ع
عضو سابق - 759
زائر - عضو سابق
مقدّمة:
يكثر أن نسمع أو نقرأ أن أسماء النجوم في الفلك الحديث هي أسماء عربية. و الراصدون العرب الذين يتابعون النجوم في الأطالس الحديثة, يلفت انتباههم كثرة الأسماء العربية التي يقرؤونها بأعينهم في الأطالس و الجداول , بالأحرف اللاتينية طبعاً.
هذه الأسماء نفسها لا توجد في الخرائط و الجداول و حسب, بل توجد في كل الكتب و المقالات الفلكية التي تتحدث عن النجوم. و هي تبدو غريبة للأوروبيين و عليهم أن يحفظوها عن ظهر قلب. و لكن الراصد أو القارئ العربي يجد أنها أليفة لديه.
بعضها بلغة عربية فصحى واضحة كل الوضوح , و البعض الآخر يلوح أنه عربي و إنما يصعب تحديده.إن الطابع العربي واضح في أسماء النجوم الحديثة، و هذا هو الذي دفع عالماً في اللغة العربية مثل أمين فهد معلوف إلى وضع ((المعجم الفلكي)) , ودفع الأستاذ منصور حنا جرادق إلى وضع ((القاموس الفلكي)) , و كلاهما في مقدمته لكتابه يذكر هذه الحقيقة.
و الدافع نفسه هو الذي دفعني شخصياً إلى دراسة أسماء النجوم و التوسع فيها . فقد كنت راصداً للنجوم أتابع أسماءها في الأطالس الإنكليزية المختلفة , فراعني كثرة ما كنت أجد من الأسماء العربية . و هدف هذا الكتاب هو أن أبيّن أصول هذه الأسماء و كيف و صلت إلى الفلك الحديث في أيامنا هذه.
نشوء علم الفلك عند العرب :
منذ أواخر القرن الثامن الميلادي، ازدهرت حركة الترجمة عند العرب لجميع العلوم, و الفلك منها . أخذوا الكثير من الهند واللغة السريانية و الإغريق . لكن جوهرة الفلك وجدوها في كتاب المجسطي لبطليموس. فترجموه عدة مرات و علقوا عليه و شرحوه , و كان هو الأساس فيما عندهم من فلك. لقد وجدوا فيه أخطاء كثيرة, هنا و هناك, فصححوها . و لكنها كانت أخطاء ثانوية لم تغير شيئاً في اللب و الجوهر.
المجسطي :
هو الدستور الذي كان يسير عليه علم الفلك في القرون الوسطى . و هو كتاب علمي بلا شك , و إن كان يقوم على أساس خاطئ , هو إن الشمس , بل الكون كله , يدور حول الأرض .
و قد قسَّم المجسطي نجوم السماء إلى مجموعات بحسب ما عرف بطليموس من الأساطير الإغريقية. و سمّى العرب كل مجموعة (كوكبة) أو (صورة). و رسم شكلاً على الكوكبة يوحي باسمها و وضع النجوم على الشكل و عيّن لكلّ نجم طوله و عرضه في السماء (الذي يسمى الآن الطول و العرض بالنسبة لدائرة البروج) . و ما دام قد أعطى هذا التحديد بالأرقام , إذاً لم يعد مجال للخطأ في نجم أو في الالتباس بينه و بين نجم آخر.
و قد جاء الفلكيون العرب فسمّوا كلّ كوكبة :
أ- إما باسمها الموجود في المجسطي نفسه , مثل برشاوس و قيفاوس و اللورا .
ب- أو ترجموا الاسم إلى العربية , مثل الشجاع و الدب .
ت- أو وضعوا اسماً عربياً كان يطلق على الكوكبة , مثل العوَّاء و الجوزاء .
كان بطليموس قد أعطى كل نجم في الكوكبة رقماً خاصاً به. و فعل العرب الشيء نفسه, فأعطوا النجوم في كل كوكبة أرقاماً و إنما وضعوها على شكل حروف تدلّ على هذه الأرقام. و قد يكون رقم النجم في الكوكبة كافياً للدلالة عليه في أثناء الدراسة . لكن جرت العادة أن تعطى بعض النجوم أسماء أعلام خاصّة بها، على الخصوص تلك النجوم النيّرة التي تطلق عليها الشعوب أسماء .
أسماء النجوم عند العرب :
عندما استوعب العرب الفلك و ظهر العلماء الفلكيون الكبار , و أخذوا يضعون الأزياج و الجداول , و يكتبون الكتب الفلكية , نجد أن أسماء النجوم التي يطلقونها هي أسماء عربية , على العكس من أسماء الكوكبات . و لا نجد إلا اسماً يونانياً واحداً هو (السرما) أو (إيوتا العذراء) الذي يرويه الصوفي عن بطليموس .وضع الفلكيون الأسماء العربية التي عرفت في البادية مثل الشعريين و الفرقدين و السمّاكين . و وصفوا التشكيلات النجمية , سواء في كوكبة واحدة أو في أكثر من كوكبة , مثل النسق الشامي و النسق اليماني و الناقة و الكف الخضيب و الكف الجذماء .
أما النجوم الأخرى فكانوا يرسمون صورة الكوكبة و يضعونها عليها و يعطوها أسماء بحسب موقعها من الصورة , على غرار ما فعل بطليموس . فهذا على الأنف و هذا على الفخذ و هذا على العاتق ... من هذه الصفات نجد أن نجوماً في الفلك الحديث قد استمدت أسماءها .
الترجمة إلى اللاتينية :
إن المستوى الحضاري الراقي الذي وصل إليه العرب في حضارتهم جعل أوروبا تنقل ما عندهم من علوم لكي تهتدي بها . فازدهرت الترجمة من العربية إلى اللاتينية ( و كانت هذه هي لغة العلم في جميع أوروبا آنذاك ) ابتداءً من القرن الثاني عشر الميلادي, وخاصة في الأندلس. و أخذ المترجمون و الناسخون ينقلون من اللغة العربية و ظهر العلماء الكبار في الغرب , فوضعوا الكتب و الأطالس.
و دامت هذه العملية بضعة قرون من الزمن . و بين النقل و النسخ , نجد كثيراً من التحريفات قد طرأت على كثير من أسماء النجوم .
إن متابعة هذه التسميات و معرفة ما طرأ عليها من تحريفات , تحتاج إلى أن نبتدأ من الأساس , من الصورة التي نقلها العرب عن بطليموس . و قد اخترت كتاب الصوفي (( صور الكواكب الثمانية و الأربعين )) لأنه الكتاب العلمي الدقيق الشامل , فنقلت الصور عنه , فالنجم قد يكون استمد اسمه من الصورة.
و لكي يكون الكتاب صالحاً للرصد و المتابعة العملية في السماء , ألحَقْتُ في آخره أطلس يستطيع القارئ أن يعرف منه موضع كلّ كوكبة والوقت الذي يجدها فيه . و قد رسمته على نمط الأطالس الحديثة و إنما وضعت عليه صور الصوفي لسهولة الاستدلال .
التسمية في الفلك الحديث :
يسمّي الفلك الحديث النجوم حالياً بالأحرف اليونانية . ألفا .. بيتا .. غاما .. دلتا .. إلخ . و يوزع الحروف الأربعة و العشرين اليونانية على النجوم الظاهرة في الكوكبة . حتى إذا انتهت هذه الحروف و كانت هناك نجوم أخرى خافتة فإنه يعطيها أرقاماً أو أحرفاً لاتينية . و لكن الفلك الحديث , بالإضافة إلى هذه التسمية , يعطي الكثير من النجوم أسماء نجدها في الأطالس و الجداول و الكتب .
على أية حال , فقد آثرت في الصورة التي نقلتها عن الصوفي أن أسمّي النجوم التي على الصورة بالحروف اليونانية لكي يربط القارئ النجم الذي عناه الصوفي بالفلك الحديث مباشرة .
و لهذا كان من الضروري على قارئ هذا الكتاب أن يعرف الحروف اليونانية . فالحديث عن أيّ نجم سيكون بذكر اسمه بالحرف اليوناني , ايّ بحسب التسمية في الفلك حالياً .
و تمشّياً مع هدف هذا الموضوع , فإنني أستطيع أن أصنّف أسماء النجوم في الفلك الحديث بالنسبة إلى علاقتها مع الأسماء العربية إلى ستّة أصناف , و هي كما يلي :
أولاً : نجوم لها أسماء ليست عربية
أ. أسماء لاتينية تبلغ حوالي خمسة عشر اسماً . منها أسماء احد عشر نجماً نيراً من القدر الأول , و هذه من المتوقع أن يكون لها أسماء شعبية و أن تكون معروفة سابقاً عند الأوروبيين , و عند قيامهم بالترجمة أبقوا على هذه الأسماء لشهرتها عندهم أما النجوم من القدر الأول ذات الأسماء اللاتينية فهي :
و النجوم التي تحمل أسماء لاتينية , بالإضافة إلى هذه النيرة , هي :
و قد جاءت هذه التسمية في العصر الحديث , لا أيام الرومان .
ب. نجمان لهما اسمان فارسيان :
النجوم الثلاثة المصطفّة في كوكبة العقاب (ألفا) و (بيتا) و (غاما) كان العامة عند العرب يطلقون عليها اسم ( الميزان ) و ترجمها نصير الدين الطوسي إلى الفارسية (شاهين ترازو) أي قبّ الميزان. ثم وزّع هذا الاسم الأخير على النجمين (بيتا) و (غاما) . أصبح (بيتا) اسمه الشاهين , و جرى تحريف على ترازو و أعطي للنجم (غاما) ((كونيتش)) .
ج. هناك اسم تركي , هو :
د. هناك اسم عبراني , هو :
و يعلق الدكتور كونيتش قائلاً إن الاسم من أصل بابلي أدْخِلَ مؤخراً , مأخوذ من بعض الأبحاث المعاصرة عن الفلك عند البابليين .
ثانياً : أسماء لاتينية وضعت ترجمة للاسم العربي الذي بدوره كان ترجمة للاسم اليوناني في المجسطي
و قد ورد لأول مرة في ترجمة لاتينية لأحد كتب أبي معشر البلخي المنجّم ( كونيتش ) .
إنّ الاسماء التي ذكرتها في ( أولاً ) و ( ثانياً ) هي كل الأسماء الأجنبية اللاتينية التي استطعت أن أجمعها من الجداول و الأطالس الفلكية الحديثة المتيسرة لدي , و إذا كانت جداولي و أطالسي كاملة , فقد يعتبر هذا حصراً .
أمّا ما تبقى من أسماء النجوم , و هو يزيد كثيراً على الثلاثمائة , فهو عربي بشكل أو بآخر , قد يكون عربياً أصيلاً و قد يكون ترجمة عن بطليموس.
ثالثاً : نجوم ذات أسماء عربية صرفة
أ. منها ما هو واضح جداً , مثل :
ب. و منها ما يلوح لأول وهلة أنّه غير عربي , نظراً لصعوبة أداء اللفظ العربي بالأحرف اللاتينية , مثلاً :
رابعاً : نجوم حدث تحريف في أسمائها , فأصبحت تبدو و كأنها غير عربية
خامساً : نجوم أخذت أسماء عربية كان وضعها العرب لنجوم غيرها
ألفا الكلب الأصغر هي الشعرى الشامية أو الغميصاء , عندما نقلها العلماء الغربيون و ضعوا لها اسماً Procyon . و لكنهم أخذوا اسم الغميصاء و وضعوه للنجم ( بيتا الكلب الأصغر ) , فأصبح اسم ( بيتا ) الآن في الفلك الحديث Gomeisa .
و بالمثل , أطلقوا اسم Canopus على ( الفا القاعدة ) الذي عرفه العرب باسم سهيل . و أخذوا اسم Suhail و أطلقوه على نيّر قريب له هو ( لامدا الشراع ) .
سادساً : نجوم لها أسماء عربية و ضعها الباحثون الغربيون لم ترد عن العرب أصلاً
و من هذا النوع الأمثلة التالية :
أرجو من القارئ أن يتذكر أنّ البحث ينطبق على ما في الفلك الحديث من نجوم ترى في المناطق المعتدلة الشمالية حتى خط عرض 28 تقريباً , أيّ النجوم التي عرفها العرب و عرفها بطليموس .
و هو يتناول جميع أسماء النجوم في الجداول و الأطالس و الكتب الفلكية الحديثة باللغة الإنكليزية . و هي نادراً ما تختلف عن اللغات الأوربية الأخرى في هذا الشأن .
أقول جميع أسماء النجوم , و أعني تلك التي صادفتها في دراستي و في رصدي , و إذا و جد القارئ نجماً لم أذكره , فباستطاعته بالاسترشاد بالصور و بالأحرف اليونانية و بقليل من العناء , أن يعرف سبب التسمية و أصلها .
-------------------------------------------------------------------------1- كتاب صور الكواكب لعام 1417، مرفق بهذا الموضوع:
كتاب صور الكواكب لعام 1417 - نسخة قديمة + جديدة- للصوفي
1- مرفق النسخة الاصلية القديمة. 2- مرفق النسخة الجديدة. 3- صور إرث هذا الكتاب بمكتبات ومتاحف العالم (باريس، بريطانيا، ألمانيا ومكتبة الفاتكان...) https://drive.google.com/file/d/1d79qnMetHXB0nFxr2jtDnQAffcVT-DLf/view https://drive.google.com/file/d/1KA668El2q8i0-WWyEfJAF1msYSOK0JVu/view
www.sykogene.org
2- كتاب المجسطي لبطليموس
----- منقول -- عن الدكتور عبد الرحيم بدر
كتاب صور الكواكب لعام 1417 - نسخة قديمة + جديدة- للصوفي
1- مرفق النسخة الاصلية القديمة. 2- مرفق النسخة الجديدة. 3- صور إرث هذا الكتاب بمكتبات ومتاحف العالم (باريس، بريطانيا، ألمانيا ومكتبة الفاتكان...) https://drive.google.com/file/d/1d79qnMetHXB0nFxr2jtDnQAffcVT-DLf/view https://drive.google.com/file/d/1KA668El2q8i0-WWyEfJAF1msYSOK0JVu/view

2- كتاب المجسطي لبطليموس
_______
[ تفاعل مع المشاركة لتحميل المرفقات ]
التعديل الأخير بواسطة المشرف: