- المشاركات
- 2,086
- مستوى التفاعل
- 6,372
التعاليم السرّية لكافة العصور
Secret Teachings of All Ages
by Manly P. Hall
Secret Teachings of All Ages
by Manly P. Hall
ترجمة:
تسجيل الدخول
أو
تسجيل
لمشاهدة الروابط
وكافة حقوق الترجمة محفوظة لمكتبة ألفا العلمية 2015م.مقدّمة:
الفلسفة Philosophy هي العلم الذي يهدف إلى تقدير القيم. حيث يتم تحديد التفوّق بين كل منزلة وأخرى وبين كل ماهيّة وأخرى بواسطة الفلسفة. من خلال تخصيص مكانة للأشياء ذات الأهمية القصوى في حين يتم إقصاء كل ما هو ثانوي, هكذا تصبح الفلسفة مؤشر حقيقي ذو أفضلية أو تركيز في مجال الفكر التأملي. إن مهمة الفلسفة تقتضي بصورة بديهية على إقامة علاقة بين الأشياء المتجلّية وبين طبيعتها أو سببها الأساسي (الأولي) غير المرئيين.
"الفلسفة", كما كتب عنها السير وليام هاملتون Sir William Hamilton, "تم تعريفها [حسب]: علم الأمور الإلهيّة والبشرية, ومضمون الأسباب [شيشرون]؛ علم التأثيرات وأسبابها [هوبز]؛ علم الأسباب الكافية [لايبنتس]؛ علم الأشياء الممكنة بقدر ما هي ممكنة [وولف]؛ علم البديهيات المستخلصة من المبادئ الأولى [ديكارت]؛ علم الحقائق, الملموسة والمجرّدة [دي كوندياك]؛ استعمال العقل في غاياته المشروعة [تنمان]؛ علم العلاقات بين كافة المعارف والغايات الضرورية للعقل البشري [كانت]؛ علم النموذج الأصلي لـ(الأنا) أو الطبيعة العقلية للذات [كروغ]؛ علم العلوم [فيشته]؛ علم المطلق [فون شيلينغ]؛ علم اللامبالاة المطلقة للمثالي والحقيقي [فون شيلينغ] – أو هويّة الهويّة واللاهويّة [هيغل]." (See Lectures on Metaphysics and Logic)
العناوين الستة التي بموجبها تُصنّف مجالات الفلسفة عادةً هي: الميتافيزيقا Metaphysics (ما وراء الطبيعة), والتي تتعامل مع مواضيع مجرّدة مثل علم الكونيات واللَّاهُوت وطبيعة الوجود. المنطق Logic, الذي يتعامل مع القوانين التي تحكم التفكير العقلاني, أو كما كان يطلق عليه "عقيدة المغالطات". الأخلاقيات Ethics, وهو العلم الذي يتناول جوانب المبادئ الأخلاقية والمسؤولية الفردية والسمات الشخصية – والذي يُعنى بالدرجة الأولى في محاولة تحديد طبيعة الخير. علم النفس Psychology, وهو علم مكرّس لتدارُس وتصنيف تلك الأشكال من الظواهر التي مردّها إلى منشأ عقلي أو نفسي. إبستيمولوجيا Epistemology أو نظرية المعرفة, وهو العلم الذي يُعنى في المقام الأول 0اسة طبيعة المعرفة ذاتها, ومسألة ما إذا كانت قد تكون موجودة في هيئة مطلقة. الجماليات Aesthetics أو علم المحاسن, وهو العلم الذي يهتم 0اسة طبيعة الجمال, التناغم, الأناقة والنبل, وردود الأفعال التي تُثار من قِبلها.
يعتبر أفلاطون Plato الفلسفة بأنها أعظم نعمة على الإطلاق قد مُنحت للإنسان من قِبل الألوهيَّة. ومع ذلك, في القرن العشرين, أصبحت الفلسفة تركيبة معقّدة ومضجرة من المفاهيم التعسّفية المتناقضة – و مع هذا كل واحدة منها مدعومة بمنطق لا يقبل الجدل تقريباً. النظريات السامية للأكاديمية القديمة والتي شبّهها الفيلسوف الأفلاطوني إمبليكوس Iamblichus بطعام وشراب الآلهة قد شابها الرأي القائل بأن ذلك البتْعُ السماوي سيستحيل بالكامل التعرّف عليه الآن أمام هذه الأفلاطونية المُحدثة Neo-Platonist العظيمة, ولقد صرّح الفيلسوف اليوناني هرقليطس Heraclitus حول ذلك الرأي بقوله أنه داءٌ للعقل. أدلة مقنعة كثيرة تشير إلى أن السطحية المتزايدة للفكر العلمي والفلسفي الحديث تجرفه باستمرار نحو اعتناق مذهب المادية Materialism. عندما سُئِل العالم الفلكي الشهير لابلاس من قِبل نابليون عن سبب عدم تطرّقه الحديث عن الله في كتابه "ميكانيكا الأجسام السماوية" Traité de la Mécanique Céleste, أجابه الرياضياتي بسذاجة: "سيدي, لم يكن لدي أيّ حاجة لتلك الفرضية !".
في أطروحته عن الإلحاد, يلخّص السير فرانسيس بيكون Sir Francis Bacon الوضع بشكل مقتضب على النحو التالي: "القليل من الفلسفة تميل بعقل الإنسان إلى الإلحاد, ولكن التعمّق في الفلسفة ينزع عقل الإنسان إلى الدين". يفتتح الفيلسوف اليوناني أرسطو كتابه "الميتافيزيقا" The Metaphysics بهذه الكلمات: "كل البشر يتوقون إلى المعرفة بالفطرة". ولإشباع تلك الغريزة المشتركة فإن العقل البشري المتفتّح قد استكشف الحدود القصوى من المساحة الخارجية التي يمكن تخيلها والحدود القصوى من النفس الداخلية التي يمكن تخيلها, سعياً لتقدير العلاقة بين الواحد والكل؛ بين السبب والنتيجة؛ بين الطبيعة وأساس الطبيعة؛ بين العقل ومصدر العقل؛ بين الروح وجوهر الروح؛ بين الوهم والحقيقة.
قال أحد الفلاسفة القدماء ذات مرة: "من ليست لديه أدنى معرفة بالقواسم المشتركة هو بهيمة بين الرجال. ومن له معرفة دقيقة بهموم الإنسان فقط هو رجل بين البهائم. ولكن الذي يعرف كل ما يمكن أن يُعرف بواسطة المقدرة الفكرية, هو إله بين الرجال". بناءاً على ذلك فإن مكانة الإنسان في العالم الطبيعي يتم تحديدها من خلال نوعيّة تفكيره. من ناحية فلسفية, المرء الذي يمتلك عقلاً تستعبده غرائزه الحيوانية لا يعتبر أرفع منزلة من البهيمة, وذلك الذي يصرف ملكاته العقلية بالتفكير ملياً في شؤون البشر إنما هو إنسان, وأما ذلك الذي ارتقى فكره إلى التبصّر في الحقائق الإلهية هو بالفعل نصف إله Demigod, وبقدر ما يوصله عقله فهو يقرّبه لذلك النور ليكون جزءاً منه. في مديحه لــ"علم العلوم", هتف الخطيب الروماني (شيشرون) بقوة قائلاً: "أيتها الفلسفة, يا دليلة الروح!. يا باحثة عن الفضيلة وطاردة للرذيلة!. كيف كنا سنغدو نحن وكل عصور البشر لولاك ؟. أنتِ التي امتلكتِ المدن المثمرة؛ وإليك اجتمع الرجال المتفرقون ليأنسوا بالحياة."