آدم والميثولوجيا اليونانية
آدم هو خليفة الله في الأرض، وما يجعله كذلك هو أنّه يعلم "الأسماء كُلّها" على عكس الملائكة الذين لا يعلمون كل الأسماء، ومن المهم أن نسال "ما هو آدم" فنحن لا نعرف بالضبط كيف كانت ماهيته، غالبية الناس يتصورنه كإنسان حجري عملاق، من "لحم" و"دم" وله جلد.
ولكن القرآن، على الأقل، صمت ظاهرياً عن نسب هذه الخصائص لآدم، ومن البديهي لاي ذي عقل أن القرآن ينسب صفة الوعي والتفكير والقرار واللغة إلى كينونات غير مادية، مثل الملائكة والجن والشياطين، وكينونات نعتقد أنها غير قادرة على ذلك، مثل الجبال والأشجار والنجوم والشمس والقمر، فكل هذه الكائنات حيوية وواعية وفقاً لآيات القرآن، وليس غريباً أن يكون آدم كائناً غير مادي رغم امتلاكه لمؤهلات الوعي، فإذا كان يتحدث فليس بالضرورة أن يكون ذلك بلسان، وإذا كان يتفاعل فليس بالضرورة أن يكون ذلك بجسد.
بل إن آدم يقترب أكثر من العوالم التجريدية، فهو يتواصل بطريقة طبيعية مع الملائكة والشياطين، والوحي الإلهي، ومثل هذه الأمور غير واردة في ماهية الإنسان.
ورغم أننا نعتقد بقوة أننا ننحدر من آدم، ولكننا لا نعلم أن آدم يشبهنا في التكوين.. إنما هو الاعتقاد الرائج والمتوارث.
غلاف كتاب "الأصول الغامضة للإنسان" للسيد علاء الحلبي.
لا يمكن الجزم بماهية آدم لمجرد أننا ننتمي إليه، فنحن أيضاً ننتمي للوجود الخالص، ولكن ماهيتنا تختلف عن ماهية الوجود الخالص، وبنفس الطريقة قد تختلف عن ماهية آدم، الذي يبدو وكأنه أقرب للملاك.
كما أن الآيات التي تربط بين الناس وآدم تستخدم كلمة "بني آدم" والبنون ليسوا "الأولاد" بل ما يتم بناؤه، فالأب هو المربي والوالد هو الأصل البايولوجي
{( وكذلك يجتبيك ربك ويتم نعمته عليك كما أتمها على أبويك من قبل إبراهيم وإسحاق )} ولكن إبراهيم وإسحاق لم يلدوا يوسف، ولكن يعقوب هو والده، ولكن لأنهم "بنوا ماهية يوسف" فكانوا آباء له.
{( قالوا هذا ما وجدنا عليه آباءنا )} أي الذين أسسوا حضارتنا ومجتمعنا وماهياتنا.
كلمة "ابن" وكلمة بناء، هما تصريفان لنفس الجذر اللغوي، وبني آدم هم الذين يدخل آدم في تكوين ماهيتهم، وليس الذين ينحدرون من نسل آدم البيولوجي، إن كان له مثل هذا النسل..
هناك أمر غريب جداً في الآيات القرآنية التي تتحدث عن واقعة الهبوط الذي تبع أكل آدم وزوجه من الشجرة المحرمة، لاحظ أن : الخطاب كان موجهاً إلى آدم ، بصيغة المفرد، وفجأة يتحول إلى صيغة الجمع (اهبطوا منها جميعاً) ومن الطبيعي بالنسبة لكائن تجريدي أن يستطيع الانقسام إلى كائنات لانهائية، لأنه واحد في الأبعاد الأصلية لوجوده، لكن إذا تمت إضافة أبعاد جديدة سيصبح كثرة، تماماً كما يتحول المربع إلى مكعب بإضافة البعد الثالث..
أرجو أن تتأمل في هذا الموضوع وتخبرني بما توصلت إليه ...
يتبع ....