كان يطوي الارض طيا و يراقب خلق الله، يحنو عليهم و يتالم لالمهم..الزومبي في كل شبر من هذه المعمورة يمتصون كل روح يافعة و يحولونها الى حجرة صماء من الالم و الشقاء..طاف كثيرا بين خرائب الارض يبحث عن انسان او بقايا انسان، لاشيء سوى الاموات الاحياء.. طيه للارض لم يعد سهلا كما كان، لقد امتلا الاثير بانات الاشقياء، مدد مدد يا ارواح الله..يجيبه الصدى من بعيد: ماذا عسانا ان نفعل في هذا السعير؟ كان بالامس لا يمشي بينهم لانهم يرونه، و الان يرافقهم و يجلس بينهم و يناجيهم، لا عين رات طيفه و لا اذن سمعت تراتيله و لا شعور انجذب لسحره... دخل الى مساجدهم و كنائسهم و معابدهم، اين الانسان؟ سوى اكوام من الاجساد تتالم في اغوار كهوفها، جلس في خماراتهم يبحث عن عشق الهوى فلم يعثر الا على شهوات تتناطح مع تناطح الكؤوس. انتقل الى صالونات الادب يبحث عن الجاحظ او المعري او جبران فلم يقابل الا اصناما تعشق ذواتها و و هي اشد عمى من العميان.. في هذا العصر كل شيء اضحى ترابا ، حتى قلم الانبياء و الحكماء صار وسيلة لتحقيق اوهام عشعشت في محرابهم فبات عرش سلطان.. خرج الى ساحة من ساحاتهم و صاح : اين الانسان؟ لا مجيب ، اكوام اجساد تتغذى من الامها و تتبع سراب اوهامها الى منحدر عظيم يطويها و يعيد تشكيلها لاستنشاق مزيد من الشقاء و الحرمان... مسك عصاه بيمينه و مصباحه بيساره و عزم على الرحيل الى ارض جديدة حيث الانسان.