The blessing isle
مريد جديد
- المشاركات
- 50
- مستوى التفاعل
- 164
“تذكَّر وأنت تتعامل مع النّاس أنّك لا تتعامل مع مخلوقات منطقيّة، بل عاطفيّة”.
Dale Carnegie
قيلَ أنّك وإنْ لم تتعلَّمْ كيف تتحكَّم بعواطفك فسوف تتحَكَّم بك.
السّبب في هذا هو أنّ التّصرُّف البشري يتمُّ تحفيزه عمليًّا بواسطة مبدأ الألم ومبدأ اللّذّة، والذي ينصُّ على أنّ:
جميع التّصرّفات تحكمُها وتقودُها أفعالٌ قائمة إمّا على تلَقّي اللّذّة أو على تحاشي الألم. ويكون تحاشي الألم دافعًا أقوى من احتماليّة تلقّي اللّذّة، دومًا.
عندما ننظر من خلال هذه العدسة يتّضحُ لنا السّبب الذي يجعلُ الخوف وغيره من الحالات العاطفيّة السّلبيّة، قوى جامحة تحدّ النّفس في أغلب الأحيان وتُقَيّدها، بل وتدمّرُها:
إنّ الحالات العاطفيّة السّلبيّة هي حالات مُقْلِقة، وهي في أغلب الأوقات مريرة واختبارها مؤلم، ما يعني أنّنا سوف نتحاشى النّاس والمواقف والظّروف التي تُحَفّز هكذا حالات مثلما نتحاشى الطّاعون.
يتجسّد هذا الأمر في حياة أغلب النّاس إلى خوف من التّخلّي عن الوظيفة التي يكرهونها والبحث عن شيءٍ أفضل، لأنّهم يخافون المجهول. أو يتجسّد بامتناعهم عن ملاحقة أحلامهم والأمور التي يشعرون بشغفٍ كبيرٍ للقيامِ بها، لأنّهم يخافون الفشل، فيشعرون أنّ عدم المحاولة يعني عدم الفشل. أو أنّه قد يترجم نفْسَه من خلال الابتعاد عن إقامة علاقات عميقة ذات معنى مع أناس آخرين بسبب الخوف من الرّفض.
يقودنا هذا الأمر لجميع أنواع التّصرّفات التي تحرمنا من عيش حياة الإشباع والاكتفاء، فنضحّي في أغلب الأوقات بأعمق رغباتنا لنبقى ضمن حدود ما هو آمِن كي لا نُطْلِق العنان لأيّ جرح عاطفيّ مؤلم أو مُقْلِق.
وهذا يُعيق تطوُّرنا الشّخصيّ والرّوحيّ إذ أنّ ما نحتاجه لكي ننضجَ وننموَ كوعيٍ إنّما يوقِظُ في الأغلب مشاعر عدم الإحساس بالأمان والخوف المُقيم في دواخلنا، لأنّنا نتخطّى الحدود الآمِنة التي رسمناها لأنفُسنا.
ولكنّ المفارقة تكمُنُ في أنّ رقصة الألم واللّذّة هذه هي سيف ذو حدّين، لأنّ شفاء الألم وتجاوزه في نهاية المطاف إضافة إلى الجروح العاطفيّة القديمة، إنّما يقود لفرحٍ عظيم، لتواصل، لثقة، لإشباع واكتفاء، لنجاحٍ ونموّ، والتي تُعتَبَرُ جميعُها مُفَعّلات قويّة للّذّة ولما نتوقُ إليه سِرًّا أو علانية.
ما إن تبدأ بتحرير الخوف والعادات العاطفيّة القديمة، فسوف تضمن تَحَسُّن حياتك بأضعافٍ مُضاعَفة.
يعمَدُ الخوف والعواطف القديمة للعمل مثل غيوم كثيفة تُلَبّدُ الرّؤية وتمنع الشّمس من أن تُنيرَ حياتنا. بعد أن تمرّ هذه الغيوم سوف تجد الحياة أكثر إشراقًا، أكثر دفئًا، وأنّها فرصة ثريّة للاستمتاع.
ولأنّ العواطف تؤثّر وبشدّة على قراراتنا، ولأنّ قراراتنا تتحكّم بما نختبره في حيواتنا، وبالتّالي تتحكّم بمصائرنا وأقدارنا، فإنّ العمل على عبور وتخطّي الخوف وغيره من العادات التي تحدّ تجربة الإنسان، سوف يقود إلى تحوّلات إيجابيّة هائلة بينما نقوم بالتّناغم مع حقيقة أكثر حرّيّة وتجاوُزيّة وإمتاعًا.
تمارين للعمل على عبور الخوف وتجاوُزه، والحَدّ من العواطف السّلبيّة:
- تغذية الحبّ اللّامشروط:
جميع أنواع المخاوف تخلقها النّفْس لنفْسِها. وهذا أمرٌ معروف لأنّ ما يُخيف شخصًا قد يكون بالنّسبة لشخصٍ آخر مُثيرًا أو مُمِلًّا. لذا لا وجود لتعريفٍ مُحَدَّد لما يوجِب الخوف.
إنّه تفسيرُنا الدّاخليّ للأحداث، مَن يُحَدّد ما إذا كانت هذه الأحداث مُخيفة أم أنّها تحتاج لأيّ ردّة فعل عاطفيّة أخرى.
وهذا يعني أنّه بإمكاننا تغيير برمَجَتِنا المتعلّقة بحدثٍ ما، بشخص أو بِظَرف، فنتخلّص من الخوف أو من أيّ شعور سلبيّ نتمنّى عدم اختباره. ومن أسهل الطّرق لأجل فعل هذا هي تحويل تجربتنا السّلبيّة المتعلّقة بشخص أو بشيء (وبأنفسنا) إلى تجربة تنمو في تربتها المحَبّة.
إنّ جهازنا العصبيّ مُبَرمَجٌ (حرفيًّا) حتّى يقوم برّدة فعلٍ تجاه محفّزات معيّنة، هي ردّة الفعل نفسها التي صدَرَت عنه عندما اختبَرها للمرّة الأولى.
عندما نختار بوعيٍ ردّة فعل مختلفة، أو – وهذا أقوى – لو سَمَحْنا لأنفسنا باختبار تجربة جسديّة عميقة يُكَلّلُها الحبّ في مواجه الخوف، سيكون بإمكاننا أن نُعيد برمَجة جهازنا العصبيّ وتوجيهه باتّجاهٍ إيجابيّ يحدّ من أيّ استجابة عاطفيّة سلبيّة.
تمرين: شفاء الجروح العاطفيّة بالحبّ اللّا مشروط
- فكّر بحدثٍ هامّ مرّ في حياتك في الماضي، بموقفٍ أو شخص (بما في ذلك نفْسك)، حيث اختبرْتَ شُحنةً عاطفيّة سلبيّة (غضب، خوف، عار، غيرة، كره، غيظ، قلق، توتّر، إلخ…) أو تعرّضْت لأذى أو ظلم أو صدمة. ثمّ راقب ببساطة ما يطفو على السّطح.
- بعد مرور لحظاتٍ قليلة، أخبِرْ نفْسك: “وأنا أحبّ أنّ هذا الأمر قد حدثَ لي”، (سيساعدك قوْل هذه الكلمات بصوتٍ مرتفع)، ثمّ اسمح لنفْسِكَ بالانتقال إلى حالةٍ تشعر فيها حقًّا بالحبّ داخل جسدك لنفْسِكَ، للظّرف أو الموقف أو التّجربة التي مرَرْتَ بها، أو لأيّ شخص شاركَكَ التّجربة.
- كلّما تعمَّقَ إحساس الحبّ، اسمَحْ لنفْسِكَ بأن تشعر بالغفران لنفْسِكَ، للموقف أو الظّرف أو التّجربة التي مرَرْتَ بها، أو لأيّ شخصٍ شاركك التّجربة.
العواطفُ ليست ثابتة. إنّها تتبدّل وتتغيّر في لحظة، وهذا التّمرين يسمح لنا بإعادة برمجة كيفية اختبار جهازنا العصبيّ للذّكريات القديمة، فيُحوّلها من ذكريات مؤلمة إلى ذكريات ينظر إليها نظرة حياديّة أو حتّى مُفْرِحة.
- لِتُنْهِ التّمرين بدقيقةٍ تتأمّلُ فيها وتراقب ما الفائدة التي جَنَيْتَها من هذه التّجربة، والتي لربّما أغفَلْتَها سابقًا. حقًّا، تحدّى نفْسَك في سبيل أن تنظرَ لهذه التّجربة بعينيْن جديدتيْن، وتكتشفَ أشياء إيجابيّة لعلّك لم تتمكّن من رؤيتها سابقًا.
- بالإمكان استخدام هذه التّقنيّة أيضًا للتّعامل مع ردّات فعل لحظيّة تزورك في لحظتك الحاضرة.
سوف تغدو هذه التّقنيّة أسهل بمرور الوقت، والكثير من النّاس سوف تبقى مُتَحمّسة للمتابعة حتّى بعد اختبار الاستفراغ والتّحرير العاطفيّين اللّذين يختبرونهما بعد جلسةٍ واحدة.
سوف تشعرُ بنفْسِكَ تتطوّر حقًّا، وعلى الأغلب أنك ستختبر تحوُّلات إيجابيّة عظيمة في حياتك، في مزاجك وصحّتك حتّى بعد جلسة واحدة.
واظِبْ على ممارسة التّمرين إنْ وجدْتَهُ صعبًا بادىء الأمر، إذ ربّما تحتاج عدّة محاولات قبل أن تتمكّن من الغوص داخل مساحة من الحبّ الصّادق. لا تنسَ أنّك تعمل على فكّ برمجة سنوات وربّما عقود من القَوْلَبة العاطفيّة.
مقتطفات من مقال لJustin Faerman
ترجمة من قلب بشّار