الآخر" مقتبس من مفهوم العضوانية في الفلسفة الماركسية، حيث ان انتساب العنصر للمجموعة هو علاقة عضوية، تعني أن العنصر يحتاج إلى "كامل المجموعة" حتى يأخذ تعريفه منها.

والعلاقة العضوية تختلف عن العلاقة الفئوية في أن العضوانية هي ذوبان في الآخر وتماهي معه، العناصر في الفئات أشبه بالمربعات المتراصة التي تربط بينها علاقات "تركيبية"، لكن العناصر في العضوية أشبه ب"السوائل والأنسجة الممتزجة" التي لا يمكن تفكيكها، العلاقة بينها "انصهارية" وهنا يختلف مفهوم التركيب (الغربي) عن التعضي (الماركسي) مع أن كلاهما ارتباط بالآخر.

ومن السهل فك الارتباط التركيبي، لأنه واضح، وخسائره واضحة، لكن العلاقات الهلامية يستحيل تفكيكها من خلال "سياسة الحد الفاصل".. على سبيل المثال : إذا دخلت رصاصة إلى الجسد فيمكن إزالتها بسهولة لأنها معدنية (محددة) ولكن إذا دخل (فايروس) إلى الجسد فإنه كائن حركي، والعلاقة معه ستكون جدلية (عضوية) فلا يمكن استئصاله جراحياً.

تركيب المعادن فوق بعضها البعض مسألة ميكانيكية، ولكن صهر المعادن مسألة كيميائية.. ومن الواضح أن تفكيك المعادن بسيط مقارنة بعزلها عن بعضها بعد أن تنصهر.

العلاقات البشرية المحددة قابلة للإزالة بسهولة عند الرغبة، ولكن التعقيدات المتسمة بعلاقات العائلة والزواج تأتي من هلامية الارتباط وضبابية الرؤية الناتجة عن ذلك.

والوعي العضوي (أو المتعضي) هو الذي فقد القدرة على تمييز نفسه عن الآخر الموضوعي على نحو كامل، وأصبح منصهراً في العالم الخارجي.

الوعي المتعضي هو الذي ينصهر في الآخر ، لا فقط يتقاطع معه، فيفقد السيطرة على وجوده بالنسبة للآخر وانفصاله عنه.هو حالة وظيفية للوعي يصبح فيها غائباً عن الإحساس بالذات الواعية على نحو شبه مطلق (أو مطلق) لأن الآخر أصبح كل شيء، وهذا الآخر هو الغياب، والعلاقة الجدلية (العضوية) الوحيدة الممكنة بين وعي غائب عن ذاته تماماً وبين الغياب هي علاقة الافتراس.

لأن الوعي الذي فقد القدرة على إدراك أي معنىً سوى الآخر الموضوعي، سيحس بوجوده الذاتي فقط كـ"فعل مؤثر على الآخر"، وبما أن الآخر بالنسبة له هو ما يتبدى من خلال الجسد، فإن وجوده هو "فعله المؤثر على جسد الآخر" . فجسد الآخر هو "مركز الوجود" والذات مجرد شيء يدور في "فلك جسد الآخر"، محاولة نفي انفصالها عنه، إن المفترس يحاول أن "يتحد مع جسد الآخر" لأن هذا الاتحاد علامته الوحيدة على الوجود.

وهذا الاتحاد المستحيل، من منطلق فهم وعي فقد الشعور بالمعاني تماماً (كما في حالة الزومبي) يمكن تحقيقه فقط من خلال توجه اندفاعي عدواني نحو الانصهار مع الآخر، والذي يمثل في حالته البهيمية الأرقى فعل الجنس، وفي حالته البهيمية الأدنى فعل "الافتراس".

أي أن المفترسات تحاول تحقيق وجودها الغائب من خلال الاتحاد مع الشيء الوحيد الذي يمكن لوعيها أن يتعرف على معالم الحياة فيه، وهو (الفريسة)، التي تمثل موضوعاً حيوياً قابلاً للانفعال، وبالتالي عاكساً للفعالية عليه، وهذه الفعالية بالنسبة للمفترسات هي الطريق الوحيد للوصول إلى "حالة استرجاع الكيان" والمجال الوحيد المتاح للإحساس بالوجود.

هذا يعني أن من يقوم بالافتراس ليس بالضبط هو الجانب اللاشعوري من الكائن، الذي يكون محايداً في حالته الأصلية، ولكنه بالأحرى "الوعي الذائب في حالة التعضي اللاشعوري مع الغياب" على نحو لا يستطيع فيه إدراك أي حضور.

ولأنه كوعي يسعى إلى إدراك الحضور ذاتياً، فسيسعى إلى الافتراس موضوعياً.

علاج الفايروس أو السرطان أو الفطر يتطلب أولاً قطع التغذية عنه، وثانياً "إذابته في الجسم الحاوي له" وهذا يعني وضعه أمام جهاز المناعة ، الذي سيقوم بدوره بتحليله.

التفكيك علاج للتركيب، والتحليل علاج للتعضي...
 
التعديل الأخير:
  • أحببت
التفاعلات: Ile
جحيم العقل الجمعي المتجسد مادياً
....​

الارتباط : هو الاتصال المفارق (اللاذاتي) بين كائنين، يصبحان مقترنين في المجال الموضوعي لوجودهما، بمعزل عن مدى توافقهما ذاتياً - بمعزل عن حقيقتهما.

الاتحاد علاقة ذاتية، الارتباط علاقة موضوعية ... ذاتك وحقيقتك وحياتك معاني متحدة - جوهرها واحد.

ذاتك وجسدك - ذاتك وتاريخك - أمريكا والمحيط الهادي معاني مترابطة - جوهرها مختلف ولكن علاقاتها التي تجمها لا تعتمد على الجوهر.

الارتباط نوعان :

الارتباط التركيبي :


اتصال خارجي بين ذاتين حقيقيتين يجمعهما بعلاقة محددة المعالم، دون أن تتحول كينونتيهما الموضوعيتان إلى شيء جديد، فالمركب منهما هو مجموعهما معاً.

الارتباط بين "مادة الجسم" والثياب تركيبي، الارتباط بين دولتي أمريكا وتركيا تركيبي.

الارتباط العضوي :


انصهار كينونتين موضوعيتين ببعضهما البعض لتكوين كائن جديد على نحو مطلق (من الناحية الموضوعية) مما يجعل فك الارتباط أمراً مستحيلاً، ويحتاج الخلاص منه إلى عملية خيميائية تستهدف النظام العميق للكيان.

الارتباط بين "أجزاء القلب" عضوي، لا يمكن أن يعمل القلب عند تفكيك أجزاءه، لا يمكن أن تعمل العين دون أجزائها مجتمعة، الارتباط بين أمريكا وروسيا عضوي، لأن زوال أحد القطبين يؤدي إلى كشف الآخر كموضوع واحد تظهر عيوبه ومزاياه بمعزل عن المقارنات، مما يضعه في تحديات "القطب الواحد" وهي التحديات التي لم يصمم نظام تناظري لأجلها ولا يمكنه التعامل معها.

هذه المعاني العلمية - الفلسفية - السحرية ستشكل فرقاً كبيراً في حياتك ، احفظها جيداً... الاتحاد مقابل الافتراق - الارتباط مقابل الانفصال - التركيب مقابل التفكيك - العضوية مقابل التحليل.

كل العلاقات التي تربط بين الذات وبين موضوع مفارق لها (غيرها) هي ارتباطات، وهي علاقات "اغترابية" ... لأن الذات تنشغل بشيء غريب عنها، ومغاير لحقيقتها، وتنسى حقيقتها، وبزمن مفارق لها وتنسى الزمن الحقيقي.

الاغتراب هو سبب الجحيم الوحيد.

الارتباط المتزامن مع النسيان هو سبب الاغتراب الوحيد.

الموضوعات المفارقة للذات لا تبدو حقيقية بالنسبة لها، والعلاقات معها لا تمثل رغبة الذات الحقيقية.

الوجود الموضوعي برمته، من أوله إلى آخره هو اغتراب لهذا السبب، تضيء فيه نجوم بعيدة تخب الذات أن الحقيقة موجودة عندما يجن عليها الليل، وتلمسها نسائم باقية من عبق ذكريات ضبابية، فتحن الذات إلى الشتاء والضباب لأنه يؤدي إلى الانفصال عن عالمها الموضوعي الغريب، حين يتذكر الوعي أنه في اغتراب.

الاتصال بالوجود الموضوعي ضمن حدوده الموضوعية المفارقة للذات التي تشاهده وتتفاعل معه هو الاغتراب عن الذات الحقيقية والوجود الحقيقي والذوبان في الآخر.

الارتباط العضوي مع الوجود الموضوعي هو الاغتراب عن الجوهر مع الذوبان في الآخر، وتقييد الرغبات والإدراك والتفاعل بما يتيحه هذا "الآخر" الموضوعي... والآخر الموضوعي هو "كل شيء" ليس حضوراً بالنسبة للذات.

الاتصال العضوي الكامل بالعالم هو الاغتراب عن الذات ، والذوبان في الآخر بِمحض بُعده المادي (الجسدي).

الوعي العضوي : هو الوعي المحكوم بالتفاعل العضوي على نحو كامل، مما يجعله يفقد كامل المسافة الوجودية بينه وبين "الآخر المادي".

مفهوم "الاغتراب الوجودي" يعني فقدان الاتصال الواعي بالذات، وغياب "معنى الذاتية" كوجود حاضر لا يستدعي التفكير، وفقدان القدرة على الاتصال بالحضور بوجه عام.

والحضور هو الوجود الغير مفارق للوعي الذي يشاهده ...​
 
التعديل الأخير:
بخصوص الحضور والغياب ...

فإنهما معنيين ذاتيين، والمرجع الوحيد للتعرف عليهما هو الذات وإدراكها للوجود، ولا يمكن شرحهما لغوياً بالتفصيل ولكن يمكن أن نشير إليهما بما يسمح لك بتحسس المعنى، وربما إدراكه.

أولاً، راقب المجال الظاهري أمام وعيك، وستدرك حالاً أنه محدود من حيث الزمان والمكان، والمشهد الذي ترصده يصور لك فضاء الغرفة أو الشارع أو الفسحة أو الشرفة (هنا) في وقت رصدك لها بالتحديد (الآن) وهذه الهنا والآن هي ما يمثل مجال الإدراك الظاهري، وكل ما وراء هذه "الهنا والآن" يعتبر غيبياً بالنسبة لك.

إن كلمتي "هنا والآن" تعبران عن الوجود الحاضر إليك موضوعياً من عالمك المادي، ولكن عالمك المادي، ما وراء المشهد، من حيث الزمان والمكان غير حاضر برمته نحوك هنا والآن.. وهذا يعني أنه من حيث المشهد غياب،.

الحاضر من الوجود لا يكون مادياً بالضرورة، مشاعرك التي تتحسسها حالياً هي "حضور بالنسبة لك، مشاعرك قبل عشرين سنة هي غياب، مشاعرك في المستقبل غياب، أفكارك الحالية حضور، لكن فيما سبق وما سيأتي غياب، فهذا يجعلك تبصر ان "الحضور" يشمل أموراً كثيرة غير محسوسة، بل إن تجاوز الواقع المحسوس يبدا بالذات من اللحظة التي تدرك فيها الحضور من الوجود، لأنك حينها تتخلص من المعارف السابقة كحاكم على وعيك وإدراكك، ولا تعود مضطراً إلى قبول المسلمات الجمعية، مثل أن الملائكة لا تظهر لك، أو أن الزمن يسير في اتجاه واحد، أو أن المتناقضين لا يجتمعان، او أنك لا تستطيع الخروج من جسدك، إن حالة الحضور ي البوابة الوحيدة للإدراك المتعالي على حكم اللاشعور.

إن الوجود ك"حضور" يعني أنه أسبق من المادة، التي تمثل محض تعبير واحد له، بينما يمكن أن يحضر كل ما تعلمه وكل ما لا تعلمه وهذا يعتمد على علاقة الحضور بينك وبين الوجود، والتي تسمى في الكينياء ب"التفاعل الحيوي القيمي"، وإن الزمن قد يكون غير مادي على نحو مطلق، وقد تتمثل عبره تجليات غير موضوعية.

الموضوعات المادية التي لا توجد مباشرة أمام الوعي (والموجودة في أماكن وأزمنة بعيدة عن نقطة رصده المركزية) هي موضوعات لا يستطيع الوعي إدراك حالتها الراهنة، وبالتالي لا يستطيع الحكم عليها بالوجود أو العدم، أو بأي حكم منطقي آخر إلا على نحو "الظن" و"ترجيح احتمالات على أخرى".

فإذا كان الوعي في دمشق في الليل، فإنه منفصل تماماً عن ما يحدث في أمريكا في النهار، وإذا محت مدينة لوس أنجلوس عن بكة أبيها فإن هذا الوعي لن يعرف بذلك حتى يصله الخبر.

على نفس النحو، الوعي منفصل عن العالم المادي ما وراء الصورة المادية الملتقطة بالحواس، فربما هذه الصورة لم تصدر من حقيقة موضوعية أو تم التعديل على هيكلها وجعلها تتغير قبل أن يدركها الوعي.

ما يدور في أخلاج الآخرين وعقولهم ومجالاتهم الإدراكية، طالما أنه لا يجد طريقاً إليهم أعمق من "الاتصال المادي"، فأي فكرة أو نية يتصورها الوعي عن الآخرين هي محض اعتقاد شخصي.

إن أمريكا مفارقة لوعيك، وكذلك يكون الحال مع "وعي جارك أو زوجك أو أهلك، بل حتى مع حياتهم ووجودهم الذاتي، بمعزل عن الحكم الاستباقي، فأنت لا تدركه على نحو مباشر دون فاصل بينك وبينه، بل تدركه بناء على ما يوفره الاتصال الموضوعي من المعطيات وعلى تأويل عقلك لها ... إلا بقدر ما تستطيع إداكها ضمن الحضور.

الموضوعات المادية التي يدركها الوعي مباشرة، ليست حاضرة إليك (غير متصلة معك ذاتياً) بل حاضرة بصورها الذهنية-الحسية، فصورة الحاسوب الحسية-المنتظمة هيكلياً والتي تلتقطها من خلال عينيك وعقلك ليست هي "ذات الحاسوب الموضوعية" ولكنها صورة تعبّر عنه، نشأت من التفاعل بين المصدر (الحاسوب في ذاته) وعيونك (التي عالجت شعاع الحاسوب التفاعلي - الكهربائي)

إن الوجود المفارق للذات، والغير حاضر لها ، الوجود الغيابي، والذي تستخدمه الذات لبناء حياتها ، معاييرها، أهدافها، رغباتها ، حقيقتها وقيمتها ... هو محض اغتراب.​
 
علاقة الذات مع الوجود الغيابي المفارق لها بخيره وشره ونوره وظلامه هي علاقة غير ذاتية، تؤسس لزمن الاغتراب الوجودي وتمنع الذات على نحو نهائي من أن تكشف الحقيقة المطلقة أو تصل إلى القيم العليا لحياتها ... أن تعود إلى الوطن.

الوطن بالنسبة للذات هو "الحضور" الخالي من الأحكام، الخالي من الأفكار، الخالي من الصور، الخالي من الرغبات، ومن العلاقات والأشخاص والاشياء، ومن كل ما في العالم الموضوعي من أحداث وكائنات لا تتصل الذات بحقيقتها ولا تدرك حضورها في الزمن الأعمق.

الجحيم بالنسبة للذات هو الذوبان في الآخر مما يجعل الاغتراب الوجودي عضوياً بالنسبة للذات، لأنها نسيت حقيقتها الأولى ونظرت فقط نحو انعكاسها الموضوعي المنصهر في الوجود الموضوعي والمنهصر مع الآخرين.

حالة الانهصار مع الآخرين وفي العالم الموضوعي هي السبب الحقيقي في كل الحدود المرسومة لك، لأنك كذات، حين تؤمن بأنك منطبق مع كينونتك الموضوعية (جسمك ونفسك وتاريخك وعلاقاتك) فلا يمكنك أن تتحرك إلا وفقاً لما تتيحه الكينونة الموضوعية، ولا يمكنك أن تكتسب قوى او قدرات لم تتزود كينونتك الموضوعية بها، ولا يمكنك التطلع لأهداف أو لمستويات او لحقائق تتجاوز ما تتيحه موضوعيتك.

ولكنك أثر من ذلك بما انت "جوهر"، بما أنت حياة، لا يمكن اختزال الحياة في كينونة موضوعية، سواء كانت أدنى أو أعظم كينونةعلى الإطلاق، فإن الحياة هي القيمة الوحيدة، دونها، الكينونة مجرد لعبة زائدة لا يلعب بها أي طفل، أو قناع شاحب في مستودع الكون، لم يرتيده أحد.

فقط الحياة التي في الكائن هي ما يعطي للكينونة القيمة والمعنى، دون ذلك، إذا كان كل شيء ليس حياً ، فكل شيء ليس قيماً أيضاً.

الحياة هي ما يدفع الكائن الموضوعي للحركة، رغم عدم وجودها في العالم الموضوعي، لكن دون الحياة سيتوقف زمن الكائن وسيستسلم إلى قوانين الكون، التي ستعمل على تفكيكه، والكون نفسه سيتلاشى إلى سحابة غبار عشوائية.

الحياة، القيم، الذات، المعاني، الكلانية، الوجود، الزمن، هذه المعاني ليس لها وجود في العالم الموضوعي، ولذلك لا يمكن إدراكها كموضوع خارجي، الطريقة الوحيدة للتعرف عليها هي إبصار حضورها في "زمن الآن" الذي يشاهده وعي الذات مباشرة.

العلاقة العضوية هي ما يمنع تحقيق الحضور... والعقل الجمعي هو "قمة الارتباط العضوي".​
 

أداب الحوار

المرجو التحلي بأداب الحوار وعدم الإنجرار خلف المشاحنات، بحال مضايقة إستخدم زر الإبلاغ وسنتخذ الإجراء المناسب، يمكنك الإطلاع على [ قوانين وسياسة الموقع ] و [ ماهو سايكوجين ]
أعلى